بعد التأهل بصعوبة لمونديال قطر... هل يستطيع المنتخب الأميركي مواجهة الكبار؟

المدير الفني نجح في محو «كابوس» مونديال روسيا

بوليسيتش يقود هجمة للمنتخب الأميركي أمام نافاس حارس كوستاريكا (رويترز)
بوليسيتش يقود هجمة للمنتخب الأميركي أمام نافاس حارس كوستاريكا (رويترز)
TT

بعد التأهل بصعوبة لمونديال قطر... هل يستطيع المنتخب الأميركي مواجهة الكبار؟

بوليسيتش يقود هجمة للمنتخب الأميركي أمام نافاس حارس كوستاريكا (رويترز)
بوليسيتش يقود هجمة للمنتخب الأميركي أمام نافاس حارس كوستاريكا (رويترز)

تأهل المنتخب الأميركي لكرة القدم، بقيادة المدير الفني غريغ بيرهالتر، إلى نهائيات كأس العالم رغم خسارته في المباراة الأخيرة أمام كوستاريكا خارج ملعبه بهدفين دون رد. وبعد إنجاز المهمة الأساسية وهي التأهل للمونديال، حان الوقت لتغيير طريقة التفكير، فالأمر لا يتعلق فقط بالتأهل لكأس العالم، لكن يتعين على المنتخب الأميركي أن يقدم مستويات جيدة في المونديال ويثبت أنه يستحق اللعب مع الكبار.
من المؤكد أن هذا الأمر سيكون بمثابة تحد كبير للغاية للولايات المتحدة في قطر عندما يلعب أمام منتخبات أكثر قوة وخبرة، وهناك إشارات على أن المنتخب الأميركي يتطور بشكل جيد في هذا الاتجاه، رغم أنه تعادل وفاز وخسر في المباريات الثلاث التي لعبها خلال الشهر الماضي. لقد احتل هذا الجيل الأكثر موهبة في تاريخ كرة القدم الأميركية المركز الثالث في مجموعته في التصفيات، وتجنب خوض مباراة فاصلة بفضل فارق الأهداف فقط. وأنهت الولايات المتحدة التصفيات خلف كندا، وهو الأمر الذي كان سيبدو غير معقول ومثيرا للضحك والسخرية قبل أن تبدأ المرحلة النهائية من التصفيات بين ثمانية منتخبات في سبتمبر (أيلول) الماضي. لقد أنهت الولايات المتحدة التصفيات أيضاً خلف المكسيك، رغم التفوق عليها في المواجهات المباشرة في الآونة الأخيرة.
وفي هذه التصفيات، تحلى المنتخب الأميركي بالتواضع واللعب بكل جدية وعدم ترك شيء للصدفة، بعد الصدمة التي تلقاها بعدم التأهل لنهائيات كأس العالم بروسيا 2018 بعد سبع مشاركات متتالية في المونديال. لقد كانت الولايات المتحدة تسعى بكل قوة للتأهل لكأس العالم، وفي بعض الأحيان لم يكن يُنظر إلى هذا الأمر على أنه سعي لتحقيق إنجاز إيجابي بقدر ما كان رغبة كبيرة في تجنب كارثة الغياب عن المونديال مرة أخرى.

 غريغ بيرهالتر مدرب المنتخب الأميركي (إ.ب.أ)

