«التحكيم السعودية» في مرمى الهجوم بسبب «مواعيد نشر الحالات الجدلية»

الأندية والمشجعون والإعلام يتهمونها بانتقائية «اللقطات»... واتحاد الكرة: لن نوقفها

حتى الحكم الأجنبي باتت قراراته محل نظر رغم «مراجعات الـVAR» (تصوير: سعد العنزي)
حتى الحكم الأجنبي باتت قراراته محل نظر رغم «مراجعات الـVAR» (تصوير: سعد العنزي)
TT

«التحكيم السعودية» في مرمى الهجوم بسبب «مواعيد نشر الحالات الجدلية»

حتى الحكم الأجنبي باتت قراراته محل نظر رغم «مراجعات الـVAR» (تصوير: سعد العنزي)
حتى الحكم الأجنبي باتت قراراته محل نظر رغم «مراجعات الـVAR» (تصوير: سعد العنزي)

تظل كرة القدم لعبة خاضعة للاجتهاد البشري كإضاعة لاعب لركلة جزاء أو خطأ يرتكبه المدافع ويحصل على بطاقة حمراء تربك حسابات فريقه، أو حتى قرار خاطئ من مدرب الفريق، إلا أن هناك دوائر حمراء تتوجه حيالها الانتقادات بصورة دائمة عند الإخفاق والخسارة، كالحكام والأخطاء التحكيمية وقرارات المدربين الفنية وإدارات الأندية في السعودية بصورة خاصة، واللاعبين بدرجة أقل من بقية هذه الخيارات السابقة.
من المقبول أن يتم انتقاد التحكيم فذاك شأن المجتمعات الرياضية وكرة القدم على وجه الخصوص، فهي لعبة خاضعة للعواطف وتحكمها الميول قبل كل شيء، والأخير هو الدافع والمحرك لهذه اللعبة القائمة على هتافات المشجعين وحضورهم ومتابعتهم من خلف الشاشات.
ومن المقبول أيضاً وجود الأخطاء التحكيمية الشائعة كتقدير حالات التسلل أو احتساب ركلات الجزاء أو حالات الطرد، إلا أنه يجب أن يكون بدرجة أقل مع دخول التقنية للملاعب عن طريق الفيديو المساعد الذي يُفترض مساهمته بتقليل أخطاء الحكام في الملاعب.
منذ فترة زمنية ليست بالقصيرة بدأت دائرة التحكيم السعودي بنشر أبرز حالات كل جولة في الدوري السعودي للمحترفين والتعليق عليها إما بالمصادقة لقرار الحكام أو تأكيد أمر آخر، والإشارة إلى الخطأ الذي وقع فيه الحكم، وذلك عبر مقطع فيديو يتم بثه على منصة اليوتيوب.
وفكرة استعراض الأخطاء ومناقشتها ليست وليدة اللحظة، بل سبق أن قامت لجنة الحكام في فترة زمنية سابقة بعمل مثيل لذلك، إلا أنه تعرض لانتقادات كبيرة صاحبت آلية الطرح، حيث تقوم اللجنة بفتح المجال لوسائل الإعلام وحضور الحكام لمناقشة أبرز حالات الجولة خلال فترة رئاسة عمر المهنا للجنة الحكام.
وفكرة استعراض الحالات التحكيمية الأبرز بعد كل جولة ومناقشتها هي فكرة بدأت من لجنة الحكام ودائرة التحكيم بالتفاهم مع الاتحاد السعودي لكرة القدم، حيث تتم دراسة الحالات وفقاً لقوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم واستعراضها عبر مقطع فيديو.
إلا أن الانتقادات انتقلت حالياً صوب دائرة الحكام، وأنها تنتقي الحالات المستعرضة في كل جولة وفقاً لحدة الطرح الإعلامي والجماهيري لكل فريق، وتحولت فكرة هذا الطرح من هدف تثقيفي إلى صراعات إعلامية وجماهيرية تكتسيها ميول الأندية.
تلك الانتقادات يُجانب البعض منها الصواب، كالتأخير الكبير الذي حدث في نشر الحالات التحكيمية الأخيرة للجولات 18 - 19 - 20 خاصة أن الجولة الثامنة عشرة لُعبت مبارياتها في يناير (كانون الثاني) الماضي فيما تم نشر حالاتها والتعليق عليها من جانب دائرة التحكيم السعودي في 12 أبريل (نيسان) الحالي.
التأخير في نشر مثل هذه الحالات التي اعتاد الشارع الرياضي السعودي على متابعتها بعد كل جولة أو جولتين في الفترة الماضية، أمر غير مبرر ويساهم بدوره من التصعيد الكبير تجاه دائرة التحكيم واختيارها للحالات وعرضها للوسط الرياضي السعودي، خاصة عند استعراض حالات أحد أطرافها لاعب انتقل إلى خارج منافسات الدوري السعودي، مثل ركلة الجزاء للفرنسي غوميز مهاجم الهلال أمام الباطن.
وأمام تلك التساؤلات الكبيرة عن الهدف من نشر هذه الحالات ومراجعتها أكد مصدر خاص في الاتحاد السعودي لكرة القدم لـ«الشرق الأوسط» أن الهدف هو تثقيف الرأي العام وبالتأكيد ليس للإثارة، والأمر الآخر أن تصبح هذه المعلومات بمثابة المراجعات للحكام السعوديين وحتى الأجانب.
وأضاف المصدر في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: ما ننشره من مراجعة الحالات هو متابع من الوطن العربي والاتحاد الآسيوي لكرة القدم، ولا يهمنا من يتابع بقدر الإيضاح للرأي العام.
وأوضح المصدر أنه يجب أن يعرف المتابع الرياضي الفرق بين الاعتراف بالخطأ وبين توضيح الأخطاء، فالأول أن يكون هناك تعمد اعترف به، في حين يهدف التوضيح إلى تحليل الخطأ الذي وقع فيه حكم المباراة إما لتقدير خاطئ وغيره.
وعن الإثارة التي تصاحب اللقطات وهل هناك انتقائية في استعراض الحالات، قال المصدر الخاص في اتحاد كرة القدم: هي لاستعراض أبرز الحالات وبالتأكيد ليست انتقائية، والاستعراض يستهدف أبرز الحالات لإيضاح القرار الصحيح فيها فقط. ونفى المصدر الخاص في حديثه لـ«الشرق الأوسط» طلب اتحاد كرة القدم من دائرة التحكيم إيقاف هذا الأمر، مشيراً إلى عدم وصول أي مطالبات من الحكام السعوديين لإيقافها، موضحاً: لا نعلم قد يكون هناك حكام منزعجون ولكن لم يصلنا شيء منهم سواء بشكل ودي أو رسمي.
ومنذ سنوات طويلة وتحديدا مطلع الألفية الحالية والاتحاد السعودي لكرة القدم يعتمد في إدارة مبارياته الكبرى والحساسة على طاقم حكام أجانب إلى حد الاعتماد الكلي على الحكام الأجانب قبل نحو 3 أعوام في صورة شكلت إذعانا تاما لمطالب الأندية السعودية وعدم قدرته على الدفاع عن حكامه السعوديين، وهو ما جعل الطواقم التحكيمية السعودية حاضرة في دوريات محلية أدنى مثل الدرجة الأولى والثانية والثالثة والرابعة فقط دون أي وجود وتمثيل في الدرجة الممتازة التي تلفت الأنظار عربيا وآسيويا.
ورغم أن الطواقم التحكيمية السعودية بدأت تستعيد وضعها في الحضور في الدوري السعودي للمحترفين بإدارة المباريات، لكنها لا تزال بعيدة عن إدارة المباريات الحساسة والمصيرية؛ كونها لا تحظى بالثقة المطلقة من قبل إدارات الأندية، سيما الكبيرة منها، فضلا عن أن اتحاد الكرة السعودي لم يسع أبدا للدفاع عن طواقمه المحلية بما يكفي لصد ووقف هذا الهجوم المزمن تاريخيا.
بقيت الإشارة إلى أن لجنة الحكام التابعة للاتحاد السعودي لكرة القدم تبدو الأكثر تغييرا بنظيراتها في الخليج العربي وآسيا إلى حد الاستعانة برئيس أجنبي، لكن الوضع لم يتغير على الإطلاق في مسألة احترام الحكم.
ولم يتوقف الأمر عند التشكيك بالحكم السعودي، بل امتد إلى طواقم تحكيمية أجنبية طالها انتقادات لاذعة من قبل مسؤولي الأندية السعودية ووسائل الإعلام ومساحات التواصل الاجتماعي.


