بري ينفي مشاركة {أمل} في معارك القلمون

تضارب الأنباء حول تقدم حزب الله في القلمون ومعركة تلة موسى ستكون أكبر المعارك

بري ينفي مشاركة {أمل} في معارك القلمون
TT

بري ينفي مشاركة {أمل} في معارك القلمون

بري ينفي مشاركة {أمل} في معارك القلمون

نفى رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مشاركة حركة «أمل» التي يرأسها في المعارك الحالية في سوريا، فيما شدد مصدر بارز في الحركة لـ«الشرق الأوسط» على أن الحركة نادت منذ بداية الأزمة السورية بالحل السياسي و«لا يمكن أن تناقض موقفها الاستراتيجي». وهو ما يبدو وكأنه استمرار للتمايز في الموقف اللبناني بين الجانبين، إذ يحتفظ بري بعلاقات مقبولة مع خصوم «حزب الله» حتى إنه يرعى حوارا بينه وبين تيار «المستقبل» الذي يرأسه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري.
وبدا بري في رده على هذه الأخبار التي عصفت بها بعض مواقع التواصل الاجتماعي، حريصا على الموازنة بين موقف «الحياد الإيجابي» حيال هذه الأزمة، لجهة فصل التأييد العاطفي، والسياسي الذي يجاهر به ويمارسه حيال النظام إعلاميا وسياسيا، وبين التأييد العسكري الذي يتفرد به شيعيا حتى الآن «حزب الله»، فجزم بأن هذه الأخبار غير صحيحة، لكنه شدد على متانة علاقته مع الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله.
وقال بري في دردشة مع زواره من الإعلاميين ردا على سؤال عما إذا كانت هناك عناصر من حركة أمل تقاتل في القلمون، كما ورد في بعض المواقع الإلكترونية، إن هذا الخبر «غير صحيح جملة وتفصيلا».
وكانت وسائل إعلام لبنانية وعربية تناقلت أخبار مشاركة «أمل» في القتال في سوريا دعما لـ«حزب الله» استنادا إلى مواقع إلكترونية مؤيدة لـ«حزب الله» وأخرى مجهولة بثت صورا ومقاطع فيديو لمسلحين قيل أنهم من حركة «أمل».
ويبدو أن هذه الأخبار استثارت مسؤولي أمل الذين انكبوا على دراسة هذه التقارير للتأكد من مصدرها، كما أشارت مصادر «أمل». وأوضحت هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن التحليلات كلها أثبتت زيف هذه التقرير، فمن صورة لمقاتل يضع على صدره شعار حركة «أمل» مكتوبا بالخطأ «الأفواج اللبنانية» بدلا من «أفواج المقاومة اللبنانية» التي تختصر إلى «أمل»، أو إلى فيديو لمقاتل يطلق النار عن آلية يتبين أنه رجل دين ملتح، وصولا إلى صور لشاحنات ترفع رايات الحركة في منطقة جبلية بين الأشجار: «علما بأن القتال في أماكن جردية لا شجر فيها» كما يقول مسؤول الإعلام المركزي في «حزب الله» طلال حاطوم لـ«الشرق الأوسط».
إلا أن هذا لم يمنع ذهاب بعض «الشبان المتحمسين» من الحركة للقتال في سوريا، سواء تحت راية «حزب الله» الذي تخلى عن حذره في التجنيد إذا كانت الجبهة سوريا، خلافا لمعاييره المشددة في موضوع قتال إسرائيل، أو عبر مشاركة بعض من هؤلاء في «لواء أبو الفضل العباس» الشيعي الذي قاتل في محيط السيدة زينب.
ولا يختلف خطاب الشارع الشيعي المؤيد لحركة «أمل» كثيرا في التأييد العاطفي للنظام السوري عن شارع «حزب الله»، لكن موقف بري يقلل من اندفاعة الراغبين في القتال. وقد انعكس هذا التمايز، حتى في الإجراءات الأمنية التي اتخذت في أعقاب التفجيرات الانتحارية التي شهدتها ضاحية بيروت الجنوبية، حيث من الواضح أن الإجراءات المتخذة في مناطق نفوذ «أمل» في الضاحية أقل بكثير منها لدى المناطق المحسوبة على الحزب. حتى أن ثمة حواجز داخلية للقوى الأمنية اللبنانية تفصل بين المنطقتين في تأكيد إضافي على هذا التمايز. لكنه هذا لم يمنع مشاركة مقاتلين محسوبين على الحركة في المعارك. وقد تم تشييع الكثير من الشبان الذين يعرف انتماؤهم تقليديا للحركة، بعد سقوطهم في المعارك السورية، لكن الحركة لم تنع أيا منهم رسميا.
وتضاربت الأنباء أمس، حول تقدم مقاتلي حزب الله اللبناني في جرود القلمون بريف دمشق الغربي والشمالي، بعد 5 أيام على المعارك التي أسفرت عن انسحاب مقاتلي المعارضة من جرود عسال الورد والجبة الحدودية مع لبنان، وسط معلومات عن مشاركة الطيران الحربي السوري في القصف الجوي الذي استهدف تلالاً مرتفعة تسيطر عليها المعارضة.
