تحذير أميركي من «وحشية» جنرال روسي في أوكرانيا

تحذير أميركي من «وحشية» جنرال روسي في أوكرانيا
TT

تحذير أميركي من «وحشية» جنرال روسي في أوكرانيا

تحذير أميركي من «وحشية» جنرال روسي في أوكرانيا

أكدت أوكرانيا أن موسكو تحشد قواتها في الشرق لشن هجوم كبير، فيما أعلن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، أمس (الأحد)، أنه يتوقع أن يعمد الجنرال الروسي ألكسندر دفورنيكوف المعين حديثاً للإشراف على العمليات في أوكرانيا، إلى تدبير جرائم وأعمال وحشية بحق المدنيين الأوكرانيين. ولم يذكر سوليفان أي دليل عن الضابط الذي خدم سابقاً في سوريا
وقال سوليفان في مقابلة مع برنامج «حالة الاتحاد» الذي تبثه شبكة «سي إن إن» الأميركية إن «الكرملين مسؤول» عن استهداف المدنيين.
في غضون ذلك، تعرض مطار دنيبرو، المدينة الكبيرة في شرق أوكرانيا، لقصف روسي جديد أمس (الأحد) أدى إلى «تدميره بالكامل»، بحسب ما أعلن مسؤول محلي. وكتب فالنتين ريزنيتشينكو، حاكم منطقة دنيبرو على «تلغرام»: «هجوم جديد على مطار دنيبرو. لم يبقَ منه شيء. المطار نفسه والبنى التحتية المجاورة دمرت. والصواريخ لا تزال تسقط». وأضاف: «نعمل على إحصاء الضحايا». وسبق أن استهدف قصف روسي مطار دنيبرو في 15 مارس (آذار) ودُمّر مدرج الإقلاع والهبوط وتضرّر مبنى المطار. ودنيبرو مدينة صناعية يبلغ عدد سكانها مليون نسمة يمر عبرها نهر دنيبر الذي يفصل شرق أوكرانيا عن بقية مناطق البلاد.
تدمير أسلحة أوكرانية
وذكرت وكالة «إنترفاكس» للأنباء نقلاً عن وزارة الدفاع الروسية أن طائرات هليكوبتر هجومية روسية دمرت قافلة من المركبات المدرعة الأوكرانية وأسلحة مضادة للطائرات. ونقلت الوكالة عن الوزارة قولها في بيان، إن «طائرات هليكوبتر هجومية من طراز كيه.إيه-52... دمرت أسلحة ومعدات عسكرية للقوات المسلحة الأوكرانية». وقالت وكالة الأنباء إن الوزارة نشرت لقطات فيديو لطائرات هليكوبتر هجومية من طراز «كيه.إيه-52» تحلق على ارتفاع منخفض للغاية وتطلق صواريخ ونيران المدافع على أهداف أرضية.
وعلى صعيد المعركة، قالت وزارة الدفاع الأوكرانية أمس (الأحد)، إن قواتها المسلحة استخدمت صواريخ ستار ستريك مانباد بريطانية الصنع لأول مرة ودمرت طائرة روسية من دون طيار من طراز «أورلان-10». وذكرت وزارة الدفاع الروسية أنها دمرت منصات إطلاق أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات الأوكرانية «إس-300» في مطار تشوهيف وبالقرب من قرية في منطقة ميكولايف في جنوب أوكرانيا.
الشرق ودعوات البابا
وفي الشرق، أصبحت دعوات المسؤولين الأوكرانيين للمدنيين بالفرار أكثر إلحاحاً بعد هجوم صاروخي يوم الجمعة على محطة قطارات في مدينة كراماتورسك بمنطقة دونيتسك، كانت مكتظة بالنساء والأطفال وكبار السن الذين يحاولون المغادرة. وقال مسؤولون أوكرانيون إن أكثر من 50 شخصاً قتلوا. ونفت روسيا مسؤوليتها قائلة إن طراز الصواريخ المستخدمة في الهجوم لا يستخدمه سوى الجيش الأوكراني. وتقول الولايات المتحدة إنها تعتقد أن القوات الروسية مسؤولة عن الهجوم.
وكتب حاكم المنطقة سيرهي جايداي على تطبيق «تلغرام»، قائلاً إنه ستكون هناك تسعة قطارات متوفرة لمغادرة سكان منطقة لوغانسك.
ودعا البابا فرنسيس إلى هدنة في عيد القيامة بأوكرانيا وأدان «حماقة الحرب» أثناء رئاسته قداس أحد الشعانين (أحد السعف) في ساحة القديس بطرس أمام عشرات الآلاف من الزوار. وحث البابا أيضاً على إجراء مفاوضات للتوصل إلى حل للصراع. وقال في إشارة على ما يبدو إلى روسيا: «أي نوع من النصر هذا الذي يرفع علماً فوق كومة من الأنقاض؟».
العثور على جثث جديدة
