إسرائيل تهاجم مجدداً في جنين... وتحاول عزلها عن باقي المناطق

رجل مسن فلسطين في جنين بالضفة الغربية امس. ( أ ف ب)
رجل مسن فلسطين في جنين بالضفة الغربية امس. ( أ ف ب)
TT

إسرائيل تهاجم مجدداً في جنين... وتحاول عزلها عن باقي المناطق

رجل مسن فلسطين في جنين بالضفة الغربية امس. ( أ ف ب)
رجل مسن فلسطين في جنين بالضفة الغربية امس. ( أ ف ب)

شنت إسرائيل هجوماً ثانياً على مدينة جنين شمال الضفة الغربية، وقتلت فلسطينية في بيت لحم، في خضم هجوم أعلن عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت، بعد سلسلة عمليات في قلب إسرائيل نفذها فلسطينيون وقتلوا خلالها 14 إسرائيلياً في غضون 3 أسابيع كانت صعبة ومحرجة ومليئة بالمفاجآت للإسرائيليين.
واقتحم الجيش الإسرائيلي مدينة جنين، وبلدة يعبد القريبة منها واعتقلت نحو 12 شخصاً من هناك بعد اشتباكات مسلحة وبالحجارة والزجاجات الحارقة، وهي اشتباكات اختبرها الجيش السبت، عندما اقتحم مخيم جنين لاعتقال والد الشاب رعد حازم منفذ عملية تل أبيب الأخيرة ولم ينجح.
وزجت إسرائيل بقوات كبيرة إلى بلدة يعبد بداية، وحاصرتها ونشرت قناصة على أسطح عدد من المنازل قبل أن تشتبك مع فلسطينيين أثناء تنفيذ عملية اعتقالات واسعة ودهم، طالت منازل ومحلات تجارية ومؤسسات خلفت مصابين بين الفلسطينيين ومعتقلين، وبلاغاً لعائلة ضياء حمارشة منفذ عملية «بني براك» قبل نحو أسبوعين، بهدم منزلهم. كما اقتحمت يعبد قبل أن تعود لاقتحام مدينة جنين، وتواجه كذلك مقاومة عنيفة.
وقال الجيش الإسرائيلي إن وحدات عسكرية شاركت في عملية تمشيط واعتقالات في منطقة جنين، اعتقلت خلالها خلية من قرية يعبد كانت تخطط لتنفيذ هجوم في إسرائيل، وصادرت ذخيرة وعبوة ناسفة كانت ستستخدم في تنفيذ هذا الهجوم.
وجاء التركيز على جنين بسبب أن منفذي عمليتي «بني براك» و«تل أبيب» اللتين وجهتا ضربة للمنظومة الأمنية الإسرائيلية، خرجا من هناك.
وقررت إسرائيل تنفيذ هجوم مركز في جنين وعزلها ما أمكن عن باقي المناطق الفلسطينية الأخرى في الضفة والقدس وغزة.
وقال بنيت إن إسرائيل انتقلت إلى حالة الهجوم ضد الفلسطينيين، مضيفاً: «قواتنا تعمل ليلاً ونهاراً في منطقة جنين من أجل استهداف جذور هذا التطرف».
وكانت إسرائيل قررت في ختام جلسة أمنية عقدها وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، جملة من العقوبات ضد جنين، بما في ذلك «عدم السماح لمواطني إسرائيل العرب بدخول مدينة جنين، ومنع دخول تجار ورجال أعمال كبار من سكان جنين إلى إسرائيل، ومنع الزيارات العائلية من جنين إلى إسرائيل، ووقف نقل البضائع التجارية من جنين وإليها».
وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تعمل على عزل الأحداث الجارية في شمال الضفة الغربية خصوصاً جنين، عن باقي المناطق الفلسطينية، ومنع امتدادها. لكن التصعيد الإسرائيلي طال مناطق أخرى.
