إدارة بايدن والأمم المتحدة للجم التدهور في الأراضي الفلسطينية

واشنطن «قلقة للغاية» وتطالب بـ«الحفاظ على الوضع الراهن» في الأقصى

فلسطيني بجوار إطارات محترقة وصناديق قمامة أقيمت كحواجز على الطرق خلال مواجهات احتجاجية للمستوطنين (أ.ف.ب)
فلسطيني بجوار إطارات محترقة وصناديق قمامة أقيمت كحواجز على الطرق خلال مواجهات احتجاجية للمستوطنين (أ.ف.ب)
TT

إدارة بايدن والأمم المتحدة للجم التدهور في الأراضي الفلسطينية

فلسطيني بجوار إطارات محترقة وصناديق قمامة أقيمت كحواجز على الطرق خلال مواجهات احتجاجية للمستوطنين (أ.ف.ب)
فلسطيني بجوار إطارات محترقة وصناديق قمامة أقيمت كحواجز على الطرق خلال مواجهات احتجاجية للمستوطنين (أ.ف.ب)

حاول مسؤولون كبار في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وكذلك في الأمم المتحدة، لجم التدهور الحاصل في الأراضي الفلسطينية المحتلة بتكثيف المطالبة بالحفاظ على «الوضع التاريخي الراهن» في مدينة القدس، بما في ذلك عبر وقف «الاستفزازات» الإسرائيلية في حرم المسجد الأقصى.
وتجلت هذه المحاولات في اتصالات رفيعة المستوى، أجراها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، بهدف دفع الجهود للعودة إلى التهدئة، بالإضافة إلى اتصالات أخرى أجراها المسؤولون الأميركيون الكبار مع كثير من المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين، وكذلك مع المسؤولين العرب، للتعبير عن «القلق البالغ» من التطورات الحالية. وكذلك ظهرت في اجتماع مغلق عقده مجلس الأمن، بطلب من الصين وفرنسا وآيرلندا والنرويج والإمارات العربية المتحدة، لمناقشة سبل إعادة الهدوء خلال فترة الأعياد.
وعقد أعضاء مجلس الأمن، أمس، جلسة المشاورات المغلقة ضمن بند «الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك المسألة الفلسطينية». واستمع أعضاء المجلس إلى إحاطة من المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينيسلاند، حول التطورات الأخيرة؛ خصوصاً الوضع الأمني في القدس، في ضوء الاستفزازات الإسرائيلية الأخيرة في المسجد الأقصى وحوله. وقدم المبعوث الدولي عرضاً تقنياً حول الأوضاع التي شهدت تردياً منذ صباح 15 أبريل (نيسان) الماضي عندما وقعت اشتباكات بين الفلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية التي اقتحمت حرم المسجد الأقصى. وما تلا ذلك من استخدام المصلين الفلسطينيين الحجارة لرشق القوات الإسرائيلية. وأفاد أن ما لا يقل عن 152 فلسطينياً أصيبوا في الاشتباكات.
وأشار إلى إطلاق صاروخ، الاثنين الماضي، من قطاع غزة في اتجاه إسرائيل للمرة الأولى منذ 4 أشهر، مضيفاً أن إسرائيل أعلنت أنها اعترضته بواسطة نظام «القبة الحديدية» للدفاع الصاروخي.
وذكر أعضاء مجلس الأمن أنه بموجب اتفاق جرى التوصل إليه بعد حرب الأيام الستة عام 1967 يُسمح للمسلمين فقط بالصلاة في الحرم الشريف، الذي تدعي بعض الجماعات الإسرائيلية أنه موقع جبل الهيكل أيضاً.
وعبّر ممثلو كثير من الدول عن قلقهم من تصعيد محتمل خلال الشهر الحالي، عندما تتداخل الأعياد الإسلامية واليهودية والمسيحية. وكرر المندوب الإماراتي موقف أبوظبي، التي نددت بـ«اقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى المبارك، ما أدى إلى إصابة عدد من المدنيين»، مطالباً السلطات الإسرائيلية «باحترام حق الفلسطينيين في ممارسة شعائرهم الدينية، ووقف أي ممارسات تنتهك حرمة المسجد الأقصى المبارك». وقال المندوب الصيني إن «التصعيد الأخير، هو تذكير بأهمية عدم تهميش القضية الفلسطينية»، داعياً المجتمع الدولي إلى «مواجهة جوهر القضية الفلسطينية، وتسهيل استئناف محادثات السلام على أساس حل الدولتين».
