«مُدمنُ الغِناء»... الاحتفاء بالأشياء الصغيرة

غلاف المجموعة
غلاف المجموعة
TT

«مُدمنُ الغِناء»... الاحتفاء بالأشياء الصغيرة

غلاف المجموعة
غلاف المجموعة

عن الرغبة في البوح، والبحث عن فضاء حر، والاحتفاء بالأشياء الصغيرة المهمشة، يدور ديوان «مدمن الغناء» للشاعر عبد الحفيظ طايل، الصادر حديثاً عن دار «ميريت» للنشر بالقاهرة. وهو الديوان الرابع له، بعد «حكايات الشرفة» عام 2010، و«يحمل جثته ويغني» عام 2018، و«عائلة يموت أفرادها فجأة» عام 2020.
يقع الديوان في 70 صفحة من القطع المتوسط، ويضم مجموعة من القصائد، تشكل عناوينها مفتاحاً لرؤية مسكونة بالتهكم والسخرية وألاعيب الفانتازيا والمفارقة والخيال؛ حيث تتنوع رمزية الغناء، وتبدو كسلاح وحيد لمواجهة العالم، بل الطريق الأمثل للوصول إلى الحبيبة، ومعنى الإنسان والوطن والحب والحرية، وغيرها من الأحلام المؤجلة والمقموعة، وفي الوقت نفسه الرغبة في اكتشاف الذات بإيقاع مغاير، وملامح جديدة تنعكس على فضائها وحركتها، وتكسبها شكلاً من أشكال الخصوصية في التعامل الشعري. وهذه الملامح تبرز على نحو لافت في التواشح ما بين التخييل المحلَّق كفعل مجازي، وطاقة الفعل الشعري الضاربة في جذور الواقع، بإيقاعه اليومي المعيش، وتحولاته الاجتماعية والسياسية، وصورته الممتدة في مناخات الطفولة وفضاء العائلة؛ حيث يشكل استدعاء صورة الأب والأم والأصدقاء معولاً لبناء صورة شعرية، مشرّبة بنفس من السرد والحكي، لكن يظل محكوماً بإيقاع الصورة الشعرية، وحركة النص صعوداً وهبوطاً، ما بين تخوم الذات والموضوع.
يوظف الشاعر كل هذا المتكآت بوعي شديد بجماليات قصيدة النثر، وبلغة سلسلة تعتمد على المفارقة المبنية من داخل النص نفسه، وما يرشح به من رموز ودلالات، متحاشياً المفارقة المقحمة من الخارج، بل إنه أحياناً يتناص مع نفسه واسمه، ما يعني أن النص يمتلك القدرة على النفي والإثبات وطرح البديل، من خلال مغامرة تنطوي على حيوية فنية وشعرية، وقبل أي شيء، المقدرة على احتواء الآخر، ومشاكسته واللعب معه، حتى لو هذا الآخر هو الشاعر نفسه.
من أجواء الديوان يقول الشاعر...
«أحاول أن أمشي على ذراعيّ
ولا أستطيع
كما أن المجتمع يرفض أن يسير الإنسان على ذراعيه
لمدة أسبوع أحاول جاهداً أن أحصل على قوت
يكفي فرداً بمواصفاتي
المحسنون كثيرون جداً لكنني لأسباب أخلاقية
يجب أن ترضي المجتمع
لم أتعرف على فمي بالضبط.
***
أغني في بلاد الله
بهدف واحد
أن يخبرها شخص ما عني وعن مسعاي
أنا مدمن الغناء في ساحات حضورها
شوارع المدينة ضاقت بي
ولم تسعني شوارع القرى
والصحاري واسعة جداً».



إعلان القائمة الطويلة لـ«بوكر» العربية

أغلفة روايات القائمة الطويلة
أغلفة روايات القائمة الطويلة
TT

إعلان القائمة الطويلة لـ«بوكر» العربية

أغلفة روايات القائمة الطويلة
أغلفة روايات القائمة الطويلة

أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية الروايات المرشّحة للقائمة الطويلة بدورتها عام 2025؛ إذ تتضمّن القائمة 16 رواية. وكانت قد ترشحت للجائزة في هذه الدورة 124 رواية، وجرى اختيار القائمة الطويلة من قِبل لجنة تحكيم مكوّنة من خمسة أعضاء، برئاسة الأكاديمية المصرية منى بيكر، وعضوية كل من بلال الأرفه لي أكاديمي وباحث لبناني، وسامبسا بلتونن مترجم فنلندي، وسعيد بنكراد أكاديمي وناقد مغربي، ومريم الهاشمي ناقدة وأكاديمية إماراتية.

