جوردي كرويف: برشلونة لا يزال استثنائياً... واللاعبون مستعدون للتضحية بالأموال

جوردي كرويف (يسار) يرحب بضم أوباميانغ إلى النادي الكاتالوني (إ.ب.أ)
جوردي كرويف (يسار) يرحب بضم أوباميانغ إلى النادي الكاتالوني (إ.ب.أ)
TT

جوردي كرويف: برشلونة لا يزال استثنائياً... واللاعبون مستعدون للتضحية بالأموال

جوردي كرويف (يسار) يرحب بضم أوباميانغ إلى النادي الكاتالوني (إ.ب.أ)
جوردي كرويف (يسار) يرحب بضم أوباميانغ إلى النادي الكاتالوني (إ.ب.أ)

يقول المستشار الرياضي لنادي برشلونة، جوردي كرويف: «في النهاية، هناك شعور بالارتياح، ونحمد الله على ما وصلنا إليه. وإذا كانت الصفقات الجديدة مناسبة وقدمت مستويات جيدة، فسوف تشعر بأن العمل قد تم بشكل جيد». كان يتبقى دقيقة واحدة فقط قبل منتصف الليل في اليوم الأخير لفترة الانتقالات الشتوية الأخيرة، عندما وصلت الأوراق أخيراً وعرف برشلونة أنه بإمكانه تسجيل بيير إيمريك أوباميانغ، ليكون المهاجم الغابوني هو الصفقة الرابعة التي يبرمها برشلونة في يناير (كانون الثاني). وبعد ستة أسابيع، سجل أوباميانغ هدفين وصنع هدفاً آخر لفيران توريس، المنضم أيضاً لبرشلونة في فترة الانتقالات الشتوية الأخيرة، في المباراة التي سحق فيها النادي الكاتالوني غريمه التقليدي ريال مدريد برباعية نظيفة على ملعب «سانتياغو برنابيو».
وشهدت هذه المباراة إحراز أوباميانغ لهدفه التاسع منذ انتقاله لـ«كامب نو»، كما كانت المباراة رقم 12 لبرشلونة من دون هزيمة. وبالتالي، تشير كل المؤشرات إلى أن النادي الكاتالوني بدأ يستعيد عافيته ويعود إلى المسار الصحيح. إنها ليست مهمة سهلة على الإطلاق، حيث تتطلب اتخاذ قرارات يمكن أن «تحطم القلب»، كما لا يزال برشلونة يعاني من أزمة، وإن كانت بدرجة أقل. وفي الأول من سبتمبر (أيلول) الماضي، تولى جوردي كرويف منصب المستشار الرياضي للنادي، ثم عُيِن مديراً لكرة القدم الدولية، وأصبح الآن سكرتيراً فنياً بحكم الأمر الواقع، حيث يعمل جنباً إلى جنب مع المدير الفني للفريق، تشافي هيرنانديز، ومدير الكرة، ماتيو أليماني، فيما يتعلق بإبرام الصفقات الجديدة. لكن الاستعدادات تعود إلى ما هو أبعد من ذلك - فقد كان كرويف لاعباً ومدرباً ومديراً رياضياً.
يتحدث كرويف ببلاغة عن كيفية تعلمه من المدير الفني الاسكوتلندي السير أليكس فيرغسون، الذي يصفه بأنه «رجل سابق لعصره» و«لا يرحم»، لكنه «إنسان»، حتى لو لم يكن يدرك آنذاك أنه يتعلم مثل هذه الدروس. وكان والده يوهان، الذي توفي قبل ستة أعوام وكان سيكمل عامه الخامس والسبعين هذا العام، الشخصية الأكثر تأثيراً في عالم كرة القدم. لقد تركت مؤسسة كرويف إرثاً كبيراً، وهي تحتفل الآن بمرور ربع قرن من الزمان على إنشائها، ومن المؤكد أن جوردي كرويف هو أكثر شخص يشعر بأهمية هذا المكان.
لقد بنى يوهان كرويف برشلونة الحديث، والآن يساعد نجله جوردي في إعادة بناء الفريق مرة أخرى. وتجب الإشارة إلى أن المهمة صعبة للغاية، فقد رحل النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي بعدما عجز النادي عن دفع راتبه ورواتب لاعبين آخرين؛ ووصل حجم الدين إلى 1.35 مليار يورو في أغسطس (آب) الماضي، وحصل النادي على مزيد من القروض منذ ذلك الحين؛ واضطر اللاعبون إلى تخفيض رواتبهم، وعندما أعلنت رابطة الدوري الإسباني الممتاز مؤخراً عن سقف الرواتب، كان برشلونة قد تجاوز هذا السقف بـ144 مليون يورو - النادي الوحيد الذي يمتلك أرقاماً سلبية في هذا الصدد. باختصار شديد، لا يملك النادي أموالاً. لذلك، دعونا نطرح السؤال التالي: كيف تمكن برشلونة رغم هذه الأزمة المالية الطاحنة من التعاقد مع فيران توريس مقابل 55 مليون يورو؟ وكيف تعاقد مع داني ألفيش، وأداما تراوري، وأوباميانغ؟
يقول كرويف: «يمكن تلخيص الأمر في عبارة واحدة وهي: استهلاك الدين، حيث نقسم التكلفة على عدد معين من السنوات ونعمل من هذا المنطلق». لكن العملية معقدة للغاية، حيث يضع النادي خططاً طويلة ومتوسطة وقصيرة المدى تعمل بالتوازي بعضها مع بعض، وهو التوازن المنشود بين إعادة بناء الفريق وخفض الديون. إن الصفقات التي عقدها برشلونة في فترة الانتقالات الشتوية الماضية تشمل صفقات انتقال نهائية وصفقات على سبيل الإعارة وصفقات مجانية بعد نهاية عقود اللاعبين مع أنديتهم الأصلية، وعُقد بعضها في اللحظات الأخيرة باعتبار ذلك السبيل الوحيدة للخروج من هذه الأزمة. وكانت الصفقة الرابعة التي أبرمها النادي هي داني ألفيش، الذي يبلغ من العمر 38 عاماً ولم يكن يلعب لأي نادٍ، ويريد العودة إلى ناديه السابق من أجل اللعب والمشاركة مع منتخب بلاده في نهائيات كأس العالم.
يقول كرويف عن ذلك: «قواعد اللعب المالي النظيف في إسبانيا والمشكلات الاقتصادية تعني أن كثيراً من الأشياء التي كانت ممكنة بشكل طبيعي في الماضي لم تعد ممكنة الآن». هذه القواعد تعني أن برشلونة يمكنه استثمار يورو واحد فقط مقابل كل أربعة يستطيع ادخارها؛ كما يقول كرويف، الذي يضيف: «الأمر أكثر صرامة مما هو عليه في بقية أنحاء أوروبا، وهو أمر يثير الفضول. الأمر أكثر مرونة في إنجلترا. أما في إسبانيا فيتم حظرك، لذا يجب أن تكون مبدعاً للخروج من هذه الأزمة».
ويضيف: «الآلية معقدة وجديدة بالنسبة لي، لكن ماتيو يفهمها جيداً. من المهم جداً أن يكون لديك فريق جيد، وأن يكون هناك اتصال مباشر، وأن يكون هناك صدق ووضوح مع الجميع. في بعض الأحيان تتوصل إلى حل يتعلق بكرة القدم ولا يمكنك القيام به. عندما تمر بموسم صعب فإنك تعاني بشدة، لكن ذلك يساعدك أيضاً في الرؤية بوضوح ووضع الأولويات المناسبة: قد تكون هناك بعض المراكز التي تريد تدعيمها، لكن ما الذي تحتاجه خلال هذه الأشهر الأربعة؟».
ويتابع: «في ظل هذا الوضع الاقتصادي الصعب، والحدود التي تفرضها قواعد اللعب المالي النظيف، يتعين على اللاعبين القادمين لبرشلونة أن تكون لديهم رغبة كبيرة للعب هنا. إنهم يعلمون أنه بإمكانهم الحصول على قدر أكبر من الأموال في أماكن أخرى، كما أن جميع اللاعبين الأربعة الذين تعاقدنا معهم يبذلون جهداً كبيراً من أجل مساعدة الفريق، وهو ما يجب أن نشيد به. لا يزال برشلونة نادياً استثنائياً، وما زال لدى كثير من اللاعبين رغبة في خسارة الأموال من أجل اللعب له».
وكان ألفيش قد أكد أن فريقه برشلونة عاش «ليلة للتاريخ» عقب الفوز الكاسح على ملعب ريال مدريد. وشارك ألفيش بدلاً من جوردي ألبا خلال الدقائق الأربع الأخيرة، بعدما اعتاد اللعب أساسيا مع برشلونة في مواجهات الكلاسيكو خلال فترة احترافه الأولى بين عامي 2008 و2016. ولدى سؤاله عما إذا كان هذا هو الفوز الأفضل على الريال، أوضح ألفيش: «إنه صعب، الفوز هنا دائماً ما يجلب السعادة، لن أختار، لكن هذه اللحظات دائماً ما تكون استثنائية». وأضاف: «لم نفز عليهم منذ فترة... وكسر هذا الحاجز أمر استثنائي».
