استبعدت تحقيقات النيابة العامة المصرية وجود شبهة جنائية وراء وفاة الباحث في الاقتصاد أيمن هدهود، وذلك بعد تضارب بشأن ملابسات وفاته إثر اختفاء استمر أكثر من 40 يوماً.
وأكدت النيابة، مساء الاثنين، في بيان أن اثنين من أشقاء هدهود «أقرا بعدم استقرار الحالة النفسية لشقيقهما». وقالت إن الشقيقين «استبعدا وجود شبهة جنائية وراء الوفاة، وهي النتيجة ذاتها التي توصل إليها تشريح جثمانه عقب الوفاة».
وكان تضارب قد ساد خلال اليومين الماضيين بين إفادات رسمية وأخرى عائلية بشأن ملابسات وفاة هدهود، ففي حين أشار التعليق الرسمي عبر وزارة الداخلية إلى «احتجازه منذ فبراير (شباط) الماضي بأمر قضائي في مصحة نفسية»، شككت عائلته في ذلك، وقال شقيقه، إنه استعلم بشأن اختفاء أخيه قبل شهرين تقريباً، ولم يحصل على إفادة.
وطلبت الأسرة فحص الجثمان من قِبل طبيب شرعي؛ للوقوف على أسباب الوفاة، فيما طالبت «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» النائب العام بالتحقيق في الواقعة، معربة عن «قلق بالغ» إزاء ما يثار حول ملابسات الوفاة، وضرورة اتخاذ «الإجراءات العقابية اللازمة في حال ثبوت وقوع تجاوز أو تقصير أفضى إلى حبسه أو وفاته».
لكن ذوي هدهود تسلموا جثمانه اليوم لدفنه، بعد تشريحه بناء على أمر قضائي من النيابة العامة. واستخرجوا شهادة وفاته التي أُثبت فيها تاريخ وفاته 5 مارس (آذار) الماضي، عن عمر يناهز 48 عاماً، وأنه توفي في مستشفى الأمراض النفسية بالعباسية (شرق القاهرة).
وأشارت النيابة إلى أنها «تباشر تحقيقاتها بكل شفافية ومصداقية وتعلن - متى كان ذلك مناسباً - ما تُسفرُ عنه تلك التحقيقات بما لا يؤثر على سلامتها، وتهيب بالكافة عدم الانسياق وراءَ مُروجي الإشاعات، وذوي التوجهات المغرضة، ونيات أهل الشر الخفية التي تستغلّ بسوءِ قصدٍ حدوثَ بعض الوقائع بمجتمعنا لإحداث الفرقة ونشر الفتن في ربوع وطننا الحبيب المحفوظ دوماً من كل شر وسوء».
وأوضحت النيابة أن تحقيقاتها «كشفت أنها تلقت بلاغاً في 6 من شهر فبراير الماضي، من حارس عقار بحي الزمالك، بدخول هدهود إلى العقار الذي يحرسه، ومحاولته فتح إحدى الشقق به، وهذيانه آنذاك بكلمات غير مفهومة، فأمسك به، وحضرت الشرطة وألقت القبض عليه، وباشرت النيابة العامة التحقيقات، وحاولت استجواب المتهم في اليوم ذاته فيما نُسب إليه من اتهام الشروع في السرقة، ولكن تعذَّر استجوابه لترديده كلمات غير مفهومة، وتشككت في سلامة قواه العقلية، فاستصدرت أمراً من المحكمة المختصة بإيداعه أحد المستشفيات الحكومية لإعداد تقرير عن حالته النفسية، وأودعته النيابة العامة بإدارة الطب النفسي الشرعي بالمجلس القومي للصحة النفسية بالقاهرة، بمستشفى الصحة النفسية بالعباسية، لإعداد تقرير طبي عقلي عن حالته، ومدى مسؤوليته عن أفعاله وقت ارتكاب الواقعة».
وأضافت أنها «أُخطرَت في 5 مارس الماضي بوفاة المتهم بالمستشفى المُودَع به جرَّاء هبوط حادٍّ في الدورة الدموية وتوقف عضلة القلب، فناظرت النيابة العامة جثمانه وتبين لها خلوه من أي إصابات، كما انتدبت مفتش الصحة لتوقيع الكشف الظاهري على جثمانه، فتأكد عدم وجود شبهة جنائية في وفاته».
وتابع البيان أنه «في سبيل سعي النيابة العامة للتيقن من سبب وفاة المتهم، استمعت لأقوال مدير وحدة الطب الشرعي النفسي، وطبيبة، وممرض بالمستشفى الحكومي الذي كان المتهم مُودَعاً به، فشهدوا بأنه كان يعاني من اضطراب بدرجة الوعي، ودُوار، وعدم اتزان، وارتفاع في درجة حرارته، واشتُبِه في إصابته بفيروس «كورونا»، فاتُّخذت معه الإجراءات الطبية المقررة في مثل تلك الحالة، ثم تُوفي خلال نقله لأحد المستشفيات الحكومية لتلقي العلاج».
وانتدبت النيابة العامة مصلحة الطب الشرعي لتشريح جثمان المتهم، «للوقوف على سبب وفاته وكيفية حدوثها، وعما إذا كانت بالوفاة شبهة جنائية، وفحص عينات حشوية منه لبيان مدى احتوائها آثار مواد مُخدّرة أو سامَّة قد تكون سبباً في وفاته».
وحسب وسائل إعلام مصرية، استمعت النيابة العامة لأقوال عضوَيْن باللجنة المكلفة فحص حالة هدهود النفسية والعقلية، فشهدا بأنه «كان يعاني من اضطراب الفصام، وغير مُهتَدٍ للزمان والمكان والأشخاص، وضعيف التركيز والانتباه، ويعاني من ضلالات اضطهادية، وضلالات عظمة، وكان يتحدث بكلام غير مفهوم تخلله إنكارُه ارتكابَه واقعة الشروع في السرقة محل التحقيق معه». وأضاف عضوا اللجنة الثلاثية أن «تدهور حالته النفسية يؤثر في درجة الوعي، ومن الممكن أن ينتهي بالوفاة»، وقدَّما تقريراً مفصلاً بحالته بالأوراق.
وكان بيان لوزارة الداخلية المصرية صدر، الأحد، لم يتطرق إلى وفاة هدهود، واعتبر أن «ما تداولته بعض الصفحات التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن الزعم باختفاء هدهود قسرياً» غير صحيح.
تخرج هدهود في الجامعة الأميركية، وكان عضواً في «حزب الإصلاح والتنمية» الليبرالي، كما عمل مستشاراً للسياسة الاقتصادية لمحمد أنور السادات، رئيس الحزب والبرلماني السابق، والعضو الحالي بـ«المجلس القومي لحقوق الإنسان».