القوى السياسية اللبنانية تتوجّس من تدني نسبة الاقتراع في الانتخابات

نائب في «القوات» يعتبر أن الاعتكاف {أسوأ خيار}

تيمور جنبلاط مستقبلاً وفوداً من مناصريه في المختارة بالشوف اللبناني امس
تيمور جنبلاط مستقبلاً وفوداً من مناصريه في المختارة بالشوف اللبناني امس
TT

القوى السياسية اللبنانية تتوجّس من تدني نسبة الاقتراع في الانتخابات

تيمور جنبلاط مستقبلاً وفوداً من مناصريه في المختارة بالشوف اللبناني امس
تيمور جنبلاط مستقبلاً وفوداً من مناصريه في المختارة بالشوف اللبناني امس

تتوجس القوى السياسية من تدني نسبة الاقتراع في الانتخابات النيابية المقبلة، ما دفع بتلك القوى إلى دعوة الناخبين للإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع في 15 مايو (أيار) المقبل، بموازاة استعدادات لوجستية وسياسية ومواكبة دولية لمسار الإشراف على الانتخابات.
واستعداداً لوصول مراقبين أوروبيين، اجتمع وفد من المراقبين والفنيين في بعثة الاتحاد الأوروبي مع هيئة الإشراف على الانتخابات، بهدف تنفيذ الاتفاقية الإدارية المعقودة بين هيئة الإشراف على الانتخابات والاتحاد الأوروبي، وهي اتفاقية متصلة بقدوم مراقبين للقيام بمواكبة الانتخابات النيابية المقبلة في شهر مايو 2022، وجرى التداول في عمل هؤلاء المراقبين والخبراء المكلفين بالإشراف على الانتخابات النيابية وتسهيل مهمتهم.
وبالتزامن مع تلك الاستعدادات، ارتفعت دعوات القوى السياسية للناخبين اللبنانيين، بالتصويت بكثافة في الاستحقاق المقبل، وسط مخاوف من مقاطعة شعبية للانتخابات في ظل تفاقم الأزمات المعيشية والاقتصادية، وعجز الدولة عن تلبية مطالب الناس، وأبرزها انقطاع الكهرباء وارتفاع سعر صرف الدولار.
وتشير نتائج الاستطلاعات التي تنشرها مراكز الإحصاء إلى أن مؤشرات الحماسة على الاقتراع ليست مرتفعة، وأن الصوت الأبرز هو «اللاصوت» في الانتخابات المقبلة.
ورفعت القوى السياسية دعواتها للبنانيين للمشاركة بكثافة في الانتخابات، بغرض تحقيق تغيير يطمحون له، وذلك بعد دعوات متكررة وبارزة من رجال دين، مثل البطريرك الماروني بشارة الراعي، ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وشخصيات سياسية بارزة.
وأمل المرشح على لائحة «بعبدا السيادة والقرار» النائب في «القوات اللبنانية» بيار بو عاصي أن تصل نسبة الاقتراع في دائرة بعبدا إلى مائة في المائة، بعدما سجلت في الدورة السابقة نسبة خمسين في المائة، معتبراً أنّ «الاعتكاف عن الاقتراع هو أسوأ خيار في هذا الظرف»، وأضاف: «هدف هذه الانتخابات هو استرداد لبنان وهويّته الحقيقية».
وفي سياق متصل، أكد عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور، أن «المعركة كبيرة، والاستهداف كبير، والحرب تكاد تكون كونية على الحزب التقدمي الاشتراكي على المستوى العام والخاص، وكلنا ثقة بأن أبناء راشيا والبقاع الغربي قد فهموا التحدي، ونحن فهمنا التحدي».
وقال: «نحن واثقون بأن هناك طيفاً واسعاً من أبناء البقاع الغربي وراشيا، من كل الفئات وكل المذاهب سيردون على هذا التحدي».
وقال أبو فاعور إن «الحزب التقدمي الاشتراكي» في دائرة الاستهداف، والدليل: «اللائحة التي أعلنت والتي تضم كل مكونات (الثامن من آذار)»؛ مشيراً إلى أن «الهدف هو إعادة تزوير الهوية السياسية لمنطقة راشيا، وإعادة مسح هويتها السياسية، وإعادة منطقة راشيا إلى ما قبل عام 2005».