أعلنت النائبة العامة الأوكرانية ايرينا فينيديكتوفا الأحد، أنه تمّ العثور على 1222 جثة في منطقة كييف حتى الآن. وقالت في مقابلة مع قناة «سكاي نيوز» البريطانية: «لدينا الآن، حتى هذا الصباح فقط، 1222 جثة في منطقة كييف وحدها». ولم تحدد ما إذا كانت جثث مدنيين حصراً. وقبل أسبوع، أعلنت فينيديكتوفا العثور على جثث 410 مدنيين في مناطق استرجعتها القوات الأوكرانية في منطقة كييف. ولفتت حينها إلى احتمال وجود جثث أخرى لم تجمع بعد ولم تتم معاينتها. في مدينة بوتشا وحدها، في شمال غربي كييف، دُفن نحو 300 شخص في مقابر جماعية، بحسب حصيلة السلطات الأوكرانية في 2 أبريل (نيسان).
وقال مسؤول أوكراني إنه تم العثور على مقبرة تضم جثتين لمدنيين على الأقل في قرية بوزوفا بالقرب من كييف، في أحدث اكتشاف من نوعه منذ الانسحاب الروسي من مناطق في شمال العاصمة. وكان تاراس ديديتش رئيس منطقة دميتريفكا التي تضم بوزوفا قد قال في وقت سابق للتلفزيون الأوكراني، إنه تم العثور على عشرات الجثث. وأبلغ «رويترز» عبر الهاتف: «ننتشل الآن بينما نتحدث جثتي قرويين تم قتلهما... هناك آخرون لا يمكننا العثور عليهم. ربما هم في أماكن مختلفة». ورفضت روسيا مزاعم أوكرانيا والدول الغربية بارتكاب جرائم حرب. ونفت استهداف مدنيين فيما تسميه «عملية خاصة» لنزع سلاح أوكرانيا و«القضاء على النازيين» فيها. ورفضت أوكرانيا والدول الغربية ذلك باعتباره ذريعة لا أساس لها لشن حرب.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية إن موسكو تسعى لإنشاء ممر بري من شبه جزيرة القرم التي ضمتها في 2014 ومنطقة دونباس في شرق البلاد التي يسيطر عليها جزئياً انفصاليون تدعمهم موسكو. وأظهرت صور الأقمار الصناعية التي نشرتها شركة ماكسار الأميركية الخاصة بتاريخ الثامن من أبريل عربات مدرعة وشاحنات في قافلة عسكرية تتحرك جنوباً باتجاه دونباس عبر بلدة على بعد 100 كيلومتر شرقي خاركيف. وتتعرض بعض المدن في الشرق لقصف عنيف ولا يستطيع عشرات الآلاف المغادرة.
سرقة مواد إشعاعية
سرقت القوات الروسية التي احتّلت محطة تشيرنوبيل النووية مواد إشعاعية من مختبرات الأبحاث، وفق ما أوردت الوكالة الحكومية الأوكرانية لإدارة المنطقة المحظورة أمس (الأحد)، مشيرة إلى أن هذه المواد قد تفتك بمن تعرّضوا لها. وكانت القوات الروسية قد سيطرت على المحطة في اليوم الأول من العملية التي أطلقتها في 24 فبراير (شباط) لغزو أوكرانيا. ومدى شهر ونيّف احتلّت هذه القوات المنطقة التي تشهد نشاطاً إشعاعياً كبيراً، لتعود وتخرج منها في 31 مارس (آذار).
وأوردت الوكالة على «فيسبوك» أن القوات الروسية نهبت مختبرين في المنطقة. وأشارت إلى أن الروس دخلوا منطقة تخزين وسرقوا 133 مادة شديدة الإشعاع. وحذّرت الوكالة من أن «التعرّض لهذه الإشعاعات ولو بنسبة قليلة فتّاك».
وكان وزير الطاقة الأوكراني يرمان غولاشتشنكو قد حذّر هذا الأسبوع من أن جنوداً روساً عرّضوا أنفسهم لكمية «صادمة» من الإشعاعات النووية، وقال إن بعضاً من هؤلاء قد يموتون في غضون أقل من عام. والجمعة، جاء في منشور لغولاشتشنكو على «فيسبوك» عقب تفقّده المنطقة المحظورة: «لقد حفروا بأيديهم التربة الملوثة بالإشعاعات، ووضعوا تراباً إشعاعياً في أكياس الرمل، لقد تنشقوا هذا الغبار».
وأوضح الوزير أن «من يتعرّضون لهذه الإشعاعات مدى شهر يتبقى لهم عام واحد كحد أقصى للعيش. وتوخياً للدقة، ليس العيش بل الموت البطيء من جراء الأمراض».
وتابع: «كل جندي روسي سيعيد معه إلى بلاده شيئاً من تشيرنوبيل، حياً أو ميتاً». وشدد على أن المعدات العسكرية الروسية ملوّثة أيضاً. وقال: «مستوى الجهل لدى الجنود الروس يثير الصدمة». وشهدت محطة تشيرنوبيل في عام 1986 أسوأ كارثة نووية في التاريخ.


