ضياء مراد يجسد بعدسته عشقه لمباني بيروت التراثية

رسم غرافيكي لممثلة المسرح نضال الأشقر في «المسرح الكبير»
رسم غرافيكي لممثلة المسرح نضال الأشقر في «المسرح الكبير»
TT

ضياء مراد يجسد بعدسته عشقه لمباني بيروت التراثية

رسم غرافيكي لممثلة المسرح نضال الأشقر في «المسرح الكبير»
رسم غرافيكي لممثلة المسرح نضال الأشقر في «المسرح الكبير»

عندما يروي المصور الفوتوغرافي ضياء مراد، حكايته مع تصوير المباني التراثية في العاصمة اللبنانية، يخيل إليك أنه يحكي عن قصة حب كبيرة تحفر في قلبه منذ سنوات طويلة. وتكتشف بعدها أن هذه الرواية الطويلة هي نتيجة عشقه لـ«ست الدنيا». ولشدة غرامه بها، فهو يرغب في إيصال مشاعره نحوها، إلى العالم أجمع.
«بيروت بالنسبة لي، مدينة لا تشبه غيرها، وعلينا ألا نهملها أو ننساها»، يقول ضياء في حديث لـ«الشرق الأوسط». فالمباني التراثية التي تعم مناطق مختلفة كالجميزة، ومار مخايل، والباشورة، وزقاق البلاط، هي شاهد حي على حقبات حلوة ومرة مرت بها المدينة. من هذا المنطلق رغب في توثيق جمال المدينة، بمئات الصور الفوتوغرافية التي التقطها منذ عام 2017.

مبنى تراثي بعدسة ضياء مراد

بدأت قصة ضياء مراد مع بيروت، منذ تخرج من كلية الهندسة في جامعة الكسليك. يقول: «إثر تخرجي، لم أوفق بعرض عمل مناسب، فتوجهت إلى التصوير. وهي هواية تلازمني مذ كنت طالباً جامعياً، واستخدمتها في أبحاثي، وفي رسالة الماجستير».
يومها، تنقل ضياء بين عدة مناطق لبنانية وبينها مدينة عاليه، وبلدته الأم رأس بعلبك، يصور مبانيها القديمة. من ثَم ركز أكثر على بيروت وعمارتها الهندسية، التي تعود إلى أواخر القرن الثامن عشر وأوائل التاسع عشر. «كان الأمر بمثابة مشروع فني أعمل عليه، وعند زيارتي لبلدان أوروبية، ورؤيتي فنون العمارة فيها وكيف يحافظون عليها، قررت أن أقوم بهذه المهمة على طريقتي». ويتابع ضياء في سياق حديثه: «أردت أن أتعرف أكثر على مدينتي، وأتفهم خصائصها، لأعرف كيف سأخبر الناس عنها بصوري. صرت ألاحظ الفرق بين مبانٍ مهملة، وأخرى يُحافظ عليها وفقاً لمناطق معينة. فمباني أسواق بيروت مثلاً، تبدو في أجمل حلة، بينما تلك المنتصبة في الباشورة، مُهملة. من هنا بدأت عيني تلتقط هذه الفوارق، وتتعمق أكثر فأكثر في تفاصيل معمارية لا يتنبه لها كثيرون».
من خلال عمله مع إحدى الشركات الخاصة في بيع العقارات وتأجيرها، أتيح لضياء مراد فرصة دخول مبانٍ عديدة والتعرف إليها عن قرب. «صرت أكتشف الفيلات، والقصور، والمنازل الشاسعة مع حدائقها، وأتبين قناطرها الثلاث، وحجرها الرملي وهندستها، التي تسمح للضوء بأن يغمرها. ولدت بيني وبين تلك المباني علاقة إنسانية، إذ شعرت بأن بعضها حزين لتركه مهدماً، بينما أخرى تنبض بالحياة، وتتنفس، وتتلألأ تحت أشعة الشمس فخورة بالاهتمام الذي تلاقيه من أصحابها».

إهراءات المرفأ كما صورها ضياء مراد

ولعل الفرصة التي سمحت له بالتجول في المدينة والتقاط الصور ضمن مساحة كبيرة من الحرية، قُدمت له على طبق من فضة أثناء الجائحة. «كانت شوارع المدينة وطرقاتها فارغة من الناس، بسبب فرض الحجر المنزلي. فكنت أمضي ساعات طويلة وأنا أتنقل بين شارع ومنطقة وحي».
ولكن ما قلب عدسة كاميرا ضياء مراد رأساً على عقب، كان انفجار بيروت في 4 أغسطس (آب) من عام 2019، «كنت يومها، في صدد تصوير شقة بمنطقة الجميزة، فارتميت نحو مترين بعيداً عن الدراجة النارية، التي كنت أتنقل بها. لملمت نفسي، ونقلت إحدى النساء إلى مستشفى رزق، من ثَم، لحقت بإحساسي ورحت أصور كل ما سبق وصورته قبل الانفجار. صدمني هول الكارثة، وهذا الدمار الذي طال مباني تراثية، كنت قد صورتها قبل فترة قصيرة. عندما تناهى إلى مسمعي أن بعض هذه الأبنية مهددة بالانهيار بسبب الانفجار، صرت أسابق الوقت كي ألتقط أكبر عددٍ من الصور لها، قبل أن أفقدها. فبعضها كان مهدداً بالزوال عن الخريطة».
أكثر المباني الأثرية التي تأثر بها ضياء رضا، كان قصر اللايدي كوكرن: «كنت أحلم بدخوله، وقد تسنى لي من قبل، تصويره من الخارج فقط. ولكن بعد الانفجار، تشلّعت أبوابه وأصبح دخوله مشرعاً أمام المارة. كأنني أدخل مسرح جريمة سمحت لنفسي باجتياز عتبته، فرحت ألتقط الصور، الواحدة تلو الأخرى، وأتفرج بدقة على تفاصيله وجمالية هندسته المعمارية».
أي المباني تركت عندك الأثر الكبير، ولا يمكنك أن تنساها؟ يرد: «قصر اللايدي كوكرن بالتأكيد، لأنه يملك بعمارته كل جمال بيروت، وكذلك مبنى غلام في شارع مار مخايل، ويعود بناؤه إلى عام 1840».
لم يستطع ضياء تجاوز صدمته وحزنه على تهدم قسمٍ كبيرٍ من مباني بيروت التراثية، حتى بعد مرور عام على الكارثة. «المباني التراثية تعني لي الكثير، وهي ليست مجرد حجارة وحديد، بل شواهد على التاريخ، لها حيواتها وشمسها وليلها وقمرها». كما كان لضياء، وقفة خاصة مع إهراءات المرفأ، التي أتى عليها الانفجار. فيتابع قائلاً: «كنت أرغب في تصويرها من قبل، لكن الأمر تطلب مني القيام بإجراءات، وتراخيص عدة، فلم أوفق. ولكني خصصت لها مجموعة، كنت قد صورتها بعد الانفجار».
ومن الاكتشافات التي صادفها ضياء مراد خلال تنقله بين مباني العاصمة، تلك التي شاهد فيها رسماً غرافيكياً لرائدة المسرح اللبناني نضال الأشقر، في مبنى الـ«تياترو الكبير». وأخرى تصور إحدى الملكات في منزل يقع بشارع باستور البيروتي العريق. «هذه الرسوم الغرافيكية، نفذها أصحابها للفت النظر إلى قيمة هذه المباني، ولكي يدخلها الناس ويتعرفوا إلى تراث مدينتهم الأصيل».
من المناطق التي يجدها غنية بالأبنية التراثية، زقاق البلاط، ويعلق مراد: «فيها مبانٍ وعمارات رائعة، بعضها مهملٌ، يمر الناس بمحيطها بشكلٍ عادي، فلا يقدرون هذا الإرث الذي تركه لنا من كان قبلنا».
تحت عنوان «قبل وبعد الانفجار»، جمع ضياء مراد عدة صور لمبانٍ تراثية تظهر حالتها ما قبل كارثة 4 أغسطس وما بعدها. «هذه المجموعة أسهمت في إعادة هذه المباني إلى حالتها الطبيعية، بعد أن تبرعت جمعيات خيرية بترميمها». من بين هذه المباني، بناية طاميش في مار مخايل، وبناية الريف في شارع باستور.
هدف ضياء مراد من خلال مجموعة صوره هذه، أن يجول بها حول العالم، ليخبر عن جمال بيروت. ويتابع: «أحضر لإطلاق كتاب (Falling for Beirut)، يحتوي على صورٍ لهذه المباني. وأعرض فيه مباني رائعة الجمال، وأخرى أعيد ترميمها بعد الانفجار، وثالثة مهملة تنتظر من يُسهم في عودتها إلى الحياة. هناك الكثير من البيوت العالقة بين الحياة والموت، بسبب خلافات بين ورثتها. وهو أمر محزن جداً، لأن أوضاعها مأساوية وعددها كبيرٌ، وليس هناك من يهتم بها».
بدأ ضياء مراد حالياً، يحلق خارج نطاق لبنان. صوّر مباني قديمة في دولة الإمارات العربية المتحدة، يعود تاريخها إلى عام 1970، ويختم حديثه قائلاً: «من المفترض، أن أقيم معرضاً خاصاً بهذه المباني، في غاليري زاوية بدبي. بعد ذلك، سأنظم معرضاً عن مبانٍ تراثية في العاصمة الأردنية عمان، كنت قد صورتها مؤخراً. وسأنطلق للتصوير في المملكة العربية السعودية، على أن أتوجه بعدها إلى بغداد».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».