«الشرعية» اليمنية تؤكد تعاطيها الإيجابي مع المبعوث الأممي «إيماناً بالحل السلمي»

نائب وزير الدفاع السعودي أكد للمشاركين حرص التحالف على إحلال الأمن والسلام... وعبدالملك شدد على نجاح «مشاورات الرياض»

نائب وزير الدفاع السعودي خلال لقائه رئيس الوزراء اليمني (واس)
نائب وزير الدفاع السعودي خلال لقائه رئيس الوزراء اليمني (واس)
TT

«الشرعية» اليمنية تؤكد تعاطيها الإيجابي مع المبعوث الأممي «إيماناً بالحل السلمي»

نائب وزير الدفاع السعودي خلال لقائه رئيس الوزراء اليمني (واس)
نائب وزير الدفاع السعودي خلال لقائه رئيس الوزراء اليمني (واس)

وسط تفاؤل الحكومة اليمنية بصمود الهدنة الإنسانية التي اقترحتها الأمم المتحدة لمدة شهرين وصولاً إلى رفع الحصار الحوثي المفروض على تعز منذ سنوات، أكد الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز، نائب وزير الدفاع السعودي، حرص التحالف بقيادة المملكة على إحلال الأمن والسلام والاستقرار في اليمن، وذلك خلال لقائه أمس بالرياض رئيس الوزراء اليمني الدكتور معين عبد الملك سعيد، وأعضاء مجلس الوزراء.
وأبرز نائب وزير الدفاع ترحيب المملكة بإعلان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن البدء بهدنة لوقف العمليات العسكرية كافة بالداخل اليمني وعلى الحدود السعودية - اليمنية، التي تتماشى مع المبادرة السعودية المُعلنة في مارس (آذار) 2021، لإنهاء الأزمة اليمنية، والوصول إلى حلٍ سياسي شامل.
وقال الأمير خالد: «إن المملكة العربية السعودية تأمل في أن تُسهم هذه الهدنة مع الجهود السياسية في التوصل إلى تسوية سياسية عبر المشاورات اليمنية – اليمنية المنعقدة برعاية مجلس التعاون لدول الخليج العربي».
من جانبه، ثمّن رئيس مجلس الوزراء اليمني وأعضاء المجلس الدعم المقدم والمستمر من السعودية، للشعب اليمني في مختلف الظروف، والتزامها الدائم بمساندة جهود الحكومة، ودعم سيادة وأمن واستقرار اليمن. كما أكد أن الحكومة اليمنية تعول على دعم المملكة والمانحين في دول مجلس التعاون الخليجي والمجتمع الدولي في توفير احتياجات الحكومة اليمنية، وأن ذلك سيسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي لليمن ورفع المعاناة عن الشعب اليمني. وأكد عبد الملك معين أن المشاورات اليمنية - اليمنية المنعقدة تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربي تعطي بارقة أمل للشعب اليمني، ودفعة كبيرة لجهود الحكومة في تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار، معبراً عن ثقته في نجاح هذه المشاورات والخروج برؤى وأفكار تخدم الشعب اليمني.
وكان وزير الإعلام والسياحة والثقافة اليمني معمر الإرياني أكد أن الحكومة تتعاطى إيجابياً مع جهود المبعوث الأممي للتهدئة انطلاقاً من إيمانها بالحل السلمي للأزمة ومسؤوليتها تجاه شعبها، كما شدد على «ضرورة التراتبية في تنفيذ الالتزامات المترتبة على الطرفين، ووضع إطار زمني لتنفيذها» وقال إن لدى الميليشيات الحوثية «سجل حافل بالتنصل من الاتفاقات وخلق الأعذار للانقلاب عليها».