في المقابل، دعا عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب علي خريس، إلى «الإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع في الانتخابات»، معتبراً أن «هذا الاستحقاق لا يشبه الاستحقاقات الماضية، ويجب أن يكون عملية استفتاء لنثبت من خلاله الالتزام بمبادئ حركة (أمل)»، بينما رأت رئيسة لجنة المرأة والطفل، النائبة عناية عز الدين، في لقاء سياسي، أنه «يجب أن نذهب بكثافة إلى الاقتراع لنعبر عن التزامنا السياسي، والتمسك بكل ما أنجز، والتأسيس لمشروع الدولة العادلة، وبكل مواصفات الدولة المنيعة المتطورة».
وتنسحب الدعوات من القوى السياسية إلى المعارضين الذين يرون أن زيادة الإقبال على صناديق الاقتراع، سيعطي مؤشرات أفضل على مزاج الشعب اللبناني، ويفتح فرصاً لتحقيق اختراقات في البرلمان المقبل.
وبلغت نسبة الاقتراع في الانتخابات الماضية في عام 2018، 49.2 في المائة في كل لبنان، وسجلت أعلاها في جبيل وكسروان والبقاع الشمالي، بينما سجلت الأدنى في دائرة بيروت الأولى وطرابلس.
وبينما راهن اللبنانيون على تغيير بعد حراك 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وتحول بالخطاب نحو الإصلاح في الواقع اللبناني، يرتفع منسوب التناحر السياسي عشية الخطابات بين القوى المتنافسة. وقال النائب عن «القوات» بيار بو عاصي، إنه «لا يجوز اختزال شيعة لبنان بظاهرة (حزب الله) الذي لا يتعدى عمره الأربعين عاماً، بينما الطائفة الشيعية في لبنان عمرها أكثر من ألف سنة»، لافتاً إلى أنّ سياسة الحزب التي أدت إلى عزل لبنان عن محيطه «هي المساهم الأكبر في الكارثة الاقتصادية الاجتماعية التي نعيشها».
وفي المقابل، رأى رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله»، هاشم صفي الدين، أن «التجارب أثبتت أن لا أحد يمكنه أن يحكم لبنان لوحده». وقال: «أنصح بعض شركائنا في الوطن بعدم المبالغة في التحريض العنصري والمذهبي والطائفي والمناطقي على الحزب؛ لأن هؤلاء أنفسهم يعرفون أنهم غير صادقين، فلا يكذبوا على أتباعهم من أجل صوت انتخابي».
بدوره، أكد رئيس حركة الاستقلال النائب المرشح ميشال معوض: «إننا نريد استرجاع أموالنا، ونريد إعادة تكوين طبقتنا الوسطى، ونريد إنماء وكرامة، ونريد بناء مستقبل، ونريد النجاح في لبنان»؛ مشيراً إلى أن «هذه المعركة هي معركة استرجاع هويتنا، ومعركة وجود بوجه سلاح (حزب الله) الذي لا يشبهنا».
وهاجم رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط رئيس الجمهورية ميشال عون بشدة، مستغربا أن «المسؤول الأول الذي أقسم اليمين على حماية الدستور وصون المؤسسات، يستمر عوض ذلك في خلق المبررات تارة والتلميحات المختلفة طورا للهروب من الواقع المؤلم الذي أغرق هذا العهد لبنان فيه، ومن ذلك التلميح لتطيير الاستحقاق الانتخابي الذي يشكّل محطة أساسية في طريق تحصين الدولة واستعادة سيادتها».
وأكد النائب جنبلاط أن «الناس ينتظرون الانتخابات لتحديد خيارهم بأي دولة يريدون، وهي فرصة محاسبة من قاد بلدهم نحو جهنّم ودمّر مؤسساته». ودعا جنبلاط أمام وفود شعبية عدة زارت قصر المختارة ضمن استقبالات السبت «الشباب تحديداً من أجل المشاركة في الانتخابات المقبلة وصناعة القرار، للوصول إلى التغيير المنشود».



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.