متمردو مالي يوقعون اتفاقًا مبدئيًا للسلام مع الحكومة.. ويطالبون بضمانات

زعيم المتمردين: لا تزال هناك قضايا معلقة قبل التوصل إلى اتفاق نهائي

وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة يصافح بلال أج شريف زعيم المتمردين بعد التوقيع على الاتفاق المبدئي للسلام مع حكومة مالي (رويترز)
وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة يصافح بلال أج شريف زعيم المتمردين بعد التوقيع على الاتفاق المبدئي للسلام مع حكومة مالي (رويترز)
TT

متمردو مالي يوقعون اتفاقًا مبدئيًا للسلام مع الحكومة.. ويطالبون بضمانات

وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة يصافح بلال أج شريف زعيم المتمردين بعد التوقيع على الاتفاق المبدئي للسلام مع حكومة مالي (رويترز)
وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة يصافح بلال أج شريف زعيم المتمردين بعد التوقيع على الاتفاق المبدئي للسلام مع حكومة مالي (رويترز)

وقع متمردو مالي بزعامة الطوارق في العاصمة الجزائرية اتفاقًا مبدئيًا للسلام مع الحكومة، أمس، كباردة تعبر عن «حسن نيات» من أجل إنهاء عقود من القتال، لكنهم قالوا إنهم بحاجة إلى مزيد من الضمانات قبل توقيع اتفاق نهائي.
وكانت حكومة مالي قد وافقت على الاتفاق المدعوم من الأمم المتحدة والجزائر في مارس (آذار) الماضي، لكن ائتلافًا بقيادة الطوارق قال إن الاقتراح لا يلبي مطالبه بخصوص المنطقة الشمالية التي يطلق عليها اسم «أزواد»، وبسبب ذلك استمرت الاشتباكات المتفرقة.
وترغب القوى الغربية في حدوث اتفاق شامل بين الأطراف المتنازعة، خشية أن تسمح الاضطرابات للإسلاميين المتشددين بالعودة إلى شمال مالي، بعد أن طردهم تدخل عسكري فرنسي من المنطقة. ومن أجل ذلك دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في بيان صدر عن مكتبه، كل الأطراف إلى توقيع اتفاق نهائي وضمان تنفيذه «بدقة».
وقال رمطان لعمامرة، وزير الخارجية الجزائري، في المؤتمر، إنه يدرك تمامًا أن الواقع على الأرض قد يدفع البعض إلى التشاؤم، لكنه حث الجميع على الالتزام بالاتفاقات الموقعة في العاصمة الجزائرية، ووقف الاستفزازات.
من جهته، قال ائتلاف تنسيق حركات أزواد إنه ما زالت هناك حاجة إلى مزيد من العمل للتوصل إلى اتفاق شامل مع الحكومة، مضيفا أنه لن يحضر مراسم توقيع ختامية كانت مقررة اليوم الجمعة في باماكو.
من جانبه، قال بلال أج شريف، زعيم المتمردين، بعد التوقيع على الاتفاق المبدئي، إن ما تحقق هنا «يظهر التزامنا بالسلام.. فقد وافقنا على كثير من الأمور، لكن هناك قضايا محددة معلقة قبل التوصل إلى اتفاق نهائي مع الحكومة في باماكو، وتوقيع هذه الوثيقة بالأحرف الأولى وتوقيع اتفاق نهائي يبقيان عملين منفصلين قانونيا».
وأكد مصدر آخر في تنسيقية حركات أزواد أن هناك مفاوضات جديدة ستعقد قبل التوقيع النهائي حول مطالب التنسيقية السياسية والأمنية؛ إذ قال سيدي إبراهيم عوض سيدات، العضو في تنسيقية حركات أزواد، إن «الوساطة التزمت بأن تُعقد مباحثات بحسب طلبنا بعد التوقيع بالأحرف الأولى.. وبعد الاستجابة لمطالبنا نوقع الاتفاق».
وتضم تنسيقية حركات أزواد كلاً من الحركة الوطنية لتحرير أزواد، والمجلس الأعلى لوحدة أزواد، وحركة أزواد العربية المنشقة.
وكان مصدر في الوساطة الدولية قد قال، أول من أمس، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الاتفاق الذي يوقع رسميًا اليوم الجمعة في باماكو بحضور عشرة رؤساء دول وحكومات، ستوقعه غالبا مجموعتان من حركات أزواد. إلا أن التنسيقية رفضت التوقيع على الاتفاق الذي تم التوصل إليه في العاصمة الجزائر في مارس الماضي، إلى جانب الحكومة المالية والحركات الثلاث الأخرى، وهي حركة أزواد العربية، وتنسيقية شعب أزواد، وتنسيقية الحركات والجبهات الوطنية للمقاومة.
وينص الاتفاق على إنشاء مجالس محلية بصلاحيات كبيرة ومنتخبة بالاقتراع العام والمباشر، ولكن من دون استقلال ذاتي في شمال البلاد، أو نظام اتحادي وفقًا لما طالبت به حكومة باماكو، في حين تطالب التنسيقية «باعتراف رسمي بأزواد ككيان» مستقل يديره مجلس مناطقي، فضلا عن حصة من «80 في المائة لمواطني أزواد» في القوات الأمنية التابعة للكيان.
وثار الطوارق أربع مرات منذ استقلال مالي عن فرنسا عام 1960، وشكلوا تحالفا مع إسلاميين متشددين عام 2012 للسيطرة على المنطقة الصحراوية الشمالية. لكن التدخل العسكري الذي قادته فرنسا شتت المقاتلين، وإن كانت لا تزال تسجل هجمات متفرقة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».