تركيا تحصن مواقعها شمال شرقي سوريا وتصعّد ضد «قسد»

طمأنة السوريين في إسطنبول بشأن تحديث بيانات الحماية المؤقتة

TT

تركيا تحصن مواقعها شمال شرقي سوريا وتصعّد ضد «قسد»

مع استمرار التصعيد ضدها في شمال وشمال شرقي سوريا، أعلنت وزارة الدفاع التركية القضاء على عناصر من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) أثناء هجومهم على مناطق لتمركز الفصائل السورية الموالية لأنقرة.
وقالت الوزارة، في بيان أمس (الجمعة)، إنه تم «تحييد» 3 من عناصر قسد أثناء إطلاقهم الرصاص تجاه منطقتي «غصن الزيتون» و«نبع السلام»، التي تسيطر عليها القوات التركية والفصائل الموالية لها.
في الوقت ذاته، استهدفت طائرة مسيرة تركية سيارة القيادي في «قسد» محمد آيدن، ما أدى إلى مقتله قرب بلدة تل كبز بريف الدرباسية في الحسكة.
وواصلت القوات التركية تحصين مواقعها في شمال شرقي سوريا. وقامت، أمس، بحفر خندق يمتد من قاعدتها في عنيق الهوى إلى قاعدتها في باب الخير بريف أبو راسين الغربي ضمن منطقة «نبع السلام» شمال غربي محافظة الحسكة، يهدف منع عمليات التسلل من جانب عناصر «قسد» نحو النقاط التركية وعزلها بشكل كامل وربطها عبر هذه الخنادق.
وشهدت المناطق القريبة من خطوط الجبهة بريف رأس العين، ضمن منطقة «نبع السلام»، خلال الأيام الماضية، تحركات عسكرية مكثفة من جانب القوات التركية ونقلاً للأسلحة الثقيلة من خطوط الجبهة الخلفية إلى نقاط قريبة من خطوط التماس مع مناطق سيطرة قسد وقوات النظام السوري في المنطقة الممتدة من أبو راسين شمالاً، وصولاً إلى ريف تل تمر الغربي بريف الحسكة الشمالي الغربي.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن فصائل ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا عمدت إلى نقل أسلحة إلى نقاط متقدمة دون تعزيزات بالجنود أو رفع الجاهزية القتالية، حيث تنحصر تلك التحركات في سياق عرض الأسلحة والإيحاء بوجود عمل عسكري وشيك.
وفي المقابل، تقوم قوات قسد باتخاذ التدابير اللازمة ومراقبة خطوط القتال والجبهات، مع عدم وجود أي تحركات عسكرية واضحة لمقاتليها على الجبهات.
وصعدت القوات التركية، طوال الأسبوع الماضي، قصفها بالأسلحة الثقيلة على أرياف وأطراف بلدة عين عيسى شمال الرقة.
وذكرت قسد، في بيان، أنها أطلعت الأطراف الضامنة (روسيا وأميركا) على الانتهاكات في بلدة عين عيسى ونواحيها.
وخرقت القوات التركية والفصائل الموالية لها اتفاقي وقف إطلاق النار مع واشنطن وموسكو، الموقعين في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 أكثر من 8 مرات خلال الأسبوع الثاني من شهر أبريل (نيسان) الحالي، بحسب ما أفادت «قسد».
وتواصل القوات التركية والفصائل المتعاونة معها شن الهجمات على خطوط التماس مع قسد في شمال شرقي سوريا، بينما تشهد مناطق سيطرة الفصائل حالة انفلات أمني بين عناصرها، برزت عبر الاقتتال بينها على المسروقات وبسط النفوذ على المناطق وطرق التهريب.
على صعيد آخر، دعا مدير إدارة الهجرة في إسطنبول بايرام يالانصو السوريين الحاصلين على بطاقات الحماية المؤقتة (الكمليك) إلى عدم القلق لأن الإدارة مستمرة بتحديث بياناتهم من خلال المراكز المخصصة لهم في المدينة.
وقال يالانصو، في مؤتمر صحافي رفقة نائبه سردار دال: «إننا مستمرون في تحديث بيانات السوريين الحاصلين على الكمليك من خلال المراكز المخصصة لذلك. وطمأن السوريين ممن تم إيقاف بطاقاتهم بالتأكيد على أنه سيتم تحديث جميع بياناتهم في أقرب وقت»، مشيراً إلى «وجود 535 ألف سوري يعيشون في إسطنبول ويستفيدون من الخدمات العامة بها».
وأكد نائب مدير إدارة الهجرة في إسطنبول سردار دال أن «أي سوري في إسطنبول لن يتعرض للضرر، وسيتم إنشاء مركز جديد في حي توزلا لتيسير مهمة تحديث البيانات»، مشيراً إلى أن «إدارة الهجرة تجري لقاءات مع المسؤولين في 39 حياً بإسطنبول من أجل التشاور والتنسيق بهدف التقدم بحلول للمشاكل التي تصل إليهم من أي مواطن سوري والرد عليها من جانب إدارة الهجرة».
وأوضح أن إدارة الهجرة تجتمع مع الأطباء في مراكز المهاجرين المؤقتة، وعناصر الأمن والدرك والمفتين ومسؤولي مديريات التعليم الوطني بمختلف مناطق إسطنبول، بهدف حصول السوريين على المساعدة من قبل موظفي القطاع العام.
ولفت إلى أن إدارته تتابع أي حالة متضررة يتم إعلانها عبر منصات التواصل الاجتماعي أو وسائل الإعلام، وتحاول حماية حقوق اللاجئين والمواطنين، معرباً عن أمله في أن يراعي المقيمون في تركيا قوانينها.
وأعلن وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، في وقت سابق، أن نحو 80 في المائة من السوريين الموجودين في تركيا نجحوا في تحديث بياناتهم وتثبيت عناوينهم، حتى الآن.
وسادت مخاوف بين السوريين من عمليات ترحيل واسعة بعد أن وجهت إدارة الهجرة رسائل إلى عشرات الآلاف تفيد بأنه تم وقف بطاقاتهم بسبب عدم تحديث بيانات محال الإقامة الخاصة بهم.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.