السعودية تدشن أول بوليصة تأمين لنقل الإبل في العالم

تهدف خدمة التأمين إلى الحفاظ على الإبل أثناء مراحل الانتقال براً (الشرق الأوسط)
تهدف خدمة التأمين إلى الحفاظ على الإبل أثناء مراحل الانتقال براً (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تدشن أول بوليصة تأمين لنقل الإبل في العالم

تهدف خدمة التأمين إلى الحفاظ على الإبل أثناء مراحل الانتقال براً (الشرق الأوسط)
تهدف خدمة التأمين إلى الحفاظ على الإبل أثناء مراحل الانتقال براً (الشرق الأوسط)

دشن نادي الإبل السعودي، اليوم (الاثنين)، أول بوليصة للتأمين على عمليات النقل البري للإبل داخل البلاد، حيث تعد هذه الخدمة الأولى من نوعها في العالم.
وأوضح نادي الإبل خلال حفل التدشين، أن شركة التأمين ستتولّى عملية التعويض في حال حدوث حوادث على الطرق أو نفوق الإبل أثناء رحلة النقل وعملية الإركاب والإنزال في السيارات الناقلة، مبيناً أن هذه الخدمة تهدف إلى الحفاظ على الإبل أثناء مراحل الانتقال من مكانٍ لآخر وتقليل المخاطر والمحافظة على أموال مُلّاكها.
وأضاف أن المشروع يُعد خطوة جديدة في طريق تطوير القطاع وحمايته ورفعه إلى مستوى الارتباط بنهج وأسلوب القطاع الخاص، مشيراً إلى أن التأمين سيشمل في المراحل القادمة الأمراض التي تصيب الإبل وكذلك التأمين الشامل على حياتها.

بدوره، كشف المدير التنفيذي للنادي المهندس بندر القحطاني، أن حجم قطاع الإبل في السعودية يتجاوز 50 مليار ريال، ويوجد أكثر من 1.8 مليون متن منها في مختلف مناطق المملكة، لافتاً إلى أن هذا القطاع الحيوي يعيش طموحات عالية، وخطواتٍ متجدّدة نحو مستقبلٍ أكثرَ ازدهاراً له، وباتَ يشكّل رافداً اقتصادياً واعداً، ودِعامة تنموية مهمّة.
وأكد القحطاني استمرارية النادي في جهوده التنظيمية، وتقديم الحلول التطويرية لخدمة ملّاك الإبل ومحبّيها، وعشاقِ هذا الموروثِ الأصيل، موضحاً أنه أجرى العديد من التنظيمات التي ولّدت مناخا واسعا للقطاع كخدمة (وثّقها) لحفظِ سلالاتِ الإبل، وقبلَها منصة (سمّها) لتوثيقِ أسمائِها، و«اليومَ نحتفلُ بإطلاقِ خدمة (أمّنها) للتأمينِ على خدماتِ نقلِها، كثروة وطنية وتاريخية تستحقُّ كل عناية واهتمامٍ، وأصحابُها وملّاكُها جديرونَ بتقديم كلّ وسائل العناية والمساندة».
من جهته، ذكر وائل عرنوس الرئيس التنفيذي لشركة «البداية» المُنفّذة للجانب التقني في منصّة «أمّنها» أن المشروع يُعدّ من المشاريع الرقمية والتقنية النوعية وهي من التحالفات مع نادي الإبل على المستوى التقني.

في السياق ذاته، أوضح سامر رسلان الشريك المؤسس في «بيت التأمين»، أن منصّة «أمّنها» أتت بالتعاون مع النادي منذ ولود الفكرة قبل عامين حتى بلورتها على نحوٍ كامل، مبيناً أنها خطوة أوليّة لتطوير منتجات تأمينية تغطّي أخطار نقل الإبل وتناسب القيمة المعنوية لدى مُلاكها. وأشار رسلان إلى أن مالك الإبل يستطيع تنفيذ الخدمة دون تدخل بشري.
وسهّل نادي الإبل طريقة التأمين عبر الدخول إلى منصّة تأمين الإبل «أمّنها» الإلكترونية ودفع الرسوم ثم الحصول على البوليصة دون زيارة الشركة التأمينية أو حتى مقره. وتغطي الوثيقة نقل الإبل المؤمن عليها من الخسارة الكاملة أو الجزئية والتكاليف ذات الصلة حين نقلها براً.



موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
TT

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

وسط الأجواء المثقلة بالهموم والخوف أعادت رسالة هاتفية بعض الأمل إلى سكان مدينة بيروت، معلنةً عودة أمسيات «مترو المدينة». يتحدث أحد مؤسّسي «مترو» ومديره الفنّي، هشام جابر، مع «الشرق الأوسط» عن ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة. ينفض عنها «مفهوماً قديماً» حصر دورها بالترفيه وتمضية الوقت، ليحيلها إلى ما هو عميق وشامل، بجَعْلها، بأصنافها وجمالياتها، مطلباً مُلحّاً لعيش أفضل، وحاجة لتحقيق التوازن النفسي حين يختلّ العالم وتتهدَّد الروح.

