فتحت النيابة العامة في تونس، أمس، تحقيقاً فيما يُعرف بقضية التآمر على أمن الدولة، ضد نواب شاركوا في جلسة افتراضية للبرلمان المنحل.
وقال بيان صدر عن المحكمة الابتدائية بالعاصمة، أمس، إن عميد قضاة التحقيق يتولى البحث في القضية، بعد تحقيقات أمنية بدأتها فرقة مكافحة الإرهاب بثكنة بوشوشة عبر الاستماع للنواب المشمولين في القضية، ومن بينهم رئيس البرلمان راشد الغنوشي.
ووفق البيان، فإن النيابة العامة تحقق في القضية المذكورة من أجل «تكوين والانخراط والمشاركة في وفاق، بقصد الاعتداء على الأشخاص والأملاك، والاعتداء المقصود منه الإساءة لهيئة الدولة وإثارة الهرج».
وسبق أن استمعت الوحدة المركزية لمكافحة الإرهاب في قضية التآمر على أمن الدولة إلى ستة نواب، من بينهم راشد الغنّوشي رئيس البرلمان المنحل بتهمة «محاولة الانقلاب»، لكن أجّلت النظر في القضية إلى وقت لاحق، بعد أن اكتشفت المحكمة أن عدداً من النواب يحملون صفة محام، وهو ما يتطلب إجراءات قضائية إضافية عند محاكمتهم، من بينها إعلام عمادة المحامين.
وكان البرلمان قد نظم جلسة عامة افتراضية بمشاركة 121 نائباً، من بين 217 نائباً، في الثلاثين من مارس (آذار) الماضي، وصوّت على قرار لإلغاء التدابير الاستثنائية، التي أعلنها الرئيس قيس سعيّد في 25 من يوليو (تموز) الماضي، ومن بينها تجميد أعمال البرلمان. وعلى إثر ذلك، رد الرئيس بعد ساعات بإصدار قرار بحل البرلمان إثر اجتماع طارئ لأعضاء مجلس الأمن القومي، واتهم النواب بالتآمر على أمن الدولة، والتدبير لمحاولة انقلابية فاشلة.
من جهة ثانية، عقدت مجموعة من المنظمات والأحزاب، الداعمة قرارات الرئيس سعيّد، لقاءات في إطار الاستعداد للحوار الوطني، وتحديد شكله ومساره، وكذا بلورة مجموعة من المقترحات المتعلقة بالنظام السياسي والوضع الاقتصادي والاجتماعي، وإبداء الرأي حول المسار الإصلاحي لمنظومة 25 يوليو.
وتعتقد الأطراف المؤيدة المسار الإصلاحي، وعلى رأسها حركة الشعب وحزب التيار الشعبي وحزب البعث (أحزاب قومية)، أن الوقت حان للانطلاق في الحوار، وذلك تماشياً مع الروزنامة المتعلقة بالاستفتاء الشعبي وبالانتخابات البرلمانية المقبلة. كما يستعد «اتحاد الشغل»، الطرف الاجتماعي القوي في المباحثات، لهذا الحوار رغم أنه يرفض اعتبار مخرجات الاستشارة الإلكترونية التي عرضها سعيّد على التونسيين، معوضة للحوار.
ولئن أعلن الرئيس سعيّد خلال مناسبات عدة، أن الحوار الوطني انطلق بالفعل، إثر استقباله قيادات الرباعي الذي رعى الحوار الوطني لسنة 2013، فإن رؤساء بعض الأحزاب والمنظمات يخامرهم شك في هذا الحوار، ومن بينهم نور الدين الطبوبي، رئيس اتحاد الشغل، الذي صرح بأن الحوار «لا يمكن أن يتم بشروط أو بنتائج مسبقة، أو فقط باعتماد نتائج الاستشارة الإلكترونية التي اقترحها الرئيس.
في السياق ذاته، قال جمال مسلم، رئيس «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان»، إن الحوار «لم ينطلق في غياب إطار محدد له، وعدم وجود هيكلة ولجنة إشراف، ومن الجدي أن يكون الإقصاء من المشاركة في الحوار مبنياً على أحكام قضائية».
ويرى مراقبون، أن الأحزاب الداعمة خيارات الرئيس سعيّد السياسية ارتكزت على تصريحات الرئيس، الذي أكد أن الحوار الوطني سيستثني من اعتبرهم «انقلابيين». في إشارة إلى حركة النهضة ومؤيديها، وكذلك الأطراف التي استولت، حسبه، على مقدرات البلاد؛ وهو ما يعني أنهم غير معنيين بـ«الإقصاء السياسي»؛ وهذا ما جعلهم يعدون العدة لجلسات الحوار الوطني التي لم يحدد تاريخها بعد.
وفي هذا الشأن، قال محمد المسليني، القيادي في حركة الشعب، إن «العمل حالياً فني وتقني؛ ذلك أن عدداً من اللجان تشتغل على مواضيع النظام السياسي والمنظومة الانتخابية، والاختيارات الكبرى فيما يتعلق بالوضعين الاقتصادي والاجتماعي والحوار الوطني»، مضيفاً أنه في حال توصل هذه اللجان إلى بلورة نتائج ملموسة فسيتم إعلانها للرأي العام التونسي على حد تعبيره.
كما أوضح المسليني، أن نظام الاقتراع على الأفراد في الانتخابات البرلمانية المقررة يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل «ليس بدعة، لكن حركة الشعب تطالب بضمانات تسمح بأن يكون هذا النظام مفيداً حتى لا يتحول إلى أداة من أدوات تسلل والقبلية والمال الفاسد»، على حد قوله.
تونس تفتح تحقيقاً ضد برلمانيين بتهمة «الإساءة لهيئة الدولة»
تونس تفتح تحقيقاً ضد برلمانيين بتهمة «الإساءة لهيئة الدولة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة