ورق من مخلفات الموز يقضي على آفات البطاطا

حقل بطاطس في كينيا استخدم التقنية الجديدة (الفريق البحثي)
حقل بطاطس في كينيا استخدم التقنية الجديدة (الفريق البحثي)
TT

ورق من مخلفات الموز يقضي على آفات البطاطا

حقل بطاطس في كينيا استخدم التقنية الجديدة (الفريق البحثي)
حقل بطاطس في كينيا استخدم التقنية الجديدة (الفريق البحثي)

توصلت دراسة أميركية لجامعة ولاية كارولينا الشمالية، إلى أن تغليف درنات البطاطا بورق قابل للتحلل الحيوي مصنوع من أجزاء غير صالحة للاستعمال من نبات الموز، يقلل من الإصابة والآثار الضارة لمسببات الأمراض النباتية السيئة، وهي دودة تسمى «نيماتودا» البطاطا، ويزيد بشكل حاد من حجم البطاطا وإنتاجيتها.
وخلال الدراسة التي نُشرت في 8 مارس (آذار) بدورية «نيتشر سيستنابليتي»، أثبت الباحثون، أن ورق الموز يساعد في تعطيل الإشارات بين النبات والدودة؛ ما يمنع انتشار مسببات الأمراض ونموها.
ونمت درنات البطاطا المزروعة داخل الورق المحتوي على كميات ضئيلة من مادة كيميائية قاتلة للديدان تسمى «أبامكتين»، أكبر وأكثر وفرة من البطاطا المزروعة من دون الورق أو في الحقول التي تم رشها باستخدام «الأبامكتين» وحده.
وكانت غلة البطاطا أكبر بخمس مرات من المجموعة الضابطة، عندما تم تزويد ورق الموز بجرعة 100 نانوغرام من «الأبامكتين»، وهو جزء ضئيل من الكمية التي يرشها المزارعون عادة في الحقول لحماية البطاطا.
يقول تشارلز أوبرمان، المؤلف المشارك بالدراسة وأستاذ علم أمراض النبات في جامعة ولاية كارولينا الشمالية «كنا نعلم أن ورق الموز سيكون ناجحاً، ولكن ليس إلى هذا الحد... حققنا في السابق بعض النجاح في زيادة غلة البطاطا باستخدام الطريقة نفسها، ولكن لم يتم الإبلاغ عن أي شيء مع البطاطا». وتواجه البطاطا آفة «نيماتودا»، وهي آفة عالمية يمكن أن تسبب أضراراً جسيمة، ويقول الباحثون، إن غلة البطاطا في بعض المناطق في أفريقيا تراجعت بنسبة 60 في المائة بسببها. وصُنعت الورقة المستخدمة في المقاومة في قسم المواد الحيوية للغابات بولاية نورث كارولاينا من منتج نفايات الموز.
تقول طاهرة بيرزادا، المؤلفة المشاركة في الدراسة وباحثة ما بعد الدكتوراه في قسم الهندسة الكيميائية والبيولوجية الجزيئية بجامعة ولاية نورث كارولاينا في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة بالتزامن مع الدراسة «يتم تشكيل صفائح طويلة من ورق الموز المرن، وتستخدم قطّاعة الورق لقص الورق إلى قطع صغيرة يمكن أن تلتف حول بذور البطاطا؛ ثم يتم زرع تلك العبوات».
وفي الاختبارات الميدانية المصممة لاختبار فاعلية ورق الموز ضد نيماتودا البطاطا، قام باحثون في كينيا بزراعة البطاطا بأربع طرق مختلفة، إحداها ملفوفة بورق موز مع جرعات منخفضة من أبامكتين، ملفوفة في ورق الموز دون أبامكتين، من دون أي ورق موز، ولكن في الحقول التي يتم رشها بأبامكتين، وفي مجالات المراقبة دون استخدام ورق الموز أو المعالجة الكيميائية.
وأظهرت النتائج، أن ورق الموز مع أو من دون المادة الكيميائية القاتلة للديدان، منع بشكل فعال غزو البطاطا في الحقل وزيادة غلة البطاطا وحجمها، وكانت أنظمة جذر البطاطا أيضاً أكثر كثافة عند استخدام الورق.
ولمزيد من اختبار دور الورقة، أجرى الباحثون أيضاً دراسات مختبرية كشفت عن العامل الممرض للمواد الكيميائية المنبعثة من جذور نبات البطاطا، والمعروفة باسم إفرازات الجذر، مع ورق الموز ومن دونه.
تقول جولييت أوتشولا، المؤلفة الرئيسية للدراسة والتي عملت على الدراسات المعملية في كينيا وهي الآن حاصلة على درجة الدكتوراه من جامعة ولاية نورث كارولاينا، إن ورق الموز امتص هذه المواد الكيميائية وأوقفها بسرعة.
وتضيف «تحب الديدان الخيطية هذه المواد الكيميائية ؛ فهي تحفز عملية نمو الديدان الخيطية وتطلعها على أفضل المواقع لإصابة النبات، لكن ورق الموز - مع أو من دون جرعات من الأبامكتين - يعطل الإشارة بين البطاطا والنيماتودا، ولا تستطيع الديدان الخيطية اكتشاف هذه المركبات؛ لذلك لا تنمو ولا تعرف مكان إصابة النبات».
ويقوم الباحثون حالياً باختبار التقنية على محاصيل خضراوات أخرى، ويتطلعون إلى تسويق هذه التكنولوجيا، والتي يمكن أن تدفع التنمية الاقتصادية في أفريقيا. تقول بيرزادا «جمال هذا النهج هو أنه مباشر وغير مكلف ومستدام؛ ويمكن للمزارعين اعتماده على نطاق أصغر، ولا تستخدم أي مواد كيميائية في عملية صناعة الورق».


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً