واشنطن وحلفاؤها بصدد فرض عقوبات جديدة على روسيا بعد «بوتشا»

أشخاص يقفون إلى جوار مقبرة جماعية في بوتشا على مشارف العاصمة كييف (أ.ب)
أشخاص يقفون إلى جوار مقبرة جماعية في بوتشا على مشارف العاصمة كييف (أ.ب)
TT

واشنطن وحلفاؤها بصدد فرض عقوبات جديدة على روسيا بعد «بوتشا»

أشخاص يقفون إلى جوار مقبرة جماعية في بوتشا على مشارف العاصمة كييف (أ.ب)
أشخاص يقفون إلى جوار مقبرة جماعية في بوتشا على مشارف العاصمة كييف (أ.ب)

أعدت الولايات المتحدة وحلفاؤها عقوبات جديدة من المنتظر أن يفرضوها على روسيا بسبب مقتل مدنيين في شمال أوكرانيا، فيما وصفها الرئيس فولوديمير زيلينسكي بأنها «جرائم حرب» تستدعي عقوبات متناسبة.
وتتعرض مدينة ماريوبول الجنوبية لهجوم بريّ وجويّ روسيّ مستمر منذ أيام الغزو الأولى قبل ستة أسابيع تقريباً، مما أدى إلى محاصرة عشرات الآلاف من السكان دون طعام أو ماء أو كهرباء.

وقالت المخابرات العسكرية البريطانية اليوم (الأربعاء): «الوضع الإنساني في المدينة يزداد سوءاً». وأضافت: «معظم السكان المتبقين البالغ عددهم 160 ألفاً ليس لديهم كهرباء أو اتصالات أو دواء أو تدفئة أو ماء. القوات الروسية تمنع وصول المساعدات الإنسانية، ومن المرجح أن تضغط على المدافعين (عن المدينة) للاستسلام».
واكتسبت العقوبات الغربية على روسيا، بسبب غزوها لجارتها قبل نحو ستة أسابيع، قوة دافعة جديدة هذا الأسبوع بعد اكتشاف مقتل مدنيين بالرصاص من مدى قريب في بلدة بوتشا الأوكرانية بعد استعادتها من القوات الروسية.
ونفت روسيا استهداف المدنيين في بوتشا، ووصفت الأدلة المقدَّمة بأنها «تزوير شنيع» عمد إليه الغرب لتشويه سمعتها.

وقال البيت الأبيض إن العقوبات الجديدة المقرر الكشف عنها اليوم هي في جانبٍ منها رد على ما حدث في بوتشا. وأضاف أن الإجراءات المنسّقة بين واشنطن ومجموعة الاقتصادات السبعة المتقدمة والاتحاد الأوروبي ستستهدف البنوك والمسؤولين الروس وتحظر الاستثمارات الجديدة في روسيا.
ومن شأن عقوبات الاتحاد الأوروبي المقترحة، والتي يجب أن توافق عليها دوله السبع والعشرون، أن تحظر شراء الفحم الروسي وتمنع السفن الروسية من دخول موانئ الاتحاد.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إن التكتل يعمل على حظر واردات النفط أيضاً. وتخشى أوروبا، التي تحصل على نحو ثُلث احتياجاتها من الغاز الطبيعي من روسيا، من التأثير الاقتصادي الذي قد يجلبه الحظر الشامل على الطاقة الروسية.
لكن في إشارة إلى اشتداد عزم الاتحاد الأوروبي، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، إن حظر الفحم ما هو إلا خطوة أولى نحو فرض حظر على جميع واردات الوقود الأحفوري الروسي. وتقول أوكرانيا إن حظر الغاز الروسي أمر حيوي للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في محادثات السلام.

وبعد كلمة وجهها عبر الإنترنت لمجلس الأمن الدولي أمس (الثلاثاء)، قال زيلينسكي في ساعة مبكرة من صباح اليوم إن العقوبات الجديدة «على روسيا يجب أن تتناسب مع جسامة جرائم الحرب التي ارتكبها المحتلون»، واصفاً إياها بأنها «لحظة حاسمة» للزعماء الغربيين. وأضاف: «إذا عملت البنوك الروسية بعد ذلك كالمعتاد، وإذا استمر عبور البضائع إلى روسيا بشكل طبيعي، وإذا دفعت دول الاتحاد الأوروبي بعد ذلك لروسيا مقابل الطاقة كما جرت العادة، فإن المصير السياسي لبعض القادة لن يسير في مساره الطبيعي».

في غضون ذلك، قالت نيوزيلندا اليوم (الأربعاء)، إنها ستفرض رسوماً نسبتها 35% على جميع الواردات من روسيا وستمدد حظر التصدير على المنتجات المرتبطة بالصناعات الروسية الاستراتيجية.