وتجب الإشارة إلى أن ألفيش يحصل على الحد الأدنى للراتب الذي يسمح به الدوري الإسباني الممتاز، كما وافق أوباميانغ على الحصول على راتب أقل بكثير مما كان يحصل عليه مع آرسنال من أجل الانضمام لبرشلونة. وهذا يعني أن الأمر لم يكن سهلاً على الإطلاق، فالصفقة التي كانت تبدو مستحيلة في فترة ما بعد الظهيرة لليوم الأخير من فترة الانتقالات تم إحياؤها وإنهاؤها بنجاح قبل دقائق معدودة من الموعد النهائي وضم اللاعب بشكل نهائي بدلاً من ضمه على سبيل الإعارة، واضطر المهاجم الغابوني إلى إلغاء عقده مع آرسنال.
يقول كرويف: «الاعتماد على أطراف ثالثة في اليوم الأخير من فترة الانتقالات أمر صعب. كما أن التعاقد مع اللاعب بشكل دائم يكون أكثر تعقيداً بكثير من التعاقد على سبيل الإعارة وحسم الموقف النهائي في يونيو (حزيران) ويوليو (تموز). أنت تنتظر، ويكون هناك شعور بالتوتر، وفترة الانتقالات على وشك الإغلاق، ولا يمكنك البحث عن بدائل، خصوصاً أن المهاجمين المميزين يكونون محط أنظار جميع الأندية التي تسعى لتدعيم خط هجومها. لكن القدر كان له دور ونحن سعداء بذلك. الجميع يشعر بالراحة عندما بدأت الأمور تسير بشكل جيد».
ويضيف: «فيران توريس يمثل حلاً قصيراً ومتوسطاً وطويل الأجل، وهو يمثل إضافة كبيرة للنادي. ولو لم يتعرض للإصابة لكان من الصعب جداً التعاقد معه. لولا تلك الإصابة فإنه كان سيلعب ويسجل الأهداف، وبالتالي كان مانشستر سيتي سيرفض بيعه. في بعض الأحيان ترى فرصة يجب اغتنامها بسرعة في سوق الانتقالات. إنه مصاب، وفريقه يفوز من دونه، وهي الظروف التي تخلق موقفاً لا يأتي دائماً، لكنه حدث هذه المرة». ويتابع: «دائماً ما تكون فترة الانتقالات الشتوية صعبة، لأن الأندية لن توافق على أن تمنحك لاعباً على سبيل الإعارة، وهو يلعب معها بشكل أساسي. لذلك، لديك لاعبون لا يلعبون كثيراً، لكن الدوري الإنجليزي الممتاز يتمتع بسرعة هائلة ويعتمد كثيراً على القوة البدنية، بحيث يكتسب اللاعب الذي يلعب هناك منذ بضع سنوات عادات وظروفاً معينة. هذا لا يعني أننا لم نفكر في التعاقد مع لاعبين جيدين آخرين من دوريات أخرى، لكن التعاقد مع لاعب قادم من الدوري الإنجليزي الممتاز يكون أكثر أماناً لأنك تعلم أن اللاعبين الذين يلعبون هناك يمتلكون القوة المطلوبة».
وخلال ثلاث مباريات لعبها في إسبانيا، أسهم آداما تراوري في عدد من الأهداف يعادل نفس عدد الأهداف التي أسهم فيها خلال آخر 25 مباراة له في الدوري الإنجليزي الممتاز. وفي المقابل، فإن عدد الأهداف التي سجلها اللاعب البرازيلي فيليب كوتينيو خلال عشر مباريات مع أستون فيلا يعادل عدد الأهداف التي سجلها خلال الموسمين الماضيين بالكامل مع برشلونة. يقول كرويف: «يمكن أن يحدث ذلك في عالم كرة القدم، وهذا ليس ذنب أحد». ومن المؤكد أن هذا الأمر يسعده أيضاً لأن تألق كوتينيو سيساعد برشلونة على بيعه بمقابل مادي جيد يساعد النادي في التغلب على مشاكله المالية.
