حزمة خامسة من العقوبات الأوروبية ضد روسيا

وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال(ا.ف.ب)
وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال(ا.ف.ب)
TT

حزمة خامسة من العقوبات الأوروبية ضد روسيا

وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال(ا.ف.ب)
وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال(ا.ف.ب)

ثمة اعتقاد راسخ على المستوى الأوروبي أن ما اكتشف في مدينة بوتشا الأوكرانية، عقب انسحاب القوات الروسية منها، من جثث لمدنيين ملقاة في الشوارع ومقابر جماعية وغيرها من أعمال التعذيب... يمكن أن يعد منعطفاً حاداً في الحرب الروسية على أوكرانيا، وبالتالي ستكون له تبعاته الثقيلة على المستويات القانونية والدبلوماسية والسياسية والعسكرية والتجارية والاقتصادية كافة. كذلك، ستنزع هذه التطورات الدراماتيكية الحجج من الجهات الأوروبية «وهي كثيرة» التي كانت تمانع في الذهاب بعيداً جداً في القطيعة مع روسيا من خلال فرض مزيد من العقوبات المؤلمة. ويبرز ذلك بقوة من خلال ما يشبه الإجماع الأوروبي لفرض سلة خامسة من العقوبات على موسكو، فيما الهدف الذي يسعى إليه الغربيون ممارسة مزيد من الضغوط على روسيا لتجفيف مواردها المالية وخنق اقتصادها ولدفعها إلى إعادة النظر في مخططاتها وأهدافها وقبول الدخول في عملية تفاوضية جدية تفضي إلى وقف النار والتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب.
وتبرز على المستوى الأوروبي الحاجة اليوم لمعاقبة روسيا من خلال وقف الواردات الأوروبية من الغاز والنفط والفحم الحجري. ووفق تقرير لمركز بحوث الطاقة، فإن المشتريات الأوروبية من الطاقة بلغت ما بين انطلاق العمليات العسكرية الروسية في 24 فبراير (شباط) ونهاية مارس (آذار) 14 مليار يورو، ما يمكن القيادة الروسية من تمويل حربها في أوكرانيا وإبقاء اقتصادها على قيد الحياة. وحتى نهاية الأسبوع الماضي، كان الأوروبيون قانعين بإبقاء قطاع الطاقة؛ خصوصاً الغاز، خارج نطاق العقوبات لحاجتهم إليه ولعدم وجود بديل جاهز على المدى القصير. وتفيد الإحصائيات المتوافرة أن اعتماد أوروبا على الغاز الروسي يصل إلى حدود 40 في المائة. وتتغير هذه النسبة بتغير وضع البلد المعني. والمهم أن ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد تعاني من تبعية مرتفعة لروسيا «55 في المائة من حاجتها من الغاز تأتي من روسيا». وعارضت برلين في أيام الحرب الأولى تجميد مشروع «نورد ستريم 2»، إلا أن الضغوط الأميركية والأوروبية حملتها على اتخاذ هذه الخطوة، وأيضاً دفعتها للتخلي عن سياستها السابقة في توريد السلاح إلى البلدان المنخرطة في حروب وقبول مدّ القوات الأوكرانية بكميات كبيرة من الصواريخ الأرضية والجوية.
اليوم، تبدل الوضع. وكان الرئيس الفرنسي والمستشار الألماني أول من دعا صبيحة الاثنين الماضي إلى فرض سلة خامسة من العقوبات على موسكو تتمم العقوبات التي تشمل البنك المركزي الروسي والبنوك التجارية (إخراجها من نظام سويفت للمبادلات المالية) وقطاع الطيران والصادرات والمسؤولين الكبار (بمن فيهم الرئيس بوتين) ووزراءه والمقربين وأثرياء النظام (أوليغارك) المقربين من السلطة... وقال ماكرون إنه يتعين وقف مشتريات أوروبا من البترول والفحم الروسيين. وأمس، شهدت بروكسل اجتماعات مطولة في محاولة للتوصل إلى إجماع أوروبي حول السلة الخامسة، علماً بأن تمايزات جدية ما زالت تفعل فعلها بين أعضاء الاتحاد وتمنعه من التوصل إلى اتخاذ إجراءات قوية، خصوصاً في موضوع الغاز. ويفهم من نوعية المقترحات التي عرضتها المفوضية الأوروبية أمس أن الخلافات ما زالت قائمة بين الأوروبيين. ذلك أن المفوضية اقترحت حظر مشتريات الفحم الروسي، ولكنها لم تقترب ألبتة من البترول والغاز الروسيين. واقترحت المفوضية كذلك إغلاق الموانئ الأوروبية بوجه السفن الروسية بحيث يكون ذلك رديفاً لإغلاق الأجواء أمام الطائرات الروسية، إلا أن هذا المقترح يستثني السفن التي تنقل مواد أساسية زراعية أو غذائية أو مساعدات إنسانية خصوصاً في قطاع الطاقة. ولا تتوقف الأمور عند هذا الحد، إذ عرضت المفوضية حرمان روسيا من صادرات أوروبية متطورة مثل التجهيزات والمكونات الصناعية الأساسية بقيمة 10 مليارات يورو، وأيضاً منع استيراد الكحول والخشب والإسمنت بقيمة تعادل 5.5 مليار يورو.
