صدور الأعمال الكاملة ـ المجلد الثالث للشاعر نوري الجراح

الأعمال الشعرية نوري الجراح 3
الأعمال الشعرية نوري الجراح 3
TT

صدور الأعمال الكاملة ـ المجلد الثالث للشاعر نوري الجراح

الأعمال الشعرية نوري الجراح 3
الأعمال الشعرية نوري الجراح 3

أصدرت «المؤسسة العربية للدراسات والنشر» في بيروت، المجلد الثالث لأعمال الشاعر السوري نوري الجراح، ويضم هذا المجلد الجزء الأَوفى من أَشعار نوري الجراح المكتوبة في العقد الأخير، خصوصاً، مجاميعه المنشورة ما بين 2011 و2019، وهي: «يوم قابيل والأيام السبعة»، «يأس نوح»، «قارب إلى ليسبوس»، «نهر على صليب».
المجلدان الأول والثاني لأعمال الجراح الشعرية صدرا في عام 2008 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر أيضاً. وضم المجلد الأول مجموعاته المبكرة: الصبي (بيروت 1982) مجاراة الصوت (لندن 1988)، نشيد صوت (كولونيا 1990)، طفولة موت (الدار البيضاء 1992)، كأس سوداء (لندن 1993)، القصيدة والقصيدة في المرآة (بيروت 1995).
أما المجلد الثاني فضم مجموعات: صعود أبريل (بيروت 1996)، حدائق هاملت (بيروت 2003)، طريق دمشق (بيروت 2004)، الحديقة الفارسية (بيروت 2004).
جاء في كلمة الدار الناشرة:
«حسب نقاد شعره، فقد فَتح الجراح، في العقد الأخير من تجربته الشعرية، أُفقاً جديداً للقصيدة العربية، بتطوير لغة شعرية ملحمية، تستدركُ الأسطورة والتاريخ، إلى جانب الوقائع المعاصرة، عبر من خلالها، بجمالية مبتكرة ورؤية حديثة، وقاموسٍ لغوي ثَر، عن ذاته الشعرية العميقة في ارتباطها الوجداني (من موقعه في المنفى) بالتحولات العاصفة، والآلام الكبرى التي حلت بالسوريين في فضاء عربي عصفتْ به ثوراتُ الشباب على بنيانٍ متهالكٍ أنهكه المستبدون والظلاميون، وانتُهكتْ فيه الحرياتُ والكراماتُ. الأَعمالُ المنشورة في هذا (السفر الشعري) تعيدُ التأكيد على عَدم انفصال حداثة الشعر وابتكاريته عن الموقف الأخلاقي للشاعر بوصفه أول المدافعين عن الحق والجمال والحرية في الأزمنة العاصفة».
ويصف الناقد السوري خلدون الشمعة الأعمال المنشورة في المجلد الثالث بأنها «تصدر عن شعرية وجود وكينونة، شعرية خصام مع الذات لا شعرية خصام مع الآخر. فمن خصامنا مع الآخرين - يقول ييتس - نصنع البلاغة، ومن خصامنا مع أنفسنا نصنع الشعر».
ويعتقد الشمعة أن «أيقونية تجربة نوري الجراح لا تكمن في أنه أدخل تأويله الشخصي على الشعر الملحمي فحسب، بل وفي أنه تمكن وفقاً للموهبة الأكثر إفصاحاً، من أن يُدخل جنساً أدبياً جديداً كل الجدة، على الشعر العربي، وأعني به (الملحمة النقيض) (mock – epic)، وهو جنس أدبي معروف في الأدب الإنجليزي، لا يُقَلد ولا يُحاكي بل يسخر من البطولة نفسها في مواجهة المأساة». أما وقد ضم المجلد الثالث جل المجموعات التي أصدرها الشاعر في العقد الأخير، وهو عقد الدم السوري، فإن الناقد الشمعة يعتقد أن «ذواقة الشعر العربي سيحتفون بهذه التجربة المعبرة بصدق، وأداء بارع ومبتكر عن محنة السوريين في مصائرهم التراجيدية، وهي بلا شك، تشكل إضافة ذات شأن إلى المنجز الشعري العربي الحديث».
ترجمت أعمال الشاعر إلى لغات آسيوية وأوروبية عدة. صدرت له 6 مجموعات بالفرنسية عن دور مختلفة، وكتب شعرية أخرى بالإنجليزية والإسبانية والفارسية، واليونانية، والتركية، والإيطالية، وطبع بعضها أكثر من طبعة.
له عدد من المؤلفات في أدب الرحلة، وقضايا الثقافة في اللغات: العربية، والفارسية والتركية، والفرنسية.
وجاء المجلد الثالث في 576 صفحة



