جهود زعامات التحالف الوطني تفشل في تجاوز الخلافات الشخصية داخله

الصراع على رئاسته يحتدم بين الحكيم والأديب.. ومراقبون يتوقعون استمراره حتى تتدخل إيران لصالح أحدهما

عمار الحكيم و علي الأديب
عمار الحكيم و علي الأديب
TT

جهود زعامات التحالف الوطني تفشل في تجاوز الخلافات الشخصية داخله

عمار الحكيم و علي الأديب
عمار الحكيم و علي الأديب

يسعى عدد من الزعامات الشيعية إلى استثمار الموقف الموحد الذي ظهر عليه التحالف الوطني (الكتلة الشيعية الأكبر داخل البرلمان العراقي) عبر رفض مشروع قرار الكونغرس الأميركي بشأن تسليح العشائر السنية والبيشمركة الكردية بمعزل عن الحكومة العراقية، لتحويل هذا التحالف إلى مؤسسة قادرة على الاستمرار في اتخاذ قرارات مهمة.
ففي الأسبوع الماضي، ورغم العمل بصيغة التوافق السياسي في العراق المعمول به منذ بدء العملية السياسية الحالية في البلاد بعد عام 2003، تمكن التحالف الوطني من تمرير قرار داخل البرلمان عبر صيغة الأغلبية، حتى لو كانت طائفية لا سياسية، يرفض مشروع قانون مقدم في الكونغرس الأميركي بشأن التسليح المباشر. وصوت التحالف الوطني على مشروع القرار المضاد منفردا بعد انسحاب الكتلتين السنية والكردية.
سياسي شيعي مطلع أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «التحالف الوطني لا يريد مغادرة صيغة التوافق السياسي، لأنها لا تبدو من مصلحته وإلا فإنه قادر من الناحية العملية حيث يملك 184 مقعدا داخل البرلمان أن يواصل اتخاذ القرارات بالأغلبية لكن هذا يصطدم بعدة عوائق أساسية، لعل في المقدمة منها رفض المرجعية الدينية العليا في النجف، لا سيما السيد السيستاني، سياسة التفرد بالسلطة من منطلق أن العراق لا يمكن أن يدار إلا عبر منهج الشراكة، وثانيا لأن أطرافا كثيرة في التحالف الوطني ترتبط بعلاقات جيدة مع الأميركيين، مشيرا إلى أن «قيادات في التحالف الوطني جست نبض الإدارة الأميركية بشأن رفض البرلمان العراقي لمشروع الكونغرس، فجاءت التطمينات بأن المشروع مقدم من لجنة في الكونغرس وليس ملزما لإدارة الرئيس باراك أوباما، وهو ما يعني أن التحالف الوطني في النهاية لا يريد إغضاب واشنطن التي يمكن أن تذهب بعيدا مع السنة والأكراد وتحاصر الشيعة، خصوصا أن الدعم الإيراني لهم ليس نهاية المطاف، ويخضع لحسابات إقليمية ودولية معروفة».
وبشأن الجهود الحالية التي نشطت خلال الأيام الأخيرة من قبل زعامات داخل هذا التحالف لتحويله إلى مؤسسة وانتخاب رئيس جديد له خلفا لإبراهيم الجعفري وزير الخارجية في حكومة حيدر العبادي، قال السياسي الشيعي إن «المشكلة التي يعانيها التحالف الوطني لا تبدو قابلة للحل على مستوى رئاسته، لأنها تتصل بصراع إرادات داخل البيت الشيعي أصلا، لا سيما بين المكونين الرئيسيين لهذا التحالف، وهما ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، والائتلاف الوطني الذي يضم المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر»، موضحا أنه «في الوقت الذي يصر فيه المجلس الأعلى على مرشحه عمار الحكيم لرئاسة التحالف الوطني، فإن ائتلاف دولة القانون يصر من جانبه على مرشحه علي الأديب لأنه حيال أزمة داخلية قد لا يجد لها حلا إلا في حال تسلم الأديب رئاسة التحالف».
ويواصل عدد من قادة الكتل الشيعية جهودهم العلنية منها والسرية من أجل إعادة فعالية التحالف الوطني. وفي هذا السياق التقى القيادي في التيار الصدري بهاء الأعرجي، نائب رئيس الوزراء، وفد حزب الفضيلة الإسلامي برئاسة رئيس كتلته النيابية عمّار طعمة، وحسب بيان صدر عن مكتب الأعرجي، فإن «الطرفين شددا على ضرورة إعادة فعالية التحالف الوطني في التصدي لإيجاد الحلول السريعة التي ينتظرها أبناء الشعب العراقي، ودعم الحكومة العراقية».
ورغم الموقف الموحد الذي خرج به التحالف الوطني على صعيد رفض مشروع الكونغرس الأميركي بخلاف رؤية شريكيه السني والكردي، فإن إصرار كل من ائتلاف دولة القانون والمجلس الأعلى الإسلامي على مرشحه لرئاسة التحالف الوطني من شأنه إعادة الأمور داخل هذا التحالف إلى المربع الأول. وفي هذا السياق، قال القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي، فادي الشمري، لـ«الشرق الأوسط» إن الحكيم «ليس مرشح المجلس الأعلى بقدر ما هو مرشح كل التحالف الوطني ما عدا ائتلاف دولة القانون، بالإضافة إلى قبول واسع النطاق به من كل الشركاء في العملية السياسية»، مبينا أن «الإخوة في ائتلاف دولة القانون يعرفون ذلك لكنهم يريدون حل مشكلاتهم الداخلية عبر الإصرار على مرشحهم الذي لا يحظى بدعم كل الأطراف والكتل السياسية». وأوضح الشمري أن «هناك اتفاقا داخل التحالف الوطني على أنه في حال أعطيت رئاسة الوزراء لجهة في التحالف، فإن الجهة الأخرى تأخذ رئاسة التحالف الوطني».
من جهته، فإن ائتلاف دولة القانون لا يزال يعلن عن تمسكه بمرشحه علي الأديب. وفيما لا يزال الجعفري يتولى رئاسة التحالف فإن الأديب، وزير التعليم العالي السابق الذي لم يصوت البرلمان له لشغل منصب وزير السياحة، يتنافس مع الحكيم على زعامة البيت الشيعي، وهو الصراع الذي يتوقع له المراقبون السياسيون الاستمرار طويلا ما لم تتدخل إيران لصالح أحد الطرفين.



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».