ماكرون ينتصر في المبارزة التلفزيونية الحامية مع لوبن

رؤيتان متضاربتان تصارعتا... والرئيس الفرنسي الحالي اتهم منافسته بـ«إشعال حرب أهلية»

إيمانويل ماكرون يلاكم استعراضياً خلال وقفة انتخابية في ملعب رياضي بضواحي باريس أمس (رويترز)
إيمانويل ماكرون يلاكم استعراضياً خلال وقفة انتخابية في ملعب رياضي بضواحي باريس أمس (رويترز)
TT

ماكرون ينتصر في المبارزة التلفزيونية الحامية مع لوبن

إيمانويل ماكرون يلاكم استعراضياً خلال وقفة انتخابية في ملعب رياضي بضواحي باريس أمس (رويترز)
إيمانويل ماكرون يلاكم استعراضياً خلال وقفة انتخابية في ملعب رياضي بضواحي باريس أمس (رويترز)

أكثر من خمسة عشر مليون مشاهد تسمروا في فرنسا أمام شاشات التلفزة لمتابعة المناظرة التلفزيونية الوحيدة ليل الأربعاء - الخميس التي دامت ساعتين ونصف الساعة بين الرئيس المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن قبل ثلاثة أيام من الجولة الثانية الحاسمة التي ستحدد هوية الرئيس (أو الرئيسة) للسنوات الخمس المقبلة.
يضاف إلى ذلك أعداد غير معروفة من الأشخاص الذين تابعوا المناظرة أو بالأحرى «المبارزة» بين المرشحين من خلال الإذاعات أو الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يعكس أهميتها الخاصة لاجتذاب الناخبين المترددين، إنْ في التوجه، الأحد المقبل، إلى مراكز الاقتراع أو أولئك الذين ما زالوا مترددين في اختيار المرشح الذي سيصوّتون له.
وبالنظر إلى تقارب نسب التصويت المرتقبة في الدورة الثانية (والأخيرة) كما تبينها استطلاعات الرأي المتواترة، فإن أي ضعف أو خطأ تكتيكي في مقاربة هذا الاستحقاق الديمقراطي الرئيسي من شأنه التأثير على نتائج الانتخابات. وما زال ماثلاً في الأذهان أن مناظرة العام 2017 بين ماكرون ولوبن بيّنت ضعف برنامج الأخيرة وعبثية بعض مقترحاتها وخصوصاً عدم تمكنها الكافي من الملفات المطروحة. وقد سعت ليل أول من أمس إلى إظهار أنها تخطت هذا النقص وأنها «جاهزة» لحكم فرنسا، كما أعلنت ذلك أكثر من مرة في الأسابيع الأخيرة من الحملة الانتخابية.
حقيقة الأمر أن المناظرة لم تأتِ بجديد على صعيد المواقف والمقترحات والبرامج لكلا المرشحين. وكان واضحاً بالنسبة إلى مارين لوبن التي تخوض الانتخابات الرئاسية للمرة الثالثة أنها تريد عرض النقاط الرئيسية في برنامجها وما يميزها عن ماكرون، ولكن في الوقت عينه التنديد بحصيلة ممارسة الأخير حكم فرنسا خلال السنوات الخمس الماضية. والسمة البارزة لها أنها سعت لتقديم نفسها على أنها قد نضجت وأنها مرشحة الشعب بينما منافسها بعيد عنه.
وفي المقابل، فإن ماكرون دافع بقوة عن السياسات التي اتَّبعها وعن النتائج التي حققها بالتوازي مع إظهار عقم برنامج منافسته وخطره على المجتمع الفرنسي، ليس على صورة فرنسا في الخارج فقط ولكن أيضاً على التوازنات الاقتصادية للبلاد. وفي هذا السياق، برز ماكرون أحياناً كمن يلقّن منافسته دروساً في الاقتصاد والعلاقات الدولية، فما انفك عن مقاطعتها باستمرار ومهاجمتها وتوجيه الأسئلة إليها كالذي يستجوب قاصراً يشكّك بقدراته.
وجاءت المحصلة، وفق استطلاع للرأي، عقب المناظرة، أجرته مؤسسة «إيلاب» أن 59% من المشاهدين وجدوا ماكرون «أكثر إقناعاً» من لوبن، فيما أظهر استطلاع آخر لمؤسسة «أوبينان واي - بارتنرز» أن 14% من الناخبين كانوا يعوّلون على المناظرة لتحديد وجهة تصويتهم، بينما 12% للمشاركة أو الامتناع، ما يعني أن أكثر من ربع الناخبين كانوا يعوّلون الكثير عليها. وتبين نسبة مقاطعة التصويت في الجولة الأولى (26%)، وما حصل عليه مرشح اليسار المتشدد جان لوك ميلونشون (22% و7.7 ملايين ناخب)، التحديات التي يواجهها المتنافسان لاجتذاب هذه الأصوات ومخاطر الانزلاق في هذا الجانب أو ذاك.
