طارق لطفي: الفهم الكامل لشخصياتي يساعدني على الإتقان

قال إن تقمص دوره في «جزيرة غمام» أرهق صوته

مي عز الدين وطارق لطفي في مشهد من مسلسل «جزيرة غمام»
مي عز الدين وطارق لطفي في مشهد من مسلسل «جزيرة غمام»
TT

طارق لطفي: الفهم الكامل لشخصياتي يساعدني على الإتقان

مي عز الدين وطارق لطفي في مشهد من مسلسل «جزيرة غمام»
مي عز الدين وطارق لطفي في مشهد من مسلسل «جزيرة غمام»

قال الفنان المصري طارق لطفي، إن مسلسل «جزيرة غمام» الذي يجري عرضه حالياً ضمن موسم رمضان، قد استحوذ عليه منذ أن سمع فكرته من صديقه المؤلف عبد الرحيم كمال، مشيراً إلى أن شخصية «خلدون» التي يجسدها، هي نموذج للشر الذي سيبقى ما بقيت الحياة، مشيداً بعبقرية الفكرة التي قد تحدث في أي زمان ومكان، وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إنه أجّل مشروعاً آخر من أجل عرض هذا العمل في رمضان.
وأثار لطفي اهتمام الجمهور والنقاد بأدائه شخصية «خلدون» الذي يقلب واقع الجزيرة الهادئة، معبراً بنظرته ونبرة صوته عن نواياه التي تهدف في كل خطوة إلى التخريب وإشعال النار في البشر قبل المكان، متحدثاً اللهجة الصعيدية لأول مرة في المسلسل الذي شهد مباراة في الأداء بين أبطاله... وإلى نص الحوار:
> هل تحمست لمسلسل «جزيرة غمام» ثقة في مؤلفه بعد تقديمك «القاهرة كابول» العام الماضي؟
- تحمست للفكرة التي يطرحها عبد الرحيم كمال، وهو كاتب مهم جداً وصديق، وقد روى لي شفهياً الفكرة كما لو كانت حدوتة، وقلت له سأقدم هذا المسلسل، وهذه الشخصية، وقد استهوتني أشياء كثيرة بها لأنها رمز لكل الشرور الموجودة في الدنيا، كان عبد الرحيم يكتب عملاً آخر، وكان لدي أنا أيضاً مشروع آخر، فقررنا أن نقدم «جزيرة غمام» هذا العام، وأجّل كل منا مشروعه الآخر.
> ماذا كان مفتاحك للدخول إلى شخصية «خلدون»؟ وما هو الأصعب فيها؟
- الفهم هو مفتاحي للتعامل مع أي شخصية أجسدها، هذا الفهم الذي يجعلني أبني تاريخاً لها، أتصور طفولة «خلدون» التي أوصلته لهذه الدرجة، وكيف يتصرف في المواقف المختلفة، لا أتعامل معه ظاهرياً فقط، بل لا بد أن يكون لدي تصور كامل عنه، أما التعامل مع الشخصية فكان من أصعب الأمور بالنسبة لي، واستغرق وقتاً ومجهوداً لاختيار الشكل الذي تكون عليه، وظللنا نجرب أنا والمخرج حسين المنباوي حتى وصلنا لهذه الصيغة النهائية، وكان اختيار طبقة صوته مسألة مهمة لإبراز سمات الشخصية، وحرصت على تطويع صوتي ليكون مناسباً لها، وهذا يمثل إجهاداً حتى أنني تعرضت للإصابة بشرخ في الأحبال الصوتية أثناء التصوير.
> كيف رأيت إدارة المخرج للممثلين، خصوصاً أن هناك مباراة قوية في الأداء بين أبطاله؟
- حسين المنباوي مخرج يحب الممثل ويؤمن بأنه من الأدوات الأساسية لتوصيل الفكرة، أحياناً يجد ممثلاً يقول جملة جيدة، فيغير من كادراته، لكي يبرز أداء الممثل، وقال لي أثناء التصوير: لقد غيرتم مفاهيمي للعمل، لن أعمل بعد ذلك إلا مع ممثلين حقيقيين.
