«الخروج الآمن» للمسؤولين... ضياع للحقوق وإفلات من المساءلة في ليبيا

مطالبات بتفعيل آليات المحاسبة بعيداً عن «صفقات» تقاسم السلطة

رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية المكلفة من مجلس النواب (رويترز)
رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية المكلفة من مجلس النواب (رويترز)
TT

«الخروج الآمن» للمسؤولين... ضياع للحقوق وإفلات من المساءلة في ليبيا

رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية المكلفة من مجلس النواب (رويترز)
رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية المكلفة من مجلس النواب (رويترز)

مع كل تغيير حكومي في البلاد ينشغل الليبيون بإمكانية إخضاع المسؤولين السابقين للمساءلة عن فترة ولايتهم، إبراء لذمتهم، ومحاسبتهم حال إثبات تقصيرهم في الحفاظ على المال العام، لكن ذلك لم يحدث خلال السنوات الماضية لأسباب عديدة.
هذه القضية تجددت مع حديث فتحي باشاغا رئيس حكومة «الاستقرار» المكلفة من مجلس النواب بإمكانية منح «الخروج الآمن» لغريمه عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» إذا ما طلب الأخير ذلك، كي يتخلى عن السلطة.
واعتبرت عضو «ملتقى الحوار السياسي» الليبي الزهراء لنقي، أن «طرح نظرية الخروج الآمن هي نتيجة لتكرار عقد صفقات تقاسم السلطة بين أطراف وقوى سياسية محدودة تحكمت بالمشهد السياسي على مدار السنوات الأخيرة»، وأيضاً «لغياب آليات الحوكمة الرشيدة».
وقالت لنقي لـ«الشرق الأوسط» «مع كل تعثر تشهده عملية الانتقال السلمي للسلطة لغياب الآلية الديمقراطية المتعارف عليها وهي الانتخابات يتم اللجوء لصفقة تقاسم السلطة بين أطراف بعينها، ويتم الاتفاق خلال مفاوضات تباركها جهات دولية وأممية على منح الطرف الذي يقبل بتسليم السلطة تعهدا بعدم الملاحقة القانونية، ليتحول هذا الأخير في الأغلب إلى لاعب سياسي؛ وربما تتاح له فرصة التواجد بالسلطة مجدداً».
وأكملت «بالطبع هناك اتهامات كيدية بارتكاب التجاوزات في إطار الاستهداف بين الأفرقاء بالساحة السياسية، ولكن المبدأ الأساسي أنه يجب تفعيل آليات المحاسبة لأي مسؤول عند نهاية عمله الحكومي دون استثناء، لافتة إلى أن هذه الصفقات وإلى جانب ما تمثله من تهميش وإقصاء للشعب، فهي وفي حال ثبوت ارتكاب التجاوزات تسهم فعليا في استنزاف ثروات البلاد، وتؤدي لإعادة تدوير منظومة الفساد».
وكان باشاغا، أرجع في تصريحات إعلامية، ما أسماه بـ«تشبث» الدبيبة، بالسلطة لتخوف الأخير من المحاسبة «لكثرة تجاوزاته المالية والإدارية والقانونية غير المسبوقة في تاريخ الحكومات الليبية»، مبدياً استعداد حكومته لمناقشة منح ضمانات «خروج آمن» للدبيبة إذا طلب الأخير ذلك.
واستنكرت لنقي، تحدث أي شخص مهما بلغ موقعه، عن إسقاط الملاحقة بحق شخص آخر، محذرة من أن هذه الأحاديث حتى وإن كان هدفها إعلاميا، لإظهار المسؤول نفسه بأنه متسامح مع خصومه، فقد يترجمها بالبعض بـأنها «رسالة ضمنية بطمس ملفات الفساد للأبد».
في المقابل، أرجع عضو مجلس النواب محمد الهاشمي غياب محاسبة رؤساء الحكومات وكبار المسؤولين بصفة عامة في ليبيا رغم كثرة التنديد الجمعي بتجاوزات الحكومات السابقة، للانقسام السياسي الذي شهدته البلاد منذ 2014.
وذهب إلى أن الانقسام أدى إلى عدم رفع التقارير التي تصدرها المؤسسات الرقابية لمجلس النواب، وبالتالي كان من الصعب جدا أن يصدر الأخير قرارات بشأن ذلك.
وتوقع الهاشمي أن يؤدي تسلم حكومة «الاستقرار» لمهامها عبر فرض سيطرتها في ليبيا إلى إعادة تصحيح كافة تلك الأوضاع، مدللا على ذلك بتعهد باشاغا «بعدم تصفية حسابات شخصية، وحرصه على إبراز مسؤولية الجهات الرقابية والقضائية في ملاحقة كل من ارتكب تجاوزات»
أما عضو مجلس الأعلى للدولة محمد معزب، فيرى أن «إفلات الشخصيات الفاسدة سواء كانوا رؤساء حكومات، أو وزراء أو أعضاء بالمجالس التشريعية من العقاب يعود لاستعانتهم بلفيف من القانونين والخبراء الماليين ممن نجحوا في شرعنة سرقاتهم».
واستبعد معزب في تصريح صحافي إمكانية حصول أي مسؤول على «تأمين أو خروج آمن»، وقال: «لا توجد جهة في ليبيا قادرة منح ضمانات بعدم حدوث ذلك».
وتابع: «تضخم حجم الفساد المالي والإداري بدرجة غير مسبوقة في السنوات الماضية لدرجة بات يشكل حجر عثرة أمام محاولات القضاء في ملاحقة الفاسدين وإخضاعهم للمساءلة».
واعتبر عضو المجلس الأعلى أن «ديوان المحاسبة يعد الجهاز الوحيد في الدولة الذي استطاع، رصد الفساد، عبر إصدار تقرير سنوي لتجاوزات المسؤولين في المؤسسات الحكومية».
أما الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا عبد المنعم الحر، فثمن جهود النائب العام الصديق الصور، التي أدت لفتح تحقيقات في ملفات تجاوزات مالية وإدارية بحق ثلاثة وزراء حاليين بحكومة «الوحدة الوطنية»، معتبراً أن «غياب الإرادة السياسية لمحاربة الفساد جراء تعامل أغلب كبار المسؤولين بمنطق الغنيمة قد يكون مؤشراً قوياً على تكرار عقد صفقات الخروج الآمن التي تمنح للبعض منهم عند مغادرته لموقعه الحكومي».
وقال الحر لـ«الشرق الأوسط» إن «أغلب قضايا الفساد التي تصل لمكتب النائب العام يتم التحقيق فيها، إلا أن الأزمة تكمن في القبض على الجناة خاصةً في ظل عدم فرض الحكومة سيطرتها على كافة الأراضي الليبية، واستمرار انقسام المؤسسة الأمنية والعسكرية».
ورأى أن «الأمر يتعقد أكثر إذا ما نجح الفاسدون في تبرير تجاوزاتهم بشكل قانوني في ظل ما نسجوه من شبكات قوية للمصالح مع لوبيات السوق، أو كان أحد المطلوبين للقضاء من القيادات الميبلشياوية التي تحظى بولاء عدد كبير من الأتباع والعناصر المسلحة».
ودعا الحر «للإسراع بإحداث تعديلات تشريعية بالقوانين المعنية لمكافحة الفساد لتتلاءم مع تطوير الفاسدين من محاولتهم لشرعنة سرقاتهم من المال العام».



بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
TT

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (الخميس) إلى الأردن، مستهِلاً جولة لبحث الأزمة في سوريا بعد إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وفق ما أفاد صحافي من «وكالة الصحافة الفرنسية» كان ضمن فريق الصحافيين المرافق له في الطائرة.

وقال مسؤولون أميركيون، للصحافيين المرافقين، إن بلينكن المنتهية ولايته سيلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ووزيرَ خارجيته في مدينة العقبة (نحو 325 كيلومتراً جنوب عمان) على البحر الأحمر، في إطار سعيه إلى عملية «شاملة» لاختيار أعضاء الحكومة السورية المقبلة. وفور وصوله، توجَّه بلينكن إلى الاجتماع، ومن المقرر أن يسافر في وقت لاحق من اليوم إلى تركيا.

ودعا بلينكن إلى عملية «شاملة» لتشكيل الحكومة السورية المقبلة تتضمَّن حماية الأقليات، بعدما أنهت فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» حكم بشار الأسد المنتمي إلى الطائفة العلوية التي تُشكِّل أقلية في سوريا.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، لدى إعلانها عن جولة بلينكن، إنه سيدعو إلى «قيام سلطة في سوريا لا توفر قاعدة للإرهاب أو تُشكِّل تهديداً لجيرانها»، في إشارة إلى المخاوف التي تُعبِّر عنها كل من تركيا، وإسرائيل التي نفَّذت مئات الغارات في البلد المجاور خلال الأيام الماضية. وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إلى أنه خلال المناقشات في العقبة على البحر الأحمر «سيكرر بلينكن دعم الولايات المتحدة لانتقال جامع (...) نحو حكومة مسؤولة وتمثيلية». وسيناقش أيضاً «ضرورة (...) احترام حقوق الأقليات، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ومنع تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب أو أن تُشكِّل تهديداً لجيرانها، وضمان تأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية وتدميرها بشكل آمن». وهذه الزيارة الثانية عشرة التي يقوم بها بلينكن إلى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل، التي ردَّت بحملة عنيفة ومُدمِّرة ما زالت مستمرة على قطاع غزة.

وانتهت رحلة بلينكن السابقة بخيبة أمل بعد فشله في تأمين صفقة تنهي فيها إسرائيل و«حماس» الحرب في مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. وسيغادر بلينكن منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل مع إدارة الرئيس جو بايدن.

ووصف الرئيس المنتخب دونالد ترمب الوضع في سوريا بـ«الفوضى». وقال إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تتدخل، رغم أنه لم يوضح السياسة الأميركية منذ سقوط الأسد.