بريطانيا على أبواب «ركود اقتصادي»

معنويات المستهلكين في الحضيض... وتراجع بالغ للمبيعات والتصنيع والخدمات

تشير القراءة في أحدث التقارير إلى أن بريطانيا على أبواب ركود اقتصادي (رويترز)
تشير القراءة في أحدث التقارير إلى أن بريطانيا على أبواب ركود اقتصادي (رويترز)
TT

بريطانيا على أبواب «ركود اقتصادي»

تشير القراءة في أحدث التقارير إلى أن بريطانيا على أبواب ركود اقتصادي (رويترز)
تشير القراءة في أحدث التقارير إلى أن بريطانيا على أبواب ركود اقتصادي (رويترز)

تراجعت معنويات المستهلكين البريطانيين في أبريل (نيسان) إلى ثاني أدنى مستوى على الإطلاق منذ بدء تسجيل البيانات قبل خمسين عاماً، مع تفاقم أزمة تكاليف المعيشة التي أثرت سلباً على ثقة الأسر في الاقتصاد وفي مالياتهم.
وقالت شركة «جي إف كيه» لأبحاث السوق أمس (الجمعة)، إن مؤشرها لثقة المستهلكين انخفض إلى «سالب 38» من «سالب 31» في مارس (آذار) مقترباً من أدنى مستوياته على الإطلاق الذي بلغه في يوليو (تموز) 2008 في خضم الأزمة المالية العالمية. وتوقع خبير اقتصاد واحد فحسب مثل هذا الانخفاض في استطلاع أجرته «رويترز» أشار إلى قراءة عند «سالب 33» نقطة. ومع زيادة تضخم أسعار المستهلكين إلى مستوى قياسي جديد في ثلاثين عاماً بلغ 7% في مارس الماضي، مع احتمال مواصلة الزيادة، هوى مؤشر «جي إف كيه» للثقة في متانة الثقة المالية مستقبلاً إلى مستوى غير مسبوق. وذكرت الشركة أن هناك تراجعاً حاداً في عزم المستهلكين على القيام بعمليات شراء كبيرة.
وتعزز هذه القراءة أيضاً الدلائل بشأن تراجع زخم التعافي الاقتصادي في بريطانيا بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والتضخم الذي تسبب في ضغوط غير مسبوقة على معدلات إنفاق الأسر البريطانية.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن جوي ستاتن، مدير استراتيجيات المستهلك في مؤسسة «جي إف كيه» قوله: «هناك دلائل واضحة على أن البريطانيين أصبحوا يفكرون مرتين قبل الإقدام على التسوق»، مضيفاً أنه «في ظل عدم وجود آمال كبيرة في التعافي الاقتصادي تَلوح في الأفق، لا يسعنا سوى أن نتوقع مزيداً من التراجع في المؤشر».
وقال خبراء وكالة «بلومبرغ» إن هذه الأرقام هي المرادف لـ«الركود الاقتصادي». وجاءت الزيادة في الأجور في بريطانيا أقل من معدل التضخم الذي وصل إلى 7% خلال الشهر الماضي، وهو أعلى مستوى له منذ أكثر من 30 عاماً بما يعني تراجع قيمة الدخول الحقيقية للبريطانيين.
وبالتزامن، أظهرت بيانات اقتصادية تراجع مبيعات التجزئة في بريطانيا خلال الشهر الماضي بأكثر من التوقعات، في ظل انكماش قيمة الدخول والقدرة الشرائية للمستهلكين نتيجة ارتفاع معدل التضخم وزيادة قيمة فواتير الطاقة والضرائب.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن المكتب الوطني للإحصاء قوله أمس، إن حجم السلع التي تم بيعها في المتاجر وعبر الإنترنت في بريطانيا خلال الشهر الماضي تراجع بنسبة 1.4%، بعد تراجعه بنسبة 0.5% خلال فبراير (شباط) الماضي. وكان المحللون يتوقعون تراجع المبيعات بنسبة 0.3%. وفي الوقت نفسه تراجعت المبيعات مع استبعاد وقود السيارات بنسبة 1.1% خلال الشهر الماضي.
وتفاعلت الأسواق، إذ تراجع الجنيه الإسترليني أمام العملات الرئيسية الأخرى إلى أقل مستوياته منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عندما كانت بريطانيا خاضعة لإجراءات الإغلاق الصارمة لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد.
وأشارت «بلومبرغ» إلى أن تراجع العملة البريطانية يأتي على خلفية صدور ثلاثة تقارير منفصلة تشير إلى تدهور أوضاع الاقتصاد البريطاني وتعثر تعافيه... وإضافةً إلى التقريرين السابقين، فقد تراجع مؤشر «إس آند بي غلوبال» لمديري مشتريات كل من قطاعي التصنيع والخدمات في بريطانيا خلال الشهر الحالي إلى أقل مستوى له منذ 3 أشهر.
وتراجع الجنيه الإسترليني أمام الدولار اليوم إلى 1.2893 دولار لكل جنيه، وهو أقل مستوى له منذ عام ونصف العام تقريباً، حيث أصبح المستثمرون أشد حذراً في توقعاتهم بشأن الزيادة الجديدة لأسعار الفائدة في بريطانيا.
وكانت كاترين مان، عضو لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا المركزي، قد أثارت (الخميس) التوقعات بشأن زيادة الفائدة البريطانية بنسبة كبيرة لكبح جماح التضخم. وقالت مان إنها تركز على قوة الطلب الاستهلاكي لتحديد القرار المنتظر من جانب البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة في مايو (أيار) المقبل.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.