«قنفذ البحر»... «سوشي إسكندراني» متعدد الفوائد

طبق نادر اشتهر بعد فيلم سينمائي

مذاق البحر
مذاق البحر
TT

«قنفذ البحر»... «سوشي إسكندراني» متعدد الفوائد

مذاق البحر
مذاق البحر

«ريتسا» هو اسم واحد من أحدث الأفلام التي تجاوب معها الجمهور في الموسم السينمائي الحالي بمصر كونه عملاً يعزف على وتر الرومانسية والأجواء الحالمة التي باتت مفتقدة في ظل هيمنة أفلام «الأكشن» والكوميديا والتشويق.
ورغم أن «ريتسا» هو اسم لفتاة إيطالية كانت تعيش في الإسكندرية في فترة الستينيات وهاجرت إلى موطنها الأصلي بعد خيبة أملها مع حبيبها المصري بحسب السيناريو وحبكة الأحداث، فإن هناك شيئاً آخر يميز هذا العمل وهو أن اسمه هو أيضاً يخص واحدة من أشهى المأكولات البحرية التي تشتهر بها مدينة الإسكندرية، على ندرتها، والتي تضاهي «السوشي» في المذاق.
وبعيداً عن شاشة السينما، فإن «ريتسا» تشير إلى واحد من «قنافذ البحر»، فصيلة الكائنات الفقارية بالتعبير الشائع في الصفحات المتخصصة، وهو يتسم بحجمه الصغير ويوجد في المياه الضحلة ويعطيك مذاقاً شهياً لا يمكن نسيانه، بحسب الطهاة.
كما يرتبط بذكريات لا تنسى لدى الأجيال القديمة من المصطافين الذين كانوا يواظبون على ارتياد «عروس البحر المتوسط» في الصيف خلال العقود الماضية قبل أن يتراجع وجوده حتى كادت تلك الوجبة الشهية أن تصبح حكراً على المطاعم الفاخرة بعد أن ظلت طويلاً متاحة لأبناء الطبقة الوسطى، ويحلو للبعض أن يطلق عليه «سوشي إسكندراني».


«قنفذ البحر»

وبحسب «اليوتيوبر» معاذ محمد، المختص في تقديم الأكلات والوصفات، فإن إعداد وجبة «الريتسا» يعد أمراً سهلاً، ويضيف: «الأمر لا يحتاج سوى إلى مقص حاد حيث نحدث ثقباً صغيراً في وسط القنفذ، ثم تقطيعه بشكل دائري حتى يتحول إلى نصفين منفصلين تماماً.
ويتابع في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الخطوة التالية تتمثل في إزالة الأجزاء التي لا تؤكل، وعادة يكون لونها ما بين الرمادي والأخضر بحيث لا يتبقى سوى قطع من اللحم الشهي نتناولها وهي نيئة دون طهي وتكون برتقالية اللون ومذاقها يكون قريباً من البطارخ.
ويلفت «اليوتيوبر» إلى ضرورة غسل «الريتسا» جيداً بالماء لإزالة أي أتربة قد تكون عالقة بأشواكها الخارجية قبل البدء بعملية تقطيعها، وقال: «الليمون يعد عنصراً أساسياً هنا حيث يجب أن نرش من ملعقتين إلى ثلاث ملاعق كبيرة من عصيره على مكونات (الريتسا) النهائية لضمان مذاق شهي لا يقاوم».
الطريف أن هناك عدداً من المطاعم في أحياء المتنزه والبيطاش بالإسكندرية تحمل اسم «ريتسا» وتقدم تلك الوجبة باعتبارها متخصصة فيها، لكن الشيف ياسمين عبده، التي تشرف على عدد من المطاعم المتخصصة في المأكولات البحرية بمدينة رأس البر الساحلية السياحية تشير إلى أن هناك طريقة أخرى لإعداد تلك الوجبة مستوحاة من تقاليد المطبخ الآسيوي، لا سيما في تايلاند وتايوان وتعتمد على إضافة ملعقة من البيض النيئ لكل قنفذ مفتوح، ثم طهيه على البخار لمدة عشر دقائق.
وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «نجهز خلطة خضراوات مكونة من سبعة فصوص ثوم وبصلة جافة متوسطة الحجم وثلاث بصلات خضراء، كل هذا يتم تقطيعه ووضعه على خمسة قنافذ ثم نتركها تنضج على نار هادئة لمدة عشر دقائق أخرى وبعدها تصبح الوجبة جاهزة للتقديم. وبحسب صفحة «صيادين الإسكندرية» المختصة بشؤون الكائنات والمأكولات البحرية، فإن «الريتسا» يتصف بصغر حجمه ويعيش في المياه وخاصة على الشواطئ الصخرية والشعاب المرجانية، لافتة إلى أنه يعيش مدة طويلة من دون أن يظهر عليه أي أثر سوى القليل من علامات الشيخوخة.


سوشي إسكندراني

اللافت أن هذه الأكلة المتحورة حول قنفذ صغير الحجم، كروي الشكل، يتراوح لونه بين البني والأسود، يصفها خبراء التغذية في حالة الرغبة في تنمية العضلات بسبب محتواها العالي من البروتينات ذات النوعية الجيدة، وبالتالي فإنها ضرورية للرياضيين، كما أنها منخفضة الدهون والسعرات الحرارية، وبالتالي ينصح بها لراغبي إنقاص الوزن.
وتحتوي أكلة «الريتسا» على كمية جيدة من الحديد، بحسب اختصاصيين، لذلك فهي تساعد على منع أو علاج فقر الدم الناتج عن نقص الحديد، فضلاً عن أنها غنية باليود، لذلك تساعد على منع قصور الغدة الدرقية، وعلاج بعض حالات ضغط الدم.


مقالات ذات صلة

5 أفكار لأطباق جديدة وسريعة لرأس السنة

مذاقات طاولة العيد مزينة بالشموع (إنستغرام)

5 أفكار لأطباق جديدة وسريعة لرأس السنة

تحتار ربّات المنزل ماذا يحضّرن من أطباق بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة؛ فهي مائدة يجب أن تتفوّق بأفكارها وكيفية تقديمها عن بقية أيام السنة.

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)

ما قصة «الفوندو» وأين تأكله في جنيف؟

إذا كنت من محبي الأجبان فستكون سويسرا من عناوين الأكل المناسبة لك؛ لأنها تزخر بأنواع تُعد ولا تُحصى من الأجبان، بعضها يصلح للأكل بارداً ومباشرة

جوسلين إيليا (جنيف)
مذاقات ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات الشيف البريطاني هيستون بلومنتال (الشرق الأوسط)

9 نصائح من الشيف هيستون بلومنتال لوجبة الكريسماس المثالية

تعد الخضراوات غير المطبوخة بشكل جيد والديك الرومي المحروق من أكثر كوارث عيد الميلاد المحتملة للطهاة في وقت يقومون فيه بتحضير الوجبة الأكثر أهمية في العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».