السويد: شغب فوق صفيح عنصري ساخن

السلطات تتذرع بـ«حرية التعبير» لعدم منع أعمال مناهضة للإسلام

سيارات مشتعلة أثناء احتجاج في مالمو بالسويد يوم 17 أبريل (إ.ب.أ)
سيارات مشتعلة أثناء احتجاج في مالمو بالسويد يوم 17 أبريل (إ.ب.أ)
TT

السويد: شغب فوق صفيح عنصري ساخن

سيارات مشتعلة أثناء احتجاج في مالمو بالسويد يوم 17 أبريل (إ.ب.أ)
سيارات مشتعلة أثناء احتجاج في مالمو بالسويد يوم 17 أبريل (إ.ب.أ)

سلّطت سلسلة من أعمال الشغب العنيفة التي هزّت السويد، إثر تجمعات نفّذها أو خطّط لها أنصار اليمين المتطرّف لحرق نسخ من القرآن، الضوء على الحدود الواسعة جدّاً لحرية التعبير في البلد والفصل العنصري الذي يسود المجتمع.
وسط صيحات التكبير، استحالت أولى المظاهرات المضادة التي خرجت للتنديد بقدوم راسموس بالودان، زعيم الحزب الدنماركي المناوئ للإسلام، أعمال عنف ضدّ الشرطة في أحياء تقطنها غالبية مسلمة في مدينتي نورشوبينغ ولينشوبينغ السويديتين.
من الدنمارك إلى بلجيكا، مروراً بفرنسا، كثّف راسموس بالودان خلال السنوات الأخيرة مبادرته القائمة على إحراق نسخ من القرآن في أحياء عادة ما تسكنها غالبية من المهاجرين والمسلمين.
وأثارت طريقة التصدي للتحركات المناوئة للإسلام استنكار عدّة دول مسلمة. فبعد العراق والسعودية، ندّدت الخارجية التركية، الاثنين، بـ«التردّد في منع أفعال مستفزّة ومناهضة للإسلام... بحجّة حرّية التعبير»، في حين أقيمت مظاهرة أمام السفارة السويدية في إيران.
واتّسعت رقعة أعمال الشغب، في نهاية الأسبوع، لتشمل مدناً أخرى قام فيها بالودان، الذي يحمل الجنسيتين الدنماركية والسويدية، بإحراق المصحف أو أعرب عن نيّته القيام بذلك.
وأكّدت الشرطة السويدية أن «جولات» اليميني المتطرف تندرج في سياق حرّية التعبير، ما يلزمها بمنح التراخيص لها.
وقال وزير العدل مورغان يوهانسن، في مؤتمر صحافي: «نعيش في ديمقراطية فيها حيّز واسع جدّاً لحرية التعبير والإعلام ونحن نعتزّ بذلك... ما من نيّة لتضييق مجال (الحريات)»، حتّى وإن استغل «يميني دنماركي» هذه الحريات للحضّ على «الكراهية والشقاق والعنف»، وهو أمر «مؤسف».
وأصيب 40 شخصا على الأقلّ، بينهم 26 شرطياً، في أعمال العنف التي اندلعت خلال عطلة عيد الفصح في نورشوبينغ ولينشوبينغ ولاندسكرونا وأوريبرو ومالمو والعاصمة استوكهولم.
وتعرّض نحو 20 مركبة تابعة للشرطة لأضرار أو لدمار كامل، وطالت أعمال تخريبية مناطق عدّة، حيث حُطّم زجاج متاجر وأضرمت النيران في مدارس.
وكشف قائد الشرطة الوطنية أنديرس تورنبرغ أن بعض المحتجّين «حاولوا قتل شرطيين».
وفي وجه راسموس بالودان، الذي يخطّط لجولات أخرى من هذا النوع، يتحفّظ بعض المسؤولين المحليين عن الدفاع عن حرية التعبير. فخلال مؤتمر صحافي، أول من أمس (الثلاثاء)، قالت رئيسة بلدية نورشوبينغ آنا تورن: «في الظروف الراهنة، ينبغي للشرطة ألا تعطي تراخيص لتجمّعات عامة أخرى».
تحظى حرية التعبير بحماية واسعة في السويد. ويجوز للشرطة أن تحظر إقامة بعض التجمّعات، إذا ما كانت تشكّل «تحريضاً (على العنف) ضدّ مجموعة إثنية ما»، لكن نطاق تفسير هذا الاستثناء محدود جدّاً.
ومن العوامل المستفزّة الأخرى، المواقع المختارة لحرق المصحف وتكون عادة من الضواحي التي تقطنها غالبية مسلمة وتصنفها الشرطة «مناطق هشّة».
ويحيل مصطلح «المناطق الهشّة» المعتمد سنة 2015 إلى أحياء فقيرة «محرومة» فيها كثافة كبيرة من «الأشخاص ذوي الأصول الأجنبية»، وحيث تنتشر «شبكات إجرامية تمارس نفوذاً على من يقطنون الأحياء أو يزورونها»، وفق ما أوضح مان غيريل الأستاذ المحاضر في علم الجريمة في جامعة مالمو.
استقبلت السويد، البلد الإسكندنافي الثرّي الذي يضمّ 10.3 مليون نسمة، أكثر من 400 ألف مهاجر بين 2010 و2019، وفق إحصاءات مكتب الهجرة.
غير أن خبراء كثيرين يشيرون إلى أن الدولة واجهت صعوبات كثيرة في دمج عدد كبير من الوافدين الجدد. ويصعب على الآلاف منهم تعلّم اللغة وإيجاد فرص عمل في سوق معروفة بكفاءاتها العالية.
ومذاك، ازداد اليمين المتطرّف شعبية وبات ثالث تكتّل سياسي في البلد.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.