كثيرةٌ، بطبيعة الحال، الملفات التي أُثيرت خلال المناظرة وتناولت المسائل الداخلية كافة، مثل: القوة الشرائية والتضخم، وأسعار الطاقة، ورفع مستوى الرواتب المتدنية، والبطالة، والنظام الصحي، وموقع الإسلام داخل المجتمع، والحجاب، وكيفية التعاطي مع المهاجرين، والإصلاحات الدستورية، وأول الإجراءات التي يخطط كل من المرشحين القيام بها، وملف المعاقين، والنظام الضرائبي وسن التقاعد.
وبعكس ذلك، فإن الملفات الخارجية اقتصرت على الحرب في أوكرانيا والاتحاد الأوروبي وإطلالة سريعة على موقع فرنسا في العالم وعلاقتها بأفريقيا، الأمر الذي يبيّن أن ما يحدد وجهة انتخاب الفرنسيين هي الملفات التي تتعلق بحياتهم اليومية والتحديات التي يواجهونها.
والخلاصة التي يتوصل إليها المراقبون عن قرب لتطورات الحياة السياسية الفرنسية، أن هناك رؤيتين متناقضتين: الأولى، ليبرالية أوروبية انفتاحية تتعامل إيجابياً مع العولمة بالتوازي مع السعي لإصلاح أخطائها بالاستناد إلى قوة الاتحاد الأوروبي. والأخرى، قومية انطوائية، تركز بالدرجة الأولى على الداخل الفرنسي وتشكك بالاتحاد الأوروبي الذي تسعى لتغيير بنيته وتوجهاته.
خلال هذه المبارزة، كانت هناك لحظات توتر لم تصل إلى حد التجريح الشخصي، ولكنها اتسمت بحدة جليّة أشدّها عند إثارة موضوع الحرب الروسية على أوكرانيا. وعلى الرغم من أن لوبن نوّهت بالجهود التي قام بها ماكرون، بدايةً لمنع حصولها ولاحقاً لوضع حد لها، إلا أن الجدل حمي وطيسه عندما اتهم الأخير مرشحة اليمين المتطرف بـ«التبعية» لروسيا وللرئيس بوتين، مذكِّراً إيَّاها بأنها كانت أول من اعترف بضم الأخير شبه جزيرة القرم في عام 2014، ومندداً بما قام به حزبها عندما استدان في عام 2015 مبلغ 9 ملايين يورو من مصرفٍ روسيٍّ - تشيكيٍّ لتمويل حملاته الانتخابية. وخلاصة ماكرون أنه رأى أن لوبن «تعتمد على القوة الروسية وعلى (الرئيس) بوتين» في معاركها السياسية. وقال ما حرفيته: «أنتِ لا تتحدثين مع شخصيات قيادية أخرى بل مع المصرفي الخاص بكِ عند الحديث عن روسيا». وما يعنيه ضمناً أنها تحولت «رهينة بيد سيد الكرملين وليست حرة في مواقفها»، الأمر الذي ردت عليه لوبن بأنها «امرأة حرة تماماً». وذهبت إلى حد اتهامه بمنع المصارف الفرنسية من تمكينها من الحصول على قرض في فرنسا، ما دفعها لاحقاً إلى التوجه إلى مصرف خارجي. والحقيقة أن هذه الواقعة معروفة تماماً، وسبق أن أُثيرت في عام 2017 لكن وقتها لم يكن لها الوقع الحالي بالنظر لما يجري في أوكرانيا وللاتهامات المَسُوقة بحق بوتين وما تفعله قواته في أوكرانيا. وخلال هذه الحملة، وُزعت صور تجمع بوتين ولوبن في الكرملين كما استُخرجت تصريحات سابقة لمنافسة ماكرون تشيد فيها بروسيا. ولذا، عمدت لوبن خلال المناظرة إلى التنديد بغزو أوكرانيا وتأييدها فرض عقوبات عليها وتمسكها بـ«أوكرانيا حرة ومستقلة معاً عن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا». والتحفظ الوحيد الذي عبّرت عنه هو رفضها فرض حظر على استيراد الغاز والنفط الروسيين لأنه يصيب المستهلك الفرنسي كما يصيب المواطن الروسي.