كانت هناك اقتراحات بأن يتولى كرويف قيادة برشلونة بشكل مؤقت بعد إقالة رونالد كومان. وبدلاً من ذلك، تولى سيرجي بارخوان قيادة الفريق مؤقتاً حتى جاء تشافي. وتحسنت الأمور بشكل كبير تحت قيادة المدير الفني الإسباني الشاب، الذي يعمل معه كرويف عن كثب. يقول كرويف: «لقد كنت لاعباً ومدرباً ومديراً رياضياً، لكن لاعب كرة القدم هو أجمل شيء على الإطلاق، ولا أعرف ما الدور الذي سأقوم به في غضون 10 سنوات من الآن، لكن ما أعرفه حقاً هو أنني أركز بشكل كامل على أي دور أقوم به هنا، ولا أشتت انتباهي بأي شيء آخر. والقاعدة الأولى التي أؤمن بها دائماً هي ألا أنظر إلى وظيفة شخص آخر. ما يساعد أي مدير فني هو أن يضع نصب عينيه هدفاً معيناً يسعى لتحقيقه، وأن يكوّن فريقاً من 11 لاعباً متفاهمين للغاية فيما بينهم. قد تعتقد أن هذا اللاعب أو ذاك جيد للغاية، لكنه لا يناسب الطريقة التي يلعب بها فريقك. ومن المفيد مناقشة الأمور مع المديرين الفنيين بلغتهم الأصلية. هذا لا يعني بالضرورة أنك ستفهم الأمر بشكل صحيح، لكنه يساعدك في فهم اللاعب والمدرب بصورة أفضل ومعرفة احتياجات كل منهما».
من المؤكد أن برشلونة قد حقق نجاحاً كبيراً في فترة الانتقالات الشتوية الأخيرة، والدليل على ذلك أن الفريق لم يتعرض لأي خسارة منذ اليوم الأخير لفترة الانتقالات، حتى لو أكد كرويف أن الأمر لا يتعلق فقط باللاعبين الأربعة الجدد، والدليل على ذلك أن سيرجيو بوسكيتس وجيرارد بيكيه وجوردي ألبا يقدمون مستويات رائعة. يشير كرويف إلى أن إلقاء اللوم على اللاعبين القدامى هو «أسهل شيء»، مضيفاً: «يستحق المدير الفني الإشادة. صحيح أن اللاعبين الجدد ساعدوا في رفع مستوى الفريق وأضافوا قوة كبيرة وطاقة جديدة، لكن جميع اللاعبين أصبحوا يقدمون مستويات أفضل. يجب أن يكون هناك توازن».
ربما يكون «التوازن» هو أكثر شيء يحتاج إليه برشلونة في الوقت الحالي. لا يزال النادي يعاني من القيود المالية، ويتعين عليه التعامل مع هذه الأزمة في الوقت نفسه الذي يبحث فيه عن الالتزام بقواعد اللعب المالي النظيف لتسهيل إعادة بناء الفريق، ومدركاً أن مخاطر تعميق الديون لا تزال قائمة. هناك لحظة يتحدث فيها كرويف عن المشاكل الموروثة والتعاقدات التي ثبت فيما بعد أنها تمثل عبئاً كبيراً على النادي، وهو الأمر الذي يجعلنا نطرح السؤال التالي: هل التعاقدات التي يبرمها الفريق حالياً يمكن أن تكون مشكلة فيما بعد؟ وماذا لو تحول الإصلاح قصير الأجل إلى التزام طويل الأجل؟ يقول كرويف: «الآن، يتم التحكم في الأمور بحيث لا ترتد علينا بشكل سلبي في المستقبل. يجب التحكم في الرواتب أيضاً، كما تجب إعادة هيكلة الأجور. هذه هي الطريقة التي يجب أن تسير بها الأمور، وإلا سيحدث تأثير سلبي».
تسير الأمور بشكل جيد حتى الآن، لكن لا تزال هناك طريق طويلة يتعين على النادي السير فيها، وإن كان هناك مسار واضح بشكل كبير الآن. دائماً ما ينظر رئيس برشلونة خوان لابورتا إلى يوهان كرويف على أنه مرشد روحي، ودائماً ما يسأل نفسه: ماذا كان سيفعل يوهان كرويف في هذا الموقف أو ذاك؟ ويعترف جوردي بأنه ينظر إلى يوهان كرويف بالنظرة نفسها، حيث نشأ وهو يرى قدرة والده على التنبؤ بما سيأتي. لذا، ماذا كان يوهان كرويف سيقول الآن؟ يقول جوردي ضاحكاً: «ما سيقوله بالضبط عن هذا الموقف، سأحتفظ به لنفسي. لكنه كان إيجابياً في جميع الأوقات وفي كل شيء. كنت دائماً مندهشاً من ذلك: حتى في أصعب لحظات حياته، كان متفائلاً».



