ياسر جلال يُفاجئ الجمهور بأداء دور السيسي

ظهوره في «الاختيار 3» لفت الأنظار وحشد المشاهدات

ياسر جلال يُفاجئ الجمهور بأداء دور السيسي
TT

ياسر جلال يُفاجئ الجمهور بأداء دور السيسي

ياسر جلال يُفاجئ الجمهور بأداء دور السيسي

طغى عنصر المفاجأة على مشاهدة الحلقة الأولى من الجزء الثالث من مسلسل «الاختيار»، بعد ظهور النجم المصري ياسر جلال مرتدياً الزي العسكري، ومؤدياً دور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
تصاعد عنصر المفاجأة مع تقمص ياسر جلال لطبقة الصوت وأداء الرئيس المصري، علاوة على تقارب الشكل الذي وصل به فنانو الماكياج بالمسلسل لملامح مقاربة للرئيس عبد الفتاح السيسي، حتى سادت مواقع التواصل الاجتماعي تعليقات تشيد باقتراب التشابه بينهما، مدعمة بالصور التي تقارب بين الرئيس والفنان المصري وهو يرتدي البذلة العسكرية.
قبل بداية عرض شارة المسلسل، تم عرض مشهد ظهر فيه ياسر جلال، متقمصاً دور السيسي، خلال اجتماع 3 يوليو (تموز) عام 2013، مع عدد من كبار رجال الدولة المصرية مثل شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، والبابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، وأعضاء من حركة تمرد، وكبار رجال القوات المسلحة، وهو الاجتماع الذي تزامن مع مظاهرات 30 يونيو (حزيران) المطالبة آنذاك بالإطاحة بمحمد مرسي، وقال: «اسمحوا لي أقولكم إننا محتاجين نأخذ قرار مصيري، قرار البلد محتجاه».
وحقق مسلسل «الاختيار» في جزئيه الأول والثاني شعبية واسعة خلال عرضه في موسم رمضان الدرامي، ويدور على مدار السنوات الأخيرة التي واكبت نهاية حكم جماعة «الإخوان» للبلاد عام 2013، وبطولات رجال القوات المسلحة والمخابرات ورجال الداخلية في مواجهة العناصر الإرهابية والمتطرفة.
وبينما جاء ظهور ياسر جلال ضمن كوكبة من نجوم الجزء الثالث للمسلسل وأبرزهم أحمد السقا، وكريم عبد العزيز، وأحمد عز، فإن ظهور جلال خطف الأضواء بشكل لافت، وتصدر الترند، وحصد الاهتمام البارز على تعليقات مواقع التواصل الاجتماعي، منها ما رأى أنه إعادة اكتشاف لياسر جلال، ومنها مقارنات تدور حول الفروق الجسدية بينهما كفرق الطول.

