إسرائيل تهاجم مجدداً في جنين... وتحاول عزلها عن باقي المناطق

رجل مسن فلسطين في جنين بالضفة الغربية امس. ( أ ف ب)
رجل مسن فلسطين في جنين بالضفة الغربية امس. ( أ ف ب)
TT
20

إسرائيل تهاجم مجدداً في جنين... وتحاول عزلها عن باقي المناطق

رجل مسن فلسطين في جنين بالضفة الغربية امس. ( أ ف ب)
رجل مسن فلسطين في جنين بالضفة الغربية امس. ( أ ف ب)

شنت إسرائيل هجوماً ثانياً على مدينة جنين شمال الضفة الغربية، وقتلت فلسطينية في بيت لحم، في خضم هجوم أعلن عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت، بعد سلسلة عمليات في قلب إسرائيل نفذها فلسطينيون وقتلوا خلالها 14 إسرائيلياً في غضون 3 أسابيع كانت صعبة ومحرجة ومليئة بالمفاجآت للإسرائيليين.
واقتحم الجيش الإسرائيلي مدينة جنين، وبلدة يعبد القريبة منها واعتقلت نحو 12 شخصاً من هناك بعد اشتباكات مسلحة وبالحجارة والزجاجات الحارقة، وهي اشتباكات اختبرها الجيش السبت، عندما اقتحم مخيم جنين لاعتقال والد الشاب رعد حازم منفذ عملية تل أبيب الأخيرة ولم ينجح.
وزجت إسرائيل بقوات كبيرة إلى بلدة يعبد بداية، وحاصرتها ونشرت قناصة على أسطح عدد من المنازل قبل أن تشتبك مع فلسطينيين أثناء تنفيذ عملية اعتقالات واسعة ودهم، طالت منازل ومحلات تجارية ومؤسسات خلفت مصابين بين الفلسطينيين ومعتقلين، وبلاغاً لعائلة ضياء حمارشة منفذ عملية «بني براك» قبل نحو أسبوعين، بهدم منزلهم. كما اقتحمت يعبد قبل أن تعود لاقتحام مدينة جنين، وتواجه كذلك مقاومة عنيفة.
وقال الجيش الإسرائيلي إن وحدات عسكرية شاركت في عملية تمشيط واعتقالات في منطقة جنين، اعتقلت خلالها خلية من قرية يعبد كانت تخطط لتنفيذ هجوم في إسرائيل، وصادرت ذخيرة وعبوة ناسفة كانت ستستخدم في تنفيذ هذا الهجوم.
وجاء التركيز على جنين بسبب أن منفذي عمليتي «بني براك» و«تل أبيب» اللتين وجهتا ضربة للمنظومة الأمنية الإسرائيلية، خرجا من هناك.
وقررت إسرائيل تنفيذ هجوم مركز في جنين وعزلها ما أمكن عن باقي المناطق الفلسطينية الأخرى في الضفة والقدس وغزة.
وقال بنيت إن إسرائيل انتقلت إلى حالة الهجوم ضد الفلسطينيين، مضيفاً: «قواتنا تعمل ليلاً ونهاراً في منطقة جنين من أجل استهداف جذور هذا التطرف».
وكانت إسرائيل قررت في ختام جلسة أمنية عقدها وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، جملة من العقوبات ضد جنين، بما في ذلك «عدم السماح لمواطني إسرائيل العرب بدخول مدينة جنين، ومنع دخول تجار ورجال أعمال كبار من سكان جنين إلى إسرائيل، ومنع الزيارات العائلية من جنين إلى إسرائيل، ووقف نقل البضائع التجارية من جنين وإليها».
وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تعمل على عزل الأحداث الجارية في شمال الضفة الغربية خصوصاً جنين، عن باقي المناطق الفلسطينية، ومنع امتدادها. لكن التصعيد الإسرائيلي طال مناطق أخرى.