وفي سياق موازٍ، تعتبر بروكسل أن من المهم تشديد العقوبات على القطاع المصرفي الروسي من خلال تحريم التعامل مع 4 بنوك كبرى بشكل كامل، وهي تمثل ربع القطاع المصرفي الروسي، ومن بينها بنك «في تي بي»، ثاني أكبر بنك في البلاد. وتعرض المفوضية وقف تدفق رؤوس الأموال الروسية العائدة لأثرياء الأوليغارك إلى أوروبا وحرمان الشركات الروسية من التنافس للفوز بعقود مع الإدارات الأوروبية. وقال «وزير» الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل إن اللائحة السوداء، التي تضم أسماء 877 من الأثرياء الروس والبيلاروس و62 مؤسسة وشركة، الذين جمدت أصولهم وممتلكاتهم، سوف يتم توسيعها وإضافة عشرات الأشخاص إليها، بينهم سياسيون ورجال أعمال ومروجون للنظام الروسي.
وبعد الإعلان عن مقترحات العقوبات الجديدة، سارعت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إلى الإعلان عن تأييد برلين المبدئي لمقترحات المفوضية، وقالت على هامش مؤتمر دولي لدعم مولدافيا، استضافته ألمانيا، إن بلادها تريد أن يتوصل الاتحاد الأوروبي إلى «التخلي بشكل كامل عن الاعتماد على الطاقة الأحفورية القادمة من روسيا، ابتداء بالفحم، ثم النفط، وأخيراً الغاز». وطالبت الوزيرة الألمانية بـ«خطة زمنية أوروبية مشتركة حول تخلي الاتحاد الأوروبي عن واردات الطاقة الأحفورية من روسيا بالكامل». وفيما تشكل مشتريات الفحم 45 في المائة من واردات الاتحاد الأوروبي «من الطاقة»، فقد اقترحت رئيسة المفوضية خفض مشتريات الفحم بقيمة 4 مليارات يورو سنوياً، وهي تقترح العمل على عقوبات لاحقة، من بينها واردات النفط الروسية. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن «معهد بروجيل» أنه من الأسهل للأوروبيين أن يعثروا على بدائل للفحم الروسي، بعكس البترول والغاز الروسيين.
تقول القاعدة المعمول بها داخل الاتحاد إن المفوضية هي الجهة التي تقترح العقوبات، والأعضاء هم الجهة التي تقرر، عملاً بقاعدة الإجماع. وقالت رئيسة المفوضية، في فيديو مسجل أمس، إن العقوبات التي فرضت على روسيا منذ بدء عملياتها العسكرية «ضربت بقوة (الاقتصاد الروسي) وحدّت من الخيارات السياسية والاقتصادية المتوافرة للكرملين» مضيفة أنه بعد اكتشاف فظائع بوتشا «علينا بكل وضوح أن نضاعف ضغوطنا».
ويبدو لافتاً التسلسل الذي أشارت إليه بيربوك، التي تريد أن تمنح بلادها الوقت الكافي لتوفير بدائل عن الغاز الروسي، الذي وضعته في نهاية لائحة الحظر. وتجد الحكومات الأوروبية نفسها بين مطرقة الضغوط الأوكرانية والأميركية وبين سندان المستهلك الأوروبي الذي يعاني من غلاء الأسعار والتضخم بسبب ارتفاع أسعار مشتقات الطاقة بشكل كبير، ما يهدد بحدوث تململ اجتماعي، على غرار ما عرفته فرنسا مع «السترات الصفراء» في 2019 و2020. ومشكلة الأوروبيين، إلى جانب انقساماتهم الداخلية، أنهم، في حال إقرار الحزمة الخامسة من العقوبات التي ستناقش اليوم وفي الأيام اللاحقة، على أن تقر نهاية الأسبوع الحالي أو بداية الأسبوع المقبل، سيكون من الصعب عليهم إيجاد عقوبات إضافية «بعيداً عن ورادات الغاز» لم يتم اتخاذها بحق موسكو، وبالتالي فإن وسائل الضغط المتناهية التي لجأوا إليها حتى اليوم سوف تُنفذ رغم اتباعهم نهج التدرج.



14 قتيلاً على الأقل جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

14 قتيلاً على الأقل جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

سقط ما لا يقل عن 14 قتيلاً في أرخبيل مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي الذي ضربه السبت إعصار شيدو القوي جداً، على ما أظهرت حصيلة مؤقتة حصلت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية» اليوم (الأحد) من مصدر أمني.

صور التقطتها الأقمار الصناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار شيدو فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وقال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن 9 أشخاص أصيبوا بجروح خطرة جداً، ونقلوا إلى مركز مايوت الاستشفائي، في حين أن 246 إصابتهم متوسطة.

الأضرار التي سبَّبها الإعصار شيدو في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

وترافق الإعصار مع رياح زادت سرعتها على 220 كيلومتراً في الساعة. وكان شيدو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً؛ حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرنس- ميتيو).

آثار الدمار التي خلفها الإعصار (أ.ف.ب)

وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، ما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل. ويقيم ثلث سكان الأرخبيل في مساكن هشة.