يتزامن ذلك، مع تقدم تشهده أروقة المشاورات اليمنية - اليمنية المنعقدة في الرياض للتوصل إلى حلول جذرية تفضي إلى إنهاء الحرب وإحلال السلام.
وتعليقاً على التقاء كل الفرقاء اليمنيين على طاولة المشاورات باستثناء الجماعة الحوثية، أكد السفير السعودي لدى اليمن المشرف العام على البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن محمد آل جابر أن المشاورات المنعقدة برعاية مجلس التعاون الخليجي بالرياض نجحت «في جمع المكونات والقيادات اليمنية المختلفة، سعياً لتحقيق السلام والأمن في اليمن». وقال آل جابر في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إن المشاورات منحت المشاركين «فرصة للمراجعة والتقارب لرسم خارطة طريق يمنية تنقل اليمن الشقيق من الحرب والدمار إلى السلام والتنمية».
وفي حين تأمل الأوساط الغربية والأممية أن تشكل الهدنة التي وافق عليها الحوثيون والحكومة الشرعية أساساً للبناء عليه من أجل هدنة مستدامة، لا يزال الكثير من المراقبين يشككون في جدية الحوثيين للالتزام بوقف النار لا سيما باتجاه مأرب وبخاصة مع استمرارها في حشد المقاتلين إليها وشن الهجمات، بحسب ما تقوله مصادر ميدانية يمنية. ومع اتساع رقعة التفاؤل الدولي والحكومي، يواصل الدبلوماسيون الغربيون حواراتهم مع مسؤولي الحكومة اليمنية، في الوقت الذي يعد فيه المبعوث الأممي عدته لترتيب لقاءات بين الأطراف لوضع خطة شاملة للسلام.
وفي سياق هذه اللقاءات، أفادت المصادر الرسمية بأن رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك ناقش (الأحد) مع سفير المملكة المتحدة ريتشارد أوبنهايم، آخر المستجدات على الساحة الوطنية، في ضوء التطورات الأخيرة وإعلان الهدنة الأممية لوقف إطلاق النار لمدة شهرين، التي حظيت بترحيب واسع على المستوى الإقليمي والدولي.
وأوردت وكالة «سبأ» أن اللقاء «تطرق إلى العوامل الضرورية التي تترتب عليها استمرار الهدنة وكل الترتيبات الإنسانية والاقتصادية المتعلقة بها، إضافة إلى المشاورات اليمنية - اليمنية المنعقدة في العاصمة السعودية الرياض تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والدعم الإقليمي والدولي المطلوب لمساندة جهود الحكومة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، وتخفيف معاناة اليمنيين».
وشدد رئيس الوزراء اليمني - بحسب المصادر نفسها - على أن وقف إطلاق النار هو العنصر الرئيسي في المبادرة المقدمة من الأمم المتحدة التي وافقت عليها الحكومة، وما يمكن البناء عليها في الجوانب الاقتصادية والإنسانية والعسكرية والأمنية حتى الوصول إلى حل سياسي شامل ومستدام وفق المرجعيات الثلاث.
وأشار عبد الملك إلى أن «صمود وقف إطلاق النار يشكل العامل الرئيسي لاستمرارية الهدنة وفتح فرصة جديدة لمسار السلام، وكذلك ضرورة رفع الحصار على مدينة تعز المحاصرة من قبل ميليشيا الحوثي منذ سبع سنوات».