يعتبر الناقد الفني المصري خالد محمود أن هناك «تحدياً درامياً كبيراً أمام تجسيد دور رئيس على قيد الحياة»، كما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف أن لدينا تجارب طويلة في تجسيد أدوار رؤساء سابقين مثل الرئيس جمال عبد الناصر وأنور السادات، ويغلب عليه الصورة الذهنية والخيال، معتمداً على أن كثيراً من المشاهدين لم يعاصروهم في الحقيقة، لذلك فهناك تحية للشجاعة والجرأة الدرامية لتجسيد دور رئيس معاصر؛ خصوصاً أن عالمنا العربي لم يشهد ذلك من قبل، بعكس الدراما الغربية التي سبق أن تقمصت أدوار رؤساء معاصرين مثل بوش وأوباما.
ويؤكد محمود أن ثمة اجتهاداً لافتاً قدّمه ياسر جلال في تقديمه للشخصية، ما بين تقمصه لملامحها، حتى نبرة صوت الرئيس السيسي، «عادة ما يكون المطلوب من فنان في تجسيده لدور شخصية حقيقية أن يقترب من روحها وأدائها، لذلك كان الاقتراب من نبرة الصوت لافتاً للجميع، ويكون عادة دور الماكياج هنا هو الاقتراب من المسافة الذهنية التي تربط المتلقي بالممثل والدور الذي يتقمصه».
ويعتبر الناقد الفني أن ثمة اهتماماً وترقباً واسعاً من الجمهور لمتابعة الجزء الثالث من «الاختيار»، وكان هناك غموض حول ما إذا كان صناع المسلسل سيقومون بإظهار الرئيس السيسي ضمن الأحداث بشكل درامي أم الاكتفاء بالبعد التوثيقي، ما ضاعف من مفاجأة استقبالهم لدوره الذي تقمصه ياسر جلال.
واحتل ياسر جلال، المولود عام 1969، مقعده كنجم من نجوم دراما رمضان على مدار السنوات الأخيرة، بعدما حقق دوره في مسلسل «ظل الرئيس» عام 2017 نجاحاً لافتاً، استطاع بعده تأكيد نفسه في البطولة المطلقة، بمسلسلات «رحيم» و«لمس أكتاف» و«الفتوة»، ما اعتبره النقاد نجاحاً مستحقاً لموهبة ياسر جلال التي لم تحظَ بالتتويج الكافي على مدار مشوار فني طويل ممتد من الثمانينات.
ويذاع مسلسل «الاختيار 3»، المعنون بـ«القرار» تأليف هاني سرحان وإخراج بيتر ميمي، عبر قناة «ON»، تحت شعار «حقائق تعرض لأول مرة»، ويقدم الفنان صبري فواز شخصية الرئيس السابق محمد مرسي، فيما يلعب الفنان عبد العزيز مخيون دور مرشد «الإخوان» محمد بديع.



موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
TT

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

وصلتْ إلى هاتف صاحبة السطور رسالة تعلن عودة أمسيات «مترو المدينة». كان كلُّ ما حول المتلقّية هولاً وأحزاناً، فبدا المُرسَل أشبه بشعاع. يبدأ أحد مؤسّسي «مترو» ومديره الفنّي، هشام جابر، حديثه مع «الشرق الأوسط» بترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة. ينفض عنها «مفهوماً قديماً» حصر دورها بالترفيه وتمضية الوقت، ليحيلها على ما هو عميق وشامل، بجَعْلها، بأصنافها وجمالياتها، مطلباً مُلحّاً لعيش أفضل، وحاجة لتحقيق التوازن النفسي حين يختلّ العالم وتتهدَّد الروح.

موسيقيون عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة (مترو المدينة)

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة بفرادة الطابع والمزاج. أُريد للموسيقى خَلْق فسحة تعبيرية لاحتواء المَعيش، فتُجسّد أرضية للبوح؛ مُنجزةً إحدى وظائفها. تُضاف الوظيفة الأخرى المُمثَّلة بالإصرار على النجاة لمَنْح الآتي إلى الأمسية المُسمَّاة «موسيقى تحت النار» لحظات حياة. موسيقيون على البزق والدرامز والإيقاع والكمنجة... عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة. يُعلّق هشام جابر: «لم يكن ينقصنا سوى الغبار. جميعنا في معركة».

لشهر ونصف شهر، أُغلق «مترو». شمَلَه شلل الحياة وأصابته مباغتات هذه المرارة: «ألغينا برنامجاً افترضنا أنه سيمتدّ إلى نهاية السنة. أدّينا ما استطعنا حيال النازحين، ولمّا لمسنا تدهور الصحّة النفسية لدى المعتادين على ارتياد أمسيات المسرح، خطرت العودة. أردنا فسحة للفضفضة بالموسيقى».

لم يَسْلم تاريخ لبنان من الويل مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز (مترو المدينة)

يُشبّه المساحة الفنية التي يتيحها «مترو» بـ«علبة خارج الزمن». ذلك لإدراكه أنّ لبنان امتهن الصعاب ولم يَسْلم تاريخه من الويل، مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز. وامتهن اجتراح «العُلب»، وهي الفسحات الرقيقة. منها يُواجه أقداره ويُرمّم العطب.

استمرّت الحفلات يومَي 20 و21 الحالي، وسلّمت «موسيقى تحت النار» أنغامها لعرض سُمِّي «قعدة تحت القمر»، لا يزال يتواصل. «هذا ما نجيده. نعمل في الفنّ»، يقول هشام جابر؛ وقد وجد أنّ الوقت لا ينتظر والنفوس مثقلة، فأضاء ما انطفأ، وحلَّ العزفُ بدل الخوف.

يُذكِّر بتاريخ البشرية المضرَّج بالدماء، وتستوقفه الأغنيات المولودة من ركام التقاتُل الأهلي اللبناني، ليقول إنّ الحروب على مرّ العصور ترافقت مع الموسيقى، ونتاج الفنّ في الحرب اللبنانية تضاعف عمّا هو في السلم. يصوغ المعادلة: «مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل». ذلك يوازي «تدليك الحالة»، ويقصد تليينها ومدّها بالاسترخاء، بما يُشبه أيضاً إخضاع جهاز لـ«الفرمتة»، فيستعيد ما تعثَّر ويستردّ قوةً بعد وهن.

أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة (مترو المدينة)

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد تقول «تمسّك بها»، ولسان يهمس «لا تستسلم». أتاح المسرح هذا القول والهَمْس، ففوجئ هشام جابر بالإقبال، بعد الظنّ أنه سيقتصر على معارف وروّاد أوفياء. يقول: «يحضر الناس لكسر الشعور بالعزلة. يريدون مساحة لقاء. بعضهم آلمته الجدران الأربعة وضخّ الأخبار. يهرعون إلى المسرح لإيجاد حيّز أوسع. ذلك منطلقه أنّ الفنّ لم يعد مجرّد أداة ترفيهية. بطُل هذا الدور منذ زمن. الفنون للتعافي وللبقاء على قيد الحياة. أسوةً بالطعام والشراب، تُغذّي وتُنقذ».

كفَّ عن متابعة المسار السياسي للحرب. بالنسبة إليه، المسرح أمام خيارَيْن: «وضع خطّة للمرحلة المقبلة وإكمال الطريق إن توقّف النار، أو الصمود وإيجاد مَخرج إن تعثَّر الاتفاق. في النهاية، المسارح إيجارات وموظّفون وكهرباء وتكاليف. نحاول أن يكون لنا دور. قدّمنا عروضاً أونلاين سمّيناها (طمنونا عنكم) ترافقت مع عرض (السيرك السياسي) ذائع الصيت على مسرحنا. جولته تشمل سويسرا والدنمارك وكندا...».

ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة (مترو المدينة)

ويذكُر طفولة تعمَّدت بالنار والدخان. كان في بدايات تفتُّح الوعي حين رافق والده لحضور حفل في الثمانينات المُشتعلة بالحرب الأهلية. «دخلنا من جدار خرقته قذيفة، لنصل إلى القاعة. اشتدّ عودنا منذ تلك السنّ. تعلّقنا بالحياة من عزّ الموت. لبنان حضارة وثقافة ومدينة وفنّ. فناء تركيبته التاريخية ليست بهذه البساطة».

يرى في هذه المحاولات «عملاً بلا أمل». لا يعني إعلان اليأس، وإنما لشعورٍ بقسوة المرحلة: «يخذلني الضوء حيال الكوكب بأسره، ولم يعُد يقتصر غيابه على آخر النفق. حين أردّد أنني أعمل بلا أمل، فذلك للإشارة إلى الصعوبة. نقبع في مربّع وتضيق بنا المساحة. بالفنّ نخرج من البُعد الأول نحو الأبعاد الثلاثة. ومن الفكرة الواحدة إلى تعدّدية الأفكار لنرى العالم بالألوان. كما يُحدِث الطبيب في الأبدان من راحة وعناية، يحتضن الفنّ الروح ويُغادر بها إلى حيث تليق الإقامة».