عمل حثيث لإعادة إنتاج أعضاء بشرية بطباعة ثلاثية الأبعاد

عمل حثيث لإعادة إنتاج أعضاء بشرية بطباعة ثلاثية الأبعاد
TT

عمل حثيث لإعادة إنتاج أعضاء بشرية بطباعة ثلاثية الأبعاد

عمل حثيث لإعادة إنتاج أعضاء بشرية بطباعة ثلاثية الأبعاد

توفر عمليات زرع الأعضاء البشرية شريان حياة حاسمًا للأشخاص الذين يعانون من أمراض خطيرة؛ في الولايات المتحدة وحدها هناك أكثر من 112000 شخص ينتظرون حاليًا عمليات الزرع. الوعود بأجهزة الطباعة ثلاثية الأبعاد هو أحد الحلول الممكنة لمعالجة هذا النقص، لكنه محفوف بالتعقيد والحواجز التقنية، مما يحد من نوع الأعضاء التي يمكن طباعتها. لذا يقوم الباحثون بمعهد «ستيفنز» للتكنولوجيا الآن برفع هذه الحواجز من خلال الاستفادة من تقنية عمرها عقود لإعادة إنتاج أي نوع من الأنسجة، وذلك حسبما نشر موقع «ميديكال إكسبريس» الطبي المتخصص.
وحسب الموقع، يمكن ان يفتح العمل الجديد - الذي هو بقيادة الدكتور روبرت تشانغ الأستاذ المساعد بقسم الهندسة الميكانيكية بمدرسة «شيفر» للهندسة والعلوم التابعة لـ«ستيفنز»- مسارات للطباعة ثلاثية الأبعاد لأي نوع من الأعضاء في أي وقت، حتى الجلد مباشرة على الجرح المفتوح.
وفي هذا الاطار، قال روبرت تشانغ، الذي ظهر عمله في عدد أبريل من مجلة «ساينتفيك ريبورتس» «إن إنشاء أعضاء جديدة لانقاذ الأرواح دون الحاجة إلى متبرع بشري سيكون مفيدًا للغاية... ومع ذلك، فإن الوصول إلى هذا الهدف أمر صعب لأن طباعة الأعضاء باستخدام (الأحبار الحيوية - الهلاميات المائية المحملة بالخلايا المستنبتة) يتطلب درجة من التحكم الدقيق في هندسة وحجم الألياف الدقيقة المطبوعة التي لا تستطيع الطابعات ثلاثية الأبعاد الحالية تحقيقها».
ويأمل تشانغ وفريقه، بما في ذلك أحمد رضا زايري المؤلف الأول والمرشح للدكتوراه بمختبر تشانغ، في تغيير ذلك من خلال التتبع السريع لعملية طباعة ثلاثية الأبعاد جديدة تستخدم الموائع الدقيقة (المعالجة الدقيقة للسوائل من خلال قنوات صغيرة) للعمل في مساحة أصغر بكثير على نطاق أكبر مما كان ممكناً.
ولتوضيح الامر أكثر قال زايري «يهدف المنشور الأخير إلى تحسين إمكانية التحكم والتنبؤ بهيكل الأنسجة الدقيقة المصنّعة والألياف الدقيقة التي يتم تمكينها بواسطة تقنية الطباعة الحيوية للموائع الدقيقة... معظم الطابعات الحيوية ثلاثية الأبعاد الحالية تعتمد على البثق، وتدفق الحبر الحيوي من فوهة لإنشاء هياكل حوالى 200 ميكرون ( حوالى عُشر عرض خيط من السباغيتي). يمكن للطابعة القائمة على الموائع الدقيقة طباعة كائنات بيولوجية يتم قياسها بترتيب عشرات الميكرومترات، على قدم المساواة مع المقياس الخلوي الفردي».
بدروه، يبين تشانغ ان «المقياس مهم للغاية لأنه يؤثر على بيولوجيا العضو... نحن نعمل على مستوى الخلايا البشرية، وهذا يتيح لنا طباعة الهياكل التي تحاكي السمات البيولوجية التي نحاول تكرارها».
وإلى جانب العمل على نطاق أصغر، تتيح تقنية الموائع الدقيقة أيضًا استخدام العديد من الأحبار الحيوية؛ كل منها يحتوي على خلايا مختلفة وسلائف أنسجة، بالتبادل داخل بنية مطبوعة واحدة، بالطريقة نفسها التي تجمع بها الطابعة التقليدية الأحبار الملونة في صورة واحدة حية. هذا مهم لأنه في حين أن الباحثين قاموا بالفعل بإنشاء أعضاء بسيطة مثل المثانة من خلال تشجيع الأنسجة على النمو على سقالات مطبوعة ثلاثية الأبعاد، فإن الأعضاء الأكثر تعقيدًا مثل الكبد والكلى تتطلب العديد من أنواع الخلايا المختلفة ليتم دمجها بدقة، حسبما يؤكد تشانغ؛ الذي يقول «القدرة على العمل على هذا النطاق، مع خلط الأحبار الحيوية بدقة، تجعل من الممكن لنا إعادة إنتاج أي نوع من الأنسجة».
جدير بالذكر، يتطلب تصغير الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد بحثًا شاقًا لمعرفة كيفية تأثير معلمات العملية المختلفة مثل هياكل القناة وسرعة التدفق وديناميكيات السوائل على الأشكال الهندسية وخصائص المواد للهياكل البيولوجية المطبوعة. ولتبسيط هذه العملية، أنشأ فريق تشانغ نموذجًا حسابيًا لرأس طباعة موائع جزيئية، مما يمكنه من تعديل الإعدادات والتنبؤ بالنتائج دون الحاجة إلى تجربة شاقة في العالم الحقيقي.
وفي هذا يقول زايري «يعمل نموذجنا الحسابي على تطوير عملية استخلاص معادلة يمكن استخدامها للتنبؤ بالمعلمات الهندسية المختلفة للهياكل المصنعة المنبثقة من قنوات الموائع الدقيقة»؛ فقد تنبأت النماذج الحسابية للفريق بدقة بنتائج تجارب الموائع الدقيقة في العالم الحقيقي، فيما يستخدم تشانغ نموذجه لتوجيه التجارب حول الطرق التي يمكن أن تتنوع بها الهياكل البيولوجية ذات الأشكال الهندسية المختلفة.