وبشأن المشاورات اليمنية - اليمنية المنعقدة تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أشار عبد الملك إلى أنها «حدث هام وجاد ويتيح فرصة لإعادة ترتيب أولويات القوى السياسية بالشراكة مع الحكومة وتحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية». كما أشاد «بالنقاشات والحرص الذي تبديه جميع القوى والمكونات السياسية والمجتمعية لإنجاح مشاورات الرياض».
وبحسب المصادر، استعرض رئيس الوزراء اليمني الأوضاع الاقتصادية والتحديات القائمة في مختلف الجوانب وما تبذله الحكومة من جهود للتعامل معها وضرورة قيام بريطانيا والمجتمع الدولي بتقديم المزيد من الدعم الاقتصادي للحكومة وتقوية قدرات مؤسسات الدولة لمواجهة التحديات، مشيدا بالعلاقات الثنائية بين حكومته والمملكة المتحدة ومواقف الأخيرة الداعمة لليمن وشعبها وجهود الحكومة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وبناء مؤسسات الدولة.
ونسبت المصادر إلى السفير البريطاني أنه «جدد التزام بلاده بدعم اليمن والحكومة»، وأن بلاده «ستعمل على بذل المزيد من أجل تخصيص دعم أكبر لجهودها من قبل أصدقائها في العالم والمنطقة».
ووفق وكالة «سبأ» وصف السفير البريطاني إعلان المبعوث الأممي والاتفاق على هدنة لمدة شهرين بأنه «تطور مرحب به في بداية شهر رمضان المبارك»، وأشار إلى «أهمية أن تتخذ جميع الأطراف الخطوات الشجاعة المطلوبة للبناء على ذلك والعمل من أجل تحقيق السلام في اليمن».
وفي سياق التطورات اليمنية نفسها، قال وزير الإعلام اليمني في تصريح رسمي أمس (الأحد)، إن «الحكومة في بلاده قدمت التنازلات تلو التنازلات لإنجاح الجهود التي بذلها الأشقاء والأصدقاء والمبعوثان الأمميين للتهدئة، وتخفيف وطأة المعاناة الإنسانية عن كاهل ملايين اليمنيين بمن فيهم من هم في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، وإحلال السلام المبني على قاعدة المرجعيات الثلاث».
وأوضح الإرياني أن قبول الحكومة في بلاده الهدنة الإنسانية والعسكرية التي أعلنها المبعوث الأممي ودخلت حيز التنفيذ، والتي تأتي في سياق المبادرة السعودية، وجهود مجلس التعاون الخليجي، تجسيد لمواقفها الثابتة والراسخة في دعم جهود التهدئة، وحقن دماء اليمنيين، وعمل كل ما من شأنه التخفيف من معاناتهم.
واتهم الوزير اليمني الميليشيات الحوثية بأنها «أفشلت طيلة 7 أعوام المبادرات والجهود الدولية للتهدئة، وقابلت التنازلات التي قدمتها الحكومة لإعادة فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة، وتوجيه عائداته لدفع رواتب الموظفين، بمزيد من الرفض والتعنت، وعملت على تعميق المعاناة الإنسانية، واستغلالها للمتاجرة وتضليل المجتمع الدولي».
وأكد الإرياني أن الحكومة الشرعية تتعاطى إيجابياً مع جهود المبعوث الأممي للتهدئة انطلاقاً من إيمانها بالحل السلمي للأزمة ومسؤوليتها تجاه شعبها، كما شدد على «ضرورة التراتبية في تنفيذ الالتزامات المترتبة على الطرفين، ووضع إطار زمني لتنفيذها»، وقال إن لدى الميليشيات الحوثية «سجل حافل بالتنصل من الاتفاقات وخلق الأعذار للانقلاب عليها».



المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)

تجتمع المعارضة الصومالية في ولاية غوبالاند التي تشهد خلافات حادة مع الحكومة الفيدرالية بمقديشو، وسط توترات سياسية متصاعدة حول الانتخابات المباشرة واستكمال الدستور.

هذا الاجتماع، الذي يستمر من 17 إلى 20 ديسمبر (كانون الأول)، يراه خبير في الشأن الأفريقي والصومال تحدث لـ«الشرق الأوسط» أقرب إلى «محطة سياسية ذات تأثير محدود، ما لم يتمكن من تجاوز الانقسامات الداخلية والتوترات مع الحكومة وتقديم خطاب وطني جامع يستجيب لتطلعات الشارع الصومالي في الاستقرار والأمن والديمقراطية».

وتحتضن مدينة كيسمايو، العاصمة المؤقتة لولاية غوبالاند، الوفود المشاركة في مؤتمر المعارضة؛ فيما استقبل الأمين العام لمنتدى الإنقاذ الصومالي المعارض، محمد آدم كوفي، وزير الداخلية في غوبالاند، محمد إبراهيم أوغلي، وعدداً من المسؤولين بإدارة الولاية، بحسب ما نقله الموقع الإخباري «الصومال الجديد».

وأوضح أوغلي في تصريحات إعلامية، الثلاثاء، أن المؤتمر سيركز على وضع اللمسات الأخيرة على هيكل مجلس مستقبل الصومال وتحليل الوضع السياسي الذي تمر به البلاد.

وقال كوفي في تصريحات وقتها إن مؤتمر كيسمايو سيناقش قضايا مهمة في ظل المرحلة السياسية الصعبة التي تمر بها البلاد.

وتستضيف الولاية هذا المؤتمر، الذي لم تعلق عليه مقديشو، بعد نحو 10 أيام من إعلان رئيس برلمان غوبالاند، عبدي محمد عبد الرحمن، أن غوبالاند انتقلت من ولاية إقليمية إلى دولة، في تصعيد للتوتر السياسي القائم بينها وبين الحكومة الفيدرالية التي تصف الإدارة الحاكمة حالياً في غوبالاند بأنها غير شرعية بعد إجرائها انتخابات أحادية الجانب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 أعادت رئيسها أحمد مدوبي الذي يحكم غوبالاند منذ عام 2012 إلى السلطة.

توتر واحتقان

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية، علي محمود كلني، أن المؤتمر ينعقد في توقيت بالغ الحساسية، وسط احتقان سياسي متصاعد وخلافات مزمنة بين الحكومة الفيدرالية في مقديشو وبعض الإدارات الإقليمية.

وتأتي أعمال المؤتمر، بحسب كلني، في ظل قطيعة طويلة بين إدارة غوبالاند والحكومة الفيدرالية؛ وهي قطيعة هيمنت على المشهد السياسي طوال معظم فترة رئاسة حسن شيخ محمود، مشيراً إلى أن العلاقة بين الرئيس الفيدرالي ورئيس غوبالاند أحمد محمد إسلام (مدوبي) اتسمت بتوتر حاد وصل في بعض المراحل إلى مستوى المواجهة السياسية المفتوحة، ما أفقد أي مسعى للتنسيق أو الشراكة معناها العملي.

وعن التحديات التي تواجه مخرجات المؤتمر، لفت كلني إلى التباين الواضح في مواقف القوى المشاركة في المؤتمر، سواء بشأن شكل نظام الحكم، أو آليات إدارة الدولة، أو مستقبل العملية الديمقراطية في البلاد، مشيراً إلى أن هذا التباين يقلّص فرص الخروج برؤية سياسية موحدة، ويجعل من الصعب تحويل المؤتمر إلى منصة ضغط فعالة في مواجهة الحكومة الفيدرالية.

وتأتي تلك التحركات المعارضة، بينما يشتد منذ عام الجدل بشأن الانتخابات الرئاسية المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع أُجري عام 1968، بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي اعتمدت بشكل رئيسي على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، وجرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة أربع عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية على نحو لافت، وكانت العودة لاستكمال الدستور المؤقت الذي يعود إلى 2012 هي الشرارة الأبرز لتفاقم الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وغوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر.

هل من مخرجات ملموسة؟

كانت الخلافات بين الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود والمعارضة قد اشتدت بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

وفي ضوء هذه المعطيات والخلافات المتصاعدة، يرى خبير الشؤون الأفريقية كلني أن تأثير مؤتمر كيسمايو سيظل محدوداً على مشروع الانتخابات المباشرة الذي تعمل حكومة حسن شيخ محمود على الإعداد له.

وتبقى القيمة السياسية للمؤتمر مرهونة بما قد يصدر عنه من مخرجات ملموسة، وبمدى قدرة المشاركين على توحيد مواقفهم حيال القضايا الوطنية الكبرى، وفي مقدمتها استكمال جهود تحرير البلاد من الجماعات المسلحة، ومسار الانتخابات العامة وإعادة تصميمها على أسس توافقية، وإدارة الخلافات السياسية القائمة والسعي إلى مواءمتها ضمن إطار وطني جامع.

وفي النهاية، يؤكد كلني أن التحدي الحقيقي لا يكمن في عقد المؤتمرات بحد ذاتها، بل في القدرة على تحويلها إلى أدوات فاعلة لإنتاج حلول سياسية قابلة للحياة.


مصر تدعم «سلام الكونغو» وتبدي استعدادها لمساندة مسار التسوية

لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تدعم «سلام الكونغو» وتبدي استعدادها لمساندة مسار التسوية

لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعم بلاده لاستقرار جمهورية الكونغو الديمقراطية بعد التوقيع على اتفاقيات سلام تهدف إلى إنهاء التوتر القائم في منطقة «شرق الكونغو»، معرباً عن استعداد بلاده لبذل «كل جهد ممكن لمساندة مسار التسوية».

وتلقى السيسي اتصالاً هاتفياً، الأربعاء، من نظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي، تناول مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين وتطرق إلى مستجدات الأوضاع في شرق الكونغو الديمقراطية، وفق بيان صادر عن المتحدث باسم الرئاسة المصرية.

ورحب السيسي خلال الاتصال بالتوقيع على اتفاق «الدوحة للسلام» الشامل بين حكومة الكونغو الديمقراطية وتحالف نهر الكونغو (حركة 23 مارس)، كما أعرب عن دعم مصر الكامل لاتفاق السلام الموقع في واشنطن ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مؤكداً أنه يمثل خطوة بالغة الأهمية نحو إنهاء حالة التوتر وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة البحيرات العظمى.

وأكد الرئيس المصري «استعداد بلاده لبذل كل جهد ممكن، بما في ذلك توفير المحافل اللازمة للأطراف المعنية، دعماً لمسار تسوية النزاع»، وفقاً لبيان الرئاسة المصرية.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مراسم توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا بول كاغامي والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

من جانبه، نقل البيان المصري عن الرئيس الكونغولي «تقديره لمساندة مصر لجهود السلام والاستقرار في بلاده وفي المنطقة، واتفق الرئيسان على ضرورة تكثيف الجهود لتذليل أي عقبات قد تواجه تنفيذ اتفاقيات السلام».

ووقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيسا رواندا بول كاغامي، والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، في واشنطن مطلع الشهر الحالي، اتفاقاً يعزز فرص السلام والتعاون الاقتصادي بتلك المنطقة الأفريقية التي تخوض نزاعاً منذ عقود.

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو ثلاثة عقود. وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتين.

ويعد الاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن هو الأحدث ضمن سلسلة تفاهمات بإطار أُبرمت في يونيو (حزيران) الماضي بواشنطن، إضافة إلى إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) في قطر، استكمالاً لاتفاق في 19 يوليو (تموز) الماضي.

وأشار المتحدث باسم الرئاسة المصرية إلى أن الرئيسين اتفقا خلال اتصال، الأربعاء، على أهمية تعزيز التشاور والتعاون الثنائي في القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يسهم في تحقيق الاستقرار والسلام والتنمية في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وأكد السيسي تطلعه لاستضافه نظيره الكونغولي لمواصلة تعزيز التعاون بين البلدين، فيما ثمَّن تشيسكيدي الزخم الذي تشهده العلاقات مع مصر، مُعبراً عن تقديره للدعم الذي تقدمه لبلاده في مختلف القطاعات.

وفي مطلع هذا الأسبوع، قالت الخارجية المصرية إنها «تتابع بقلق بالغ التطورات المتسارعة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وما تشهده بعض المناطق من تدهور في الأوضاع الإنسانية الذي يفرض تحديات عاجلة على المدنيين»، مؤكدة دعمها المستمر لوحدة وسلامة وسيادة الأراضي الكونغولية.

وشددت مصر، وفق بيان للخارجية، السبت، على أهمية التهدئة ووقف أي تصعيد ميداني بما يسهم في خلق بيئة مواتية للحوار واستعادة الاستقرار؛ مؤكدة الالتزام باتفاق واشنطن للسلام بوصفه إطاراً أساسياً لبناء الثقة وتخفيف التوتر.