> لِمَ تم إطلاق اسم «خلدون» على الشخصية الشريرة التي تجسدها بالعمل؟
- اسم «خلدون» يعكس شخصيته، وقد أدهشتني وفتنت بها، ويعني أنه سيظل خالداً وموجوداً في كل مكان وزمان ضمن مستويات عديدة، وهو رمز لأشياء كثيرة وسيظل باقياً؛ لأن فكرة الشر لن تموت من عالمنا، لكنني مقتنع تماماً أنه لا يوجد شخص طيب أو شرير بشكل مطلق، الطيب به جزء شرير والعكس صحيح أيضاً، خلدون لديه هدف يجعله يدخل للناس بنعومة، وحينما يصل إلى هدفه يظهر وجهاً ثانياً وثالثاً.
> رغم أن أحداث المسلسل تدور قبل مائة عام من الآن، لكنها تعكس واقعاً معاصراً، كيف تفسر ذلك؟
- هذه هي عبقرية الفكرة التي يطرحها المؤلف؛ ما يجعلها قابلة الحدوث في أي وقت ومكان، وهناك مشهد في الحلقة الأولى لعجوز الجزيرة توصي «خلدون» قائلة «أول حاجة طاطي، تاني حاجة أخربها، تالت حاجة اركبها وأمسكها من قرونها» هذه روشتة لخراب بلد، وهذا المشهد ربما مر سريعاً على بعض المشاهدين، لكنه مشهد خطير لكيفية تخريب بلد والسيطرة عليه، وقد حدث من قبل ويحدث الآن في بلاد مختلفة، وقابل للتكرار في المستقبل، كما أن النص يتضمن صوفية وشاعرية ورمزية ورومانسية، والمؤلف لم يطرح فكرته بوجهة نظر واحدة بل برؤية ثلاثة أنماط مختلفة، هي المتشدد والمتساهل والمتصوف.
> لكن البعض يرى أن الحلقات الأولى اتسمت ببطء الإيقاع؟
- هذا تسرع في الحكم على العمل، وفي الدراما ينقسم العمل إلى بداية ووسط ونهاية، في بداية الحلقات كان لا بد أن نفهم الحكاية ونرى أغلب الشخصيات، وهو تمهيد ضروري للمتلقي، وبدءا من الحلقة الثامنة انطلقت الحكاية بشكل متسارع، لدرجة أنه كان يمكن تقديم الحلقة الواحدة منها في ثلاث حلقات، وكنا نطلب من المؤلف أن يقلل من كم الأحداث المتسارعة في حلقات تالية.
> وكيف كانت ردود الأفعال التي تلقيتها؟
- أصابتني دهشة كبيرة إلى حد أنني أعدت مشاهدة بعض الحلقات، وسألت نفسي ما الشيء المختلف الذي عملته حتى يكون رد الفعل مدهشاً على هذا النحو، صحيح أجتهد في كل أدواري، لكن في هذا العمل انتابتني حالة من الفرحة والدهشة والقلق والرعب، أنا ممثل أحب عملي وأدرك قيمته وتأثيره، ولكن بالتأكيد عناصر العمل تحدد نجاحه في ظل مؤلف مثل عبد الرحيم كمال يذهلنا بحواره، ففي أحد المشاهد يقول «فرحة الفقير في بكاه»، وهي جملة ذات مغزى عميق، بجانب مخرج متميز مثل حسين المنباوي، ومدير التصوير إسلام عبد السميع الذي أبدع كادرات كلوحات تشكيلية، ومهندس الديكور أحمد عباس الذي كانت بصمته واضحه على كل تفصيلة، وكتيبة كبيرة من الممثلين الرائعين، وشركة إنتاج لم تبخل بأي شيء حتى أننا بنينا الديكور مرتين، مرة على البحر، ومرة أخرى بمدينة الإنتاج الإعلامي؛ لذا لا يصح أن ندعي أن الجمهور في رمضان يفضل الكوميديا أو الأكشن أو الأعمال الخفيفة، بعد أن اجتمع من قبل حول «القاهرة كابول» والآن مع «جزيرة غمام».