مقالات ذات صلة

السلطان هيثم وإردوغان يبحثان العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية

الخليج الرئيس التركي مستقبلاً سلطان عُمان بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)

السلطان هيثم وإردوغان يبحثان العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية

اتفقت تركيا وسلطنة عمان على تعزيز علاقات الصداقة والتعاون فيما بينهما وأكدتا دعمهما لأي مبادرات لوقف إطلاق النار في غزة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
صحتك ضرب الكرة بالرأس خلال لعب كرة القدم قد يسبب تلفاً في الدماغ أكبر مما كان يُعتقد (أ.ف.ب)

لعبة شائعة في كرة القدم قد تسبب تلفاً بالدماغ

وفقاً لدراسة جديدة، فإن ضرب الكرة بالرأس خلال لعب كرة القدم قد يسبب تلفاً في الدماغ أكبر مما كان يُعتقد.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك يشكل النوم أهمية مركزية للصحة العامة ومستوى رفاهية الإنسان (جامعة ولاية أوريغون)

تغيير وقت الذهاب إلى الفراش كل ليلة يؤثر على صحتك

أشارت دراسة جديدة إلى وجود صلة قوية بين عدم الذهاب إلى الفراش في الوقت نفسه كل ليلة وخطر الإصابة بأمراض القلب أو السكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ارتفاع ضغط الدم يشكّل تحدياً للصحة (رويترز)

6 أشياء يقول أطباء السكتة الدماغية إنه لا يجب عليك فعلها أبداً

تعدّ السكتات الدماغية أحد الأسباب الرئيسة للوفاة، والسبب الرئيس للإعاقة في أميركا، وفقاً لـ«جمعية السكتات الدماغية الأميركية»، وهو ما يدعو للقلق، خصوصاً أن…

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك تزداد في هذه الفترة من العام فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا (د.ب.أ)

3 أطعمة عليك تناولها عند إصابتك بنزلة برد أو إنفلونزا

تزداد في هذه الفترة من العام فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا وغيرهما من الفيروسات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

يطمح الفنان المصري هشام نوّار إلى إعادة تشكيل الجسد بصرياً عبر معرضه «الجميلات النائمات» متشبعاً بالعديد من الثيمات الأيقونية في الفن والأدب والتاريخ الإنساني، خصوصاً في التعامل مع الجسد الأنثوي، بما يحمله من دلالات متعددة وجماليات عابرة للزمان ومحيّدة للمكان.

يذكر أن المعرض، الذي يستضيفه «غاليري ضي» بالزمالك (وسط القاهرة) حتى 5 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، يضم ما يزيد على 50 لوحة تتنوع خاماتها بين استخدام الألوان الزيتية على القماش بمساحات كبيرة، وبين الرسم بالألوان في مساحات أقل.