في أي عمر يتألق الأبطال الأولمبيون؟

تضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي (جامعة واترلو)
تضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي (جامعة واترلو)
TT

في أي عمر يتألق الأبطال الأولمبيون؟

تضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي (جامعة واترلو)
تضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي (جامعة واترلو)

هناك الكثير من العوامل التي تدخل ضمن مساعي الرياضيين الأولمبيين للحصول على الذهب، أبرزها المواظبة على التدريب وقضاء سنوات من الصرامة والشدة مع النفس، لكن عمر الرياضي أيضاً يعد أحد أهم هذه العوامل، وفق فريق بحثي من جامعة واترلو الكندية، استخدم الإحصائيات لمعرفة متى يبلغ أداء الرياضيين الأولمبيين في سباقات المضمار والميدان ذروته؟

ووفق نتائج الدراسة المنشورة في دورية «سيجنيفيكنس» (Significance) يتدرب معظم الرياضيين عادةً على مدار عدة سنوات للوصول إلى أفضل أداء ممكن لديهم أو ما يعرف بـ«ذروة الأداء» في سن معينة، قبل أن يتراجع مستوى الأداء تدريجياً.

قال ديفيد أووسوجا، طالب الماجستير في علوم البيانات بجامعة واترلو، والباحث الرئيسي للدراسة: «على عكس الرياضات الأولمبية الأخرى مثل كرة القدم، والتنس، التي لها منافساتها رفيعة المستوى خارج نطاق الألعاب الأولمبية، فإن دورة الألعاب الأولمبية هي أكبر مسرح يتنافس فيه رياضيو سباقات المضمار والميدان».

