عزيزة لـ «الشرق الأوسط»: أعيش اليوم ولادة فنية جديدة

عزيزة لـ «الشرق الأوسط»: أعيش اليوم ولادة فنية جديدة
TT

عزيزة لـ «الشرق الأوسط»: أعيش اليوم ولادة فنية جديدة

عزيزة لـ «الشرق الأوسط»: أعيش اليوم ولادة فنية جديدة

منذ إطلالتها الأولى في عام 2016 استطاعت الفنانة اللبنانية عزيزة جذب هواة الطرب الأصيل بصوتها الرخيم والمشبع بالإحساس. فهي ورغم سنها الصغير آثرت إعادة تقديم أعمال فنانين عريقين كالراحلين عصام رجي وصباح.
وفي حفلاتها تنشد عزيزة أغاني عمالقة كفريد الأطرش ووردة الجزائرية وداليدا. فهي بدأت من هناك ووصلت اليوم إلى شاطئ الأمان، بعد أن تمكنت من تثبيت هويتها الفنية.
وتقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أعيش ولادة فنية جديدة أستمتع بكل تفصيل فيها لأنها تشبهني». وتتابع: «في السنوات الثماني الماضية وعندما دخلت غمار الفن كانت واضحة الصورة عندي. كنت أعرف تماماً النمط الغنائي الذي أرغب في تقديمه، ولكن على أرض الواقع تتغير أمور كثيرة. تدخل عناصر قد تشوش أفكارك، وتتسبب لك بالضياع».
كادت عزيزة تفقد هويتها الفنية. كانت يومها طرية العود لا تجارب عملية عندها، كما تقول. صحيح أنها تأتي من خلفية فنية كلاسيكية، إلا أنها اصطدمت بعراقيل كثيرة، بينها تعثرها في شق طريقها بالخط الذي تقدمه.
توضح: «في السنتين الماضيتين وخلال جائحة كورونا أخذت استراحة قسرية وهو أمر ساعدني كثيراً لاكتشاف نفسي. دخلت في غيمة سوداء أحبطتني، ولكن في الوقت نفسه استطعت أن أفلت منها قوية وصلبة. اليوم أعتبر ولادتي الجديدة هذه سعادتي. قررت أن أقدم ما يشبهني، وأن أمضي بطريقي من دون أن أسمح لأحد بتشويشي. لحُسن الحظ لمست التقدير عند الناس، وأنا فخورة بالذي اجتزته حتى اليوم. لا أندم على شيء، وأعتبر كل ما مررت به، بمثابة دروس حياة صقلتني، وسمحت لي بالوقوف من جديد لوحدي».
أطلقت عزيزة أخيراً أغنية «مرة كمان» تحت إدارة المخرج إيلي سلامة. استطاعت أن تلفت مستمعها وناظرها بحضورها الطاغي، بحيث لا يمكن لمشاهدها إلا أن يتابعها بدقة. فهي مارست في هذه الأغنية المصورة التمثيل والغناء من بابهما الواسع، وتؤدي فيها دور ممثلة مشهورة في السبعينات، تدخل لتلعب دورها. وعندما تلمح أحدهم أمامها، تتحرك مشاعرها فتقدم دور عمرها. الأغنية من كلمات أنطوني أدونيس والتوزيع الموسيقي لجيو فيكاني.
اعتمدت عزيزة في هذه الأغنية وحتى قبلها «من حديد» الـ«لوك» الذي يصبغها بحقبة الـ«ريترو»، أي أيام زمن الفن الجميل. «غيرت وبدلت كثيراً في شكلي الخارجي منذ بداياتي حتى اليوم. الفنان يمر بعدة مراحل إلى حين اقتناعه بإطلالة تمثله. وقد اعتمدت هذا اللوك مؤخراً، لأنه يليق بما أغنيه عادة من الطرب الأصيل والبوب والديسكو معاً».