ومن نيويورك، أجرى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اتصالاً هاتفياً مع الملك عبد الله الثاني بن الحسين، للبحث في آخر المستجدات المتعلقة بالقدس. وأعلن الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن العاهل الأردني وغوتيريش ناقشا تطورات عملية السلام في الشرق الأوسط بما في ذلك الأوضاع في القدس. وجدد الأمين العام «دعوته إلى الهدوء والحفاظ على الوضع الراهن في الأماكن المقدسة في القدس واحترامه»، مضيفاً أنه «من الضروري إعادة الأمل للشعب الفلسطيني، الأمر الذي يتطلب مشاركة المجتمع الدولي لاستئناف عملية السلام دعماً لحل الدولتين».
وكان الأمين العام قد تحادث أيضاً، مع رئيس مجلس الوزراء الكويتي، الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، حول «كيفية حشد دعم أكبر من دول الخليج لوكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى، الأونروا»، بالإضافة إلى الأوضاع في القدس. وشدد غوتيريش على أهمية «تجنب أي استفزاز بأي ثمن». وقال دوجاريك إن «عمليات الهدم في منطقة الحرم الشريف يجب أن تتوقف»، مكرراً دعوته إلى احترام الوضع الراهن للأماكن المقدسة في القدس.
في واشنطن، أفاد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، أن بلينكن تحادث مع نائب رئيس الوزراء الأردني وزير الخارجية أيمن الصفدي في شأن «التوترات المتزايدة وأعمال العنف الأخيرة في إسرائيل والضفة الغربية، بما في ذلك في الحرم الشريف وجبل الهيكل في القدس». وأضاف أنهما ناقشا «أهمية أن يعمل الإسرائيليون والفلسطينيون على إنهاء دوامة العنف، بالامتناع عن الأعمال والخطابات التي تزيد من تصعيد التوترات». وشدد كبير الدبلوماسيين الأميركيين، على «أهمية الحفاظ على الوضع التاريخي الراهن في الحرم الشريف وجبل الهيكل»، معبراً عن «تقديره لدور المملكة الأردنية الهاشمية كوصية على الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس». وجدد بلينكن «التزام الولايات المتحدة بالاستقرار في المنطقة ودعم حل الدولتين للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني».
وكان برايس قال أيضاً: «نحن قلقون للغاية إزاء أعمال العنف الأخيرة في القدس، في الحرم الشريف وجبل الهيكل، وعبر الضفة الغربية»، داعياً «كل الأطراف إلى ممارسة ضبط النفس، وتجنب الأعمال والخطابات الاستفزازية، والحفاظ على الوضع التاريخي الراهن في الحرم الشريف وجبل الهيكل». وأكد أن إدارة الرئيس جو بايدن «تراقب الوضع عن كثب، وتستمر في الاتصال الوثيق مع كبار المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين للسعي إلى تهدئة التوترات». وأوضح أن «عدداً من كبار المسؤولين في وزارة الخارجية وسفراءنا في عواصم الشرق الأوسط، يشاركون في سلسلة من المحادثات الهاتفية، بما في ذلك على مستويات عالية للغاية (...)، ومع شركائنا الإسرائيليين، ومع نظرائنا الفلسطينيين، ومع ممثلين عرب آخرين في المنطقة، بينهم شركاؤنا الأردنيون (...) في محاولة للتأكد من عدم تصعيد هذه التوترات».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.