مقالات ذات صلة

صادرات الأسلحة الأميركية تسجل رقماً قياسياً في 2024

الولايات المتحدة​ جندي أميركي يتفقد قذائف قبل إرسالها إلى أوكرانيا (أ.ب)

صادرات الأسلحة الأميركية تسجل رقماً قياسياً في 2024

قالت وزارة الخارجية الأميركية إن مبيعات العتاد العسكري الأميركي لحكومات أجنبية في عام 2024 ارتفعت 29 % إلى مستوى قياسي بلغ 318.7 مليار دولار.

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي: بوتين يسعى لاستغلال جهود ترمب الرامية إلى تحقيق السلام

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحاول التلاعب بجهود الرئيس الأميركي دونالد ترمب الرامية للوصول إلى حل سلمي للحرب.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يمين) ورئيس الإدارة الرئاسية الأوكرانية أندريه يرماك في البيت الأبيض (قناة يرماك عبر «تلغرام»)

أوكرانيا ترفض مفاوضات سلام بين بوتين وترمب في غياب كييف وأوروبا

شددت الرئاسة الأوكرانية، اليوم الجمعة، على رفضها أي مفاوضات سلام بين الرئيسين؛ الروسي فلاديمير بوتين، والأميركي دونالد ترمب، في غياب كييف وأوروبا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال تكريم عدد من العاملين في جامعة موسكو (أ.ب)

بوتين يؤكد استعداده لمفاوضات مع ترمب بشأن أوكرانيا

أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه مستعد لمفاوضات مع نظيره الأميركي دونالد ترمب بشأن أوكرانيا، غداة دعوة الرئيس الأميركي لعقد اجتماع فوري بينهما.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا جندي أوكراني من كتيبة آزوف يحمل قذيفة مدفعية من عيار 155 مم في الجبهة قرب دونيتسك (أ.ب)

كييف تعلن استعادة 757 جثة لجنود أوكرانيين من روسيا

أعلنت كييف، الجمعة، أن روسيا أعادت 757 جثة لجنود أوكرانيين قُتلوا في المعارك، في أكبر عملية من نوعها منذ بداية الحرب.

«الشرق الأوسط» (كييف)

أوروبا قلقة من سياسات ترمب... والصين تستعدّ لاقتناص الفرصة

دونالد ترامب وشي جينبينغ خلال قمة مجموعة الـ20 في أوساكا باليابان في 29 يونيو 2019 (رويترز)
دونالد ترامب وشي جينبينغ خلال قمة مجموعة الـ20 في أوساكا باليابان في 29 يونيو 2019 (رويترز)
TT

أوروبا قلقة من سياسات ترمب... والصين تستعدّ لاقتناص الفرصة

دونالد ترامب وشي جينبينغ خلال قمة مجموعة الـ20 في أوساكا باليابان في 29 يونيو 2019 (رويترز)
دونالد ترامب وشي جينبينغ خلال قمة مجموعة الـ20 في أوساكا باليابان في 29 يونيو 2019 (رويترز)

غير خافٍ أن الدول الأوروبية عموماً ودول الاتحاد الأوروبي خصوصاً، تتهيّب مرحلة إقامة دونالد ترمب الثانية في البيت الأبيض، لأن رجل الأعمال الجمهوري يتّبع سياسة الصقور في العلاقات الخارجية، وربما مع الحليف قبل الخصم، انطلاقاً من «حق» الولايات المتحدة في قيادة العالم، و«واجب» المستظلين بحمايتها من حيث تأدية ما يستحق عليهم من واجبات، ليس أقلها - على سبيل المثال – كلامه عن ضرورة رفع الإنفاق الدفاعي للدول المنتمية إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) من 2 إلى 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي عتبة قد لا تستطيع الولايات المتحدة نفسها بلوغها.