وقتلت إسرائيل فلسطينينة في بيت لحم ونفذت اعتقالات من مناطق أخرى بالضفة الغربية شهدت مواجهات وإصابات.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية مقتل المواطنة غادة إبراهيم علي سباتين في العقد الرابع من عمرها، «متأثرة بإصابتها برصاص الاحتلال على المدخل الشرقي في قرية حوسان غرب بيت لحم». وأطلق جنود النار على سباتين وهي تسير ودون أن تشكل أي خطر بعدما لم تفهم كما يبدو أوامر لها بالتوقف.
ومقابل التصعيد الإسرائيلي، صعد الفلسطينيون بإحراق «قبر يوسف» في نابلس، وهو قبر يقدسه الإسرائيليون، ما أثار غضباً مضاعفاً في تل أبيب. وخرج بنيت ليقول: «لقد كسروا الشاهد في القبر، أحرقوا غرفاً في الموقع، وشاهدت الصور وصُدمت. ولن نستسلم لاستهداف كهذا، لمكان مقدس لنا نحن اليهود، وسنصل إلى المشاغبين. وسنهتم طبعاً بإعادة بناء ما دمروا، مثلما نفعل دائماً».
ويقع «قبر يوسف» شرق مدينة نابلس، وهي منطقة خاضعة للسلطة الفلسطينية، ويزوره المستوطنون بعد تنسيق يجريه الجيش الإسرائيلي مع السلطة.
ويقول اليهود إن هذا القبر يضم بعضاً من رفات النبي يوسف، عليه السلام، لكن الفلسطينيين ومؤرخين عرباً ينفون ذلك.
وبعد إحراق القبر أرسل غانتس رسالة حادة للسلطة، قائلاً إن ما حدث يمثل «اعتداء فاحشاً على حرية العبادة في أحد الأماكن الأكثر قدسية بالنسبة لكل يهودي، ومساساً بمشاعر الشعب اليهودي كله».
وطلب غانتس في رسالته «تكثيف وجود قوات السلطة في المكان فوراً، واتخاذ الإجراءات بحق المشاغبين والمخربين الذين يمسون بالاستقرار والأمن والأماكن المقدسة».
وتحاول إسرائيل تحريض السلطة وإشراكها بالعمل ضد مسلحين في شمال الضفة الغربية، لكن السلطة تحمل إسرائيل مسؤولية كل ما يجري.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، إن «غياب الأفق السياسي والتصعيد الميداني الإسرائيلي يدفع الأمور إلى مربع التصعيد في ظل غياب الأمل وفقدان الأمن والأمان».
وأضاف: «لا بديل عن الحل السياسي المرتكز على الشرعية الدولية لإنهاء الاحتلال».
واتهمت السلطة في بيان للخارجية رئيس الوزراء الإسرائيلي بإعطاء ضوء أخضر لجيشه بارتكاب الجرائم في الأراضي الفلسطينية، بعدما قال إنه لا توجد قيود على عملهم.
وأضافت: «إنه يرسل جنوده لاجتياح المناطق الفلسطينية ويتفاخر بعدم وجود أي قيود أو تقييدات على (أنشطة) جيش الاحتلال، وهو ما يعني عدم وجود أي محرمات أو قوانين يمكنها أن تضبط سلوك جيش الاحتلال وتصرفات عناصره. ولم يتوقف بنيت عند حد إطلاق آلة الدمار العسكرية ومواقفه وأقواله التحريضية على استباحة حياة الفلسطيني الأعزل، وإنما ذهب أبعد من ذلك بهدف تضليل الرأي العام العالمي والدول عندما تحدث عن (الانتقال من الدفاع عن النفس إلى الهجوم)، في محاولة لزرع الوهم لدى المجتمع الدولي بأن دولة الاحتلال كانت في (حالة دفاع عن النفس)، وهي الآن تنتقل إلى (الهجوم)، متناسياً ومتجاهلاً حقيقة أن إسرائيل تحتل أرض دولة فلسطين وتغتصبها بالقوة».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.