اعتقال «خلية داعشية» بإنزال أميركي شرق سوريا

TT

اعتقال «خلية داعشية» بإنزال أميركي شرق سوريا

نفذت قوات التحالف الدولي والجيش الأميركي بمشاركة برية لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) عملية إنزال جوي في منطقة حوس الواقعة بريف محافظة الرقة الشرقي، وألقت القبض على ستة أشخاص بينهم امرأة اشتباهاً بانتمائهم إلى الخلايا النائمة الموالية لتنظيم «داعش» الإرهابي، وجاءت العملية بعد ورود أنباء ومعلومات استخباراتية تفيد بأن هذه المجموعة قامت بتهريب نساء من مخيم الهول بالحسكة، وتعد هذه العملية الأولى من نوعها في مدينة الرقة حيث نفذت قوات التحالف والجيش الأميركي العديد من الحملات الأمنية وعمليات الإنزال الجوي؛ في ريف دير الزور الشرقي وجنوب محافظة الحسكة، وتمتد هذه المناطق مترامية الأطراف إلى الصحراء الحدودية مع العراق.
وفي مخيم الهول شرق الحسكة، ألقت قوات «قسد» ومكافحة الإرهاب والتدخل السريع القبض على 46 شخصاً يشتبه بمشاركته في التمرد المسلح والأحداث الأخيرة التي شهدها المخيم في 28 من شهر مارس (آذار) الماضي، وشهد المخيم المكتظ اشتباكات عسكرية عنيفة بين قوات الأمن (الأسايش) وخلايا موالية لـ«داعش»، أسفرت عن مقتل 3 مدنيين بينهم امرأة وطفل وإصابة 4 نساء و6 أطفال بجروح بليغة وتعرض 3 عناصر من (الأسايش) للإصابة بجراح متفاوتة. وقال مصدر أمني من إدارة المخيم إن امرأتين من الجنسيات الأجنبية من عوائل التنظيم المتواجدين بالمخيم تمكنتا من الفرار منتصف الشهر الفائت وكانتا تقطنان بالقسم الخاص لتلك العوائل، واستنفرت قوى الأمن الداخلي وشنت حملة تمشيط داخل القسم والأقسام المجاورة وبلدة الهول المجاورة بحثاً عنهما دون العثور عليهما، كما داهمت القوى الأمنية عدداً من الخيام المشتبه بها واعتقلت عدداً من أفراد مجموعات وخلايا موالية للتنظيم من الجنسية العراقية وجنسيات أجنبية.
إلى ذلك، أكد التحالف الدولي وغرفة عمليات العزم الصلب على حساباتها الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي أنهما يتابعان عن كثب وترقب تطورات مخيم الهول بشكل يومي، كما أنهما يتواصلان مع شركائهما السوريين على الأرض قوات «قسد» لمعرفة ما يحدث هناك وآخر التحديثات، «من الضروري استتباب الأمن في هذه المناطق لضمان وصول المساعدات الإنسانية وحماية الأشخاص الذين يعيشون في المخيم، بمن في ذلك عشرات الآلاف من الأطفال»، وأشارا إلى مواصلة العمل والجهود مع منظمات إنسانية ودولية وسلطات محلية: «لتحقيق الاستقرار وتحسين الظروف الأمنية في المخيم، ثم مواصلة العمل مع المجتمع الدولي للتوصل إلى حلول مستدامة لجميع سكان المخيم».
ويضم المخيم الواقع الذي يقع على نحو 45 كيلومتراً شرق محافظة الحسكة نحو 56 ألف شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال دون سن 16 عاماً وفق الأمم المتحدة، كما يضم نحو 10 آلاف من عائلات مقاتلي التنظيم الأجانب يقبعون في قسم خاص قيد حراسة مشددة، وشهد المخيم بين الحين والآخر حوادث أمنية تضمنت عمليات فرار أو هجمات ضد حراس أو عاملين إنسانيين أو جرائم قتل تطال القاطنين فيه. وفي ريف دير الزور الشرقي، نظم أهالي بلدة محيميدة وقرية الحصان وقفات احتجاجية، وطالب المشاركون بتحسين جودة مادة الخبز، وتوفير الأعلاف بأسعار مناسبة للمواشي وقطعان الأغنام مع دخول المنطقة سنة ثالثة من الجفاف وشح الأمطار الموسمية، تزامنت مع تردي الأوضاع المعيشية وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق وانخفاض الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي، حيث قطع المحتجون الطريق العام في البلدة بالإطارات المشتعلة تعبيراً عن غضبهم. وجاءت هذه الاحتجاجات بعد أيام من الإضراب العام الذي أعلنه عدد من المعلمين والمجمعات التربوية بريف دير الزور الشرقي وأرياف الرقة والحسكة، احتجاجاً على تردي الواقع التعليمي وتدني الرواتب الشهرية وتدهور الأوضاع المعيشية.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.