«عشنا التجربة»... مسعفون سوريون يوثّقون لزملائهم الأوكرانيين إرشادات التعامل مع القصف الروسي

أعضاء من «الخوذ البيضاء» خلال تصوير فيديو وسط حطام بلدة أريحا السورية التي دمرها القصف الروسي في محافظة إدلب الشمالية الغربية (أ.ف.ب)
أعضاء من «الخوذ البيضاء» خلال تصوير فيديو وسط حطام بلدة أريحا السورية التي دمرها القصف الروسي في محافظة إدلب الشمالية الغربية (أ.ف.ب)
TT

«عشنا التجربة»... مسعفون سوريون يوثّقون لزملائهم الأوكرانيين إرشادات التعامل مع القصف الروسي

أعضاء من «الخوذ البيضاء» خلال تصوير فيديو وسط حطام بلدة أريحا السورية التي دمرها القصف الروسي في محافظة إدلب الشمالية الغربية (أ.ف.ب)
أعضاء من «الخوذ البيضاء» خلال تصوير فيديو وسط حطام بلدة أريحا السورية التي دمرها القصف الروسي في محافظة إدلب الشمالية الغربية (أ.ف.ب)

وسط قاعة دمّرها القصف، شمال غربي سوريا، يجلس مسعفان قرب دمية ممددة على الأرض وهما يقدمان إرشادات حول كيفية التعامل مع إصابات الحرب، في محاكاة افتراضية لعمليات إنقاذ موجّهة للمسعفين الأوكرانيين الذين يتعاملون مع تداعيات القصف الروسي.

ويأتي تصوير مقاطع الفيديو، في إطار مبادرة أطلقتها منظمة «الخوذ البيضاء»، أي «الدفاع المدني الناشط في مناطق سيطرة الفصائل المقاتلة في محافظة إدلب ومحيطها، التي لطالما كان عناصرها من أول المستجيبين لجولات القصف التي شنتها دمشق وحليفتها موسكو، منذ بدء تدخلها العسكري في النزاع المستمر منذ 11 عاماً».
https://twitter.com/SyriaCivilDef/status/1511061637062610956
أثناء تصوير مقطع داخل الطبقة الثانية من مبنى دمّره قصف سابق في مدينة أريحا التي شهدت معارك عنيفة، وتعرضت لقصف كثيف طيلة سنوات الحرب في جنوب إدلب، يشرح أحد المسعفين كيفية تثبيت الأطراف عند إصابتها أو التعامل مع جرح ينزف، مطبقاً بعناية الخطوات الواجب اتخاذها على الدمية.
وسط شارع تحيط به أبنية مدمرة، يسير المتطوع إسماعيل العبد الله أمام كاميرا زملائه وهو يقول باللغة الإنجليزية: «كمستجيبين أوائل، نعتقد أنه بإمكاننا مشاركة تجاربنا في سوريا مع عمال الإغاثة الإنسانيين في أوكرانيا».

ويشرح العبد الله لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن هدف المبادرة «إنتاج مقاطع فيديو مترجمة للغة الأوكرانية، تحتوي على نصائح وإرشادات حول كيفية تعامل المستجيبين الأوائل والمدنيين مع عمليات القصف، خصوصاً استراتيجية القصف الجوي المزدوج التي يتبعها الجيش الروسي في قصف المنشآت الصحية والحيوية ثم فرق الإنقاذ والإسعاف» فور حضورها إلى المواقع المستهدفة.
ومنذ بدء غزو روسيا لأوكرانيا، يظهر السوريون في المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق تعاطفاً واسعاً مع الشعب الأوكراني.

كما يتحدث خبراء عن اتباع موسكو استراتيجيات سبق لها أن اختبرتها في سوريا، على غرار حصار المدن الكبرى واستهداف المنشآت الحيوية والمستشفيات، ومن ثم الإعلان عن فتح ممرات آمنة من أجل دفع السكان إلى المغادرة.
وتتضمن مقاطع فيديو أخرى، تمت ترجمتها إلى الأوكرانية على أن ينشرها الدفاع المدني على منصاته عبر الإنترنت، ويشاركها مع ناشطين أوكرانيين، توجيهات إزاء «كيفية التعامل مع مخلّفات الحرب والذخائر غير المنفجرة، إضافة إلى دعوة فرق الإنقاذ الأوكرانية إلى توثيق عملها باستخدام كاميرات (غو برو) للحفاظ على مصداقيتهم»، وفق العبد الله.

ويوضح العبد الله أن النصائح التي يقدمها وزملاؤه إلى نظرائهم الأوكرانيين مستمدة من خبرات اكتسبوها خلال «التعامل مع استراتيجيات القصف الروسي»، منذ بدء تدخل موسكو عسكرياً عام 2015.
ويأمل الطالب في اختصاص الطب، محمد حاج موسى، الذي يشارك بدوره في تقديم الإرشادات، أن تساعد مقاطع الفيديو المسعفين والشعب الأوكراني «على التعامل مع الإصابات التي يمكن أن يشاهدوها في أي لحظة».
ويقول: «عشنا التجربة وشاهدنا الضحايا، وشكّل ذلك دافعاً لتعلم هذه المهارات الإسعافية وتطويرها لنتمكن من إسعاف الضحايا»,
ويأمل أن تصل مقاطع الفيديو إلى أوكرانيا وكل بلد يشهد حرباً مماثلة، وأن يتمكن كل من يشاهدها من أن «ينقذ الأرواح».


مقالات ذات صلة

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.