باسكال صقر لـ«الشرق الأوسط»: أهتم بشؤون المواطن أكثر من الفن

تكتفي صقر بريبرتوارها الغنائي القديم (حسابها على إنستغرام)
تكتفي صقر بريبرتوارها الغنائي القديم (حسابها على إنستغرام)
TT

باسكال صقر لـ«الشرق الأوسط»: أهتم بشؤون المواطن أكثر من الفن

تكتفي صقر بريبرتوارها الغنائي القديم (حسابها على إنستغرام)
تكتفي صقر بريبرتوارها الغنائي القديم (حسابها على إنستغرام)

تشكّل الفنانة باسكال صقر امتداداً لزمن الفن الجميل، حيث تربّت على صوتها أجيال من اللبنانيين. وإذا ما استطلعت آراء جمهورها المتفاوت الأعمار، لا بد أن يذكر لك واحدة من أغانيها المشهورة بسرعة. فأعمالها لا تزال تتردد حتى اليوم بالرغم من مرور عقود عليها. ومن بينها «صبّوا فوقك النار» و«يا سارق مكاتيبي» و«اشتقنالك يا بيروت» و«وعدوني ونطروني» وغيرها.

أخيراً أطلّت باسكال صقر في مهرجانات بلدة بدادون. غنّت وتفاعل معها الجمهور بحيث لم يتوقف عن التصفيق والهتاف باسمها. أدّت أجمل أغانيها فاستمتع الحضور بسماع أغاني عالبال. ولكن لماذا هذا الغياب الطويل عن الساحة؟ ترد لـ«الشرق الأوسط»: «لست غائبة إلى هذا الحدّ كوني أحيي المهرجانات في عدد من البلدات والمناطق اللبنانية. فالصيف الماضي كان زاخراً بحفلات من هذا النوع. وقدمتها في جبيل وفالوغا والعربانية. وكذلك في الأشرفية بمناسبة عيد الميلاد».

شكّلت باسكال صقر مع الراحل إلياس الرحباني ثنائياً ناجحاً (حسابها على فيسبوك)

وبالنسبة لإصدارها أغاني جديدة فهي تؤكّد أن الأعمال الفنية القديمة عامة تبقى الأجمل. وتستطرد: «منذ سنتين أصدرت أغنية بعنوان (بحبّك ومنّك خايفة) ليحيى الحسن. ولاقت تفاعلاً من قبل الناس. ولكني لم أستطع الترويج لها عبر الإذاعات وشاشات التلفزة. فالأمر يتطلّب ميزانية مادية كبيرة وهو أمر لا يناسبني».

تقول إنها عندما تنظر إلى الساحة الفنية اليوم لا تكترث كثيراً. فالأهم بالنسبة لها هو المواطن اللبناني وتأمين جميع حقوقه. وتضيف: «ماذا ينفع الفن إذا لم يقابل باهتمام اللبنانيين على اختلاف أطيافهم. وفي ظل معاناة المواطن في بلدنا أعتبره الحلقة الأهم التي يجب أن نوليها الاهتمام. فعندما يشعر بالطمأنينة وينال جميع حقوقه، حينها يمكنني أن أقدم الفن على غيره ويصبح أولوية عندي».

تهتم اليوم بحقوق المواطن أكثر من الساحة الفنية (حسابها على إنستغرام)

تعترف بأن زمن الفن اليوم تبدّل تماماً، وبأنه ما عاد يشبه الماضي. «صار المال هو الذي يتحكّم بالمغني. وعليه أن يتكبّد مصاريف كبيرة كي يتم إذاعة أغنية له. فعملية إنتاج الأغاني لم تعد بالأمر السهل. كما أن شركات لبنانية كثيرة أقفلت أبوابها منذ سنين طويلة. وكانت فيما مضى تشكّل نافذة مهمة للفنان. ومن بينها (ريلاكس إن) و(صوت بيروت) و(رحبانيا) و(موزار شاهين). فكانت تلك الشركات تهتم بالإنتاجات اللبنانية وتروّج لها. فالمشهد اليوم تغيّر، وهناك شركات محددة عربية تتبنى أسماء فنانين معينين».

سبق وتعاونت صقر مع أهم الملحنين اللبنانيين. ومن بينهم الراحلان ملحم بركات وإيلي شويري. وشكّلت ثنائياً مشهوراً مع الموسيقار الراحل إلياس الرحباني. وتعلّق: «آخر الأغاني التي تعاونت فيها مع الراحل ملحم بركات هي (بتشكيلي ع مين). وكذلك واحدة من ألحان الراحل إلياس الرحباني (من عمري راح سنين). ولكنها برأيي لا يمكن غناؤها في المهرجانات. تتطلّب الزمان والمكان المناسبين لتقديمها على المستوى المطلوب. وهناك أيضاً ما يستلزم الإصغاء مثل قصيدة (يا حبيبي). وفي ظل الرائج اليوم، ترتكز الأغنيات على الهيصة والإيقاع السريع. بالنسبة ليّ، أكتفي بما عندي. فالناس تعرفني عن ظهر قلب وتحب أسلوبي الغنائي كما هو. ولن أحاول تغيير هويتي الفنية من أجل الالتحاق بـ(ترندات) اليوم».

