«الحركة الإسلامية» تهدد بالتحالف مع نتنياهو إن سقط «الائتلاف»

منصور عباس ونفتالي بنيت ويائير لبيد عند الإعلان عن الائتلاف الحكومي بإسرائيل في يونيو الماضي (رويترز)
منصور عباس ونفتالي بنيت ويائير لبيد عند الإعلان عن الائتلاف الحكومي بإسرائيل في يونيو الماضي (رويترز)
TT

«الحركة الإسلامية» تهدد بالتحالف مع نتنياهو إن سقط «الائتلاف»

منصور عباس ونفتالي بنيت ويائير لبيد عند الإعلان عن الائتلاف الحكومي بإسرائيل في يونيو الماضي (رويترز)
منصور عباس ونفتالي بنيت ويائير لبيد عند الإعلان عن الائتلاف الحكومي بإسرائيل في يونيو الماضي (رويترز)

في أعقاب قرار «القائمة العربية الموحدة للحركة الإسلامية»، بقيادة النائب منصور عباس، تجميد العضوية في الائتلاف الحكومي وفي الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، والإعلان أن هذا التجميد قد يتحول إلى انسحاب كامل في حال استمرت الحكومة في سياساتها القمعية للفلسطينيين في القدس عموماً وفي المسجد الأقصى بشكل خاص، هدد الدكتور إياد عمار، أحد قيادات هذه الحركة، بالاستبدال بحكومة نفتالي بنيت والتفاوض مع المعارضة برئاسة بنيامين نتنياهو.
وقال عمار، في مقابلة مع «إذاعة الجيش الإسرائيلي»، أمس الاثنين، إن حكومات نتنياهو «لم تسمح لأي إسرائيلي بإدخال القرابين إلى المسجد الأقصى المبارك، ومنعت عضو الكنيست المتطرف إيتمار بن غفير من القيام ببعض الاستفزازات. ولذلك ففي حال سقوط الحكومة، فإن (الحركة الإسلامية الجنوبية) ستدرس هذه الفروقات بين حكومة نتنياهو وحكومة بنيت، وتتخذ قراراتها».
وكانت «الحركة الإسلامية الجنوبية» قد شهدت خلافات داخلية حادة وعلنية بسبب بقائها في الائتلاف، بعد الهجمة الإسرائيلية العنيفة على المصلين المرابطين في الأقصى، واعتقال نحو 500 شخص منهم، وبينهم جمهور غفير من نشطاء الحركة الإسلامية. وقد عقد مجلس الشورى فيها جلسة طارئة، مساء الأحد، وارتفعت فيه مطالبة واسعة بالانسحاب من الائتلاف. وفي أعقاب نقاشات حادة، قرر المجلس «تعليق عضوية (القائمة العربية الموحدة) في الائتلاف الحكومي وفي الكنيست، والشروع في محادثات مع الأحزاب العربية لاتخاذ قرارات موحدة احتجاجاً على هذا العدوان».
وقالت «القائمة الموحدة»، في بيان حول الموضوع: «على ضوء مواصلة الاحتلال عدوانه على القدس والأقصى المبارك، ولأن السيل قد بلغ الزبى، وبعد تداول جميع الأحداث في مجلس الشورى القطري للحركة الإسلامية، ومناقشة المعطيات في ميزان مصلحة مجتمعنا العربي قاطبة ارتأت (الحركة الإسلامية) و(القائمة العربية الموحدة)، أن المسار السياسي الحالي لا يمكن أن يستمر كما هو، ووفقاً لذلك فقد تقرر ما يلي: أولاً: هدف دخول (القائمة العربية الموحدة) الائتلاف الحكومي كان تحقيق مصالح مجتمعنا العربي والبحث عن حلول لقضاياه الحارقة والعديدة، وتعزيز قوة وشرعية التمثيل العربي في الساحة السياسية في البلاد، ورغم الإنجازات الواضحة في هذه القضايا؛ إلا إنها لا تستطيع السكوت عن ممارسات الاحتلال ومواصلة الاعتداء على أقدس مقدساتنا ومسرى نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام المسجد الأقصى المبارك».