وفي سياق مرتبط بمعارك القلمون، أعلنت مصادر في «جيش الفتح» المعارض في القلمون أمس، أن مقاتليها صدوا هجومًا شنه حزب الله على جرود رأس المعرة القادمة من اتجاه البلدة وجرود نحلة، وأوقعوا في صفوف الحزب قتلى وجرحى مما اضطر الحزب للانسحاب وبدأ بقصف عشوائي براجمات الصواريخ والمدفعية.
وفي المقابل، أفادت وسائل إعلام تابعة لحزب الله، باندلاع اشتباكات عنيفة في مرتفع الباروح في جرد رأس المعرة الذي يعتبر استراتيجيًا لناحية إشرافه على رأس المعرة والحدود اللبنانية، مشيرة إلى مقتل مسؤول العمليات العسكرية في جبهة النصرة برأس المعرة أبو الشويخ مع قيادي ميداني آخر يدعى أبو خالد في الاشتباكات الدائرة في مرتفع الباروح في جرود رأس المعرة.
وتزامن ذلك مع استمرار المعارك العسكرية بين قوات «جيش الفتح» المعارضة ومقاتلي «جبهة النصرة» من جهة، ومقاتلي حزب الله اللبناني والقوات النظامية السورية من جهة أخرى، في جرود الجبة ورأس المعرة في منطقة القلمون السورية، فيما تكثف القصف على جرود فليطا.
وفي الوقت الذي أكد فيه الناشط ثائر القلموني في تغريدة له في «تويتر»، أن جيش الفتح حاصر مجموعة تابعة لحزب الله وقطع طريق إمدادها في جرود بلدة الجبة، ذكرت وسائل إعلام تابعة لحزب الله اللبناني أن قواته إلى جانب القوات النظامية «تمكنت من السيطرة على كامل جرد الجبة في القلمون»، مشيرة إلى «إصابة» قائد لواء الشعب التابع لتجمع القلمون الغربي أحمد إبراهيم مسعود في المعارك التي دارت، إضافة إلى عدد من المسلحين الآخرين، فيما فرّ اﻵخرون. ولفتت إلى السيطرة على منطقة أرض المعيصرة وكامل سهلة المعيصرة التي كانت معسكرًا لتدريب المسلحين، وسهلة الواطية.
وأشار القلموني إلى أن حزب الله، تكبد خسائر بشرية، إثر محاولته التقدم من جهة جرد رأس المعرة ونحلة مما أدى لانسحاب مقاتليه وسحب جثث قتلاهم بتغطية مدفعية وصاروخية، في حين ذكر الناشط أبو الهدى الحمصي أن «جيش الفتح»، حاصر مجموعة تابعة لحزب الله وقطع طريق إمدادها في جرود الجبة.
وينظر ناشطون إلى أن معركة تلة موسى، ستكون أكبر المعارك في القلمون، في حال تمكن حزب الله من التقدم إلى المنطقة المحاذية لجرود فليطا، كون التلة الخاضعة لسيطرة المعارضة، ترتفع ما يزيد عن 2600 مترًا عن سطح البحر، وتكشف جميع الجرود المواجهة، ويصعب الوصول إليها نظرًا إلى طبيعتها الجغرافية، في حين أجرت قوات المعارضة فيها تحصينات كبيرة، بهدف منع مقاتلي حزب الله من السيطرة عليها، وبالتالي الإشراف على جميع خطوط الإمداد إلى فليطا. إلى ذلك، أفاد ناشطون بوقوع اشتباكات بين الكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة من جهة، وعناصر تنظيم «داعش» من جهة أخرى عند أطراف القلمون الشرقي وبالقرب من الطريق الواصل بين منطقة بغداد دمشق الدولي.
وفي شمال شرقي البلاد، أفاد ناشطون بوقوع اشتباكات بين مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي من طرف، وتنظيم «داعش» من طرف آخر في الريف الشمالي الغربي لبلدة تل تمر، ما أدى لخسائر بشرية في صفوف الطرفين، بينما ارتفع إلى 43 عدد عناصر تنظيم «داعش» الذين تمكنت وحدات حماية الشعب الكردي من سحب جثثهم، في أرياف رأس العين وتل تمر والحسكة، وتحديدًا ممن لقوا مصرعهم في قصف لطائرات التحالف العربي – الدولي واشتباكات مع وحدات حماية الشعب الكردي خلال الأيام الأربعة الفائتة.
ووسط انشغال أطراف النزاع في سوريا بالمعارك العسكرية، أعلنت «الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان» أن المفاوضات بين قيادات آشورية وتنظيم «داعش» حول إطلاق سراح الرهائن الآشوريين «توقفت بشكل نهائي بعد مطالبة التنظيم بمبلغ 22 مليون دولار مقابل الإفراج عنهم»، مشيرة إلى أن الوسطاء المحليين «توقفوا مؤخرًا عن نقل الرسائل بين الطرفين عقب وصول المفاوضات إلى حائط مسدود بسبب عدم قدرة الأهالي على تسديد المبالغ المالية التي طالب بها التنظيم لقاء الإفراج عن الرهائن الـ212 المحتجزين لديه منذ 23 فبراير (شباط) الماضي ومنهم 84 سيدة و39 طفلا وعدد كبير من الرجال المسنين».
وكان تنظيم «داعش» قد احتجز 235 من المدنيين الآشوريين في محافظة الحسكة شمالي شرقي سوريا عقب الهجوم الذي شنه على البلدات الآشورية فجر 23 فبراير الماضي، وأدى إلى سيطرته على مساحات كبيرة من ريف الحسكة الشمالي، وأطلق سراح 23 منهم وبقي 212 وفق توثيقات الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان.



تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)

على الرغم من اقتراب موسم الأمطار في اليمن من نهايته مع رحيل فصل الصيف، تواصلت التحذيرات من استمرار هطول الأمطار على مناطق عدة، مع تراجع حدتها وغزارتها، مع استمرار تأثير الفيضانات التي حدثت خلال الأشهر الماضية، وتسببت بخسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات والبنية التحتية.

ويتوقع خبراء ومراكز أرصاد استمرار هطول الأمطار على مناطق متفرقة مختلفة الطبيعة الجغرافية خلال الأيام المقبلة، وتشمل تلك المناطق محافظة المهرة أقصى شرقي اليمن، والمرتفعات الغربية في محافظات تعز، وإب، ولحج، وريمة، وذمار، وصنعاء، والمحويت، وعمران، وحجة وصعدة، بالإضافة إلى الساحل الغربي في محافظات حجة، والحديدة وتعز، والمناطق السهلية في محافظات أبين، وشبوة وحضرموت.

آثار عميقة تسببت بها الفيضانات في اليمن وأدت إلى تفاقم الظروف الإنسانية المتردية (أ.ف.ب)

وحذّر الخبراء الذين نشروا توقعاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من تشكل سحب عملاقة تنذر بأمطار غزيرة وسيول وعواصف وبروق شديدة، واحتمال هبوب رياح عنيفة، مع أجواء غائمة أغلب الوقت، داعين السكان إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة.

وشهد اليمن منذ مطلع الشهر الحالب تراجعاً في هطول الأمطار في مختلف أنحاء البلاد، بعد شهرين من الأمطار التي تسببت بفيضانات مدمرة في عدد من المحافظات، وتركزت الآثار العميقة لهذه الفيضانات في محافظتي الحديدة والمحويت غرباً.

وحذَّرت لجنة الإنقاذ الدولية من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن مع استمرار الفيضانات، التي بدأت في مارس (آذار) واشتدت في يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، وأدت إلى نزوح عشرات الآلاف من الأسر، وتدمير البنية التحتية الحيوية، وتأجيج الانتشار السريع للكوليرا، وتضرر أكثر من 268 ألف شخص في اليمن، في ظل موجة ماطرة شهدتها البلاد.

