استبشار يمني بـ«هدنة الشهرين» رغم المخاوف من عدم التزام الحوثي

حظيت بترحيب عربي ودولي وسط سعي أممي إلى استدامتها

يمنيون يسيرون في سوق بوسط صنعاء خلال أول أيام الهدنة (رويترز)
يمنيون يسيرون في سوق بوسط صنعاء خلال أول أيام الهدنة (رويترز)
TT

استبشار يمني بـ«هدنة الشهرين» رغم المخاوف من عدم التزام الحوثي

يمنيون يسيرون في سوق بوسط صنعاء خلال أول أيام الهدنة (رويترز)
يمنيون يسيرون في سوق بوسط صنعاء خلال أول أيام الهدنة (رويترز)

أثار الاتفاق على الهدنة الأممية المقترحة لمدة شهرين في اليمن، ارتياحاً واسعاً في الأوساط اليمنية، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، على الرغم من المخاوف من عدم التزام الميليشيات الحوثية بوقف الأعمال العدائية والهجمات؛ لا سيما باتجاه محافظة مأرب النفطية.
وفي الوقت الذي رحبت فيه الجماعة الحوثية على لسان متحدثها محمد عبد السلام فليتة بالهدنة التي أعلنها المبعوث الأممي مساء الجمعة، يأمل أغلب السكان في مناطق سيطرة الميليشيات أن تنعكس الهدنة على حياتهم إيجاباً، خصوصاً مع السماح بتدفق الوقود عبر ميناء الحديدة، وعودة الرحلات التجارية عبر مطار صنعاء.
وإذ أبدى السكان في صنعاء مخاوفهم من أن تقوم الميليشيات بتسخير الهدنة لمزيد من أعمال الجباية والقمع ومضاعفة القيود على الوقود، وتوسيع السوق السوداء، يأمل سكان مدينة تعز المحاصرة أن يتم الاتفاق على عمليات فتح المنافذ والطرق بشكل أسرع، لتخفيف معاناتهم المستمرة منذ 7 سنوات، بسبب الحصار المفروض على المدينة من قبل الحوثيين.
وتتضمن الهدنة التي أعلنها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، وقف إطلاق النار في جميع أنحاء اليمن وحدوده لمدة شهرين، ابتداء من أول رمضان الموافق الثاني من أبريل (نيسان) مع إمكانية أن يتم تجديدها بموافقة الطرفين، كما تشمل السماح بدخول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة، وتسيير رحلتين أسبوعياً من مطار صنعاء عبر وجهات محددة.
الهدنة تضمنت أيضاً السعي لفتح المنافذ والطرقات في تعز وغيرها، وهي أهم إنجاز أممي بعد «اتفاق استوكهولم» بشأن الحديدة وموانئها وإعادة الانتشار، وهو الاتفاق الذي تنصلت منه الميليشيات الحوثية لاحقاً، وفق ما تتهمها به الحكومة الشرعية والقوات الموالية لها.

مخاوف من تنصل الحوثيين
وفي حين يرى سياسيون أن الهدنة يمكن أن تهيئ لعودة المشاورات مع الجماعة الحوثية لإيجاد حل للصراع، يتوقع مراقبون يمنيون أن تكون هدنة كسابقاتها؛ حيث يرجحون أن يستغلها الحوثيون لبدء جولة جديدة من الصراع.
ويشير المتخوفون من الهدنة إلى أن الميليشيات الحوثية ستقوم باستغلال وقف النار وتوقف الضربات الجوية لنقل آلياتها وحشد عناصرها إلى مأرب، لتحسين موقفها الميداني للانقضاض على المدينة وحقول النفط والغاز في أي لحظة.
وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول الكاتب والصحافي اليمني وضاح الجليل: «هذه الهدنة رفضها الحوثي مراراً وتكراراً؛ لأنه لم يكن بحاجة لها. كان لديه يقين راسخ بأنه قادر على حسم معاركه، وخصوصاً معركته في مأرب».
ويضيف الجليل لـ«الشرق الأوسط»: «كان آخر مشروع هدنة عُرض على الحوثي العام الماضي؛ لكن تصريحات مموليه الإيرانيين زعمت أنهم سيفطرون في مأرب، ويذوقون من تمرها، إلا أنه الآن بات بحاجة للهدنة من أجل استعادة توازنه بعد الخسائر التي تكبدها طوال الشهور الماضية، والتي لم ينتج عنها سوى فشله في اقتحام مأرب، وخسارته البشرية والمادية الهائلة، وطرده من مديريات بيحان وعين وعسيلان في شبوة، ثم ملاحقة فلوله في محيط مدينة مأرب».
وترافق هذا الانكسار الحوثي -وفق الجليل- مع «تراجع كبير في حجم إيراداته المالية التي تمول حربه وحشوده العسكرية، وهو ما دفعه لخلق أزمات اقتصادية في مناطق سيطرته، وحرمان المواطنين من الوقود والغاز والمواد الغذائية، وتحويل كل السلع الأساسية إلى السوق السوداء التي يديرها قادته ومشرفوه».
ويعتقد أن «الحاجة إلى هذه الهدنة هي حاجة حوثية في الأساس، أما المواطنون في مناطق سيطرته ونفوذه أو المدن والأرياف التي يحاصرها، فلن يحصلوا سوى على أقل القليل من المكاسب من هذه الهدنة، وهي مكاسب مؤقتة على قلتها، إن سمح بها الحوثي؛ لكن المعاناة ستستمر، والمأساة الإنسانية لن تتوقف، والحوثي سيستغل الهدنة لزيادة موارده وتجميع ميليشياته ومقاتليه، كما لن يدخر جهداً في تعطيلها إن لم تَسِر وفق مزاجه» بحسب تعبيره.
ويتساءل الجليل بالقول: «هناك سؤال مهم لا بد أن يتم طرحه عند كل هدنة مزمعة، وهو: من سيراقب تنفيذها؟ وما الضمانات لاستمرارها وعدم الإخلال بشروطها؟ وما العقوبات التي ستقع بحق من يخرقها؟». ويضيف: «كل هذه الأسئلة لا بد من أن يتم بحثها ومناقشتها، إضافة إلى ضمانات استمرارها والبناء عليها؛ وكيفية الحصول على تنازلات حقيقية من الطرف الذي انقلب على الدولة ونقض السلام المجتمعي وتسبب في كل هذا الخراب؛ لأن هدف هذه الهدنة يفترض أن يكون في سبيل الحصول على السلام، وليس الاستعداد للحرب، والإعداد لجزء آخر من المعركة، ما دام الحديث عن كونها هدنة إنسانية».