تحكي عزيزة في أغنيتها «مرة كمان» قصة نابعة من الواقع، ومن مرحلة عاشتها في الماضي القريب. وهو ما أثر بها كثيراً ودفعها إلى الإجهاش بالبكاء خلال تصويرها. فالأغنية تحكي عن إنسان مجروح ومكسور، ينزع القناع عن وجهه كي يبان على حقيقته، من دون أي مساحيق تخبئ ملامحه الحزينة. «إنها رسالة لإنسانية أردت من خلالها حث الناس على عدم الخوف من الحقيقة مهما كانت صعبة». وعن فكرة الكليب تقول: «بحثت كثيراً عن فكرة تعجبني، وهو ما أبقى الأغنية في الدرج لسنتين متتاليتين. وعندما عرضها علي المخرج إيلي سلامة وأوضح لي أني سألعب دور ممثلة، عرفت أنها الفكرة المناسبة. وكي أقدمها بإحساس كبير اشتغلت على نفسي، وبحثت في أعماقي وعدت إلى جرح عميق يسكنني. فخرجت مني كل هذه المشاعر الحقيقية التي ترونها في الكليب».
تؤكد عزيزة أن نبشها في ماضيها وإخراج الوجع الذي ألمّ بها في علاقة سابقة، سمحا لها بالتصالح مع نفسها. «لم يعد يهمني أن أبقى بنظر الناس الـ(بوب أرتيست) المعجبون بها. خرجت عن طوري وظهرت على حقيقتي، لأن الدنيا صعبة ولا تسعدك دائماً».
انُتقدت عزيزة لأنها تقدم أغنية فيها الكثير من الدراما. ولكنها ترد: «ولم لا؟ ألا نعيش زمناً دراماتيكياً؟ ألسنا حزينين لما يحصل بنا؟ لماذا يريدونني أن أضحك عليهم وعلى نفسي؟ إنها أغنية حقيقية بكل ما للكلمة من معنى».
لن تستمر عزيزة في تقديم الدراما، لأن الحياة فيها الحلو والمر، ومرات نحتاج إلى الترفيه مع أغنية تأخذنا إلى عالم الفرح. «في ألبومي الجديد (ديسكو دراما) عودة إلى حقبة الثمانينات التي تمنيت لو عشت وغنيت فيها. وهو يمزج بين الماضي والحاضر، وبين الأسود والأبيض وحقبة الديسكو الجميلة. جميعنا عندنا حنين إلى ذلك الماضي الجميل، ونرى فنانين أجانب كثيرين يعودون إليها اليوم كـ(ويك اند) وكايلي مينوغ».
تتحدث عن الفرق بين عزيزة في الأمس واليوم، وتقول، إن فرقا بين الاثنين. «من قبل كنت فتاة يانعة تبحث عن صوتها وطريقها. اليوم نضجت وتعلمت، ولم أعد ضعيفة بعد أن خفت، وتم تدميري في السنتين الماضيتين. أغني حالياً، أعمالا تشكل جزءاً مني ومن شخصيتي. اليوم أمضي بالطريق الذي حلمت به، والذي أهدف من خلاله إلى ترك بصمة فنية، فلا أمر مرور الكرام».
وعن شجاعتها لإصدار ألبوم غنائي في هذه الظروف ترد: «الجميع ينعتني بالمجنونة كوني أقدم على إطلاق ألبوم في أوقات صعبة جداً. ولكن هذا الـ(ميني ألبوم) سيكون وثيقة ولادتي الجديدة، وسيتضمن أعمالاً منوعة بين الرومانسية والطربية والبوب. حتى الأغنية الرئيسية فيه، هي من ألحاني وكتابتي، وأتحدث فيها عن فترة غيابي عن الأضواء وعودتي».
لعل انفجار بيروت الذي حدث في 4 أغسطس (آب) عام 2020 كان السبب الأول في وقفتها مع ذاتها، إذ نجت من الموت بأعجوبة. «طارت سيارتي ورمتني أمتاراً بعيدة. عشت لحظات مرعبة جداً، وتساءلت ماذا لو لم أعد إلى الحياة؟ هل كنت قد حققت رسالتي وهدفي في الغناء؟ من هنا ولدت عندي هذه الصلابة، وقررت أن أسير في طريقي وأحقق أحلامي».
موهبة التمثيل التي تلفتك عند عزيزة في كليب «مرة كمان» ولدت معها منذ الصغر. ولكن مع الوقت تلاشت، إذ كانت تخاف من ردود فعل الناس تجاهها. وفي «مرة كمان» تفتحت عندها هذه الموهبة من جديد. «لقد صدقني الفريق العامل معي على موقع التصوير، وراحوا يصفقون لأدائي التمثيلي. وأتمنى أن أدخل هذا المجال في حال وجدت العرض والمخرج والقصة المناسبة».



