القائمة المشتركة ستطرح نزع الثقة بحكومة بنيت وتبكير الانتخابات

رئيس الوزراء الإسرائيلي يعلن أنه لن يقبل بها شريكاً لا في الحكومة ولا في الائتلاف

القائمة المشتركة ستطرح نزع الثقة بحكومة بنيت وتبكير الانتخابات
TT

القائمة المشتركة ستطرح نزع الثقة بحكومة بنيت وتبكير الانتخابات

القائمة المشتركة ستطرح نزع الثقة بحكومة بنيت وتبكير الانتخابات

في الوقت الذي يسعى فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بنيت، لمنع سقوط حكومته، وتحذر فيه القائمة المشتركة للأحزاب العربية، من اتساع نفوذ اليمين المتطرف والفاشي، أطلق الطرفان تصريحات عدائية من كل منهما حيال الآخر. فقال رئيس كتلة المشتركة، سامي أبو شحادة، إن أول عمل ستقوم به مع انتهاء عطلة الكنيست (البرلمان) هو نزع الثقة عن الحكومة لإسقاطها، وأعلن بنيت أنه لن يقبل بالمشتركة في الحكومة أو في الائتلاف.
وبما أن المعارضة اليمينة بقيادة بنيامين نتنياهو، تسعى بكل قوتها لإسقاط الحكومة وتحاول ترتيب انسحابات أخرى من الائتلاف، فإن توازن القوى في الكنيست، يتيح لها القيام بخدعة برلمانية والتصويت إلى جانب اقتراح نزع الثقة الذي تطرحه «المشتركة»، والنجاح في إسقاط الحكومة بمجرد سحب نائب واحد، فهي مشكلة اليوم من 47 نائباً تصبح مع المشتركة 60 نائباً، وإذا تمكنت من جلب نائب إضافي تسقط الحكومة.
وقد استدرك أبو شحادة وعلق على هذا السيناريو، قائلاً، إن كتلته لن تصوت لصالح حكومة برئاسة نتنياهو ولذلك فإنها ستعمل على تبكير موعد الانتخابات. ويعني تبكير موعد الانتخابات، وضع حد نهائي لهذه الحكومة والاحتكام للجمهور. وتشير الاستطلاعات بهذا الشأن، إلى أن الائتلاف الحالي سيخسر خمس قوته في أي انتخابات تجري اليوم. وبدلاً من أن يبادر بنيت إلى خطوات للتقارب مع المشتركة، يدخل في منافسة مع المعارضة اليمينية على رفض المشتركة، وإبعادها عن أي احتمالات تجعلها تساند الائتلاف ولو من خارج صفوفه بحيث تكون معارضة بناءة.
وقد بادر بنيت، إلى إجراء مقابلات صحافية أمس وأول من أمس، مع جميع وسائل الإعلام العبرية الأساسية. وبدا أن أكثر من يهمه هو منافسة نتنياهو على الجمهور اليميني. فقال إن السياسة التي تتبعها حكومته مع الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، هي سياسة «العصا والجزرة» لامتصاص الغضب الفلسطيني ومنعاً لاشتعال الأوضاع الأمنية. وأضاف بنيت، أن حكومته، بأحزابها الثمانية بما في ذلك القائمة الموحدة للحركة الإسلامية برئاسة النائب منصور عبّاس، هي الحكومة التي منحت المقدار الأكبر من الحرية للأجهزة الأمنية وقوات الجيش في القدس والضفة الغربية، وشدد على أنه أفشل محاولة واشنطن (التي وافق عليها رئيس الحكومة السابق، بنيامين نتنياهو)، بفتح قنصلية أميركية في القدس تُعنى بالعلاقات الأميركية الفلسطينية.
وعن الأوضاع الأمنية، قال بنيت إن حكومته شرعت بـ«عمليات هجومية». وأضاف: «هذا ما نقوم به، ندخل إلى جنين وإلى يعبد؛ نهاجم المخربين الفلسطينيين في قواعدهم الأساسية. هذه ليست المرة الأولى التي نشهد فيها موجة إرهاب في دولة إسرائيل. على مدى مائة عام، كل بضع سنوات هناك موجة إرهاب جديدة. نحن مصممون للغاية اليوم ولا شك في أننا سننتصر». وأشار إلى أن حكومته منعت دخول «حقائب النقود» إلى حركة حماس في قطاع غزة، في إشارة إلى أموال المنحة القطرية التي كانت تدخل نقداً إلى غزة خلال فترة ولاية حكومة نتنياهو.
وقال إنه يعترف بتلقي ضربة من جراء انشقاق رئيسة ائتلافه البرلماني، عيديت سيلمان وانضمامها إلى المعارضة. ولكنه رفض انتقادها. وقال إنه ليس غاضباً عليها. وأضاف: «جاءت إلى بيتي وبكت من شدة الضغوط والتهديدات التي تلقتها هي وأولادها من مبعوثي نتنياهو واليمين المتطرف، ووصفوها في مظاهرات متكررة نظمت قرب منزلها، بـ(الخائنة والنصابة) وغيرها من الأوصاف الأشد قسوة». وتابع: «النائبان المنشقان عن حزبي وائتلافه، تعرضا لضغوطات كبيرة وغير محتملة من المعارضة اليمينية بقيادة بنيامين نتنياهو، ولإساءات متواصلة من أنصار (الليكود) و(الصهيونية الدينية)».
وقال بنيت إن «المطروح في هذه المرحلة، إما تقوية وتعزيز الحكومة بعد الضربة التي تلقيناها، وهي ضربة وتطور سلبي جداً. لكن من الممكن بالتأكيد إدارة حكومة كهذه لفترة طويلة؛ أو العودة إلى هاوية الانتخابات وانتخابات أخرى ثم انتخابات أخرى».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.