إشادات وترحيب
وبالنظر إلى تعقيد الأزمة اليمنية المزمنة، جاءت ردود الفعل الدولية والعربية وحتى اليمنية مرحبة بالهدنة؛ حيث أشاد الاتحاد الأوروبي بما أبداه الطرفان من استعداد لقبول الهدنة وما يصاحبها من إجراءات، بما في ذلك دخول شحنات وقود إلى ميناء الحديدة، وتسيير رحلات تجارية من صنعاء وإليها.
ودعا الاتحاد الأطراف المعنية إلى احترام الهدنة، والاستمرار في العمل مع المبعوث الأممي من أجل وقف دائم لإطلاق النار، واتخاذ التدابير الاقتصادية والإنسانية العاجلة، واستئناف العملية السياسية.
كما شهدت الموافقة على الهدنة إشادة وترحيباً من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وغالبية الدول العربية وفي مقدمها السعودية، فضلاً عن الثناء والترحيب الأمميين.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد حض في مؤتمر صحافي جميع الأطراف اليمنية على اتخاذ الترتيبات اللازمة لدعم التنفيذ الناجح للهدنة، وتفعيل آليات التعاون دون تأخير، معرباً عن شكره لمبعوثه الخاص، هانس غروندبرغ، وأعضاء فريقه، على جهودهم الدؤوبة في سعيهم للتوصل إلى هذا الاتفاق.
وبحسب ما جاء على لسان الأمين العام، فقد وافقت الأطراف على وقف جميع العمليات العسكرية الجوية والبرية والبحرية الهجومية داخل اليمن وعبر حدوده. واتفقت على دخول سفن الوقود إلى مواني الحديدة، وأن تباشر الرحلات الجوية التجارية عملها داخل وخارج مطار صنعاء إلى وجهات محددة سلفاً في المنطقة. كما اتفقت على الاجتماع تحت رعاية المبعوث الأممي الخاص، لفتح الطرق في تعز والمحافظات الأخرى في اليمن.
وأشار غوتيريش إلى إمكانية تجديد هذه الهدنة بعد فترة الشهرين بموافقة الأطراف، وقال إنها تفتح الباب أمام تلبية الاحتياجات الإنسانية والاقتصادية الملحة لليمن، وتخلق فرصة حقيقية لإعادة بدء العملية السياسية في اليمن.
ودعا غوتيريش الأطراف إلى الاستفادة من هذه الفرصة، من خلال «التعاون بحسن نية ودون شروط مسبقة» مع مبعوثه الخاص، هانس غروندبرغ، في جهوده لاستئناف عملية سياسية يمنية جامعة وشاملة، قائلاً: «يجب أن يكون الهدف النهائي تسوية سياسية تفاوضية تعالج الشواغل والتطلعات المشروعة لجميع اليمنيين».
في السياق نفسه، قال المتحدث باسم قوات تحالف دعم الشرعية، العميد الركن تركي المالكي، إن «قيادة القوات المشتركة للتحالف ترحب وتدعم إعلان الحكومة اليمنية قبولها للهدنة المعلنة برعاية الأمم المتحدة، كما تثمن جهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن بإعلان الهدنة، والتي تأتي في سياق المبادرة السعودية لإنهاء الأزمة اليمنية للوصول إلى حل سياسي شامل، والمعلنة في مارس (آذار) 2021، وإعلان التحالف وقف العمليات العسكرية بالداخل اليمني، والذي جاء استجابة لدعوة معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية».
وأكد المالكي أن قيادة القوات المشتركة للتحالف تدعم جهود وترتيبات الأمم المتحدة لتثبيت الهدنة، وتهيئة الأجواء للأطراف اليمنية لبدء العملية السياسية، والوصول إلى سلام شامل يحقق الأمن والاستقرار والرفاهية لأبناء الشعب اليمني.
من جهته، دعا البرلمان العربي الميليشيات إلى «الامتثال للهدنة واحترامها، والتعاطي مع المباحثات القائمة بشأن المقترحات حول الخطوات القادمة». كما رحب نايف الحجرف، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، بالإعلان عن الهدنة، وقال إن ذلك «يأتي تأكيداً على الأهمية التي يوليها المجتمع الدولي للأزمة اليمنية».



سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.