وتابع البيان: «من هذه اللحظة، يعلق نواب (القائمة العربية الموحدة) عضويتهم، ليس فقط في الائتلاف الحكومي؛ وإنما أيضاً عضويتهم في الكنيست، وهم مطالبون بعدم الحضور إلى الكنيست... وثالثاً: ترى (الموحدة) أن ملف القدس والأقصى يجب أن يكون خارج نطاق المكاسب السياسية، حيث إنه راسخ ومنغرس في قلب انتماء كل عربي ومسلم في هذه البلاد.
وإذ ذاك؛ فإننا ننادي نواب (المشتركة) أن يحذوا حذو (الموحدة) في مثل هذه القرارات، بحيث تجمد الأحزاب عمل نوابها. ورابعاً: في حال استمرت الحكومة بخطواتها التعسفية بحق القدس وأهلها، والأقصى ومصليه ومعتكفيه في هذا الشهر الفضيل، فإننا سنقدم استقالة جماعية، ونطالب الأحزاب جميعها بالتعاون مع هذا القرار ودعمه».
لكن هذه القرارات جوبهت باستخفاف في الشارع السياسي العربي في إسرائيل، خصوصاً بعد أن كشفت مصادر سياسية عبرية عن أن فكرة التجميد هذه طبخت خلال اتصالات رئيس «القائمة» منصور عباس مع رئيس الوزراء نفتالي بنيت، ووزير الخارجية يائير لبيد. وقالت إن عباس نقل إلى الائتلاف الحكومي رسالة اطمئنان، قال فيها إن قرار تجميد العضوية يهدف إلى إرضاء الشارع العربي بعد الانتقادات التي وجهت إلى حزبه. وأوضحت المصادر أن «الإسلامية» قد لا تهدد الائتلاف، لكن قرارها يمكن أن يشجع عضو كنيست آخر من الكتلة اليمينية في الائتلاف على الانسحاب والانضمام إلى المعارضة، كما فعلت النائبة عيديت سيلمان من كتلة «يمينا».
ورفضت «القائمة المشتركة» للأحزاب العربية المعارضة، قرار التجميد، وعدّته «من مسرحيات منصور البهلوانية». وقالت في تصريحات على لسان قادتها: «شيء مبك مضحك، بل مُخجل. يعلقون عضويتهم في عطلة الربيع التي ستستمر 3 أسابيع من اليوم، وبعد انتهاء العطلة يضعون التعليق جانباً كي يواصلوا دعم الحكومة الملطخة أيديها بدماء الشباب الفلسطيني واقتحامات المسجد الأقصى وسن القوانين ضد شعبنا وبالتنسيق مع بنيت ولبيد».
وأضافت: «هم عملياً وفعلياً وواقعياً داعمون لهذه الحكومة، وهم آخر من يعظ (المشتركة) التي ستبقى شوكة في حلق كل الحكومات اليمينة والعنصرية وعلى رأسها حكومة بنيت». وخرج عدد من قادة «الحركة الإسلامية» بتصريحات معارضة حتى بعد قرار مجلس الشورى، فقال الشيخ إبراهيم صرصور، الرئيس الأسبق لـ«القائمة الموحدة»: «يجب اتخاذ موقف حازم وصارم بالانسحاب الفوري من الائتلاف الحكومي والكف عن المناورات».
وأصدر حزب «الليكود» المعارض برئاسة نتنياهو بياناً جاء فيه: «هناك أعضاء كنيست في الائتلاف غير مستعدين لمواصلة تعليق أمن إسرائيل بقرارات مجلس شورى الإخوان المسلمين. فعندما لا يستطيع اليهود المشي بأمان في قلب القدس في عيد الفصح، بينما يمكن تشكيل حكومة يمينية قوية على الفور، فإن هناك أعضاء كنيست في الائتلاف الذين انتخبوا بأصوات اليمين يفهمون أن هذه الحكومة قد أنهت طريقها، وأن محاولة بنيت ولبيد التمسك بمقاعدهما محاولة بائسة». وأضاف أن «سقوط الحكومة ليس سوى مسألة وقت، ويجب تشكيل حكومة يمينية قوية على الفور تعيد الهدوء والأمن لمواطني إسرائيل».
وعدّ رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، إيهود أولمرت، ما يجري في الأقصى «عملية عربدة من جهات عدة؛ في مقدمتها المستوطنون اليهود المتطرفون الذين يحاولون استفزاز الفلسطينيين وقهرهم بلا سبب وجيه. هؤلاء يجب منعهم من الصعود إلى باحة الحرم. وينبغي ألا يدخل يهود بتاتاً على الأقل في شهر رمضان وغيره من المواعيد والأعياد الإسلامية».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.