ويعدّ الجسد بمفهومه الجمالي والفني هو محور المعرض، والجسد الأنثوي تحديداً هو الأكثر حضوراً، بينما تبقى الوضعية الرئيسية التي اختارها الفنان، وهي فكرة «تمثال الكتلة» المصري القديم، وتوظيفه على هيئة فتاة نائمة هي الأكثر تعبيراً عن الفكرة التي يسعى لتقديمها، واضعاً ثيمتي الجمال، ممثلاً في الجسد الأنثوي، والنوم ممثلاً في وضعية واحدة تجسد المرأة، وهي نائمة في وضع أشبه بالجلوس، في إطار مشبع بالدلالات.

اللونان الأصفر والأحمر كانا لافتين في معظم الأعمال (الشرق الأوسط)

وعن المعرض، يقول هشام نوار: «الفكرة تستلهم تمثال الكتلة المصري القديم، فمعظم الشخصيات التي رسمتها تعود لهذا التمثال الذي ظهر في الدولة المصرية القديمة الوسطى، واستمر مع الدولة الحديثة، ويمثل شخصاً جالساً يضع يديه على ركبته، وكأنه يرتدي عباءة تخبئ تفاصيل جسده، فلا يظهر منه سوى انحناءات خفيفة، ويكون من الأمام مسطحاً وعليه كتابات، وكان يصنع للمتوفى، ويكتب عليه صلوات وأدعية للمتوفى».

ويضيف نوار لـ«الشرق الأوسط»: «تم عمل هذا التمثال لمهندس الدير البحري في الدولة الحديثة، الذي كان مسؤولاً عن تربية وتثقيف ابنة حتشبسوت، فيظهر في هيئة تمثال الكتلة، فيما تظهر رأس البنت من طرف عباءته، ومحمود مختار هو أول من اكتشف جماليات تمثال الكتلة، وعمل منها نحو 3 تماثيل شهيرة، هي (كاتمة الأسرار) و(الحزن) و(القيلولة)».

حلول جمالية بالخطوط والألوان (الشرق الأوسط)

وقد أهدى الفنان معرضه للكاتب الياباني الشهير ياسوناري كاواباتا (1899 - 1972) الحائز على نوبل عام 1968، صاحب رواية «منزل الجميلات النائمات» التي تحكي عن عجوز يقضي الليل بجوار فتاة جميلة نائمة بشرط ألا يلمسها، كما أهداه أيضاً للمثال المصري محمود مختار (1891 – 1934) تقديراً لتعامله مع فكرة «تمثال الكتلة».

وحول انتماء أعماله لمدرسة فنية بعينها، يقول: «لا يشغلني التصنيف، ما يشغلني معالجة خطوط الجسد البشري، كيف أجد في كل مرة حلاً مختلفاً للوضع نفسه، فكل لوحة بالنسبة لي تمثل الحالة الخاصة بها».

الفنان هشام نوار في معرضه «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

ويشير نوّار إلى أنه لم يتوقع أن يرسم كل هذه اللوحات، وتابع: «الفكرة وراء الجميلات النائمات الممنوع لمسهن، لكن تظل المتعة في الرؤية والحلم الذي يمكن أن يحلمه الشخص، حتى إن ماركيز قال إنه كان يتمنى أن يكتب هذه الرواية».

«يؤثر التلوين والتظليل على الكتلة، ويجعلها رغم ثباتها الظاهر في حال من الطفو وكأنها تسبح في فضاء حر، هنا تبرز ألوان الأرض الحارة التي احتفى بها الفنان، وتطغى درجات الأصفر والأحمر على درجات الأخضر والأزرق الباردة»، وفق الكاتبة المصرية مي التلمساني في تصديرها للمعرض.

أفكار متنوعة قدّمها الفنان خلال معرض «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

وتعدّ مي أن هذا المعرض «يكشف أهمية مقاومة الموت من خلال صحوة الوعي، ومقاومة الذكورية القاتلة من خلال الحفاوة بالجسد الأنثوي، ومقاومة الاستسهال البصري من خلال التعمق الفكري والفلسفي؛ ليثبت قدرة الفن الصادق على تجاوز الحدود».

وقدّم الفنان هشام نوّار 12 معرضاً خاصاً في مصر وإيطاليا، كما شارك في العديد من المعارض الجماعية، وعمل في ترميم الآثار بمنطقة الأهرامات عام 1988، كما شارك مع الفنان آدم حنين في ترميم تمثال «أبو الهول».