قائد الجنجويد ينفي ارتكاب أعمال وحشية في دارفور أمام «الجنائية الدولية»

تتعلق ب 31 جريمة حرب تتراوح بين القتل والتعذيب والاغتصاب

علي شكيب في قاعة المحكمة أمس (إ.ب.أ)
علي شكيب في قاعة المحكمة أمس (إ.ب.أ)
TT

قائد الجنجويد ينفي ارتكاب أعمال وحشية في دارفور أمام «الجنائية الدولية»

علي شكيب في قاعة المحكمة أمس (إ.ب.أ)
علي شكيب في قاعة المحكمة أمس (إ.ب.أ)

بهدوء وابتسامة مخفية، دخل القائد السابق لميليشيا الجنجويد علي عبد الرحمن، المعروف بعلي شكيب، إلى قاعة المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ليصبح أول مسؤول سوداني يواجه تهماً بارتكاب جرائم حرب في دارفور قبل أكثر من 17 عاماً.
وبدا شكيب البالغ من العمر 65 عاماً، أنيقاً ببذلته ذات اللون الأزرق الداكن وربطة عنق حمراء، لا يشبه «المجرم» الذي صوّره الادعاء العام في افتتاح محاكمة وصفها بـ«التاريخية». وجلس شكيب الذي يمكث بسجن في هولندا منذ عامين، بعد القبض عليه في أفريقيا الوسطى وتسليمه إلى لاهاي، داخل قاعة المحكمة مع فريق الدفاع عنه الذي يرأسه المحامي سيريل لاوتشي المعيّن له من قبل المحكمة.
وخلال الجلسة كان علي شكيب يستمع إلى القاضية والادعاء، الذي أفرد له اليوم الأول لعرض قضيته، عبر سماعات تحمل إليه الترجمة باللغة العربية. وبعد دقائق من انطلاق المحاكمة، تحدث شكيب رداً على سؤال من القاضية، لينفي التهم الـ31 الموجهة إليه، والتي تشكل جرائم حرب، وتتراوح بين القتل العمد وتوجيه هجمات ضد المدنيين والاغتصاب، وتعذيب المئات من سكان إقليم دارفور المنتمين بشكل أساسي إلى قبيلة الفور. وقال شكيب باللغة العربية: «كل التهم مرفوضة وأنا بريء منها جداً».
وبدأت الجلسة بتلاوة التهم الموجهة إلى شكيب باختصار من قاضية المحكمة جوانا كورنر، تبعها عرض من المدعي العام كريم خان لقضيته استغرق اليوم الأول بأكمله. ووصف خان اليوم بأنه «تاريخي» لأهالي الضحايا الذين قُتلوا في دارفور على أيدي الجنجويد بين العامين 2003 و2004، وقال: «هذا يوم تاريخي لأنه يوم انتظره ملايين السودانيين، ولكي يعود هناك في نهاية المحاكمة حكم مستقل وعادل» للجرائم التي ارتُكبت في دارفور.
وركّز المدعي العام في عرضه على تأثير الجرائم على الأطفال في الإقليم، الذين قال إنهم استُهدفوا من قوات الجنجويد بقيادة علي شكيب. وأعطى أمثلة عدة على ذلك، استناداً إلى شهود ستستمع المحكمة إليهم تباعاً في الأسابيع المقبلة. ومن بين الأمثلة التي أعطاها، نقلاً عن أحد الشهود، دخول ميليشيا الجنجويد إحدى القرى وانتزاعهم طفلاً رضيعاً من بين ذراعي والدته، ورميه أرضاً ما أدى إلى قتله.
وعرض الادعاء مجموعة من الأشرطة المختصرة لبضع ثوانٍ داخل المحكمة قال إنها لا تشكل جزءاً من الأدلة، ولكنها تذكِّر بأحداث دارفور. ومن بين ما عرضه شريط عُرض في برنامج بانوراما على «بي بي سي» يتضمن مقابلة مع سيدة من قبيلة الفور، نجت من إحدى هجمات الجنجويد على بلدتها، وكانت تقول إن الهجوم على بلدتها كانت خلفيته عِرقية.
وحرص الادعاء على الربط بشكل مباشر بين عمليات الجنجويد والقوات السودانية المسلحة والحكومة السودانية، وقال إن الحكومة كان تموّل وتسلِّح الميليشيات بهدف معين، هو قمع كل أشكال التمرد في الإقليم. ورغم إشارة المدعي العام إلى أن الحرب كانت بين السودانيين العرب بشكل أساسي والسودانيين في دارفور من قبائل من الفور والمزاليت والزاغور، فإنه حرص على الإشارة إلى أنه ليس كل العرب في دارفور كانوا من مؤيدي العملية العسكرية ضد القبائل غير العربية.
