إطلاق الصندوق السعودي ـ الفرنسي للمساعدات الإنسانية ودعم الأسلاك العسكرية

الرئيس ميشال عون مستقبلاً أمس سفير الكويت في لبنان عبد العال القناعي (الوكالة الوطنية)
الرئيس ميشال عون مستقبلاً أمس سفير الكويت في لبنان عبد العال القناعي (الوكالة الوطنية)
TT

إطلاق الصندوق السعودي ـ الفرنسي للمساعدات الإنسانية ودعم الأسلاك العسكرية

الرئيس ميشال عون مستقبلاً أمس سفير الكويت في لبنان عبد العال القناعي (الوكالة الوطنية)
الرئيس ميشال عون مستقبلاً أمس سفير الكويت في لبنان عبد العال القناعي (الوكالة الوطنية)

عودة السفيرين السعودي وليد البخاري والكويتي عبد العال القناعي إلى بيروت تعيد الحرارة إلى العلاقات اللبنانية – العربية، وتحديداً الخليجية، وتفتح الباب أمام تفعيلها على المستويات كافة بإطلاق صندوق المساعدات السعودية - الفرنسية لدعم القطاعات التربوية والصحية والشؤون الإنسانية وبعض الأمور ذات الصلة المباشرة بقطاع الكهرباء وتوفير الدعم المادي للأسلاك الأمنية والعسكرية، فيما البحث جارٍ على أعلى المستويات داخل دول مجلس التعاون الخليجي للعودة عن قرار عدم السماح للصادرات اللبنانية بالدخول إلى أراضيها.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر وزارية واقتصادية مواكبة للأجواء الإيجابية التي اتسمت بها مآدب الإفطار الرمضانية التي أقامها ويقيمها السفير البخاري أن الضوء الأخضر أُعطي لإطلاق الصندوق السعودي - الفرنسي للمساعدات الإنسانية من خلال الاجتماع الذي عقده سفير المملكة العربية السعودية البخاري مع سفيرة فرنسا لدى لبنان آن غريو، وخُصّص لوضع اللمسات الأخيرة على العقد الموقّع بين البلدين والذي يشكّل بداية لتقديم المساعدات الإنسانية.
وكشفت المصادر أن السعودية وفرنسا أودعتا في الصندوق المشترك 72 مليون يورو وتوقّعت أن يرتفع المبلغ إلى 100 مليون، وأن الباب سيبقى مفتوحاً أمام تأمين دعم أكبر للقطاعات المشمولة بالمساعدات الإنسانية، شرط أن تلتزم الحكومة اللبنانية بما تعهدت به في ردّها الإيجابي على الورقة العربية والخليجية والدولية التي حملها معه وزير خارجية الكويت الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح في زيارته إلى بيروت لوقف تصدّع العلاقات اللبنانية - الخليجية للانتقال بها إلى مرحلة التعافي.
ولفتت إلى أن عودة السفيرين السعودي والكويتي إلى بيروت ما هي إلا بادرة حسن نيّة من دول مجلس التعاون الخليجي تأكيداً منها أن لبنان ليس متروكاً ولن تتركه وحيداً يواجه أزماته المتراكمة ومشكلاته الاجتماعية والمعيشية في مقابل مبادرته للاستجابة لما ورد في الورقة التي حملها الوزير الكويتي إلى بيروت بوقف الأنشطة السياسية والأمنية والعسكرية التي تستهدف أمن دول الخليج بالتلازم مع اتخاذ الإجراءات والتدابير المتشدّدة لمنع تهريب المواد المخدّرة ومنها الكبتاغون إلى دولها والتي تلحق الضرر بالصحة العامة لمواطنيها والمقيمين على أراضيها.
وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» من المصادر نفسها أن إعادة تصدير المنتجات اللبنانية إلى دول الخليج وأولها المملكة العربية السعودية يُناقش حالياً على أعلى المستويات على قاعدة ضبط الحدود اللبنانية ومكافحة كل أشكال التهريب وأولها الممنوعات وعلى رأسها المخدّرات.
وأُثير هذا الموضوع، حسب المعلومات، على هامش اللقاء الذي عُقد بين السفير البخاري، ووزير الداخلية والبلديات القاضي بسام المولوي، في حضور المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، ورئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن العميد خالد حمود، خلال مشاركتهما في الإفطار الذي أقامه البخاري على شرف وزراء الداخلية السابقين.