وحتى عندما تبنت كرة القدم الأميركية شعار «للأمام فقط»، كان الحذر والقلق واضحين. فعلى سبيل المثال، كان هناك شعور بالقلق الشديد في فبراير (شباط) الماضي عندما كانت الولايات المتحدة تلعب على ملعبها وبحاجة إلى تحقيق الفوز أمام هندوراس، التي كانت أسوأ فريق في المجموعة والفريق الوحيد الذي لم يحقق أي فوز، للدرجة التي جعلت المنتخب الأميركي يحدد مكان المباراة في ولاية مينيسوتا المليئة بالصقيع!
في الحقيقة، لم يكن هذا تصرفا يليق بالمنتخب المصنف رقم 13 على العالم وهو يستضيف المصنف رقم 78 وفقاً للتصنيف الأخير للاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا). وفي سبتمبر الماضي، عندما كانت الولايات المتحدة متأخرة بهدف دون رد أمام هندوراس بعد نهاية الشوط الأول (فازت الولايات المتحدة في النهاية بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد)، وبعد أن افتتحت حملتها في التصفيات بالتعادل مع السلفادور وكندا، كان من المغري التساؤل عما إذا كان بيرهالتر سوف يلقى نفس مصير المدير الفني السابق للمنتخب الأميركي، يورغن كلينسمان، الذي أقيل من منصبه في وقت مبكر بسبب سوء النتائج.
ورغم خسارة المنتخب الأميركي خارج ملعبه أمام كل من بنما وكندا، والخسارة المعتادة في كوستاريكا، كان الأداء أمام المكسيك هو المؤشر الأكثر وضوحا على مستوى وإمكانيات هذا المنتخب، الذي يمكن وصفه بأنه نشيط وطموح وجريء. لقد حققت الولايات المتحدة الفوز على المسكيك بهدفين دون رد في المباراة التي أقيمت في مدينة سينسيناتي الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وهو ثالث فوز للولايات المتحدة على المكسيك في عام 2021، بفضل هدفين متأخرين من كريستيان بوليسيتش وويستون ماكيني، وهي المباراة التي شهدت تقديم الولايات المتحدة أداء ينبض بالنشاط والحيوية. وفي المباراة التي انتهت بالتعادل السلبي أمام المكسيك في مكسيكو سيتي الأسبوع الماضي، قدم منتخب الولايات المتحدة أداء أفضل حتى من الأداء الذي قدمه عندما سحق بنما بخمسة أهداف مقابل هدف وحيد في أورلاندو.
لقد ثبت أن النقطة التي حصلت عليها الولايات المتحدة من المسكيك في عقر دارها كانت مهمة للغاية عند مواجهة كوستاريكا في الجولة الأخيرة من التصفيات، فقد كانت هذه النقطة الثمينة تعني أنه يمكن للولايات المتحدة التأهل للمونديال مباشرة وتجنب المباراة الفاصلة أمام نيوزيلندا، حتى لو خسرت أمام كوستاريكا بفارق خمسة أهداف. ورغم هزيمة الولايات المتحدة أمام كوستاريكا بهدفين دون رد، جاء في الشوط الثاني بعد خطأ في التمركز خلال كرة ثابتة وخطأ آخر من حارس المرمى زاك ستيفن، فقد قدمت الولايات المتحدة عرضاً رائعاً، رغم الشعور في نهاية المباراة بخيبة أمل واضحة نتيجة الخسارة.
وفي المقابل، لعبت كندا، المتصدرة للمجموعة، بأريحية كبيرة بعد أن ضمنت التأهل. من المؤكد أن أحد العوامل التي ساعدت كندا على تحقيق هذه النتائج الإيجابية هو اللعب بطريقة تكتيكية غير معقدة تعتمد على الدفاع المحكم وشن الهجمات المرتدة السريعة. وعلاوة على ذلك، لم تكن هناك أي ضغوط على منتخب كندا، نظرا لأنه لم يتأهل من قبل سوى مرة واحدة فقط لكأس العالم، وكان ذلك في عام 1986 ولم يصل حتى إلى المراحل الأخيرة من التصفيات السابقة.
ومن الأمور التي يجب الإشارة إليها أيضا أن مستوى الولايات المتحدة يتطور بشكل ملحوظ للغاية تحت قيادة بيرهالتر. وتشير الأرقام والإحصاءات إلى أن بيرهالتر اعتمد على 88 لاعبا مختلفا خلال 50 مباراة قاد فيها المنتخب الأميركي. ومن بين هؤلاء اللاعبين، شارك 21 لاعبا في مباراة واحدة فقط. ويعني هذا أن هناك قاعدة كبيرة من اللاعبين المميزين يختار من بينهم بيرهالتر. وقد لعب جوليان غرين، الذي سجل آخر هدف للولايات المتحدة في كأس العالم في المباراة التي خسرتها الولايات المتحدة أمام بلجيكا في مونديال 2014 (17) مباراة في الدوري الألماني الممتاز هذا الموسم ولا يزال يبلغ من العمر 26 عاماً فقط، لكنه لم يلعب أي مباراة حتى الآن تحت قيادة بيرهالتر!
ويضم المنتخب الأميركي عددا كبيرا من اللاعبين الرائعين، مثل بوليسيتش، وسيرجينو ديست، وماكيني، وتايلر آدامز، وجيو رينا، ويونس موسى، وبريندن آرونسون، وتيم ويا، وهو ما يعني أن المدير الفني لديه لاعبون قادرون على التألق على أعلى المستويات، إذا كانوا في حالتهم البدنية والفنية الجيدة. ومع ذلك، هناك علامات استفهام بشأن مركزي حراسة المرمى والمهاجم الصريح، كما يتعين على خط الدفاع أن يتحسن لأنه سيواجه منتخبات أقوى كثيرا في كأس العالم بعد التحول من المستوى الإقليمي إلى المستوى العالمي. ويتعين على المنتخب الأميركي أن يخوض عددا من المباريات القوية أمام منتخبات رفيعة المستوى قبل انطلاق كأس العالم حتى يضع يده على نقاط الضعف ويعمل على إيجاد حلول لها.
لقد كان متوسط أعمار المنتخب الأميركي في كأس العالم 2014 يصل إلى 27.3 عام أما الآن، فإن أكبر لاعبين في قائمة الثمانية لاعبين الذين ذكرناهم سابقا، وهما بوليسيتش وماكيني، فسيكون عمر كل منهما 24 عاماً عند انطلاق كأس العالم في قطر، وهو ما يعني أن هؤلاء النجوم لم يصلوا إلى أفضل مستوياتهم بعد.
وكان أبرز لاعب في تلك المواجهة التي فازت فيها الولايات المتحدة على بنما في فلوريدا، والتي حسمت التأهل للمونديال تقريباً، هو بوليسيتش، الذي سجل أول ثلاثية (هاتريك) له مع منتخب بلاده. لم يكن التألق بالنسبة لبوليسيتش في هذه المباراة يعني إحراز الأهداف فقط، لكنه كان يعني أيضا القدرة على القيادة وتحمل المسؤولية وأن يكون قدوة لباقي اللاعبين، خاصة أنه أصبح قائد الفريق في الوقت الحالي. والآن، دعونا لكى نرى إلى أي مدى يمكن أن تذهب هذه المجموعة المميزة من اللاعبين!



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».