سوريا بحاجة لاستعادة أبنائها

فواز حداد
فواز حداد
TT

سوريا بحاجة لاستعادة أبنائها

فواز حداد
فواز حداد

لدى السوريين عموماً عناوين غير مختلف عليها حول سوريا الجديدة: دولة مدنية. ديمقراطية. سيادة القانون. دستور. انتخابات. تداول السلطة. المواطنة. حرية التعبير والرأي. المساواة بين الرجل والمرأة. تَمتُّع إخوتنا الأكراد بحقوقهم كاملة في دولة لا تمثل كل طائفة ولا عرقية على حدة، وإنما جميع السوريين طائفة واحدة.

هذه هي سوريا الجديدة التي نطمح إليها، تبدو دولة مثالية حلمنا بها دائماً، ثم استعصى الحلم علينا، إلى أن نجحت الثورة ووضعتنا على أعتابها. لم يبقَ سوى أن نخطو نحوها، لكن لا بد أولاً من صناعتها على أرض الواقع؛ فهي وإن كانت متخيلة، فلا ينبغي بقاؤها أسيرة المخيلة.

يواجه تحقيق الدولة أكثر من معضلة، أهمها مسألة العلمانية. سوريا بلد متدين؛ ما يشمل جميع حملة الأديان؛ المسلمين والمسيحيين بمذاهبهم كلها دونما استثناء، كذلك الأكراد.

تفصل العلمانية الدين عن الدولة؛ ما يشكل حماية لجميع العقائد. ويتحدد الاختلاف حول تفسير العلمانية، ويتراوح بين الاعتدال والتشدد، وأعتقد أن هناك شِبه توافق على علمانية معتدلة حسب التعريف السابق، من دون الدخول في التفاصيل؛ ما يشكل الفضاء الروحي للإنسان، في حين أن المتشددة تلغي الدين ورموزه وتجلياته، وقد يبلغ بها الأمر المطالبة بتقنين المساجد ومنع الأذان، والدروس الدينية في المدارس.

وحتى لا يبقى هذا الجانب محل نزاع، ولا محل تجاذب سلبي في الدولة الجديدة، ينبغي التأكيد على حرية الاعتقاد، وصيانة المعتقد واحترامه، وعدم التعدي عليه. إن السوريين شعب مؤمن، خصوصاً مع ارتفاع نسبة الإيمان في العقد الأخير، في طبقات المجتمع من دون استثناء؛ الفقراء والأغنياء، نلاحظه في انتشار الحجاب الذي كان الرد الشعبي على القمع، والرد على التسيُّب الأخلاقي. فللأديان رأي في حياة البشر وسلوكياتهم وتوجهاتهم، وإن كانت غير ملزمة، لكنها غير ممنوعة من التعبير عنها.

يجب تحقيق توازن نحن بحاجة إليه؛ أي التعامل مع الواقع وليس إهماله، فالعلمانية مثل الديمقراطية؛ ليست ديناً، ولا بديلاً عنه، ولا تحل محله، ويحظر توريطه في أجندات سياسية. إن إدراك مُنظِّري العلمانية الصلبة أنهم لا يعيشون وحدهم في هذا البلد؛ يعني أنهم لا يستطيعون فرض مفاهيمهم المتطرفة على المجتمع.

إن ضمانة حرية المعتقد من ناحية الإيمان أو عدم الإيمان، من الحريات الشخصية التي لا يجوز المساس بها. والسبب؛ نحن لسنا بلداً غربياً، يجب ألا يكون الدين محل تجاذب... الوزارة ليست حزبية وإنما تكنوقراط لإنقاذ البلد من الضائقة الاقتصادية المستفحلة... الوزارة لا تمثل جهات ولا أحزاباً.

لدى الشعب السوري طاقات عظيمة تهدر في داخل البلد وخارجه. نحن بحاجة إلى استعادة أبنائنا، لكن يجب أن نقدم لهم الحوافز ولو بالحد المعقول.

* روائي سوري