كما أكدت مصر ضرورة وقف الأعمال العدائية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، مشددة على الحاجة إلى دعم الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحسين الوضع الإنساني ومنع مزيد من التدهور.


«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
TT

«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل

استبقت حكومة الوحدة الليبية المؤقتة نتائج الحوار الأممي المهيكل بالتأكيد على «أولوية الاستفتاء على الدستور»، معلنة إجراء تعديلات وزارية قريبة، تزامناً مع تأكيد عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، دعم فرنسا للانتخابات.

وقالت حكومة الوحدة المؤقتة، التي رحبت بانطلاق الحوار المهيكل، إنها ستُعلن خلال الأيام القريبة المقبلة عن تعديلات حكومية إصلاحية، تشمل سدّ الشواغر الوزارية، وتهدف إلى رفع مستوى الكفاءة، وتعزيز الأداء المؤسسي، وتوسيع دائرة التوافق بما يدعم متطلبات المرحلة المقبلة.

وأكدت «الوحدة» في بيان لها، مساء الثلاثاء، أن جوهر المرحلة لا يرتبط بتعدد المسارات أو تسمياتها، بقدر ما ينصرف إلى تحقيق الهدف الوطني، المتمثل في إجراء الانتخابات، بوصفها الاستحقاق الذي ينتظره الليبيون لتجديد الشرعية، ووضع حد لحالة عدم اليقين السياسي، مشدّدةً على أن توجهها الأساسي يتمثل في الاستفتاء على مشروع الدستور أولاً، ومؤكدة أنها تتعاطى بإيجابية مع الاختراق، الذي طرأ على حالة الجمود السابقة، وعبّر عن ذلك شخصيات فاعلة، الأمر الذي يفضي إلى الذهاب المباشر نحو الانتخابات التي أصبحت اليوم محل إقرار من مختلف الأطراف، بعد أن ظلت لفترة موضع نقاش، بما يعكس تحولاً واضحاً في مقاربة الحل السياسي.

وعدّت «الوحدة» أن استمرار الخلاف حول القوانين الانتخابية، إن لم يُحسم، فإنه يكرّس الحاجة إلى الاحتكام إلى أسس دستورية واضحة، تُبنى عليها العملية الانتخابية، وتضمن قابليتها للتطبيق، وهو ما أكدت عليه المفوضية العليا للانتخابات بإعلان جاهزيتها متى توفرت هذه الأطر القانونية السليمة.

كما جدّدت الحكومة التزامها بدعم كل ما من شأنه الدفع نحو الانتخابات ضمن مسار وطني مسؤول، يحفظ وحدة الدولة، ويعكس الإرادة الشعبية، ويجنب البلاد الدخول في مراحل انتقالية إضافية.

في سياق ذلك، أوضح وزير الدولة للاتصال بحكومة الوحدة، وليد اللافي، أن التعديلات الوزارية المرتقبة ستركز على اختيار وزراء أكفاء، وتراعي المناطق الجغرافية دون استثناء، مشيراً إلى أنها ستشمل وزارات سيادية وخدمية، وتمثيلاً أكبر للشباب.

في غضون ذلك، أظهر تقرير أممي تفضيلاً واسعاً بين الليبيين لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة. وطبقاً للتقرير، الذي نشرته بعثة الأمم المتحدة في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، حول نتائج المشاورات العامة للحوار المهيكل، فقد أكد 86 في المائة ممن شاركوا في استطلاع عبر الإنترنت جاهزيتهم للتصويت فوراً، فيما أكد أكثر من 70في المائة أن مشاركتهم تؤثر فعلياً.

ووصف التقرير الأزمة الجوهرية في ليبيا، بأنها أزمة سياسية ناجمة، عما وصفه بانقسام مؤسسي وجهوي عميق، وسلطات متنافسة، وغياب سلطة تنفيذية واحدة ذات شرعية وطنية، ما ينعكس سلباً على الاقتصاد والأمن والحوكمة.