وتردّد أن من الإجراءات والتدابير التي يجري التداول فيها لوقف التهريب ومكافحته عبر مطار رفيق الحريري الدولي ومرفأي بيروت وطرابلس تأمين أجهزة «سكانر» متطوّرة للكشف على البضائع والمنتجات اللبنانية المصدّرة إلى دول الخليج التي تُبدي كل استعداد للتعاون مع السلطات اللبنانية لأنها ليست في وارد تشديد الخناق على الاقتصاد اللبناني في ظل التأزُّم غير المسبوق الذي يحاصر البلد، وبالتالي كانت وستبقى جاهزة لفتح الأسواق الخليجية أمام المنتجات اللبنانية بشرط عدم تفخيخها لتهريب المخدرات والممنوعات.
كما تردّد أن الشركة الفرنسية التي رسا عليها عقد تشغيل الحاويات في مرفأ بيروت ستتولى تجهيزه بأحدث الأجهزة الكاشفة «سكانر»، إضافةً إلى مرفأ طرابلس، على أن تُخصّص للكشف على البضائع والمنتجات اللبنانية المصدّرة إلى دول الخليج وتكون تحت إشراف مديرية المخابرات في الجيش اللبناني وأن تُخصّص أرصفة في هذين المرفأين للتدقيق في البضائع التي تُشحن لدول الخليج.
وبكلام آخر، فإن الفريق الفني واللوجيستي التابع لمديرية المخابرات سيتولى التدقيق في البيانات الجمركية ويقوم بتفتيش البضائع المصدّرة إلى دول الخليج على أن تتلازم هذه الخطوة مع إعادة تأهيل الأجهزة الكاشفة الموجودة في مطار بيروت والعمل على تطويرها وتوفير الصيانة لها.
لذلك فإن بادرة حسن النيّة بعودة السفيرين السعودي والكويتي إلى بيروت تمهيداً لعودة سفراء دول الخليج الأخرى تشكّل اختباراً لمدى استعداد الحكومة اللبنانية لتنفيذ ما التزمت به من إجراءات في ضوء قرار دول مجلس التعاون بتفعيل علاقاتها بلبنان لمساعدته للنهوض من أزماته، ويبقى على الحكومة أن تُحسن الإفادة من الفرصة التي أُعطيت لها وعدم التفريط بها، وهذا يتطلب منها النأي بلبنان عن الصراعات الدائرة في المنطقة وعدم إلحاقه بهذا المحور أو ذاك.
وعليه فإن مجرد عودة السفيرين السعودي والكويتي إلى بيروت ليست معزولة، كما تقول المصادر نفسها، عن الواقع السياسي المأزوم الذي يمر به البلد ومن غير الجائز ربط توقيت عودتهما بالاستعدادات الجارية لخوض الانتخابات النيابية في موعدها في 15 مايو (أيار) المقبل لجهة تدخلهما في الشأن الانتخابي الذي يعود للبنانيين وحدهم اختيار ممثليهم في البرلمان العتيد، خصوصاً أن ليس لدول الخليج مشاريع سياسية خاصة بالبلد وأن ما يهمها الحفاظ على استقراره وتوفير الحماية للسلم الأهلي فيه، وهذا ما حرصت عليه بوضوح من خلال التفات الصندوق السعودي - الفرنسي المشترك للعاملين في الأسلاك الأمنية والعسكرية وتوفير الدعم لهم كونهم يشكّلون العمود الفقري لمنع جر البلد إلى الفوضى.
وكان لافتاً من خلال مآدب الإفطار الرمضانية التي أقامها السفير السعودي حتى الآن أنها كانت جامعة إلى حد كبير وحملت نكهة خاصة ومميّزة برمزيتها، خصوصاً تلك التي أقامها على شرف رؤساء الجمهورية والحكومات السابقين ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي بمشاركة عدد من القيادات الحزبية إضافةً إلى وزير الزراعة عباس الحاج حسن ممثلاً لرئيس المجلس النيابي نبيه بري، ورئيسة كتلة «المستقبل» النيابية بهية الحريري.
وينطوي الحضور في هذا الإفطار على رسالة سياسية أراد من خلالها السفير البخاري تأكيد أن القيادة في المملكة العربية السعودية ماضية في دعمها لاتفاق الطائف وضرورة استكمال تطبيقه لأن من شاركوا فيه على اختلاف انتماءاتهم ومشاربهم السياسية والطائفية هم من مؤيديه بلا تحفّظ وليست لديهم مشاريع سياسية أخرى.
وتبقى الإشارة إلى أن عودة السفيرين إلى بيروت ما هي إلا تأكيد للحاضنة العربية للبنان وأن الترحيب بعودتهما يؤشر إلى الالتزام بالمبادرة الكويتية لطي صفحة التصدُّع الذي أصاب العلاقات اللبنانية - الخليجية باتجاه إعادة تصويبها وتفعيلها بما يتيح للبنان الفرصة لالتقاط أنفاسه على طريق استعادة عافيته من جهة، ويضع الحكم والحكومة أمام مسؤولياتهما بتوظيفها وتوفير شبكة الأمان السياسية لحمايتها والإبقاء على المبادرة الفرنسية قائمة، ومن أَوْلى إنجازاتها إطلاق الصندوق السعودي - الفرنسي المشترك.



مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».