الانقسام السياسي الكردي من بغداد إلى إربيل

الانتخابات تظهر الخلافات الكردية - الكردية (برلمان كردستان)
الانتخابات تظهر الخلافات الكردية - الكردية (برلمان كردستان)
TT

الانقسام السياسي الكردي من بغداد إلى إربيل

الانتخابات تظهر الخلافات الكردية - الكردية (برلمان كردستان)
الانتخابات تظهر الخلافات الكردية - الكردية (برلمان كردستان)

يبدو أن الانقسام الحاد في مواقف القوى والأحزاب الكردية بشأن تشكيل الحكومة الاتحادية في بغداد، يمثل انعكاساً طبيعياً للانقسام القائم في كردستان حول مختلف القضايا وخاصة المتعلقة بإجراء الانتخابات البرلمانية هناك.
ويستبعد معظم المراقبين إمكانية إجرائها في موعدها المحدد مطلع أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، بالنظر للعقبات الجدية التي تقف في طريقها، وأهمها قانون الانتخابات المختلف عليه بين القوى السياسية وانتهاء ولاية مفوضية الانتخابات وخروج اثنين من أعضائها.
وتنقسم القوى السياسية في الإقليم، حيال قضية الانتخابات وقانونها، إلى اتجاهين أساسيين، الأول يمثله، الحزب «الديمقراطي» الكردستاني وحلفاؤه من بقية الأحزاب الصغيرة، مثل الحزبين الشيوعي والاشتراكي إلى جانب كوتا الأقليات، ويمثل الاتجاه الثاني ما يمكن تسميتها بأحزاب المعارضة، مثل حزب «الاتحاد» الكردستاني وجماعتي «التغيير» و«الاتحاد الإسلامي»، فضلاً عن حراك «الجيل الجديد». وفي حين يصر الحزب الديمقراطي على إجراء الانتخابات طبقاً لنظام الدائرة الانتخابية الواحدة التي تشمل محافظات الإقليم الثلاثة، ترفض بقية الأحزاب المعارضة ذلك وتطالب بإلغاء هذا النظام واستبداله بنظام الدوائر المتعددة الانتخابي على غرار ما موجود في قانون الانتخابات الاتحادي الذي جرت وفقاً له الانتخابات العامة في أكتوبر الماضي.
ويتألف برلمان إقليم كردستان من 111 مقعداً، ضمنها المقاعد المخصصة لكوتا الأقليات. ويتمتع الحزب الديمقراطي الكردستاني بأغلبية تقارب الـ60 مقعداً؛ ما يجعله قادراً على تعطيل معظم مشاريع القوانين، وخاصة المتعلقة باختيار أعضاء جدد لمفوضية الانتخابات وتعديل قانونها.
ويقول الصحافي سامان نوح، إن «القوى والأحزاب السياسية المعترضة على القانون القديم ترى أنه لا يحقق تمثيلاً عادلاً في البرلمان ويحقق للحزب الديمقراطي أغلبية مريحة، خاصة مع ضمانه لمقاعد الأقليات والمكونات البالغة 11 مقعداً».
ويضيف نوح في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «التحدي الآخر الذي تواجهه الانتخابات هو انتهاء ولاية مفوضية الانتخابات منذ أكثر من سنتين وغياب اثنين من أعضائها، وإذا أريد إجراء الانتخابات في موعدها المحدد فلا بد من تبديلها أو تمديد فترة عملها وتعويض الأعضاء الغائبين، لكن ذلك مستبعد نتيجة الصراع الحاد بين القوى السياسية وذلك سينعكس على شكل إخفاق في إجراء العملية الانتخابية».
ويؤكد نوح، أن «أعضاء المفوضية موزعون على القوى السياسية مثلما هو الحال في المفوضية الاتحادية، وبالنظر لصعود قوى جديدة على الساحة السياسية، مثل حراك الجيل الجديد ومطالبته هو الآخر بحصة داخل المفوضية ربما يعقّد الأمور كثيراً ولا يسمح بإحراز أي تقدم في هذا الاتجاه».