وعدّ انتشار السلاح عقبة أساسية أمام الانتخابات والسلام الدائم، وحدّد الأولويات الأساسية في القطاع الأمني بنزع سلاح التشكيلات المسلحة، وإعادة إدماجها، وإنشاء جيش ومؤسسات أمنية موحدة، مع تأكيد السيطرة المدنية، وتحقيق أمن مرتكز على الحقوق وفي خدمة المواطن.

كما تحدث التقرير عن «سلطة سياسية شرعية واحدة، تسيطر فعلياً على الجيش والأمن»، بالإضافة إلى «أطر قانونية ومعايير مهنية واضحة تُطبق بعدالة، وحوافز مالية وضوابط مشفوعة بعقوبات لتشجيع الاندماج والالتزام».

وكانت البعثة الأممية قد أصدرت وثيقة «الإطار المرجعي» الرسمي للحوار، الذي يحدد منصة شاملة تضم 120 إلى 124 مشاركاً ليبياً، يمثلون تنوعاً جغرافياً واجتماعياً، مع نسبة لا تقل عن 35 في المائة للنساء، بالإضافة إلى مشاركة الشباب وذوي الإعاقة.

ويركز الحوار على أربعة مسارات رئيسية هي: الحوكمة، والاقتصاد، والأمن، والمصالحة الوطنية وحقوق الإنسان، مع دمج حقوق المرأة بوصفه موضوعاً مشتركاً.

ويعتمد على مبادئ الملكية الليبية، والشمول، والشفافية، وبناء التوافق، ويستمر لمدة 4 إلى 6 أشهر، بهدف إصدار توصيات توافقية ملموسة لمعالجة جذور النزاع، وتهيئة الانتخابات.

اجتماع صالح ورئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية (مجلس النواب)

وتعهد أعضاء الحوار المهيكل، وفقاً لمدونة قواعد السلوك، التي أصدرتها البعثة الأممية أيضاً بوضع المصلحة الوطنية أولاً، والنزاهة، ورفض الضغوط أو المزايا المادية، واحترام الآراء، وتجنب التمييز أو المضايقة، والحفاظ على سرية المداولات.

في المقابل، أكد رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، الذي بدأ زيارة مفاجئة إلى العاصمة الفرنسية باريس، لم يسبق الإعلان عنها، في لقائه، مساء الثلاثاء، مع رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية يائيل بيفيه، أن حل الأزمة الليبية يتطلب تضافر الجهود الدولية لمساعدة الشعب الليبي في التعبير عن إرادته الحرة في انتخابات رئاسية وبرلمانية نزيهة، وحذّر من أن قيام البعثة الأممية بفتح مسارات إضافية «سيعقد هذا المسار، ولن يكون لها أثر فعلي إيجابي على ملف التسوية السياسية».

ونقل صالح عن يائيل التزام فرنسا بدعم ومساندة الشعب الليبي في تحقيق رغبته في بناء دولة ديمقراطية مستقرة.

وكان صالح نقل عن رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، جيرارد لاروشيه، في اجتماعهما تأييده لمقترحاته بشأن حل الأزمة الليبية من خلال الوقوف مع الشعب الليبي، وحقه في اختيار رئيسه وبرلمانه عن طريق الانتخابات المباشرة، لافتاً إلى قيام مجلس النواب بواجباته كاملة في إصدار قانوني انتخاب الرئيس ومجلس الأمة، وتقديم لجنة (6 + 6) المشتركة مع مجلس الدولة، نتائج أعمالها، التي قال وفقاً لعبد الله بليحق، الناطق باسم صالح، إنها نالت رضا مختلف الأطراف، ودعم مجلس الأمن الدولي.

كما أكد صالح، خلال لقائه مع بول سولير، المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي، دعم فرنسا لمجلس النواب الليبي ومساعيه لتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة، مشيداً بمخرجات لجنة (6 + 6) بوصفها خطوة توافقية مهمة بشأن القوانين الانتخابية، مشيراً إلى ضرورة استمرار اللجنة في مهامها.