موسيقيون عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة (مترو المدينة)

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة بفرادة الطابع والمزاج. أُريد للموسيقى خَلْق فسحة تعبيرية لاحتواء المَعيش، فتُجسّد أرضية للبوح؛ مُنجزةً إحدى وظائفها. تُضاف الوظيفة الأخرى المُمثَّلة بالإصرار على النجاة لمَنْح الآتي إلى الأمسية المُسمَّاة «موسيقى تحت النار» لحظات حياة. موسيقيون على البزق والدرامز والإيقاع والكمنجة... عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة. يُعلّق هشام جابر: «لم يكن ينقصنا سوى الغبار. جميعنا في معركة».

لشهر ونصف شهر، أُغلق «مترو». شمَلَه شلل الحياة وأصابته مباغتات هذه المرارة: «ألغينا برنامجاً افترضنا أنه سيمتدّ إلى نهاية السنة. أدّينا ما استطعنا حيال النازحين، ولمّا لمسنا تدهور الصحّة النفسية لدى المعتادين على ارتياد أمسيات المسرح، خطرت العودة. أردنا فسحة للفضفضة بالموسيقى».

لم يَسْلم تاريخ لبنان من الويل مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز (مترو المدينة)

يُشبّه المساحة الفنية التي يتيحها «مترو» بـ«علبة خارج الزمن». ذلك لإدراكه أنّ لبنان امتهن الصعاب ولم يَسْلم تاريخه من الويل، مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز. وامتهن اجتراح «العُلب»، وهي الفسحات الرقيقة. منها يُواجه أقداره ويُرمّم العطب.

استمرّت الحفلات يومَي 20 و21 الحالي، وسلّمت «موسيقى تحت النار» أنغامها لعرض سُمِّي «قعدة تحت القمر»، لا يزال يتواصل. «هذا ما نجيده. نعمل في الفنّ»، يقول هشام جابر؛ وقد وجد أنّ الوقت لا ينتظر والنفوس مثقلة، فأضاء ما انطفأ، وحلَّ العزفُ بدل الخوف.

يُذكِّر بتاريخ البشرية المضرَّج بالدماء، وتستوقفه الأغنيات المولودة من ركام التقاتُل الأهلي اللبناني، ليقول إنّ الحروب على مرّ العصور ترافقت مع الموسيقى، ونتاج الفنّ في الحرب اللبنانية تضاعف عمّا هو في السلم. يصوغ المعادلة: «مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل». ذلك يوازي «تدليك الحالة»، ويقصد تليينها ومدّها بالاسترخاء، بما يُشبه أيضاً إخضاع جهاز لـ«الفرمتة»، فيستعيد ما تعثَّر ويستردّ قوةً بعد وهن.

أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة (مترو المدينة)

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد تقول «تمسّك بها»، ولسان يهمس «لا تستسلم». أتاح المسرح هذا القول والهَمْس، ففوجئ هشام جابر بالإقبال، بعد الظنّ أنه سيقتصر على معارف وروّاد أوفياء. يقول: «يحضر الناس لكسر الشعور بالعزلة. يريدون مساحة لقاء. بعضهم آلمته الجدران الأربعة وضخّ الأخبار. يهرعون إلى المسرح لإيجاد حيّز أوسع. ذلك منطلقه أنّ الفنّ لم يعد مجرّد أداة ترفيهية. بطلَ هذا الدور منذ زمن. الفنون للتعافي وللبقاء على قيد الحياة. أسوةً بالطعام والشراب، تُغذّي وتُنقذ».

كفَّ عن متابعة المسار السياسي للحرب. بالنسبة إليه، المسرح أمام خيارَيْن: «وضع خطّة للمرحلة المقبلة وإكمال الطريق إنْ توقّفت النار، أو الصمود وإيجاد مَخرج إنْ تعثَّر الاتفاق. في النهاية، المسارح إيجارات وموظّفون وكهرباء وتكاليف. نحاول أن يكون لنا دور. قدّمنا عروضاً أونلاين سمّيناها (طمنونا عنكم) ترافقت مع عرض (السيرك السياسي) ذائع الصيت على مسرحنا. جولته تشمل سويسرا والدنمارك وكندا...».

ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة (مترو المدينة)

ويذكُر طفولة تعمَّدت بالنار والدخان. كان في بدايات تفتُّح الوعي حين رافق والده لحضور حفل في الثمانينات المُشتعلة بالحرب الأهلية. «دخلنا من جدار خرقته قذيفة، لنصل إلى القاعة. اشتدّ عودنا منذ تلك السنّ. تعلّقنا بالحياة من عزّ الموت. لبنان حضارة وثقافة ومدينة وفنّ. فناء تركيبته التاريخية ليست بهذه البساطة».

يرى في هذه المحاولات «عملاً بلا أمل». لا يعني إعلان اليأس، وإنما لشعورٍ بقسوة المرحلة، «يخذلني الضوء حيال الكوكب بأسره، ولم يعُد يقتصر غيابه على آخر النفق. حين أردّد أنني أعمل بلا أمل، فذلك للإشارة إلى الصعوبة. نقبع في مربّع وتضيق بنا المساحة. بالفنّ نخرج من البُعد الأول نحو الأبعاد الثلاثة. ومن الفكرة الواحدة إلى تعدّدية الأفكار لنرى العالم بالألوان. كما يُحدِث الطبيب في الأبدان من راحة وعناية، يحتضن الفنّ الروح ويُغادر بها إلى حيث تليق الإقامة».