تونس تفتح تحقيقاً ضد برلمانيين بتهمة «الإساءة لهيئة الدولة»

جانب من مظاهرات التونسيين وسط العاصمة للمطالبة بعودة البرلمان (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات التونسيين وسط العاصمة للمطالبة بعودة البرلمان (أ.ف.ب)
TT

تونس تفتح تحقيقاً ضد برلمانيين بتهمة «الإساءة لهيئة الدولة»

جانب من مظاهرات التونسيين وسط العاصمة للمطالبة بعودة البرلمان (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات التونسيين وسط العاصمة للمطالبة بعودة البرلمان (أ.ف.ب)

فتحت النيابة العامة في تونس، أمس، تحقيقاً فيما يُعرف بقضية التآمر على أمن الدولة، ضد نواب شاركوا في جلسة افتراضية للبرلمان المنحل.
وقال بيان صدر عن المحكمة الابتدائية بالعاصمة، أمس، إن عميد قضاة التحقيق يتولى البحث في القضية، بعد تحقيقات أمنية بدأتها فرقة مكافحة الإرهاب بثكنة بوشوشة عبر الاستماع للنواب المشمولين في القضية، ومن بينهم رئيس البرلمان راشد الغنوشي.
ووفق البيان، فإن النيابة العامة تحقق في القضية المذكورة من أجل «تكوين والانخراط والمشاركة في وفاق، بقصد الاعتداء على الأشخاص والأملاك، والاعتداء المقصود منه الإساءة لهيئة الدولة وإثارة الهرج».
وسبق أن استمعت الوحدة المركزية لمكافحة الإرهاب في قضية التآمر على أمن الدولة إلى ستة نواب، من بينهم راشد الغنّوشي رئيس البرلمان المنحل بتهمة «محاولة الانقلاب»، لكن أجّلت النظر في القضية إلى وقت لاحق، بعد أن اكتشفت المحكمة أن عدداً من النواب يحملون صفة محام، وهو ما يتطلب إجراءات قضائية إضافية عند محاكمتهم، من بينها إعلام عمادة المحامين.
وكان البرلمان قد نظم جلسة عامة افتراضية بمشاركة 121 نائباً، من بين 217 نائباً، في الثلاثين من مارس (آذار) الماضي، وصوّت على قرار لإلغاء التدابير الاستثنائية، التي أعلنها الرئيس قيس سعيّد في 25 من يوليو (تموز) الماضي، ومن بينها تجميد أعمال البرلمان. وعلى إثر ذلك، رد الرئيس بعد ساعات بإصدار قرار بحل البرلمان إثر اجتماع طارئ لأعضاء مجلس الأمن القومي، واتهم النواب بالتآمر على أمن الدولة، والتدبير لمحاولة انقلابية فاشلة.
من جهة ثانية، عقدت مجموعة من المنظمات والأحزاب، الداعمة قرارات الرئيس سعيّد، لقاءات في إطار الاستعداد للحوار الوطني، وتحديد شكله ومساره، وكذا بلورة مجموعة من المقترحات المتعلقة بالنظام السياسي والوضع الاقتصادي والاجتماعي، وإبداء الرأي حول المسار الإصلاحي لمنظومة 25 يوليو.
وتعتقد الأطراف المؤيدة المسار الإصلاحي، وعلى رأسها حركة الشعب وحزب التيار الشعبي وحزب البعث (أحزاب قومية)، أن الوقت حان للانطلاق في الحوار، وذلك تماشياً مع الروزنامة المتعلقة بالاستفتاء الشعبي وبالانتخابات البرلمانية المقبلة. كما يستعد «اتحاد الشغل»، الطرف الاجتماعي القوي في المباحثات، لهذا الحوار رغم أنه يرفض اعتبار مخرجات الاستشارة الإلكترونية التي عرضها سعيّد على التونسيين، معوضة للحوار.
ولئن أعلن الرئيس سعيّد خلال مناسبات عدة، أن الحوار الوطني انطلق بالفعل، إثر استقباله قيادات الرباعي الذي رعى الحوار الوطني لسنة 2013، فإن رؤساء بعض الأحزاب والمنظمات يخامرهم شك في هذا الحوار، ومن بينهم نور الدين الطبوبي، رئيس اتحاد الشغل، الذي صرح بأن الحوار «لا يمكن أن يتم بشروط أو بنتائج مسبقة، أو فقط باعتماد نتائج الاستشارة الإلكترونية التي اقترحها الرئيس.
في السياق ذاته، قال جمال مسلم، رئيس «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان»، إن الحوار «لم ينطلق في غياب إطار محدد له، وعدم وجود هيكلة ولجنة إشراف، ومن الجدي أن يكون الإقصاء من المشاركة في الحوار مبنياً على أحكام قضائية».
ويرى مراقبون، أن الأحزاب الداعمة خيارات الرئيس سعيّد السياسية ارتكزت على تصريحات الرئيس، الذي أكد أن الحوار الوطني سيستثني من اعتبرهم «انقلابيين». في إشارة إلى حركة النهضة ومؤيديها، وكذلك الأطراف التي استولت، حسبه، على مقدرات البلاد؛ وهو ما يعني أنهم غير معنيين بـ«الإقصاء السياسي»؛ وهذا ما جعلهم يعدون العدة لجلسات الحوار الوطني التي لم يحدد تاريخها بعد.
وفي هذا الشأن، قال محمد المسليني، القيادي في حركة الشعب، إن «العمل حالياً فني وتقني؛ ذلك أن عدداً من اللجان تشتغل على مواضيع النظام السياسي والمنظومة الانتخابية، والاختيارات الكبرى فيما يتعلق بالوضعين الاقتصادي والاجتماعي والحوار الوطني»، مضيفاً أنه في حال توصل هذه اللجان إلى بلورة نتائج ملموسة فسيتم إعلانها للرأي العام التونسي على حد تعبيره.
كما أوضح المسليني، أن نظام الاقتراع على الأفراد في الانتخابات البرلمانية المقررة يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل «ليس بدعة، لكن حركة الشعب تطالب بضمانات تسمح بأن يكون هذا النظام مفيداً حتى لا يتحول إلى أداة من أدوات تسلل والقبلية والمال الفاسد»، على حد قوله.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.