مقالات ذات صلة

الأخدود يعيد ترتيب أوراقه في معسكر أبو ظبي

رياضة سعودية فريق نجران يأمل تحقيق الاستفادة الكاملة من معسكره الخارجي (تصوير: عدنان مهدلي)

الأخدود يعيد ترتيب أوراقه في معسكر أبو ظبي

يقيم الفريق الأول لكرة القدم بنادي الأخدود معسكراً تحضيرياً في أبوظبي بدءا من اليوم الأحد ولمدة أسبوعين.

علي الكليب (نجران)
رياضة سعودية ترقب لانطلاق دوري تحت 21 عاما (الاتحاد السعودي)

اتحاد القدم السعودي يطلب مرئيات الأندية حول «دوري تحت 21 عاماً»

وجَّهت إدارة المسابقات بالاتحاد السعودي لكرة القدم تعميماً لجميع الأندية، وذلك لإبداء مرئياتها تمهيداً لإطلاق دوري تحت 21 عاماً، الموسم الرياضي المقبل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة سعودية سيرجي ميلينكوفيتش سافيتش يتألق بقميص الهلال (رويترز)

وكيل سافيتش: سيرجي سعيد في الهلال… ويتطلع لمونديال الأندية

أكد أوروس يانكوفيتش، وكيل اللاعب الصربي سيرجي ميلينكوفيتش سافيتش، أن الشائعات بأن لاعب الهلال سيعود قريباً إلى الدوري الإيطالي غير صحيحة.

مهند علي (الرياض)
رياضة سعودية ولي العهد لحظة مباركته لملف السعودية لاستضافة كأس العالم 2034 (واس)

العالم يترقب فوز السعودية باستضافة «مونديال 2034»

تتجه أنظار العالم، اليوم الأربعاء، نحو اجتماع الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، حيث يجتمع 211 اتحاداً وطنياً للتصويت على تنظيم كأس العام 2030 و2034.

فهد العيسى (الرياض)
رياضة سعودية ولي العهد أعطى الضوء الأخضر لعشرات الاستضافات للفعاليات العالمية (الشرق الأوسط)

«كونغرس الفيفا» يتأهب لإعلان فوز السعودية باستضافة كأس العالم 2034

تقف الرياضة السعودية أمام لحظة مفصلية في تاريخها، وحدث قد يكون الأبرز منذ تأسيسها، حيث تفصلنا ساعات قليلة عن إعلان الجمعية العمومية للاتحاد الدولي لكرة القدم.

فهد العيسى (الرياض)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».