مناورات عسكرية جزائرية ـ روسية تحاكي محاربة الإرهاب

لعمامرة بحث في موسكو آثار الحرب الأوكرانية على بلاده

جانب من محادثات لعمامرة مع مسؤولين روسيين في موسكو أمس (الخارجية الجزائرية)
جانب من محادثات لعمامرة مع مسؤولين روسيين في موسكو أمس (الخارجية الجزائرية)
TT

مناورات عسكرية جزائرية ـ روسية تحاكي محاربة الإرهاب

جانب من محادثات لعمامرة مع مسؤولين روسيين في موسكو أمس (الخارجية الجزائرية)
جانب من محادثات لعمامرة مع مسؤولين روسيين في موسكو أمس (الخارجية الجزائرية)

بينما أعلن في موسكو عن إجراء مناورات عسكرية جزائرية - روسية في صحراء الجزائر الخريف المقبل، بحث وزير خارجية الجزائر رمضان لعمامرة خلال زيارة إلى العاصمة الروسية، أمس، الحرب في أوكرانيا ومخلفاتها كأزمة الطاقة في أوروبا، وقلة القمح في الدولة الشريكة للبلدين المتصارعين، الجزائر.
ونقلت وكالة «تاس» الروسية، أمس، عن «المنطقة العسكرية الجنوبية الروسية»» أن مناورات مشتركة لمكافحة الإرهاب للقوات البرية الروسية والجزائرية، ستجري في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل من هذا العام في الجزائر.
وتمت مناقشة المناورات المرتقبة، حسب المكتب الصحافي للمنطقة العسكرية الجنوبية في مدينة فلاديقوقاز الروسية، خلال انعقاد «المؤتمر التخطيطي الأول للإعداد لمناورات القوات البرية الروسية - الجزائرية المشتركة لمكافحة الإرهاب». كما أعلن المصدر ذاته، أن الحدث العسكري سيجري بقاعدة عسكرية تقع بمحافظة أدرار، أقصى جنوب الجزائر. وبحسب الوكالة الروسية، فقد تم خلال المؤتمر «تنسيق سيناريو التمرين وتنظيم اللوجيستيات، بما في ذلك إجراءات الإقامة». مبرزة أن المناورات «ستكون عبارة عن تحركات تكتيكية للبحث عن الجماعات المسلحة غير الشرعية وكشفها وتدميرها. ومن المقرر أن يشارك في التدريبات من الجانب الروسي، نحو 80 عسكرياً من المنطقة العسكرية الجنوبية». وأضافت الوكالة ذاتها، أن خطة المناورات القتالية لقوات المنطقة العسكرية الجنوبية لعام 2022 «تنص على مشاركة عسكريين من المنطقة في تدريبات دولية مع وحدات من القوات المسلحة للجزائر ومصر، وكازاخستان وباكستان».
ولم يعلن في الجزائر عن أي شيء بشأن هذه المناورات، لكن مصادر مهتمة بالشراكة العسكرية الجزائرية - الروسية الطويلة قالت، إنه تمت مناقشة أهداف إجراء المناورات، وخطوطها العريضة، خلال زيارة مدير المصلحة الفيدرالية للتعاون العسكري والفني لفيدرالية روسيا، ديمتري شواييف، إلى الجزائر في 25 من الشهر الماضي، واجتماعه برئيس أركان الجيش الفريق سعيد شنقريحة.
وقالت وزارة الدفاع الجزائرية في بيان يومها، إن شنقريحة وشواييف «أجريا محادثات تناولت حالة التعاون العسكري بين البلدين، كما تبادلا التحاليل، ووجهات النظر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك».
وزار المسؤول العسكري الروسي الجزائر ضمن وفد شارك في اجتماع لـ«اللجنة الحكومية المشتركة الجزائرية - الروسية، المكلفة التعاون العسكري والفني». علماً بأن الجزائر تقتني عتادها الحربي، ومعظم سلاحها من الاتحاد السوفياتي سابقاً، وذلك منذ استقلالها في ستينات القرن الماضي، في إطار النهج الاشتراكي الذي اختارته. وبقيت بعدها زبوناً مهماً لروسيا.
في السياق نفسه، وصف دبلوماسيون جزائريون زيارة وزير الخارجية رمضان لعمامرة إلى موسكو، بأنها «ذات بعد استراتيجي، وتكرس العلاقات المتميزة بين البلدين».
وبحث لعمامرة مع نظيره سيرغي لافروف، ورئيس مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف «التعاون بين الجزائر وروسيا، وآفاق تعزيزه في مختلف المجالات، فضلاً عن القضايا المتعلقة بالتحضير للاستحقاقات الثنائية المقبلة، قصد إضفاء ديناميكية جديدة على الآليات، التي تؤطر العلاقات الاستراتيجية بين البلدين»، حسبما أعلنته الخارجية الجزائرية، من دون إعطاء تفاصيل.
وأكد مراقبون بالجزائر، أن لعمامرة أبلغ محاوريه الروس أن الجزائر «ترى أن إنهاء الحرب في روسيا يكون بتفضيل الحوار والمفاوضات، بدلاً عن لغة السلاح». علماً بأن الجزائر تحاشت الانحياز لأي طرف في الحرب، بسبب ارتباطاتها النوعية، اقتصادياً وسياسياً، مع موسكو وكييف.
من جهته، صرح رئيس «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى)، إبراهيم بوغالي، أول من أمس خلال استقباله سفير روسيا بالجزائر، إيغور بيلاييف، بأن بلاده «تنتهج مقاربة سلمية لحل الأزمات، تعتمد على الحوار والمفاوضات». وتحدث عن «أهمية توحيد المعايير في التعامل مع الأزمات».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».