وعرض الادعاء كذلك مدى سطوة شكيب وسلطته في دارفور ووصوله إلى المسؤولين السودانيين في الحكومة، قائلاً إنه كان يتمتع بعلاقة شخصية قوية مع وزيري الدفاع والداخلية آنذاك. وقال إن شكيب «كان أحد كبار القادة في الجنجويد الذين اعتمدت عليهم حكومة السودان بشكل كبير، واعتمدت عليه شخصياً بشكل كبير، وهو كان مشاركاً في تلك الجرائم وعلى علم بما يحدث». وأضاف موضحاً: «كانت لديه السلطة والسطوة وكان يستمتع بسمعته بأن الآخرين يخشونه». وأعطى الادعاء أمثلة أخرى كذلك، نقلاً عن شهود، تؤكد تورط شكيب في عمليات إذلال السجناء وتعذيبهم وقتلهم حتى شخصياً. ومن بين الأمثلة التي تحدث بها أنه «كان يضرب المسنين شخصياً في إحدى الزنازين بهدف كسر إرادة الأهالي... وكان يأمر رجاله بحرق بشرة مساجين، في تجاهلٍ لإنسانية هؤلاء». وأضاف المدعي العام أن شهوداً أكدوا أن شكيب كان يعتمد أساليب لإذلال السجناء «مثل الوقوف على ظهورهم».
وإضافةً إلى ذلك عدَّد الادعاء مجموعة من الجرائم ارتُكبت بقيادة شكيب شخصياً، منها الهجوم على قدوم وبن ديسي في 15 و16 أغسطس (آب) 2003، حيث اغتُصبت 16 فتاة وقُتل عشرات المدنيين، وتمت سرقة ممتلكاتهم أو تدميرها. ومن بين الهجمات الأخرى التي قال الادعاء إن شكيب متورط بها شخصياً، الهجوم على مكجار في مارس (آذار) 2004، حيث دخل الجنجويد مركزاً للشرطة، وضرب شكيب نفسه عدداً من المعتقلين، وأصدر أوامر بنقل وإعدام 122 رجلاً من قبيلة الفور وبعض الأطفال.
وأشار المدعي العام إلى أن هؤلاء الضحايا «لم يكونوا إلا مزارعين أو تجاراً أو مدنيين». فيما تحدث الادعاء كذلك عن دور مباشر لشكيب في الهجوم على ديلينغ في 5 إلى 7 مارس 2004، حيث كان يضرب المعتقلين الرجال «وقتل الرجال السجناء بنفسه بسلاح كان يحمله، وراقب عملية النقل القسري للمعتقلين إلى مكان لقتلهم، وأعطى أوامر بقتل قرابة 137 رجلاً من قبيلة الفور».
كما عرض الادعاء على شاشة المحكمة الكبيرة وثائق صادرة عن الحكومة السودانية، تنصّ على قرارات حكومية لخطة تهدف إلى وأد التمرد في دارفور. وتتحدث الخطة عن قتل واستهداف القادة والمؤثرين من القبائل. واستنتج الادعاء بالقول إن الجرائم التي حصلت في دارفور على يد ميليشيات الجنجويد والقوات السودانية المسلحة كانت «قراراً سياسياً اتخذته الحكومة السودانية آنذاك لقمع أي تمرد قادم من الإقليم».
كما تحدث الادعاء كذلك عن خلفية الصراع قائلاً إنه في عام 2003 واجهت حكومة السودان «مشكلة خطيرة تتمثل بتمرد مسلح في دارفور»، وعدد من الجماعات المتمردة منها «حركة العدالة والمساواة» و«جيش تحرير السودان» التي قال إن أبرز أعضائها كانوا من قبائل الفور والمزاليت والزاغور. وأشار إلى أن هؤلاء المتمردين كانوا يشنون هجمات على القوات الحكومية، فكان رد الحكومة باعتماد خطة للقضاء على التمرد. وأضاف الادعاء أن الخطة تضمنت «هجوماً وحشياً على السكان المدنيين في دارفور»، وأن الحكومة عدّت المنتمين لتلك القبائل يدعمون المتمردين، ما دفعها إلى بدء هجوم على البلدات تلك مستخدمةً ميليشيات الجنجويد إلى جانب القوات العسكرية. وشدد الادعاء على أن «الهجوم على المدنيين لم يكن أعمال عنف متفرقة بل كان موقفاً لسياسة حكومية وضعتها الحكومة في مقاطعتي وادي صالح ومكجار، ولُب هذه السياسة الرسمية انعكس في خطة الأمن الوطنية لعام 2004، والتي اشتملت على استهداف القبائل وقراهم في دارفور وقتل زعماء وعمداء المجتمعات المحلية».



سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.