سياسة الصقور هذه تتمثل أيضاً في أن المحيطين بترمب يدعون إلى الانسحاب السريع للقوات الأميركية المنتشرة في أوروبا تحضيراً لمواجهة الصين بشكل أفضل، على أساس أن العملاق الأصفر هو مصدر التهديد الأكبر للولايات المتحدة، وبالتالي يجب توجيه الجهود إلى عملية احتوائه ودرء الأخطار التي يمثلها، بينما الدول الأوروبية «غنية»، وقادرة على الاعتناء بأنفسها.

من المؤكد أن القادة الصينيين، وعلى رأسهم الرئيس شي جينبينغ، يدركون أن عودة ترمب إلى البيت الأبيض سوف تؤدي إلى تعقيد العلاقات الجيوسياسية بين صاحبَي الاقتصادين الأول والثاني في العالم؛ ما يرفع منسوب خطر التسبب باضطرابات اقتصادية وأزمات سياسية وعسكرية على مستوى الكرة الأرضية، غير أنهم بحنكتهم وسياسة الصبر والتروّي التي يعتمدونها قد يرون في نهج ترمب فرصاً دسمة. والمقصود هنا تحديداً استثمار الصين في أي تباعد أميركي – أوروبي لتعزيز الحضور في القارة العجوز، ففي مشهد خلافيّ بين ضفّتي الأطلسي، سوف يضاعف الأوروبيون حكماً علاقاتهم التجارية مع بكين (بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين والاتحاد الأوروبي 739 مليار يورو عام 2023)، لأنهم سيحتاجون إليها للحفاظ على الحد الأدنى من المستوى الاقتصادي الذي يسمح لهم بتمويل جهودهم الدفاعية المتزايدة.

رئيس قرغيزستان صدير جاباروف خلال الاحتفال بإطلاق خط السكك الحديدية الرابط بين الصين وقرغيزستان وأوزبكستان (أ.ف.ب)

* الطريق إلى أوروبا

في ظل الراهن والمتوقّع، تعمل القيادة الصينية على تأمين طرق النفاذ إلى أوروبا ضماناً لحسن انسياب السلع بين الجانبين، وهذا ليس بمستغرب على من أطلق «مبادرة الحزام والطريق»؛ لذلك تسعى الصين بنشاط إلى إيجاد طريق إلى أوروبا يتجاوز روسيا - ممرها الأول نحو «الغرب القديم»، لأن العقوبات الغربية المفروضة على موسكو بسبب حرب أوكرانيا تعرقل التجارة، وتزيد أخطار عدم الاستقرار على طول الطرق البحرية. ومن شأن الطريق البديل أن يمكّن الصين من توسيع صادراتها، وتعزيز قدرتها التنافسية وتسريع تسليم السلع والمنتجات إلى المستوردين مع زيادة أحجام التجارة.

يكفي النظر إلى الخرائط للتأكد من أن طريق الصين البديل إلى أوروبا يمر عبر آسيا الوسطى وبالتحديد كازاخستان وأوزبكستان وقرغيزستان. وقد شهدت الأخيرة أواخر العام الماضي الاحتفال بإطلاق خط السكك الحديدية الرابط بين الصين وقرغيزستان وأوزبكستان، وهو مشروع طال انتظاره على امتداد طريق الحرير التاريخي. والواقع أن المشروع، الذي اقترحته أوزبكستان عام 1996، اكتسب زخماً، وازداد أهمية بسبب الضغوط الجيوسياسية الناجمة عن الحرب بين روسيا وأوكرانيا والعقوبات القاسية المفروضة على روسيا وجارتها بيلاروسيا.

(ويكيميديا)

من المتوقع أن ينقل خط القطارات هذا نحو 15 مليون طن من البضائع سنوياً، ما يخفض أوقات التسليم إلى أوروبا 7 أيام مقارنة بالطرق الحالية، لكنّ الوصول إلى هذا الواقع ليس بالأمر السريع، فإنشاء الخط سيبدأ في يوليو (تموز) المقبل على أن يكون المشروع منجَزاً بعد 6 سنوات. وفي انتظار ذلك، يبقى «الممر الأوسط» الذي يبدأ في تركيا، ويمر عبر منطقة القوقاز وبحر قزوين وآسيا الوسطى هو أقصر طريق بين غرب الصين وأوروبا.