في عام 2017، كانت لوبن تدعو إلى التخلي عن اليورو والخروج من الاتحاد الأوروبي ومن اتفاقية شنغن للتنقل الحر. لكنها، في حملتها الراهنة، خطت خطوة إلى الوراء. إلا أنها في المقابل، تدعو إلى «إنشاء تحالف بين أمم (أوروبية) يحل تدريجياً محل الاتحاد الأوروبي» وذلك بعيداً عن مزيد من الاندماج الذي يريده ماكرون الذي يرى أن المطلوب «إصلاح الاتحاد الأوروبي وليس الخروج منه». ولم يتردد ماكرون في اتهام منافسته بـ«الكذب» على الناخبين لأن رغبتها الحقيقية التي لا تجرؤ على التعبير عنها علناً تبقى الخروج من الاتحاد. وردت لوبن بأنها تريد البقاء في الاتحاد، ولكن مع تعديله، إذ «لا توجد سيادة أوروبية لأنه لا يوجد شعب أوروبي». وتريد لوبن تنظيم استفتاء لتعديل الدستور الفرنسي من أجل أن ينصّ على تقدم القوانين الفرنسية على الأوروبية وتضمينه كذلك مبدأ «الأولوية الوطنية» الذي من شأنه أن يمنح الأولوية للفرنسيين في الحصول على سكن اجتماعي أو تقديمات اجتماعية مختلفة. وثمة من يوافق ماكرون الرأي لجهة اعتبار أن ما تسعى إليه لوبن يمكن عدّه خروجاً مقنّعاً من الاتحاد. يضاف إلى ذلك أن هذه التعديلات تتعارض مع المعاهدات الأوروبية. وعمد ماكرون إلى تفنيد وانتقاد خطة منافسته منوهاً بحاجة فرنسا لأوروبا، وندد بدعوتها إلى خفض مساهمة فرنسا في الميزانية الأوروبية. ورأى الرئيس الحالي أنْ لا تعارض بين السيادتين الفرنسية والأوروبية اللتين يتعين تعزيزهما، مشيداً بما تحقق على المستوى الأوروبي في مواجهة جائحة «كوفيد - 19» وتبعاته الاقتصادية والاجتماعية.
بيد أن «الاشتباك» الأكبر بين المتنافسين تناول موضوع الحجاب الذي تريد لوبن منع ارتدائه في الفضاء العام وفرض غرامة على المخالفات. وفي الأيام الأخيرة، بدا أن لوبن تراجعت بعض الشيء عندما ربطت مصير مقترحها بما يقرره البرلمان المقبل. لكنها في المناظرة عادت لتجعل منه أحد معالم حملتها الرئيسية، ولعلّ السبب في ذلك رغبتها في شد عصب ناخبي اليمين واليمين المتطرف في هذا الملف، ولكن أيضاً في ملفات رديفة مثل إجراء استفتاء حول الحد من الهجرات وحرمان من يولد على الأراضي الفرنسية من الحصول على الجنسية بشكل آلي والعمل بمبدأ تفضيل الفرنسيين في العمل والسكن... وترى لوبن أن الحجاب «زي موحَّد فرضه الإسلاميون» وأنها لا تحارب الإسلام بل إنه «قانون للدفاع عن الحرية». وجاء رد ماكرون صاعقاً، إذ اتهمها بـ«إشعال حرب أهلية» و«نبذ شريحة واسعة» من الفرنسيين ودفعهم «خارج الفضاء العام»، واصفاً قانونها بأنه «قانون النبذ»، ومذكّراً إياها بأنه إذا عمدت إلى تطبيق ذلك، فإن «فرنسا، موطن التنوير والكونيّة، ستصبح أول دولة في العالم تحظر الرموز الدينية في الأماكن العامة. هذا ما تقترحينه، وهو غير منطقي».
ما سبق غيض من فيض ما شهدته المبارزة التلفزيونية التي بيّنت اختلاف المتنافسين حول كل شيء خصوصاً بالنسبة إلى سن التقاعد. وبطبيعة الحال، رأى فريق كل منهما أن مرشحه كان الأفضل. ولاستكمال المبارزة، وزّع البريد على كل الناخبين، في أنحاء الدولة الفرنسية كافة، بيانين نهائيين يتضمنان رؤية كل مرشح وتنديداً ببرنامج المنافس. وعلى سبيل المثال، نص بيان لوبن على أن خمس سنوات إضافية لماكرون «لا معنى لها» لأنه يريد رفع سن التقاعد لـ65 عاماً ولأنه «يحتقر الشعب» ولتراجع السيادة الوطنية والقدرة الشرائية فيما التطرف الإسلاموي يتقدم ومعه الاعتداءات المتعمدة وتتزايد الهجرات...
يبقى أن حظوظ ماكرون بالفوز ازدادت في الأيام الأخيرة وقد وصلت إلى 56%. ولكن هل ستصدق هذه التوقعات أم أن مفاجأة ما لا تزال غير مستبعدة؟ الجواب مساء الأحد المقبل.



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.