غروندبرغ متفائلاً بصمود الهدنة... والحوثيون يُحملونه شروطهم

المبعوث الاممي الى اليمن هانس غروندبرغ (إ.ب.أ)
المبعوث الاممي الى اليمن هانس غروندبرغ (إ.ب.أ)
TT

غروندبرغ متفائلاً بصمود الهدنة... والحوثيون يُحملونه شروطهم

المبعوث الاممي الى اليمن هانس غروندبرغ (إ.ب.أ)
المبعوث الاممي الى اليمن هانس غروندبرغ (إ.ب.أ)

بعد 3 أيام قضاها المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في صنعاء للقاء قادة الميليشيات الحوثية، عاد أمس (الأربعاء) معبراً عن تفاؤله بصمود الهدنة التي بدأ سريانها في الثاني من أبريل (نيسان) الجاري، بينما حمَّلته الميليشيات شروطها للموافقة على مشاورات سلام دائم.
لقاءات غروندبرغ في صنعاء التي زارها لأول مرة منذ تعيينه في المنصب الأممي، شملت وزير خارجية الانقلاب هشام شرف، والمسؤول عن أسرى الجماعة عبد القادر المرتضى، إضافة إلى هشام إسماعيل المعين محافظاً من قبل الجماعة لنسخة البنك المركزي في صنعاء، وذلك قبل أن يلتقي رئيس مجلس حكم الانقلاب مهدي المشاط، ورئيس حكومة الانقلاب عبد العزيز بن حبتور، وبعض القيادات السياسية الموالية للجماعة.
وفي حين أبدى المبعوث الأممي تفاؤله بصمود الهدنة، رغم التقارير عن الخروق، قال للصحافيين قبيل مغادرته مطار صنعاء، إن العمل والتحضيرات تجري على قدم وساق لفتح مطار صنعاء أمام الرحلات التجارية المتوقفة منذ 6 سنوات، إضافة إلى التحضيرات القائمة من أجل عقد لقاء للتوافق حول فتح الطرق في تعز وغيرها من المحافظات.
وحض غروندبرغ الأطراف اليمنية على الالتزام بالهدنة، داعياً إلى الحوار بحسن نية، وذلك قبيل الإحاطة الشهرية المرتقبة له أمام مجلس الأمن الدولي.
في السياق نفسه، ذكرت المصادر الإعلامية للميليشيات الحوثية، أن المبعوث الأممي التقى رئيس مجلس حكم الانقلاب مهدي المشاط، ونائبه صادق أمين أبو راس، ورئيس برلمان الجماعة يحيى الراعي، ورئيس حكومة الانقلاب عبد العزيز بن حبتور، ونائبه جلال الرويشان.
وبحسب المصادر الحوثية، اشترط قادة الميليشيات على المبعوث الأممي أن يعمل «في الاتجاه الصحيح لإنجاح الجهود المتفق عليها، وفقاً للهدنة المتضمنة فتح مطار صنعاء الدولي ومواني الحديدة»، إضافة إلى إبلاغه عدم اعترافهم بإجراءات نقل السلطة التي تمت في الرياض وتشكيل مجلس قيادة رئاسي، خلفاً للرئيس عبد ربه منصور هادي.
وفي الشق الاقتصادي، كان المبعوث الأممي قد التقى القيادي في الميليشيات هاشم إسماعيل، وهو المعين في منصب محافظ البنك الخاضع للجماعة في صنعاء، ونقلت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» أن القيادي إسماعيل ناقش مع المبعوث «الأولويات في المسار الاقتصادي والإنساني، وأشار إلى أن من أهم الأولويات صرف مرتبات موظفي الدولة، ومعاشات المتقاعدين ومخصصات الضمان الاجتماعي (...) باعتبار أن ذلك سيمثل مدخلاً رئيسياً لأي حلول سياسية قادمة».
وبحسب المصادر الحوثية، تطرق اللقاء إلى «الانقسام المالي في السياسة النقدية، بعد نقل وظائف البنك المركزي إلى عدن في سبتمبر (أيلول) 2016، وأهمية إعادة توحيد السياسة النقدية وتوحيد البنك المركزي»؛ حيث يبدو أن الجماعة تشترط قيام الشرعية بصرف الرواتب بعيداً عن الموارد الضخمة التي تجنيها؛ سواء من الضرائب والزكاة أو رسوم الواردات على الوقود.
وعلى الرغم من الجهود الأممية والضغط الدولي لإنهاء مسار الحرب في اليمن، يرى المراقبون للشأن اليمني أن الجماعة الحوثية غير جادة في الذهاب إلى مشاورات للسلام تنهي الانقلاب، وأنها تستغل الجوانب الإنسانية للمتاجرة بها سياسيا، مع مخاوفهم من قيام الميليشيات بتسخير الهدنة من أجل إعادة ترتيب صفوفها لشن الحرب مجدداً.
وكان المبعوث الأممي قد اقترح هدنة لمدة شهرين، بدأ سريانها مع مطلع شهر رمضان المبارك، على أن تتوقف خلالها كافة الأعمال القتالية البرية والجوية والعابرة، في مقابل أن يتم فتح مطار صنعاء جزئياً أمام الرحلات التجارية بواقع رحلتين أسبوعياً إلى وجهات محددة، إضافة إلى السماح بدخول 18 سفينة وقود إلى ميناء الحديدة الخاضع للميليشيات، ثم التشاور لفتح الطرق في محافظة تعز وغيرها من المناطق اليمنية التي تحاصرها الجماعة.


مقالات ذات صلة

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.