مسؤول يمني لـ«الشرق الأوسط»: مخاوف من استغلال الميليشيا الحوثية للهدنة الإنسانية

منظمة الصليب الأحمر: تقديم المساعدات لليمنيين دون تمييز مذهبي أو عرقي

مسؤول يمني لـ«الشرق الأوسط»: مخاوف من استغلال الميليشيا الحوثية للهدنة الإنسانية
TT

مسؤول يمني لـ«الشرق الأوسط»: مخاوف من استغلال الميليشيا الحوثية للهدنة الإنسانية

مسؤول يمني لـ«الشرق الأوسط»: مخاوف من استغلال الميليشيا الحوثية للهدنة الإنسانية

كشف مسؤول في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط»، عن إيصال إيران للحوثيين سلاحا روسيا عبارة عن مدفعيات ومعدات عسكرية متطورة، عبر زوارق بحرية وصلت من محافظة مهرة البوابة الشرقية لليمن إلى صعدة وصنعاء، مفيدا بأن جزرا على الحدود اليمنية ما زالت تحتضن قواعد إمداد للميليشيات يشرف عليها الحرس الثوري الإيراني، وأضاف أن اللجان الشعبية في مأرب قاوموا ببسالة تمدد الانقلابيين نحو مدينتهم، ودفعوا من أجل ذلك عشرات الشهداء.
وأشار المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إلى أن استئناف الغارات الجوية من قبل دول التحالف خلال الأيام الماضية، حقق أهدافا نوعية، تمثلت في تدمير مخازن الأسلحة التابعة لجماعة أنصار الله في صعدة وغرف عمليات الميليشيا ومصانع المتفجرات مما كبدهم خسائر كبيرة، مؤكدا أن خطوات قادمة رفض الإعلان عنها سوف تسهم في قلب الطاولة على الحوثيين وإفلات العاصمة من قبضتهم.
وأعرب عن مخاوفه من استغلال الحوثيين فرصة الهدنة التي أقرها التحالف لأغراض إنسانية، من أجل ترتيب أوراقهم مجددا، بعد الخسائر الفادحة التي تلقوها، مشيرا إلى أن الميليشيا استولت على مواد الإغاثة المقبلة عبر السفن الدولية، ووقفت ضد وصول المساعدات الغذائية للسكان في عدن جنوب البلاد، بعد أن قطعت خطوط المياه والكهرباء، مما أدى لنزوح آلاف الأسر عن منازلهم، إضافة لاستغلالهم الأزمة من خلال السيطرة على مخزونات الوقود ورفعهم الأسعار إلى 300 دولار، مقابل 20 لترا من البنزين.
وأوضح أن تنظيم القاعدة يسير في اليمن من خلال توجيهات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، مبينا أن عناصر نظامه هي التي أطلقت سراح سجناء التنظيم أخيرا للإسهام في خلق الفوضى في البلاد، ومن ذلك احتلال القاعدة لميناء المكلا في حضرموت، الشهر الماضي، لافتا إلى أن الحالة اليمنية اليوم تفيد بعدم وجود الأمن في ظل وقوف الحوثي وصالح ضد الدولة الشرعية، ومنع الحكومة من ممارسة مهامها.
من جانبها، أكدت لـ«الشرق الأوسط» ماري فغالي، الناطقة باسم منظمة الصليب الأحمر الدولي في اليمن، أنهم يرحبون بأي هدنة إنسانية في اليمن، وأضافت: «حتى الآن لم نرَ هدنة.. وإن حدثت فإنها لا تكفي 24 ساعة فقط، وإن جرت في خمسة أيام فإنها تحتاج للتكرار».
وأشارت إلى أن مهمتهم تتعلق بإيصال المساعدات لكل الأفراد والجهات بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والدينية والمذهبية، من خلال مكاتبهم في مناطق صنعاء وصعدة وعدن وتعز، موضحة أن هناك حاجة لدخول المحروقات، وأن مئات الأشخاص يحتاجون لمواد إغاثية وطبية عاجلة.
وشنت طائرات التحالف، أول من أمس، أعنف هجوم جوي على محافظة صعدة معقل الحوثيين، حيث استهدفت الغارات الجوية عددا من المعسكرات والمقار الخاصة بقيادات في حركة «أنصار الله الحوثية»، إضافة إلى معامل بدائية لتصنيع الألغام، بحسب مصادر محلية.
وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي قد أصدر الساعات الماضية من مقر إقامته في العاصمة السعودية الرياض، قرارات جمهورية «قضت بإقالة العميد عبد الكريم الدمشقي مساعد المفتش العام، والعميد ناصر محسن الشوذبي رئيس عمليات قوات الأمن الخاصة، والعميد عبد الرزاق المؤيد مدير شرطة العاصمة صنعاء، عن أي مهام أمنية، وذلك لإخلالهم بأداء واجبهم الأمني والوطني»، كما «قضت المادة الثانية من هذه القرارات بإحالتهم للقضاء العسكري للمحاكمة».
يأتي ذلك بينما دعت المقاومة الشعبية في إقليم تهامة القيادات العسكرية في الإقليم إلى سرعة العودة إلى حضن الشرعية، مؤكدة أن الحوثيين والمتعاونين معهم والموالين للرئيس المخلوع سيكونون أهدافا مشروعة وفق وصفهم لعمليات المقاومة التي ستشنها الأيام المقبلة.
وأشار بيان صدر عن قيادة المقاومة إلى أنه «بعد أن تمادت ميليشيات الحوثي الإجرامية وحلفاؤها من أتباع الرئيس المخلوع صالح في الجرائم والانتهاكات ضد أحرار إقليم تهامة، وأوغلوا في ممارساتهم الإجرامية قتلا واعتقالا وتشريدا لأحرار الإقليم ورجالاته، وفي ممارسة العقاب الجماعي للمواطنين من خلال نهب المواد التموينية والمشتقات النفطية، مما أدى إلى شلل تام للمؤسسات الحيوية للإقليم كالكهرباء والصحة وما نتج عن ذلك من وفاة الكثير من المرضى ومعاناة النساء والأطفال والعجزة بصورة كارثية.
وبما أن هذه الميليشيات الإجرامية لم تستجب لصوت العقل والسلم ولمطالبات المسيرات الجماهيرية الهادرة، بل جابهتها بالقمع والقتل والتنكيل والاختطافات القسرية، كما حصل في الحديدة وحجه وباجل وغيرها من مدن الإقليم، فإن قيادة المقاومة الشعبية بإقليم تهامة المساندة للشرعية ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي تعلن لأحرار الإقليم كل النفير العام في جميع محافظات الإقليم وتدعو جميع الأحرار من أبناء الجيش والأمن والمواطنين للالتحام مع أبطال المقاومة الشعبية بالإقليم.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.