وشهدت الدورة المذكورة وصول كتّاب للمرّة الأولى إلى القائمة الطويلة، عن رواياتهم: «دانشمند» لأحمد فال الدين من موريتانيا، و«أحلام سعيدة» لأحمد الملواني من مصر، و«المشعلجي» لأيمن رجب طاهر من مصر، و«هوّارية» لإنعام بيوض من الجزائر، و«أُغنيات للعتمة» لإيمان حميدان من لبنان، و«الأسير الفرنسي» لجان دوست من سوريا، و«الرواية المسروقة» لحسن كمال من مصر، و«ميثاق النساء» لحنين الصايغ من لبنان، و«الآن بدأت حياتي» لسومر شحادة من سوريا، و«البكّاؤون» لعقيل الموسوي من البحرين، و«صلاة القلق» لمحمد سمير ندا من مصر، و«ملمس الضوء» لنادية النجار من الإمارات.

كما شهدت ترشيح كتّاب إلى القائمة الطويلة وصلوا إلى المراحل الأخيرة للجائزة سابقاً، وهم: «المسيح الأندلسي» لتيسير خلف (القائمة الطويلة في 2017)، و«وارثة المفاتيح» لسوسن جميل حسن (القائمة الطويلة في 2023)، و«ما رأت زينة وما لم ترَ» لرشيد الضعيف (القائمة الطويلة في 2012 و2024)، و«وادي الفراشات» لأزهر جرجيس (القائمة الطويلة في 2020، والقائمة القصيرة في 2023).

في إطار تعليقها على القائمة الطويلة، قالت رئيسة لجنة التحكيم، منى بيكر: «تتميّز الروايات الستّ عشرة التي اختيرت ضمن القائمة الطويلة هذا العام بتنوّع موضوعاتها وقوالبها الأدبية التي عُولجت بها. هناك روايات تعالج كفاح المرأة لتحقيق شيءٍ من أحلامها في مجتمع ذكوريّ يحرمها بدرجات متفاوتة من ممارسة حياتها، وأخرى تُدخلنا إلى عوالم دينيّة وطائفيّة يتقاطع فيها التطرّف والتعنّت المُغالى به مع جوانب إنسانيّة جميلة ومؤثّرة».

وأضافت: «كما تناولت الكثير من الروايات موضوع السلطة الغاشمة وقدرتها على تحطيم آمال الناس وحيواتهم، وقد استطاع بعض الروائيين معالجة هذا الموضوع بنفَسٍ مأساوي مغرقٍ في السوداوية، وتناوله آخرون بسخرية وفكاهة تَحُدّان من قسوة الواقع وتمكّنان القارئ من التفاعل معه بشكل فاعل».

وتابعت: «أمّا من ناحية القوالب الأدبيّة فتضمّنت القائمة عدّة روايات تاريخيّة، تناول بعضها التاريخ الحديث، في حين عاد بنا البعض الآخر إلى العهد العبّاسيّ أو إلى فترة محاكم التفتيش واضطهاد المسلمين في الأندلس. كما تضمّنت القائمة أعمالاً أقرب إلى السيرة الذاتيّة، وأخرى تشابه القصص البوليسيّة إلى حدّ كبير».

من جانبه، قال رئيس مجلس الأمناء، ياسر سليمان: «يواصل بعض روايات القائمة الطويلة لهذه الدورة توجّهاً عهدناه في الدورات السابقة، يتمثّل بالعودة إلى الماضي للغوص في أعماق الحاضر. لهذا التوجّه دلالاته السوسيولوجية، فهو يحكي عن قساوة الحاضر الذي يدفع الروائي إلى قراءة العالم الذي يحيط به من زاوية تبدو عالمة معرفياً، أو زاوية ترى أن التطور الاجتماعي ليس إلّا مُسمّى لحالة تنضبط بقانون (مكانك سر). ومع ذلك فإنّ الكشف أمل وتفاؤل، على الرغم من الميل الذي يرافقهما أحياناً في النبش عن الهشاشة وعن ضراوة العيش في أزمان تسيطر فيها قوى البشر على البشر غير آبهة بنتائج أفعالها. إن مشاركة أصوات جديدة في فيالق الرواية العربية من خلفيات علمية مختلفة، منها الطبيب والمهندس وغير ذلك، دليل على قوّة الجذب التي تستقطب أهل الثقافة إلى هذا النوع الأدبي، على تباين خلفياتهم العمرية والجندرية والقطرية والإثنية والشتاتية». وسيتم اختيار القائمة القصيرة من قِبل لجنة التحكيم من بين الروايات المدرجة في القائمة الطويلة، وإعلانها من مكتبة الإسكندرية في مصر، وذلك في 19 فبراير (شباط) 2025، وفي 24 أبريل (نيسان) 2025 سيتم إعلان الرواية الفائزة.

ويشهد هذا العام إطلاق ورشة للمحررين الأدبيين تنظّمها الجائزة لأول مرة. تهدف الورشة إلى تطوير مهارات المحررين المحترفين ورفع مستوى تحرير الروايات العربية، وتُعقد في الفترة بين 18 و22 من هذا الشهر في مؤسسة «عبد الحميد شومان» بالأردن.