عبد الرحمن سامبا العدّاء القطري (الأولمبية القطرية)

وأضاف في بيان، نشر الأربعاء، على موقع الجامعة: «نظراً لأن الألعاب الأولمبية تقام مرة واحدة فقط كل أربع سنوات، يجب على الرياضيين في سباقات المضمار والميدان، أن يفكروا بعناية في متى وكيف يجب أن يتدربوا لزيادة فرص تأهلهم للأولمبياد لأقصى حد، بينما يكونون في ذروة الأداء الشخصي لهم». وتضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي.

قام باحثو الدراسة بتنظيم مجموعة بيانات الأداء الرياضي الاحترافي، سنة بعد سنة، لكل رياضي مسابقات «المضمار والميدان» الذين شاركوا ضمن المنافسات الفردية في دورات الألعاب الأولمبية، منذ دورة الألعاب التى أقيمت في عام 1996 في أتلانتا بالولايات المتحدة.

حلل الباحثون البيانات التي أخذت في الاعتبار خمسة عوامل: «الجنس، والجنسية، ونوع المسابقة الرياضية، ومدة التدريب الرياضي على مستوى النخبة المتميزة من الرياضيين، وما إذا كان هذا العام هو العام الذي عقدت فيه مسابقات الأولمبياد أم لا».

ووجدوا أن متوسط ​​عمر مشاركة الرياضيين الأولمبيين في ألعاب المضمار والميدان ظل ثابتاً بشكل ملحوظ لكل من الرجال والنساء على مدى العقود الثلاثة الماضية: أقل بقليل من 27 عاماً.

وهو ما علق عليه أووسوجا: «من المثير للاهتمام أن تحليلنا أظهر أن متوسط ​​​​ العمر للوصول إلى (ذروة الأداء) لهؤلاء الرياضيين كان 27 عاماً أيضاً».

ووفق النتائج، فإنه بعد سن 27 عاماً، هناك احتمال تبلغ نسبته 44 في المائة فقط، أن تكون لا تزال هناك فرصة أمام المتسابق للوصول إلى ذروة الأداء الرياضي، ولكن ​​في الأغلب ينخفض هذا الرقم مع كل عام لاحق لهذا السن تحديداً.

وقال ماثيو تشاو، الباحث في الاقتصاد بالجامعة، وأحد المشاركين في الدراسة: «العمر ليس العامل الوحيد في ذروة الأداء الرياضي»، موضحاً أن «الأمر المثير حقاً هو أننا وجدنا أن مدى وعي الرياضي بتوقيت البطولة، يساعد على التنبؤ بأدائه الرياضي بجانب درجة استعداده لها». وبينما يؤكد الباحثون أن تحليلهم نظري في الأساس، فإنهم يأملون أن تكون النتائج مفيدة لكل من الرياضيين والمشجعين.

ووفق أووسوجا فإن أهم النقاط التي نستخلصها من هذه الدراسة، هي أن «هناك قائمة من المتغيرات تساعد في التنبؤ بموعد ذروة الأداء لدى الرياضيين الأولمبيين».

وأضاف: «لا يمكنك تغيير سنة الألعاب الأولمبية، أو تغيير جيناتك، أو جنسيتك، ولكن يمكنك تعديل أنظمة التدريب الخاصة بك لتتماشى بشكل أفضل مع هذه المنافسات الرياضية».

وأشار تشاو إلى أن هذا النوع من الأبحاث يظهر لنا مدى صعوبة الوصول إلى الألعاب الأولمبية في المقام الأول، مضيفاً أنه «عندما نشاهد الرياضيين يتنافسون في سباقات المضمار والميدان، فإننا نشهد وفق الإحصائيات كيف يكون شخص ما في ذروة أدائه البدني، بينما يستفيد أيضاً من توقيت المنافسات ويكون محظوظًا للغاية».