وقالت وزيرة الخارجية نانايا ماهوتا، في بيان: «الصور والتقارير التي تظهر عن الفظائع التي ارتُكبت بحق المدنيين في بوتشا ومناطق أخرى في أوكرانيا بغيضة ومستهجنة، ونيوزيلندا تواصل الرد على أعمال العدوان الطائشة التي ارتكبها (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين».
وفي واشنطن، قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أمس، إن الولايات المتحدة وافقت على تقديم 100 مليون دولار إضافية لمساعدة أوكرانيا، بما يشمل أنظمة «جافلين» المضادة للدروع.
وقالت شركة «إنتل» الأميركية لصناعة الرقائق إنها علّقت العمليات التجارية في روسيا، لتنضم إلى عدد كبير من الشركات في الخروج من ذلك البلد.
وفي مدينة كالوجا الروسية الصغيرة، حصل الآلاف من عمال السيارات على إجازة مؤقتة في ظل تأثير العقوبات الغربية على شركات صناعة السيارات الأجنبية فيها.

تحول المعارك
فشلت روسيا منذ بدء غزوها في 24 فبراير (شباط) في الاستيلاء ولو على مدينة رئيسية واحدة فيما تسميها «عملية عسكرية خاصة» تهدف إلى نزع سلاح أوكرانيا و«تخليصها» من النازيين.
وترفض أوكرانيا والغرب ذلك الموقف بوصفه ذريعة لغزو غير مبرر أدى إلى تشريد ربع سكان البلاد.

وانسحبت القوات الروسية في الغالب من مناطق قريبة من كييف الأسبوع الماضي بعد تعثرها بسبب المقاومة الأوكرانية، وحوّلت هجومها نحو جنوب أوكرانيا وشرقها.
وفي ميناء ماريوبول الجنوبي، حيث يُحاصَر عشرات الآلاف وسط نقص شديد في الغذاء والمياه، غرقت سفينة شحن ترفع علم الدومنيكا أمس، بعد استهدافها بضربات صاروخية روسية، حسبما أفادت الإدارة البحرية في الدولة الواقعة في البحر الكاريبي التي سجلت السفينة لديها.
ولم تردّ روسيا بعد على طلب للتعليق. وقالت قواتها المسلحة أمس، إنها أسقطت طائرتي نقل عسكريتين أوكرانيتين كانتا تحاولان مغادرة المدينة.
وقالت هيئة أركان القوات المسلحة الأوكرانية إن الهجمات في ماريوبول مستمرة، لكنها لم تذكر أي تفاصيل.
وفي الشرق، حيث توجد خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا ومن بين أهداف روسيا الرئيسية، قالت هيئة الأركان العامة إن القوات الأوكرانية دمّرت ثلاث دبابات روسية ونحو 20 عربة مدرعة أخرى.

دفن الجثث
يقول مسؤولون أوكرانيون إن ما بين 150 و300 جثة ربما تكون في مقبرة جماعية قرب كنيسة في بوتشا شمال العاصمة كييف.

وقالت شركة أميركية خاصة إن صور الأقمار الصناعية التي التُقطت قبل أسابيع تُظهر جثثاً لمدنيين في أحد شوارع البلدة، مما يقوّض مزاعم روسيا بأن القوات الأوكرانية تسببت في سقوط قتلى أو أن المشهد مدبَّر.
وشاهد مراسلو «رويترز» أربع ضحايا على الأقل أُصيبوا بطلقات نارية في رؤوسهم في بوتشا أحدهم مقيَّد اليدين خلف ظهره.
وروى سكان عن حالات قتل أشخاص آخرين، بعضهم أُصيب بطلق ناري في الرأس وتعرّض أحدهم للضرب حتى الموت والتشويه على ما يبدو.

ودفن الأوكراني سيرهي لاهوفسكي، أمس، جثة صديق طفولته الذي أُصيب برصاصة في فمه من مسافة قريبة بعد أن اختفى عندما احتلت القوات الروسية البلدة. وقال منتحباً: «لماذا أطلقت عليه هذه الحيوانات النار؟ هذه ليست روسيا، هذا وحش».

ولم يتسنَّ لـ«رويترز» التحقق بشكل مستقل من تفاصيل رواية لاهوفسكي أو المسؤول عن عمليات القتل في بوتشا.


مقالات ذات صلة

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أوروبا جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، الأحد، أن قواتها سيطرت على بلدات في منطقتين رئيسيتين تقعان على خط الجبهة في شرق أوكرانيا، فيما يتقدم جيشها باتجاه مدينتين استراتيجيتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.