من هنا، والكلام لنوح، فإن «إمكانية إجراء انتخابات الإقليم بدورتها الرابعة في موعدها المحدد تبدو بعيدة جداً؛ ذلك أن تشريع قانون جديد واختيار أعضاء جدد للمفوضية يتطلب عملاً فاعلاً داخل برلمان الإقليم، وذلك أمر مستبعد بالنظر لأنه برلمان شبه معطل منذ أشهر طويلة وبالكاد يجتمع بين فترة وأخرى».
من جانبه، وجّه رئيس حراك «الجيل الجديد» في إقليم كردستان شاسوار عبد الواحد، أمس (الاثنين)، نداءً إلى المجتمع الدولي والحكومة الاتحادية في بغداد بشأن انتخابات إقليم كردستان المرتقبة.
وقال عبد الواحد في تغريدة عبر «تويتر»، إن «العملية السياسية في الإقليم قد انتهت، البرلمان معطل ولا توجد نية لإجراء الانتخابات، وجميع المؤسسات مشلولة؛ لذلك نطلب من الحكومة الاتحادية والمجتمع الدولي والأمم المتحدة التدخل في الإقليم لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه ومساعدة المواطنين هناك».
وأضاف، أنه «وبخلاف ذلك، لا يوجد ضمان للعيش بسلام واستقرار في ظل وضع يتجه للانفجار ونحن كمعارضة وكشعب، مجبرون على خطوات أخرى للدفاع عن الحرية والديمقراطية وحقوق المواطنين والعيش الكريم».
من جهته، قال رئيس كتلة الاتحاد الوطني في برلمان كردستان زياد جبار في وقت سابق، إن «سجل الناخبين ليس نزيهاً، ويجب تعديله وتحديثه». وأضاف في تصريحات صحافية، أنه «من خلال تراكم خبراتنا خلال السنوات السابقة وجدنا أن نظام الدائرة الواحدة لا يحافظ على التوازن في تمثيل المناطق؛ لذلك نطالب بنظام الدوائر المتعددة».
لكن الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يتمسك بالإبقاء على قانون الانتخابات القديم الذي يجرى وفق نظام الدائرة الواحدة، حذّر في وقت سابق رئيسة برلمان الإقليم ريواز فائق من الامتناع عن طرح موعد الانتخابات البرلمانية للتصويت داخل البرلمان، ولوحت في وقت سابق من «اللجوء إلى استخدام الأغلبية النيابية مع حلفائهم إذا لزم الأمر لتحديد الموعد».
يشار إلى أن الأحزاب والقوى الكردية تنقسم في بغداد إلى ثلاث قوى رئيسية، حيث يتحالف الحزب الديمقراطي بزعامة مسعود البارزاني مع مقتدى الصدر ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي ضمن إطار ما يسمى تحالف «إنقاذ وطن» ويسعون لتشكيل الحكومة باعتبارهم الكتلة الأكبر نيابياً، في حين يتحالف حزب الاتحاد الكردستاني مع قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية ويطالب بمنصب رئيس الجمهورية، أما حراك «الجيل الجديد» الذي يملك 9 مقاعد في البرلمان الاتحادي، فاختار التحالف مع حركة «امتداد» المنبثقة عن حراك تشرين لتشكيل جبهة معارضة داخل البرلمان الاتحادي.
وقال رئيس الكتلة زانا ملا خالد «نحن لن نطلب من رئيسة البرلمان بل نحذرها». وأضاف، أن «الحزب الديمقراطي الكردستاني مع حلفائه سيلجأون إلى استخدام الأغلبية لتحديد جلسة برلمان كردستان، ومنع تعطيل البرلمان بحجة أن قوة سياسية لديها مطالب بشأن تعديل قانون الانتخابات، وهذا مخالف للقوانين السارية في إقليم كردستان.
وذكرت رئيسة برلمان كردستان ريواس فائق في تصريحات سابقة، أنها لن تطرح موعد إجراء الانتخابات للتصويت ما لم يحصل توافق سياسي بشأن الموعد.
ويشدد الاتحاد الوطني الكردستاني وعدد من الأحزاب والقوى الصغيرة على تعديل قانون الانتخابات وتقسيم الإقليم إلى أربع دوائر انتخابية قبل تحديد الموعد إضافة إلى إنشاء مفوضية جديدة.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).