استقالة في «يمينا» تزلزل حكومة إسرائيل

رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق الزعيم الحالي للمعارضة بنيامين نتنياهو يلوح لمؤيديه خلال احتجاج مناهض للحكومة نظمه متظاهرون يمينيون إسرائيليون في القدس أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق الزعيم الحالي للمعارضة بنيامين نتنياهو يلوح لمؤيديه خلال احتجاج مناهض للحكومة نظمه متظاهرون يمينيون إسرائيليون في القدس أمس (أ.ف.ب)
TT

استقالة في «يمينا» تزلزل حكومة إسرائيل

رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق الزعيم الحالي للمعارضة بنيامين نتنياهو يلوح لمؤيديه خلال احتجاج مناهض للحكومة نظمه متظاهرون يمينيون إسرائيليون في القدس أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق الزعيم الحالي للمعارضة بنيامين نتنياهو يلوح لمؤيديه خلال احتجاج مناهض للحكومة نظمه متظاهرون يمينيون إسرائيليون في القدس أمس (أ.ف.ب)

ألَمَّت بالحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة وُصفت بأنها «زلزال سياسي»، وذلك في أعقاب انسحاب النائب عيديت سيلمان، وهي رئيسة «كتل الائتلاف البرلمانية»، بعد رضوخها لتهديدات اليمين المتطرف، وإعلانها الدرامي المفاجئ، صباح أمس (الأربعاء)، استقالتها من حزب «يمينا»، الذي كانت تقوده مع رئيس الوزراء نفتالي بنيت، ووزيرة الداخلية أيليت شاكيد، والانضمام إلى المعارضة. وقد عقد بنيت سلسلة اجتماعات مع بقية النواب في حزبه، حتى يمنع انسحاباً آخر، خصوصاً بعدما سرت إشاعات بأن النائب نير أوروباخ يمكن أن ينسحب أيضاً. كما عقد اجتماعات مع شركائه في الحكومة لمنع انسحاب أحد الأحزاب والتسبب بتفككها.
وقالت مصادر سياسية إن رفاق بنيت في الائتلاف وجهوا له انتقادات شديدة في الجلسة، وقالوا له إنه يصرف الوقت على الوساطات لوقف الحرب في أوكرانيا، ويسافر كثيراً إلى الخارج، وينسى الحرب التي يخوضها حزبه وائتلافه داخل إسرائيل مع أوساط المعارضة.
وكانت سيلمان تعرضت لحملة ضغوط شرسة من نشطاء في اليمين المتطرف، طيلة الشهور الماضية، منذ تشكيل الحكومة في يونيو (حزيران) الماضي، وتقدمت بعشرات الشكاوى إلى الشرطة حول تلقيها تهديدات بالقتل وتهديدات لأولادها وعائلاتها. وكشفت، أمس، عن نص رسالة موجهة إلى بنيت تعلمه فيها بقرارها الاستقالة من الائتلاف، ونشرتها في وسائل الإعلام قبل أن تصل إليه. وبررت سيلمان استقالتها بأنها لم تعد تحتمل الانحراف عن مبادئ اليمين. وقالت: «حاولت تحقيق الوحدة، وعملت من أجل الائتلاف الحالي، لكني أرفض المشاركة في إلحاق أضرار بالهوية اليهودية لإسرائيل وشعب إسرائيل؛ فالهوية اليهودية لدولة إسرائيل هي جوهر وجودنا هنا، والمساس بذلك من دون أي اعتبار للجمهور الذي أمثله، والقيم التي أومن بها، بمثابة خط أحمر بالنسبة لي».
ووعدت سيلمان بأن تقنع نواباً آخرين بالانسحاب من الائتلاف و«العودة إلى معسكر اليمين، وتشكيل حكومة يمينية، يهودية صهيونية صرف، فأنا أعرف أنني لست الوحيدة في هذا السياق. يمكن تشكيل حكومة أخرى خلال ولاية (الكنيست) الحالية».
