تعهد رئيس الوزراء الباكستاني المنتخب شهباز شريف معالجة الأزمة الاقتصادية و«إنقاذ القارب الغارق». كما توعد بالتحقيق في اتهامات سلفه عمران خان بوجود «مؤامرة خارجية» أدت إلى إسقاطه بحجب الثقة عنه.
وشكر شريف، المملكة العربية السعودية على «دعمها لباكستان في الوقت العصيب»، وذلك في كلمته الأولى عقب انتخابه رئيساً للوزراء في البرلمان، أمس. وقال وسط تصفيق النواب بعد انتخابه: «إنه انتصار للنزاهة، هزم الشر»، وفق ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وتعهد بفتح تحقيق في اتهامات خان حول تغيير النظام، وقال: «إذا تم تقديم أي دليل مهما كان صغيراً ضدنا، فسأستقيل فوراً».
وذكرت وكالة الأنباء الباكستانية الرسمية أن شريف أكد أن لبلاده علاقات قوية مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، واصفاً العلاقات بواشنطن بأنها «تاريخية».
وأعرب عن شكره للسعودية على دعمها لباكستان في الوقت العصيب، وجدد عزمه على تعزيز وتوطيد المزيد من الروابط والعلاقات الودية القائمة مع الإمارات العربية وقطر ودول الخليج الأخرى.
وتعهد شريف بمعالجة أزمة اقتصادية أدت إلى وصول الروبية إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق وإلى رفع المصرف المركزي، الأسبوع الماضي، أسعار الفائدة بأكبر قدر منذ عقود. وأوضح أن البلاد تتجه لتسجيل أكبر عجز في الموازنة في تاريخها، إضافة إلى عجز غير مسبوق في الميزان التجاري وميزان المعاملات الجارية، معتبراً أن حكومة خان أساءت إدارة الاقتصاد، وأن حكومته الجديدة ستواجه تحدياً كبيراً لإعادته إلى المسار الصحيح.
وقال: «إذا كان علينا إنقاذ القارب الغارق، فكل ما نحتاج إليه هو العمل الجاد والوحدة... نحن نبدأ حقبة جديدة من التنمية اليوم».
وأكد شريف، في المقابل، ضرورة بدء الحوار الوطني لحل المشكلات والقضايا التي تواجهها البلاد، وشدد على الحوار والتفاهم.
وأكد الالتزام بالمضي قدماً في الممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني، مشدداً على أن حكومته ستسرع مشروعات للبنية التحتية تدعمها بكين في بلاده.
وحول العلاقات الهندية – الباكستانية، قال إن بلاده ترغب في العلاقات الجيدة مع جارتها «لكن لا يمكن إحلال السلام الدائم في المنطقة من دون حل نزاع جامو وكشمير». ودعا نظيره الهندي ناريندرا مودي إلى العمل لإيجاد الحل للقضية الكشميرية والتقدم والازدهار والحد من الفقر في المنطقة.
وحول أفغانستان، قال شريف إن الملايين من الأفغانيين يواجهون الأزمات والمشكلات، و«علينا العمل المشترك لمنع حدوث الأزمات الإنسانية والاقتصادية في هذا البلد»، محذراً من أن «الاضطراب في أفغانستان ستكون له تداعيات خطيرة على باكستان».
وأُقيل خان، نجم الكريكيت السابق، الأحد، بعد تصويت بحجب الثقة عنه، ممهّداً الطريق لتحالف من المعارضة يواجه التحديات نفسها التي كلّفت سلفه منصبه.
وكان شريف، زعيم حزب «الرابطة الإسلامية الباكستانية» (وسط)، المرشح الوحيد بعدما سحب وزير الخارجية السابق شاه محمود قريشي الموالي لخان ترشيحه واستقال من مقعده في المجلس.
وكان أعضاء حزب «حركة إنصاف» التي ينتمي إليها خان، يشغلون 155 مقعداً في المجلس المكوّن من 342 مقعداً قبل الاستقالات الجماعية. وانتخب شريف بـ174 صوتاً.
وقبل انتخاب شريف، قال خان للصحافيين، أمس (الاثنين): «لا يمكن أن تكون هناك إهانة أكبر لهذا البلد».
وستكون مهمة شريف الأولى تشكيل حكومة تعتمد بشكل كبير على «حزب الشعب الباكستاني» (يسار وسط)، وبشكل أقل على «جمعية علماء الإسلام» المحافظة.
وقد هيمن حزبا «الشعب الباكستاني» و«الرابطة الإسلامية الباكستانية» اللذان أسستهما عائلتان سياسيتان باكستانيتان، على الحياة السياسية الباكستانية على مدى عقود، وفي غالب الأحيان كخصمين لدودين. لكن من المؤكد أن علاقاتهما ستتدهور قبيل الانتخابات المقبلة التي ينبغي إجراؤها بحلول أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
وسيتعيّن عليهما التعامل مع ارتفاع معدل التضخم وتراجع الروبية وتراكم الديون، في وقت يزداد الخطر الأمني. إذ عززت عودة حركة «طالبان» إلى السلطة في أفغانستان العام الماضي، موقع نظيرتها الباكستانية.
وشهباز شريف هو الشقيق الأصغر لرئيس الوزراء الذي تولى المنصب ثلاث مرّات وطالته فضائح فساد نواز شريف. ووردت تكهنات في وسائل الإعلام الباكستانية تفيد بأن الأخير قد يعود قريباً من منفاه في بريطانيا.
وأقيل نواز شريف عام 2017 وسجن لعشر سنوات بتهم تتعلق بالفساد، إثر معلومات سرّبت في وثائق بنما، ولكن تم الإفراج عنه ليخضع للعلاج في الخارج.
واجه شهباز أيضاً إجراءات مرتبطة بالكسب غير المشروع. وعام 2019، صادرت هيئة مكافحة الفساد نحو عشرين عقاراً تعود إليه وإلى نجله حمزة واتهمتهما بتبييض أموال.
وأوقف واعتقل في سبتمبر (أيلول) 2020، وبعد ستة أشهر أفرج عنه بكفالة بانتظار محاكمة ما زالت معلقة.
وورث شريف البالغ 70 عاماً مع شقيقه، شركة التعدين العائلية، فيما كان رجل أعمال شاباً، قبل انتخابه لأول مرة في جمعية ولاية البنجاب عام 1988.
وعُرف كمسؤول صارم أبقى الموظفين في حالة تأهب دائمة بقيامه بزيارات مباغتة إلى المكاتب الحكومية. وغالباً ما يذكر أبيات قصائد ثورية في خطاباته وخلال تجمعاته العامة.
لم يسبق لرئيس وزراء باكستاني أن أكمل ولايته، لكن خان كان أول رئيس وزراء يخسر المنصب بتصويت لسحب الثقة، في هزيمة لم يتقبلها بروح رياضية.
وبذل كل ما في وسعه للبقاء في السلطة، بعدما خسر غالبيته البرلمانية، بما في ذلك حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات. لكن المحكمة العليا اعتبرت جميع خطواته غير قانونية، وأمرت المجلس بعقد جلسة جديدة والتصويت على سحب الثقة منه.
رئيس وزراء باكستان المنتخب يتعهد «إنقاذ القارب الغارق»
رئيس وزراء باكستان المنتخب يتعهد «إنقاذ القارب الغارق»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة