أزمة الحكم وغرائبية السياسة في إسرائيل

TT
20

أزمة الحكم وغرائبية السياسة في إسرائيل

استقالة رئيسة الكتل البرلمانية في الائتلاف الحاكم، عيديت سيلمان، تعكس واحدة من غرائب السياسة الإسرائيلية. فهي تنتمي إلى التيار القومي اليميني المتطرف الذي يقوده حزب «يمينا» بقيادة نفتالي بنيت، رئيس الحكومة. وقد فسرت خروجها من الائتلاف بالقول إنها لم تعد تحتمل التراجع المتواصل في الحكومة عن أفكار اليمين. ولكن خطوتها هذه لا تحسن من وضع اليمين؛ بل العكس.
إنها تعرف أن استقالتها ستؤدي إلى زيادة خطر سقوط هذه الحكومة برئاسة حزبها، وتيارها الفكري والعقائدي، وإلحاق خسارة مؤكدة به. وهي تعلم أن استقالتها تقرب من احتمالية التوجه لانتخابات جديدة، ستكون الخامسة في غضون 3 سنوات، مع كل ما يعنيه ذلك من أضرار للاقتصاد وفوضى سياسية. وهي تعلم أنه في حال التوجه لانتخابات جديدة، سوف يستقيل بنيت، بموجب الاتفاق الائتلافي الذي صاغته بنفسها، ويتولى رئاسة الحكومة مكانه يائير لبيد الذي يقود التيار اللبرالي المركزي. أي أنها تسلم الحكم لخصم لدود، فكرياً. وهذا بالتأكيد لا يخدم اليمين.
لكن هذه هي السياسة في إسرائيل. لا غرابة في السلوكيات الغريبة. والخطوة التي قامت بها سيلمان باتت جزءاً من نهج يقوم على مبدأ «لا ثوابت في السياسة». وفي الوضع الحالي، يبدو أن أزمة الحكم في إسرائيل لم تنتهِ؛ بل يتم تجديدها.
حكومة بنيت لبيد لن تسقط فوراً؛ لكنها أصبحت في وضع ضعيف أكثر. لديها 60 مقعداً في «الكنيست»، مقابل 60 معارضاً. وأي خروج عن الصف في أي قضية سيهددها أكثر وربما يقود لسقوطها. وهذا فضلاً عن القضية المعنوية لرئيس الحكومة، نفتالي بنيت، الذي يقود حزباً صغيراً يصغر أكثر في كل يوم، أنهى الانتخابات بالفوز بسبعة مقاعد، وقبل عدة شهور خسر مقعدين بانسحاب النائب عاميحاي شيكلي من حزبه إلى المعارضة، واليوم تنسحب سيلمان. فيصبح رئيس حكومة بخمسة نواب من 120 نائباً.
والائتلاف يخسر أكثريته بسبب رفاقه في الحزب. فإذا لم يعرف كيف يحافظ على وحدة حزبه، فكيف يحافظ على الدولة؟! وهذا ناهيك عن استطلاعات الرأي التي تشير إلى أن 10 في المائة من الإسرائيليين يرون فيه رجلاً مناسباً، بينما يحظى رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو بتأييد 52 في المائة بالمقابل.
لكن بنيت، وعلى الرغم من كل ما يواجهه الآن، يبث رسائل متفائلة بقدرته على الصمود؛ لأنه يبني على فرص أخرى. والخيارات اليوم كثيرة، لبقائه في الحكم؛ لكنها معدومة لتخليص إسرائيل من الأزمات الحكومية:
الخيار الأول: أن يبقي على ائتلافه الحالي كما هو بـ60 مقعداً؛ لكنه سيواجه مشكلات غير قليلة على الطريق، إذ إن هذا الائتلاف غريب التشكيل، ويضم 8 أحزاب من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وكذلك مع الحركة الإسلامية. هناك صعوبات جمة في تمرير القوانين التي يريدها هو وحزبه، والتي يريدها زملاؤه في الائتلاف.
ومن الناحية التنظيمية يمكن لحزب بنيت أن يخسر نائباً آخر، هو نير أورباخ. فقد وضع نشطاء اليمين المتطرف علامة عليه، وأقاموا أمام بيته أمس خيمة احتجاج تطالبه بالعودة إلى الأصل، والانسحاب من «حكومة اليسار المساندة للإرهاب».
والمعروف أن سيلمان كانت قد تعرضت لحملة ضغوط كهذه وتهديدات لعائلتها، وقدمت عشرات الشكاوى في الشرطة عن مضايقات. ويوجد قلق عند بنيت من أن يرضخ أورباخ مثلما حصل مع سيلمان. وإن استمرار هذا الخيار يعني تأجيل المشكلة وليس حلها.
الخيار الثاني: أن ينجح بنيت في ضم الأحزاب الدينية إلى الائتلاف. ويعتبر هذا حلاً مثالياً بالنسبة إليه. فهو وغيره من الوزراء يجرون اتصالات دائمة مع الأحزاب الدينية، وتمكنوا من سلخها عن نتنياهو في فترة إقرار الموازنة العامة، وعاد هذا عليهم بالفائدة. وأمس، تحدث أحد قادتهم عن ضرورة فك الزواج الكاثوليكي مع حزب «الليكود»؛ لكن نتنياهو باشر ممارسة ضغوط شديدة حتى لا ينسحبوا من التزامهم نحوه.
الخيار الثالث: هو أن ينجح نتنياهو في تشكيل ائتلاف جديد. لديه اليوم 54 مقعداً مضموناً. بقية المعارضة هي «القائمة المشتركة» للأحزاب العربية، برئاسة النائب أيمن عودة التي باتت لسان الميزان. لكن هذه القائمة لا يمكن أن تناصر حكومة بمشاركة اليمين المتطرف أو برئاسة نتنياهو. وعليه إذن أن يبحث عن حزب آخر. ويوجد حزب كهذا، هو «كحول لفان» برئاسة وزير الدفاع بيني غانتس؛ لكنه في هذه الحالة سيكون مضطراً للتنازل عن منصب رئيس الحكومة. وكان نتنياهو قد عرض على غانتس مثل هذا الاقتراح، وقال له إنه سيقبل به رئيساً للحكومة طيلة الدورة؛ لكن غانتس رفض العرض، ليس لأنه لا يريد أن يصبح رئيساً للحكومة؛ بل لأنه لم يعد يثق بأي اتفاق يوقعه نتنياهو. ويبني «الليكود» وحلفاؤه من الأحزاب الدينية على إمكانية أن يغير غانتس رأيه؛ خصوصاً وهو في حالة خلافات متصاعدة مع بنيت وبعض الوزراء.
الخيار الرابع: أن تسقط الحكومة من دون القدرة على إيجاد حلول للمعضلة، وعندها يتوجهون إلى انتخابات عامة أخرى. في هذه الحالة، يصبح لبيد رئيس حكومة إلى حين تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات. ولكن استطلاعات الرأي لا تبشر بنتائج تتيح إيجاد حلول للأزمة السياسية. فهي تشير إلى أن «الليكود» سيرتفع إذا خاض الانتخابات برئاسة نتنياهو؛ لكنه لن يتمكن من تشكيل حكومة، وأن الائتلاف الحالي سيخسر 6 – 9 مقاعد. وستحتاج الأحزاب إلى لخبطة تحالفاتها، أو التوجه إلى انتخابات سادسة وسابعة.
وعليه، فإن أزمة الحكم ستبقى حية، وترفس كل من يقدم على حلول لها، والحكومة تعمل على كف عفريت. ما يضمن لها رمق العيش هو أنها تدير معارك ذات طابع استراتيجي، مثل المعركة ضد إيران وأذرعها، أو تعزيز وتوسيع «اتفاقيات إبراهيم» أو مواجهة العمليات المسلحة، وغير ذلك.



كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
TT
20

كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)

غداة التهديد الحوثي الأخير بعودة الهجمات الحوثية المزعومة ضد إسرائيل، تصاعدت التساؤلات اليمنية عن الطريقة التي ستتخذها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد الجماعة المدعومة من إيران.

ويرى سياسيون يمنيون أن الولايات المتحدة سترد بطريقة أشد ردعاً على هجمات الحوثيين، إذا ما نفَّذت الجماعة تهديدها بالعودة إلى قصف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن؛ حيث تزعم أنها في موقف الدفاع عن الفلسطينيين في غزة.

ويبدو أن زعيم الجماعة المدعومة من إيران، عبد الملك الحوثي، يسعى لاختبار ردة الإدارة الأميركية الجديدة؛ إذ هدد، مساء الجمعة، بأن جماعته ستعود لمهاجمة السفن بعد 4 أيام، إذا لم تسمح إسرائيل بإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، ضمن ما نصّت عليه المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار.

وكانت إسرائيل وحركة «حماس» توصلتا، بوساطة قطرية ومصرية وأميركية، إلى اتفاق لوقف النار وتبادل الأسرى بدأ سريانه مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي. ومنذ ذلك الحين، توقف الحوثيون عن هجماتهم ضد السفن وباتجاه إسرائيل، مع تهديدهم بالعودة إليها في حال فشل الاتفاق.

وتقول الحكومة اليمنية إن هجمات الحوثيين البحرية، وباتجاه إسرائيل، تأتي تنفيذاً لتوجيهات إيرانية، وإنها لم تساعد الفلسطينيين في شيء، أكثر من استدعائها لعسكرة البحر الأحمر وإتاحة الفرصة لإسرائيل لتدمير البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)
مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)

ومع توقُّع أن تكون إدارة ترمب أكثر حزماً من سابقتها في التعاطي مع التهديدات الحوثية، كان قد أعاد تصنيف الجماعة «منظمة إرهابية أجنبية» ضمن أولى قراراته، إذ بدأ سريان القرار قبل أيام بالتوازي مع إدراج 7 من كبار قادة الجماعة على لائحة العقوبات التي تفرضها وزارة الخزانة.

السيناريوهات المتوقعة

مع تهديد زعيم الجماعة الحوثية بالعودة إلى مهاجمة السفن، يتوقع سياسيون يمنيون أن ردة الفعل الأميركية ستكون أقوى. وقد تصل إلى الدعم العسكري للقوات اليمنية على الأرض. وهذا يعني نهاية المسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة بناء على خريطة الطريق التي كانت توسطت فيها السعودية وعمان في نهاية 2023، وتعذر تنفيذها بسبب التصعيد الحوثي البحري والإقليمي.

ويتوقع البراء شيبان، وهو زميل في المعهد الملكي البريطاني لدراسات الدفاع، أن واشنطن سترد هذه المرة، وقد تكون بوتيرة ضربات أعلى، كما ستشدد الرقابة على كل الأفراد والكيانات الذين لا يزالون يقومون بأي تعاملات مالية أو لوجستية مع الحوثيين، بما في ذلك دخول النفط الذي يُعتبَر أحد أبرز الموارد الذي استخدمته الجماعة خلال الفترة الماضية.

صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)
صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)

وفي حال حدوث ذلك، يرى شيبان أن ذلك قد يدفع الحوثيين إلى التصعيد العسكري، وهو ما سيكون له تبعات على خريطة الطريق والمشاورات الذي كانت قد دشنتها الرياض مع الحوثيين منذ عام 2022.

من جهته، يتوقع المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر، رداً أميركياً على أكثر من مسار، ومن ذلك أن يكون هناك رد عسكري جوي وبحري على الأهداف الحوثية، إلى جانب استهداف البنية التحتية للجماعة، مثل الموانئ والمنشآت العسكرية.

ويضيف: «ربما قد نرى المزيد من العقوبات الاقتصادية على الحوثيين، مثل تجميد الأصول وتحديد التجارة، بهدف تقليل قدرتهم على الحصول على الأسلحة والموارد. إلى جانب اللجوء إلى البحث عن شريك عسكري في اليمن، بهدف دعمه عسكرياً وتعزيز قدرته على مواجهة الجماعة».

ويخلص الطاهر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى القول إن «رد واشنطن سيكون معتمداً على سياق الحادثة ونتائجها، بالإضافة إلى التطورات السياسية والاستراتيجية في المنطقة».

وفي سياق التوقعات نفسها، لا يستبعد الباحث السياسي والأكاديمي اليمني فارس البيل أن يقود أي هجوم حوثي ضد السفن الإدارة الأميركية إلى خلق تحالف جديد يضم إسرائيل لتوجيه ضربات أكثر فاعلية ضد الجماعة وقادتها، وربما بالتزامن مع استهداف القدرات النووية لطهران.

مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

ويجزم البيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بأن أميركا تبدو الآن أكثر تصميماً على توجيه ضربات قوية ضد الحوثي في حال أعاد هجماته.

وفي اتجاه آخر، يرى الباحث السياسي اليمني رماح الجبري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تبحث عن أي قصف إسرائيلي أو غربي لمناطق سيطرتها؛ كون ذلك يحقق لها أهدافاً كثيرة. من بينها التصوير لأتباعها أن أي تحرك عسكري يمني أو حرب اقتصادية ضدها انتقام إسرائيلي، وأن الصف الوطني الذي يقوده مجلس القيادة الرئاسي يخدم مصالح تل أبيب.

ويبدو أن الجماعة (بحسب الجبري) تريد أن تستعجل اختبارها لرد الإدارة الأميركية الجديدة، مستغلةً الظروف الحالية التي تتجاذب تنفيذ بقية خطوات اتفاق الهدنة في غزة بين حركة حماس وإسرائيل، دون أن تكترث للرد الأميركي المتوقَّع؛ كونها لا تأبه لأي أضرار يتعرض لها السكان في مناطق سيطرتها.

وعيد أميركي

في أحدث التصريحات الأميركية بشأن الموقف من الجماعة الحوثية، كانت القائمة المؤقتة بأعمال الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، السفيرة دوروثي شيا، توعدت الحوثيين، خلال إيجاز في مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن.

وقالت إنه تماشياً مع الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترمب بشأن إعادة إدراج الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، تتخذ الولايات المتحدة خطوات ملموسة للقضاء على قدرات الحوثيين.

وأضافت أن بلادها ستتخذ خطوات لوقف الدعم الإيراني لأنشطة الحوثيين الإرهابية، وذلك بموجب المذكرة الرئاسية الخاصة بالأمن القومي التي أصدرها الرئيس ترمب، وأعاد من خلالها فرض القدر الأقصى من الضغط على إيران.

ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)
ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)

وتوعدت السفيرة شيا باتخاذ إجراءات ضد الحوثيين، في حال استأنفوا هجماتهم المتهورة في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة وضد إسرائيل.

وقالت إن كل دولة عضو في مجلس الأمن تتحمل مسؤولية الوفاء بالتزاماتها بموجب القرارات الصادرة عن المجلس، بما في ذلك القرارات التي تتعلق بالحظر المفروض على إمداد الحوثيين بالأسلحة والمواد والتدريبات ذات الصلة أو بالمساعدات المالية.

ودعت القائمة المؤقتة بأعمال المندوب الأميركي في الأمم المتحدة إلى التحرك باتجاه تعزيز آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش الخاصة باليمن، وحضت الدول الأعضاء على القيام بدورها وزيادة التمويل للتخطيط طويل الأمد الخاص بالآلية وتوظيفها للأفراد وبنيتها التحتية الحيوية والضرورية لتعزيز القدرة على تفتيش جميع الحاويات غير المكشوفة، وبنسبة مائة في المائة.

ووصفت الحوثيين بأنهم يواصلون سعيهم إلى أخذ مضيق باب المندب والتجارة الدولية كرهينة، ولم يبدوا أي رغبة أو قدرة على التمييز بين أهدافهم، وشددت بالقول: «حري بنا ألا نقبل بأي شكل من الأشكال مزاعمهم بشأن أي أساس مشروع لهجماتهم».

الهجمات والضربات السابقة

يُشار إلى أن الجماعة الحوثية تبنَّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة في البحرين الأحمر والعربي، منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة واحتجاز طاقمها لأكثر من عام ومقتل 4 بحارة.

وتلقت الجماعة نحو ألف غارة نفذتها واشنطن بمشاركة بريطانيا في بعض المرات للحد من قدراتها، في حين شنت إسرائيل 5 موجات انتقامية جوية على موانئ الحديدة ومطار صنعاء، ومحطات كهرباء، رداً على إطلاق الجماعة نحو 200 صاروخ وطائرة مسيرة باتجاه إسرائيل خلال 14 شهراً.

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)
السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)

وباستثناء إسرائيلي واحد قُتِل جراء انفجار مسيرة حوثية في شقة بتل أبيب في يونيو (حزيران) الماضي، لم تكن لهذه الهجمات أي تأثير قتالي باستثناء بعض الإصابات، والتسبُّب في الضغط على الدفاعات الجوية الإسرائيلية.

غير أن الضرر الأكبر لهذه الهجمات الحوثية كان على الصعيد الاقتصادي مع تجنُّب كبرى شركات الملاحة المرور عبر باب المندب وسلوكها مساراً أطول عبر طريق الرجاء الصالح، وهو ما أدى إلى تراجع حركة السفن في البحر الأحمر إلى أكثر من 50 في المائة، وأصبحت مصر أكبر الخاسرين لفقدها نحو 7 مليارات دولار من عائدات قنوات السويس.

ومع عدم نجاح هذه الضربات الغربية والإسرائيلية في الحد من قدرات الجماعة الحوثية على شن الهجمات، كان الموقف الرسمي لمجلس القيادة الرئاسي اليمني والحكومة التابعة له معارضة هذه الضربات، لجهة أنها غير فاعلة في إنهاء التهديد الحوثي، وأن البديل الأنجع دعم القوات اليمنية الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها ومؤسسات الدولة المختطفة، باعتبار ذلك هو الحل العملي.