اقتراع المغتربين اللبنانيين مهدد بسبب نقص التمويل

بو حبيب في إحدى زياراته لرئيس الجمهورية ميشال عون (الرئاسة اللبنانية)
بو حبيب في إحدى زياراته لرئيس الجمهورية ميشال عون (الرئاسة اللبنانية)
TT

اقتراع المغتربين اللبنانيين مهدد بسبب نقص التمويل

بو حبيب في إحدى زياراته لرئيس الجمهورية ميشال عون (الرئاسة اللبنانية)
بو حبيب في إحدى زياراته لرئيس الجمهورية ميشال عون (الرئاسة اللبنانية)

ارتفع منسوب القلق من إلغاء مشاركة المغتربين اللبنانيين في الانتخابات، خصوصاً مع تزايد المشاكل الإدارية واللوجيستية على بُعد شهر من موعد الاستحقاق المقرر في 15 مايو (أيار) المقبل، وذلك بسبب إضراب مديري الوحدات الإدارية في وزارة الخارجية، والتوقف عن دفع رواتب السفراء والقناصل المعتمدين بالخارج الذين يتقاضون رواتبهم بالعملة الصعبة، عدا عن التعثر المالي لتسديد تكاليف إدارة العملية الانتخابية في بلاد الانتشار.
وما زاد من هواجس انتزاع إرادة المغتربين في اختيار ممثليهم في البرلمان الجديد، كلام وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب الذي شكك بإمكانية تنظيم انتخابات للمنتشرين، وقال في تصريح السبت الماضي: «هناك 225 ألف ناخب، ونحتاج لإرسال مندوبين إلى الخارج، دبلوماسيين كانوا أم موظفين، وعلينا دفع بطاقات السفر بالعملة الصعبة، وإقامتهم هناك بالدولار». وأضاف «هذا العملية لها تكاليفها ولا دولارات في الخزينة، ولا نعرف كيف نؤمنها، علينا قول الحقيقة، أنا لا أعرف إذا كان في إمكاننا أن ننظم انتخابات المغتربين وأنا ليس لدي حل حتى الآن».
هذا الموقف، أثار الريبة لدى قوى المعارضة ومجموعات الحراك المدني المنبثقة عن احتجاجات 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019 التي تعول على أصوات المغتربين في تغيير المعادلة الداخلية، وانتخاب وجوه جديدة، بديلة عن قوى وأحزاب السلطة التي أوصلت البلاد إلى الانهيار المالي والاقتصادي، وتسببت بهجرة الآلاف الشباب إلى الخارج.
وحذر نقيب المحامين السابق ملحم خلف، المرشح على «لائحة التغيير» في دائرة بيروت الثانية، من «خطة ممنهجة تتبعها السلطة لسلب إرادة المنتشرين». وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى وجود «مخاوف حقيقية من عزم السلطة على إلغاء أصوات الأحرار البعيدين عن أي تأثير سياسي أو مالي أو معنوي»، مذكراً بأن «التلاعب بحق المنتشرين في الاقتراع، أمر خطير وله تبعات سلبية داخلياً وخارجياً، لأنه يؤدي إلى الطعن بالعملية الانتخابية بكاملها»، مستغرباً صدور هذا الموقف عن وزير الخارجية الموجود في موقع المسؤولية.
ورغم الوضوح في موقف بوحبيب الذي يمهد لنسف حق المغتربين بالمشاركة بالاستحقاق الانتخابي، وتقاطعه مع منحى إضراب الدبلوماسيين، فإن مصدراً بارزاً في وزارة الخارجية أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «إضراب السلك الدبلوماسي لن يؤثر على سير العملية الانتخابية، وأن الأمور قيد المعالجة». وشدد على أن وزارة الخارجية «بصدد إجراء المزيد من الاتصالات، لحل العقد التي تواجهها حالياً، وذلك قبل موعد الاستحقاق»، مشيراً إلى أن «العملية الانتخابية للمغتربين ستكون تحت إشراف السفراء والقناصل في كل السفارات والمراكز المستحدثة، وذلك لإدارة الانتخابات بشكل هادئ وديمقراطي».
ويعزو مديرو الوحدات الإدارية في وزارة الخارجية والمغتربين، إضرابهم إلى «مرور خمس سنوات على تشكيلاتهم التي لم يصدرها مجلس الوزراء حتى الآن»، وهو ما سيؤثر على كل المعاملات الخارجية للبنانيين، بدءاً من جوازات السفر وصولاً إلى العمل اليومي للسفارات مروراً بالتنفيذ اللوجيستي للانتخابات النيابية. غير أن مدير المغتربين في وزارة الخارجية السفير هادي هاشم أوضح أن «التحضيرات الإدارية واللوجيستية لانتخاب المغتربين أنجزت بنسبة 90 في المائة». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أنه «تم اعتماد 207 مراكز انتخابية و600 قلم اقتراع في 59 دولة في العالم، وكل هذه المراكز باتت جاهزة بالكامل». ولفت هاشم إلى أن «المشكلة المتبقية تكمن في تأمين تمويل الربط الإلكتروني وشحن الصناديق من الخارج إلى لبنان، حيث يسعى وزير الخارجية (عبد الله بوحبيب) إلى تأمين هذا التمويل عبر الهيئات الدولية لا سيما الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي».
وترفض قوى الاغتراب أن تكون السيولة سبباً لتطيير حق المغتربين بالانتخاب في مكان وجودهم، واعتبر الناشط الاجتماعي وممثل الجالية اللبنانية في شمال بريطانيا المغترب هايل خزعل، أن «التلاعب بهذا الحق تحت حجة عدم توفر التمويل خط أحمر». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كان التمويل غير كافٍ لإدارة العملية الانتخابية أو ذريعة لتطيير حق المغتربين في هذه الانتخابات، فلا مانع من إبقاء الاقتراع داخل السفارات والقنصليات كالمعتاد، بما يخفف من الأعباء المالية على خزينة الدولة». وأضاف خزعل: «لا نرى أي مانع من حصر الانتخاب في السفارات والقنصليات التي كانت معتمدة في انتخابات الـ2018»، معتبراً أن ذلك «يجعل العملية مضبوطة بشكل أكبر، حيث تصبح جميع الأقلام تحت مراقبة وإشراف البعثات الدبلوماسية مباشرة بدلاً عن وضع الكاميرات على رؤساء الأقلام، لأنها تقلص خطر أي تلاعب أو محاولات تزوير، وتوفر على الخزينة ما يزيد على مليوني دولار أميركي»، كاشفاً أنه «أرسل كتاباً إلى وزارة الخارجية بهذا الصدد».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).