فاديا طنب الحاج لـ«الشرق الأوسط»: حزينة أنا على بلدي لبنان

تكمل جولتها الغنائية مع فريق {إحسان} في يناير المقبل (فاديا طنب الحاج)
تكمل جولتها الغنائية مع فريق {إحسان} في يناير المقبل (فاديا طنب الحاج)
TT

فاديا طنب الحاج لـ«الشرق الأوسط»: حزينة أنا على بلدي لبنان

تكمل جولتها الغنائية مع فريق {إحسان} في يناير المقبل (فاديا طنب الحاج)
تكمل جولتها الغنائية مع فريق {إحسان} في يناير المقبل (فاديا طنب الحاج)

عندما طلب رعاة دار الأوبرا السويسرية من السوبرانو فاديا طنب الحاج إلقاء كلمة وإنشاد أغنية عن بلدها، تملّكتها مشاعر مؤثرة جداً. كانت تلبي دعوة إلى العشاء من قبلهم في جنيف؛ حيث شاركت في العمل الفني «إحسان». وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «لتلك المناسبة اخترت أداء أغنية (لبيروت). وسبقتها بكلمة مختصرة توجَّهتُ بها إلى الحضور عن لبنان. كنت متأثرة جداً، وخرجت الكلمات من أعماقي تلقائياً. فلا أبالغ إذا قلت إنها من أكثر المرات التي أحزن بها على وطني لبنان. وبعد تقديمي الأغنية راح الحضور يصفّق تأثراً، كما خرج منهم مَن يشكرني على اختياري لهذه الأغنية».

تقول أنها تعلّمت الانضباط من فريق {إحسان} (فاديا طنب الحاج)

فاديا طنب الحاج وُجدت على مسرح دار أوبرا جنيف للمشاركة في العمل الفني الكوريغرافي «إحسان». وهو من تصميم العالمي، المغربي الأصل سيدي العربي الشرقاوي. تعاونها معه يعود إلى سنوات طويلة. وطلب منها مشاركته العرض الفني الذي ألّفه تكريماً لوالده الراحل على مدى 6 حفلات متتالية أُقيمت هناك.

وتوضِّح لـ«الشرق الأوسط»: «سبق وتعاونت معه في عمل بعنوان (أوريجين). وقمنا بجولة فنية تألفت من نحو 90 حفلة. استمتعت بالعمل مع سيدي العربي الشرقاوي. فالتجربة في عام 2008 كانت جديدة عليّ. حتى إني ترددت في القيام بها بداية. ولكنني ما لبثت أن أُعجبت بنصوص عمله وبرقصات تعبيرية يقدمها فريقه. وهو ما حضّني على تكرار التجربة أكثر من مرة».

يشتهر سيدي العربي الشرقاوي بفرقته لرقص الباليه الأوبرالي. وقد نال لقب «بارون» للنجاحات الكثيرة التي حققها. وقد أقام واحدة من حفلاته في مهرجانات بعلبك. كان ذلك في عام 2012 وتعاون فيها مع فاديا طنب الحاج.

فاديا طنب الحاج تؤدي في {إحسان} أغان بلغات مختلفة (الفنانة)

يحكي العرض الكوريغرافي «إحسان» قصة حزينة، استوحاها الشرقاوي من واقع عاشه. فوالده رحل من دون أن يودّعه، لا سيما أن قطيعة كانت حاصلة بينهما لسنوات، فرغب في التصالح مع ذكراه من خلال هذا العمل. كما يهدي العمل لشاب مغربي قُتل في بلجيكا ويُدعى إحسان. فالحفل برمّته يدور في أجواء المعاناة.

وتتابع فاديا طنب الحاج: «في كلمتي عن لبنان ذكرت المرات التي هدمت بها بيروت. وفي كل مرة كانت تقوم وتنفض عنها غبار الردم. وهذه المرة التاسعة التي تتعرّض فيها للدمار. وجمعتُ كل هذه الأحاسيس عن مدينة أحبها في كلمتي. وشرحتُ لهم أنها أغنية استعار الرحابنة لحنها من يواخين رودريغيز. وكلامها يكّرم بيروت بوصفها أرضاً للسلام والصلابة».