الطرق البديلة أمر لن يعجب روسيا التي ترى في دول آسيا الوسطى منطقة نفوذ لها بحكم حقائق الجغرافيا ووقائع التاريخ، لكن موسكو لا تملك وسائل ضغط كبيرة على بكين، خصوصاً مع ظل غرقها في وحول الحرب الأوكرانية التي ستكمل الشهر المقبل عامها الثالث؛ فالصين تستورد من روسيا كميات ضخمة من النفط الخام والغاز الطبيعي، في عملية تلبي حاجة الصناعة الصينية إلى مصادر الطاقة، وترفد الاقتصاد الروسي بالمال اللازم للصمود في مواجهة متطلبات الحرب وعبء العقوبات.

ويقول إدوارد ليمون، الأكاديمي المتخصص في شؤون آسيا الوسطى في جامعة «تكساس آي إن إم» الأميركية: «كان اعتماد آسيا الوسطى على روسيا كدولة عبور للتجارة عاملاً رئيسياً في نفوذ الأخيرة إقليمياً، لكن في نهاية المطاف، ومع انشغالها بالحرب في أوكرانيا وحاجتها الماسة إلى حلفاء في المنطقة، ليس بوسع روسيا أن تفعل الكثير حيال التمدد الصيني».

أعلام الاتحاد الأوروبي خارج مقر المفوّضية الأوروبية في العاصمة البلجيكية بروكسل (رويترز)

* الشباك الصينية

أحجم الرئيس الأميركي السابع والأربعون حتى الآن عن تنفيذ تهديده بفرض رسوم جمركية باهظة على الصين، وقال إن البلدين يمكن أن ينسجا «علاقة جيدة للغاية». وأكد شي جينبينغ في المقابل أن محادثته الهاتفية مع ترمب قبل أيام من تنصيبه هي «نقطة بداية جديدة»، وأرسل نائبه هان تشنغ إلى العاصمة الأميركية لحضور احتفال التنصيب، وهو أرفع مسؤول صيني يحضر هذا الحدث على الإطلاق.

غير أن ترمب لا يزال يلوّح بعصا الرسوم الجمركية، وقال في هذا الصدد: «لدينا ورقة قوة واحدة كبيرة جداً حيال الصين، وهي الرسوم الجمركية. هم لا يريدونها، وأفضل ألا أضطر إلى استخدامها، لكنها ورقة قوة هائلة». وبالتالي فإن «شهر العسل» الأميركي – الصيني قد لا يطول كثيراً، فتتلبّد الغيوم، وتقع المواجهة، وتندلع حرب تجارية جديدة بين الجانبين.

إذا استعمل سيّد البيت الأبيض هذه الورقة، فستكون الصين سعيدة للغاية بتوجيه قسط كبير من عملياتها التجارية من الولايات المتحدة إلى أوروبا. وسيرتاح الأوروبيون بدورهم، ويتمسكون بوسيلة تخفف عبء التكاليف الاقتصادية للسياسات الأميركية حيالهم، لكن هذا قد يجعل أوروبا مع الوقت تعتمد أكثر على الصين. فأين مصلحة أميركا في دفع حليفها الغربي الطبيعي بعيداً عنها؟

يرى محللون وخبراء أن أي استراتيجية أميركية لاحتواء الصين وردعها يجب أن تأخذ في الاعتبار مراعاة أكبر كتلة تجارية في العالم، أي الاتحاد الأوروبي بدوله السبع والعشرين. فبقاء الاتحاد في تحالف وثيق مع واشنطن يتوقف إلى حد كبير على إدارة الثانية للعلاقة عبر الأطلسي. أما دفع الأوروبيين نحو الاعتماد على الصين اقتصادياً والطلب منهم في الوقت نفسه أن يعززوا إنفاقهم الدفاعي لتعزيز حائط الصد الغربي في وجه الصين وروسيا فأمر يجافي المنطق، ويضرّ بالمصلحة الأميركية بالذات، لأن شنّ ترمب المحتمل لحربين تجارتين ضد الاتحاد الأوروبي والصين في آنٍ واحد سيؤدي إلى تحولات حتمية في المشهد الجيوسياسي.