وقتلت إسرائيل فلسطينينة في بيت لحم ونفذت اعتقالات من مناطق أخرى بالضفة الغربية شهدت مواجهات وإصابات.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية مقتل المواطنة غادة إبراهيم علي سباتين في العقد الرابع من عمرها، «متأثرة بإصابتها برصاص الاحتلال على المدخل الشرقي في قرية حوسان غرب بيت لحم». وأطلق جنود النار على سباتين وهي تسير ودون أن تشكل أي خطر بعدما لم تفهم كما يبدو أوامر لها بالتوقف.
ومقابل التصعيد الإسرائيلي، صعد الفلسطينيون بإحراق «قبر يوسف» في نابلس، وهو قبر يقدسه الإسرائيليون، ما أثار غضباً مضاعفاً في تل أبيب. وخرج بنيت ليقول: «لقد كسروا الشاهد في القبر، أحرقوا غرفاً في الموقع، وشاهدت الصور وصُدمت. ولن نستسلم لاستهداف كهذا، لمكان مقدس لنا نحن اليهود، وسنصل إلى المشاغبين. وسنهتم طبعاً بإعادة بناء ما دمروا، مثلما نفعل دائماً».
ويقع «قبر يوسف» شرق مدينة نابلس، وهي منطقة خاضعة للسلطة الفلسطينية، ويزوره المستوطنون بعد تنسيق يجريه الجيش الإسرائيلي مع السلطة.
ويقول اليهود إن هذا القبر يضم بعضاً من رفات النبي يوسف، عليه السلام، لكن الفلسطينيين ومؤرخين عرباً ينفون ذلك.
وبعد إحراق القبر أرسل غانتس رسالة حادة للسلطة، قائلاً إن ما حدث يمثل «اعتداء فاحشاً على حرية العبادة في أحد الأماكن الأكثر قدسية بالنسبة لكل يهودي، ومساساً بمشاعر الشعب اليهودي كله».
وطلب غانتس في رسالته «تكثيف وجود قوات السلطة في المكان فوراً، واتخاذ الإجراءات بحق المشاغبين والمخربين الذين يمسون بالاستقرار والأمن والأماكن المقدسة».
وتحاول إسرائيل تحريض السلطة وإشراكها بالعمل ضد مسلحين في شمال الضفة الغربية، لكن السلطة تحمل إسرائيل مسؤولية كل ما يجري.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، إن «غياب الأفق السياسي والتصعيد الميداني الإسرائيلي يدفع الأمور إلى مربع التصعيد في ظل غياب الأمل وفقدان الأمن والأمان».
وأضاف: «لا بديل عن الحل السياسي المرتكز على الشرعية الدولية لإنهاء الاحتلال».
واتهمت السلطة في بيان للخارجية رئيس الوزراء الإسرائيلي بإعطاء ضوء أخضر لجيشه بارتكاب الجرائم في الأراضي الفلسطينية، بعدما قال إنه لا توجد قيود على عملهم.
وأضافت: «إنه يرسل جنوده لاجتياح المناطق الفلسطينية ويتفاخر بعدم وجود أي قيود أو تقييدات على (أنشطة) جيش الاحتلال، وهو ما يعني عدم وجود أي محرمات أو قوانين يمكنها أن تضبط سلوك جيش الاحتلال وتصرفات عناصره. ولم يتوقف بنيت عند حد إطلاق آلة الدمار العسكرية ومواقفه وأقواله التحريضية على استباحة حياة الفلسطيني الأعزل، وإنما ذهب أبعد من ذلك بهدف تضليل الرأي العام العالمي والدول عندما تحدث عن (الانتقال من الدفاع عن النفس إلى الهجوم)، في محاولة لزرع الوهم لدى المجتمع الدولي بأن دولة الاحتلال كانت في (حالة دفاع عن النفس)، وهي الآن تنتقل إلى (الهجوم)، متناسياً ومتجاهلاً حقيقة أن إسرائيل تحتل أرض دولة فلسطين وتغتصبها بالقوة».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.