ونبهت اللجنة في بيان لها إلى أن استمرار احتمالية وجود خطر فيضانات مفاجئة إضافية بسبب تشبع الأرض بفعل الأمطار الغزيرة وأنظمة الصرف السيئة، رغم توقف هطول الأمطار خلال الشهر الحالب، ووصفت هذا الخطر بالمرتفع.

استمرار الكارثة

قالت اللجنة إن الفيضانات أثرت بشدة على محافظات الحديدة، وحجة، ومأرب، وصعدة وتعز، حيث تأثر ما يقرب من 268 ألف فرد في 38285 عائلة حتى الشهر الماضي، وفقاً لتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وتسببت الأمطار الغزيرة، التي من المتوقع استمرارها هذا الشهر، في تدمير واسع النطاق للمنازل والأراضي الزراعية والبنية التحتية.

وقيَّدت الأمطار والفيضانات - وفق بيان اللجنة - من إمكانية الوصول إلى الغذاء، وهي قضية يعاني منها بالفعل أكثر من 17 مليون يمني بسبب الصراع والتدهور الاقتصادي وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وكلها تفاقمت بسبب أزمة المناخ.

توقعات باستمرار الأمطار الغزيرة في اليمن رغم انتهاء موسمها برحيل فصل الصيف (رويترز)

وبينت المنظمة أن محافظة تعز (جنوب غرب) شهدت وحدها تدمير ما يقدّر بنحو 70 إلى 100 في المائة من الأراضي الزراعية جراء الأمطار.

ودعت المجتمع الدولي والجهات المانحة إلى تقديم المزيد من الدعم للحد من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن جراء الفيضانات المدمرة الأخيرة التي ضربت البلاد، والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا، مشددة على زيادة الدعم المالي واللوجيستي لتلبية الاحتياجات الفورية والطويلة الأجل للمتضررين من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن.

ونوهت اللجنة إلى أن الكارثة الإنسانية في اليمن تتضاعف «مدفوعة بالتأثيرات المدمرة للفيضانات الأخيرة والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا في معظم أنحاء البلاد»، مرجحة أنه، و«من دون اتخاذ إجراءات في الوقت المناسب، سيستمر الوضع في التدهور؛ مما يعرض المزيد من الأرواح للخطر».

انتشار سريع للكوليرا

قال إيزايا أوجولا، القائم بأعمال مدير لجنة الإنقاذ الدولية في اليمن، إن البلاد «تواجه أزمة على جبهات متعددة» بدءاً من الصراع المستمر إلى الفيضانات الشديدة، والآن «تفشي وباء الكوليرا الذي انتشر بسرعة في الكثير من المحافظات».

وأضاف: «إن حياة الناس معرّضة للخطر بشكل مباشر، ومن المرجح أن يؤدي تدمير مرافق المياه والصرف الصحي إلى تفاقم انتشار المرض»، في حين أطلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عمليات طوارئ في المناطق الأكثر تضرراً في حجة، والحديدة، والمحويت وتعز، حيث قدمت مساعدات نقدية لنحو 2000 عائلة متضررة.

دمار هائل في البنية التحتية تسببت به الفيضانات الأخيرة في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وأشار إلى أن المرحلة الأولية ركزت على تلبية الاحتياجات الفورية، مع التخطيط لمزيد من التقييمات لتوجيه التدخلات المحتملة في مجال المياه والصرف الصحي، مثل إنشاء نقاط المياه والمراحيض الطارئة.

وبيَّن أوجولا أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر وشركاءها أجروا تقييمات في المناطق المتضررة، وكشفوا عن نزوح ما يقرب من 9600 شخص بسبب الفيضانات في تعز، وحجة والحديدة، حيث تعرَّضت البنية الأساسية للمياه والصرف الصحي والصحة لأضرار كبيرة؛ مما زاد من خطر تفشي الكوليرا في هذه المناطق.

وكان مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وزَّع مساعدات إيوائية طارئة على المتضررين من السيول والفيضانات في مديرية موزع التابعة لمحافظة تعز، الثلاثاء الماضي.

وتضمنت المساعدات الطارئة 100 خيمة و370 حقيبة إيواء استفاد منها 2220 فرداً من المتضررين من السيول في المديرية.

ويأتي هذا التدخل بالتنسيق مع كتلة الإيواء ومكاتب مركز الملك سلمان للإغاثة في اليمن، وبالتنسيق مع السلطة المحلية ووحدة النازحين.