الجميل في أعمال الشرقاوي اتّسامها بالعمق. فهو يختار ألحاناً من موسيقيين عالميين كي يرقص فريقه على أنغامها. في «إحسان» اختار ملحناً تونسياً لغالبية لوحاته الراقصة. وكذلك تلون العمل موسيقى مغربية وأخرى إسبانية. تشرح طنب: «مرات أغني بالبيزنطية والسريانية. فهذا الخليط من الموسيقى ضمن لوحات راقصة تعبيرية رائعة ينعكس إيجاباً على المغني».

فريق «إحسان» يتألف من نحو 50 شخصاً، وتسير السوبرانو اللبنانية بين راقصي الباليه مرات وهي تغني، ومرات أخرى تقف على منصة عالية كي تؤلف مشهدية غنائية فردية يرقص الفريق على أنغامها.

عرض الباليه {إحسان} على مسرح دار أوبرا جنيف (فاديا طنب الحاج)

اعتادت فاديا الحاج على إحياء حفلات الغناء بوصفها نجمةً مطلقةً تقف وحدها على المسرح. ولكن في «إحسان» تبدّلت المشهدية تماماً. وتعلّق: «بوصفنا مغنين تتملّكنا الأنانية إلى حدّ ما عندما نعتلي المسرح. وهذا الأمر سائد عند الفنانين في الشرق العربي. وأعدّ (الإيغو) عندي متواضعاً جداً نسبة إلى غيري. ولكن في أعمال مثل (إحسان) نتعلّم كثيراً، وأهمها الانضباط، فنلمس مدى الجهد الذي يتكبدّه الراقصون للقيام بمهمتهم على أكمل وجه. تمارينهم تطول من الصباح حتى بعد الظهر. يكررون اللوحة الراقصة أكثر من مرة. أما نحن المغنين فنعدّ مدللين نسبة إليهم، ورغم كل هذا التعب فإننا نراهم متحمسين وفرحين ولا يتذمرون. كل هذه المشهدية زودتني بدروس تتعلق بالصبر والانضباط والتنظيم».

تروي قصصاً عدة لامستها من هذه الزاوية: «أذكر إحدى الراقصات أُصيبت بجروح في أثناء الرقص. ولكنها بقيت تكمل لوحتها مع زملائها حتى النهاية متجاوزة أوجاعها. إنهم يرقصون على آلامهم وهذا الأمر علّمني كثيراً».

فاديا طنب الحاج وقفت على أشهَر المسارح العالمية، وكانت نجمةً متألقةً لحفلات في أوروبا وأميركا. فماذا عن تجربتها مع «إحسان»؟ ترد لـ«الشرق الأوسط»: «هناك انصهار يحصل بين طاقتي وطاقتهم. أحياناً يتطلّب مني الأمر الإبطاء في الغناء. وهو ما جرى معي في موشح أؤديه في الحفل. فالتفاعل والمشاركة يحضران بقوة بيني وبينهم. كما أن أي انتقاد سلبي أو إيجابي يُكتَب عن العمل يطالني معهم. وهو ما يحمّلني مسؤولية أكبر، لا سيما أن فريق كورال يواكبني مرات في أغانيّ».

قريباً تستكمل فاديا طنب الحاج جولتها مع الشرقاوي لتشمل بلداناً عدة. ومن بينها ألمانيا والنمسا وباريس (مسرح شاتليه) وروما وكندا. وتتابع: «العمل ضخم جداً ويتطلّب ميزانية مالية كبيرة. وهو ما يدفع بالشرقاوي لتنظيم أكثر من جولة فنية. وكما أوروبا سنمرّ على تركيا، وقد تشمل بلدان الخليج».

لن تشارك السوبرانو اللبنانية هذا العام في حفلات «بيروت ترنم» وتوضح: «في هذه الفترة أحضّر لأعمالي المقبلة. ومن بينها حفلة أقدمها في بلجيكا. وللقيام بهذه التدريبات أتبع أسلوب حياة خاصاً يشمل حتى طريقة غذائي. ولذلك في موسم الأعياد هذا العام أرتاح كي أكون جاهزة لحفلاتي المقبلة».