وهل أنت مراهنة على الزمن الجميل لاستمراريتك؟ تردّ: «هذا زمن له محبّوه من شرائح لبنانية كثيرة. وهناك جيل لا يستهان به من الشباب يرتبط به ارتباطاً وثيقاً. فلماذا لا نجعله حاضراً بشكل دائم ونحافظ على مكانته؟ تتشارك باسكال صقر بين وقت وآخر في تقديم حفلات غنائية مع الفنانين عبدو منذر و«بيتي برنس». وهما ينتميان إلى جيل الفن الأصيل. وتعلّق: «نشكل معاً ثلاثياً منسجماً بأفكاره وأسلوبه الفني. وعندما نوجد سوياً على المسرح يتفاعل الناس مع أغانينا بشكل لافت. لا أنكر نجاح باقة من أغاني اليوم الجميلة. ولكن أغانينا على المسرح تلاقي شعبية كبيرة أيضاً».

لا تنشط باسكال صقر عبر وسائل التواصل الاجتماعي. واختارت «فيسبوك» للتواصل من خلاله مع الناس. «صحيح أني لا أقوم بمجهود كبير على السوشيال ميديا، ولكن اللبنانيين يعرفون أغانيّ ويحبونها. فهناك مطربون وفنانون عمالقة لا يزالون عالبال بالرغم من غيابهم عن هذه الوسائل. فالفنان المبدع يطبع الذاكرة ولا يحتاج إلى شاشة ومنصة إلكترونية كي يستمر».

تؤكد صقر أن الفن الحقيقي لا يمكن مقارنته بأي آخر «عندما نغني بصدق ونحترم المستمع لا بد للأغاني أن تبقى وتستمر. لا أتحدّث هنا عن الأغنية الرومانسية فقط. فالأمر يطال أيضاً تلك الوطنية، والتي قسم كبير منها لا يزال راسخاً في الذاكرة».

تشير إلى أنها محاطة بحب كبير من الناس، فهم لا يزالون يبحثون عنها وينتظرون حفلاتها. «لا ألحق بأحد كي أطل في الحفلات، ولا أدق الأبواب للتأكيد على مكانتي. وإذا ما طلبت إلى مهرجان أو حفل، فهو بسبب اسمي المرتبط بتاريخ لبنان الفني».

وعن تأثرها بغياب الملحنين الكبار تقول: «يا ليت هؤلاء لا يرحلون ويبقون بيننا مع أن أعمالهم لا تزال تنبض باسمهم. أعدّهم كنزاً لا يفنى. وهم خالدون بأعمالهم الفنية».

«الفنان المبدع يطبع الذاكرة ولا يحتاج إلى شاشة ومنصة إلكترونية كي يستمر»

باسكال صقر

وعندما نلفت نظرها إلى فنانين لبنانيين عرفوا كيف يعملون لاستمراريتهم من خلال أعمال حديثة كراغب علامة ونوال الزغبي ترد: «هذان الاسمان لطالما واكبا كل جديد. كما أن أسلوب غنائهما يسمح لهما بذلك. ومن هم أمثالي يحضرون أيضاً على الساحة وأسماؤهم محفورة بذاكرة الناس».

وعمّن يلفتها من الفنانين اليوم ترد بصراحة: «لا أتابع مجريات الساحة، ولكن من دون شك هناك مواهب جيدة تشق طريقها. إنه لأمر ممتاز أن نلاحظ عطاءات لبنان في هذا المجال. فأن يولّد المواهب أفضل من توليد الحروب. فيزودوننا بأمل الغد وينثرون الأجواء الإيجابية في لبنان. على أمل أن تتحرك الدولة اللبنانية وتدعم الفن الحقيقي، فتصبح إطلالتنا على وسائل الإعلام من غير مقابل مادي ندفعه لها. وذلك أسوة ببلدان أجنبية لا تزال تخصص لمطربيها القدامى المساحة اللازمة في عالم الإعلام الحديث».