وتبين أنّ انسحاب سيلمان تم بحملة مكثفة أدارها رئيس حزب الصهيونية الدينية، يبتسليل سموترتش، وعندما «استوت الطبخة»، توجه إلى رئيس «الليكود»، بنيامين نتنياهو، واقترح عليه مفاوضتها على ضمان مستقبل لها في الحلبة السياسية. وتوجه النائب ياريف لفين، إلى سيلمان، وعرض عليها أن تكون مرشحة في المرتبة العاشرة في لائحة «الليكود» الانتخابية، والحصول على منصب وزيرة الصحة في حال عودة «الليكود» إلى الحكم. ولكي تضمن هذه الوعود تلقت وعداً مكتوباً من سموترتش بأن ينسحب من التحالف مع نتنياهو في حال عدم الالتزام.
وكُشف النقاب عن أن وزير القضاء، غدعون ساعر، حذر بنيت من تحركات سيلمان، لكن الأخير لم يأخذ التحذير بجدية، وقال: «رغم عدم وجود أغلبية للائتلاف، فإن ولاية الحكومة ستستمر في عملها لشهور وسنين».
ورحب نتنياهو بإعلان سيلمان، وقال في شريط مسجل: «أهلاً بك في البيت، في (المعسكر الوطني). وأدعو كل مَن تم انتخابه بأصوات المعسكر الوطني للانضمام إلى عيديت والعودة إلى بيتنا، سيتم استقبالكم بكل الاحترام وبذراعين مفتوحتين». وفيما بعد، ألقى نتنياهو خطاباً في جلسة خاصة لـ«الكنيست» شبَّه فيها خروج سيلمان من الحكومة بخروج اليهود من مصر في زمن النبي موسى.
ووجهت من داخل الائتلاف الحكومي، خصوصاً من أحزاب اليسار الصهيوني، انتقادات شديدة اللهجة لقرار سيلمان. وقال عضو «الكنيست» عن حزب «ميرتس»، يائير غولان، إن خطوة سيلمان هي «قمة الانتهازية السياسية، ومن النوع المنحط، لكن ليس بالضرورة ستفكك الحكومة». وقال وزير الرفاه الاجتماعي، مئير كوهين، من حزب «ييش عتيد»: «يمكن أن يكون الأمر قد انتهى (بالإشارة إلى الائتلاف الحكومي). لكن الوقت ما زال مبكراً، ونحتاج إلى أن نرى التطورات. وبلا شك فإن الوضع أصبح أكثر تعقيداً. وأقترح ألا نبدأ بنعي الحكومة. إعلان سيلمان دراماتيكي للغاية، ولم أكن أتوقعه».
في المقابل، رحّب أعضاء كنيست من اليمين ومن أحزاب المعارضة بقرار سيلمان، وتوجهوا للمزيد من أعضاء الكنيست من الجناح اليميني في الائتلاف، وخاصة في حزب «يمينا»، لانتهاز هذه الفرصة والانسحاب من الائتلاف وإسقاط حكومة بنيت.
واقترح الوزير عيساوي فريج والنائب موسي راز، وكلاهما من «ميرتس» اليساري، على الحكومة، أن تتوجه إلى «القائمة المشتركة للأحزاب العربية»، برئاسة النائب أيمن عودة، لتنضم إلى الائتلاف الحكومي، أو تدعمه من الخارج، مثلما فعلت «الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة»، برئاسة النائب توفيق زياد، و«الحزب الديمقراطي العربي»، برئاسة النائب عبد الوهاب دراوشة، عام 1993، عندما دعما حكومة إسحق رابين، من خارج الائتلاف، وحسمت بذلك فرصة تشكيل حكومة لليمين المتطرف. لكن قادة «المشتركة» رفضوا ذلك. ورأى النائب عودة أن هذه الحكومة برئاسة بنيت لا تقل سوءاً عن حكومة نتنياهو، وأفضل حل الآن هو الذهاب إلى انتخابات.
واتفق معه على ذلك رئيس كتلة «القائمة المشتركة» في «الكنيست»، النائب سامي أبو شحادة، الذي قال: «السيناريو الأفضل بالنسبة لـ(القائمة المشتركة) هو الذهاب إلى انتخابات، ونحن لن نمنح شبكة أمان لبنيت ولا لنتنياهو. وفي الأيام القريبة سنجتمع ونبحث الخيارات والأدوات والإمكانيات الماثلة أمامنا».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.