بنيت يتهم اليمين بـ«بث السموم» لإسقاط حكومته

عشية زيارة وفد أميركي لتل أبيب ورام الله والقاهرة وعمّان

قوات الأمن الإسرائيلية تشتبك مع متظاهرين من اليمين الإسرائيلي خلال تجمع حاشد في القدس أمس (رويترز)
قوات الأمن الإسرائيلية تشتبك مع متظاهرين من اليمين الإسرائيلي خلال تجمع حاشد في القدس أمس (رويترز)
TT

بنيت يتهم اليمين بـ«بث السموم» لإسقاط حكومته

قوات الأمن الإسرائيلية تشتبك مع متظاهرين من اليمين الإسرائيلي خلال تجمع حاشد في القدس أمس (رويترز)
قوات الأمن الإسرائيلية تشتبك مع متظاهرين من اليمين الإسرائيلي خلال تجمع حاشد في القدس أمس (رويترز)

عشية وصول وفد أميركي إلى المنطقة بغرض تهدئة التوتر، حاولت قوى اليمين المتطرف تفجير الأوضاع أكثر، عن طريق تنظيم مظاهرة استفزازية في قلب التجمعات الفلسطينية في البلدة القديمة من القدس والأماكن المقدسة للمسلمين وللمسيحيين. واتهموا رئيس الوزراء، نفتالي بنيت، برفع الراية البيضاء، لأنه قرر منع دخول المستوطنين إلى باحات المسجد الأقصى إلى ما بعد عيد الفطر. ورد بنيت باتهام «قوى في اليمين المعارض المتطرف ببث سموم عدائية وجر إسرائيل إلى حرب أخرى مثل (حارس الأسوار)، كما حصل في مايو (أيار) الماضي».
وفي الوقت الذي كان فيه المستوطنون يحاولون اقتحام باب العامود والشرطة تصدهم من جهة، وتبطش بالمتظاهرين الفلسطينيين الذين خرجوا لمواجهة المستوطنين، خرج بنيت بعدة مقابلات صحافية مع وسائل الإعلام العبرية الأساسية، وقال إن «هدف هؤلاء ليس الحرص على القدس يهودية، فأنا أفعل هذا أفضل منهم، وهدفهم ليس القيام بصلوات إلى القدس، وهذه أفعلها منذ أن فتحت عيني، بل هدفهم هو فقط إسقاط هذه الحكومة. وهم بذلك يثقلون الأعباء على قوات الأمن».
وكانت مصادر سياسية في تل أبيب، قد كشفت، أمس (الأربعاء)، أن وفداً رفيعاً من وزارة الخارجية الأميركية، سيزور، اليوم (الخميس)، كلاً من إسرائيل والسلطة الفلسطينية ومصر والأردن، في محاولة لتهدئة الأوضاع في مدينة القدس. ويضم الوفد كلاً من مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، ياعيل لامبارت، والمسؤول عن الملف الفلسطيني في الوزارة الأميركية، هادي عمرو، ومجموعة من المسؤولين.
وبحسب المصادر، فإن إرسال هذا الوفد يدل على مخاوف وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، من تبعات التوتر في المنطقة وخطر تصعيد الأوضاع إلى مواجهة عنيفة أوسع. وقالت إن بلينكن توصل إلى قراره بعد محادثات هاتفية أجراها مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ووزيري الخارجية، الإسرائيلي يائير لبيد، والأردني أيمن الصفدي، تمحورت حول التوتر الأمني والأحداث الأخيرة في مدينة القدس والمسجد الأقصى.
وكان بنيت قد أجرى مشاورات أمنية وسياسية مع عدد من الوزراء وقادة الأجهزة الأمنية، تم خلالها تقييم الأوضاع بعدما تعرضت حكومته لانتقادات شديدة في المنطقة والعالم. وحسب مصادر سياسية مطلعة، فإن مسؤولين مطلعين على الأوضاع في الدول العربية وعلى أسرار السياسة الخارجية، حذروا بنيت من أن التقارير المصورة التي تنشرها القنوات الفضائية ويظهر فيها جنود إسرائيليون يقتحمون المسجد الأقصى، ويمارسون العنف مع المصلين، تلحق ضرراً فادحاً بإسرائيل، ومن الممكن أن تفقدها إنجازاتها الدبلوماسية الكبيرة، وتمسّ بمكانتها لدى الدول الشريكة معها في اتفاقيات إبراهيم.
وعلى أثر ذلك، قرر بنيت منع وصول عضو الكنيست المتطرف إيتمار بن غفير، إلى منطقة باب العامود في البلدة القديمة التي يتجمع فيها عادة الفلسطينيون لإحياء ليالي رمضان، مؤكداً أنه يستند بذلك إلى توصيات وزير الأمن الداخلي ورئيس الشاباك والمفوض العام للشرطة. لكن بنيت، أعطى تعليماته للشرطة بإدارة مفاوضات مع قادة المستوطنين وتنظيمات اليمين، التي قررت تنظيم «مسيرة الأعلام» الاستفزازية في مدينة القدس المحتلة. وخلال المحادثات، أعلن المتطرفون عزمهم المرور من باب العامود وأحياء البلدة القديمة. وعندما عرضت الشرطة عليهم مساراً آخر ليس فيه احتكاك مع الفلسطينيين، رفضوا.
وقد نشرت الشرطة قواتها، أمس، على مداخل القدس، لمنع المسيرة من الوصول إلى باب العامود، وأغلقت الشارع الرئيسي بشاحنة وسيارات شرطة، واشتبكت مع بعض المتظاهرين اليهود الذين حاولوا اختراق حواجزها. وأعلن رئيس الوزراء بنيت، منع دخول اليهود إلى باحات الأقصى خلال الأيام المتبقية من شهر رمضان المبارك. وعندما اتهمه اليمين المتطرف برفع الراية البيضاء أمام الفلسطينيين والعرب وأمام الحركة الإسلامية، الشريكة في ائتلافه الحكومي، رد قائلاً إن حكومة بنيامين نتنياهو منعت دخول اليهود لمدة أطول وفي كل شهر رمضان، طيلة 12 عاماً.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».