موريتانيا: تشكيل حكومة جديدة يهيمن عليها الشباب

شهدت تغييرات واسعة في الأسماء بهدف تحقيق الاستراتيجيات المرسومة

الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب)
الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب)
TT

موريتانيا: تشكيل حكومة جديدة يهيمن عليها الشباب

الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب)
الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب)

عين الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني حكومة جديدة، هي الثالثة منذ وصوله إلى الحكم قبل أكثر من عامين ونصف، لكن هذه الحكومة تأتي حسبما أعلنت رئاسة الجمهورية ليلة أول من أمس في «ظرفية استثنائية يمر بها العالم»، وغادرتها وجوه وزارية بارزة، فيما ضخت فيها دماء جديدة من الشباب تعمل على تحقيق الاستراتيجيات المرسومة.
ولم تشهد الحكومة الجديدة أي تعديلات في هيكلة الوزارات، لكن مع تغييرات واسعة في الأسماء طالت أكثر من خمسين في المائة من أعضاء الحكومة، حيث حافظ سبعة وزراء فقط على حقائبهم، من أصل 26 وزيراً يشكلون أعضاء الحكومة الموريتانية.
وكان أبرز مغادري الفريق الحكومي وزير الخارجية إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الذي شغل هذا المنصب منذ نهاية 2018، وهو الذي تولى قيادة الدبلوماسية الموريتانية قادماً من مناصب رفيعة في الأمم المتحدة، كان آخرها المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن.
ونخلف ولد الشيخ أحمد في الخارجية محمد سالم ولد مرزوك، وهو سياسي مخضرم وحاصل على شهادة الدكتوراه في الجيوفيزياء، وكان يشغل منصب وزير الداخلية منذ وصول ولد الغزواني إلى الحكم، وكان قبل ذلك مستشارا في رئاسة الجمهورية خلال حكم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.
وأسندت وزارة الداخلية في الحكومة الجديدة إلى الإداري والدبلوماسي محمد أحمد ولد محمد الأمين، وهو أحد الإداريين المحنكين في البلد، إذ سبق أن شغل نفس المنصب ما بين 2005 و2007، وهي الفترة الانتقالية التي أعقبت الإطاحة بحكم الرئيس الأسبق معاوية ولد سيد أحمد الطايع، وسط أنباء نشرتها الصحافة المحلية عن ترشيح وزير الخارجية السابق إسماعيل ولد الشيخ أحمد ليكون مديرا لديوان الرئيس.
كما ضم الفريق الحكومي الجديد سيدي محمد ولد الطالب اعمر، رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، وهو مهندس في الكهرباء الميكانيكية، تخرج في جامعة موسكو في ثمانينيات القرن الماضي، وسبق أن شغل منصب وزير المياه قبل أكثر من عقدين من الزمن.
وبالإضافة إلى هذه الأسماء، التي يمكن وصفها بأنها من ذوي «الخبرة»، دخلت الحكومة أسماء جديدة، أغلبها كانوا في الصف الثاني، على غرار وزير التجهيز والنقل الجديد المختار ولد أحمد لد اليدالي، القادم قبل عدة أشهر من منصب في الاتحاد الأفريقي، ووزير الثقافة الجديد ختار ولد الشيباني، الأستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي. بالإضافة إلى وزير التنمية الحيوانية محمد ولد اسويدات الذي تقلد في السنوات الأخيرة مناصب بوزارتي الثقافة والداخلية.
كما دخلت وجوه شابة الحكومة الجديدة، أبرزها وزيرة العمل الاجتماعي والطفولة والأسرة، صفية انتهاه، التي كانت تنشط في مجال ريادة الأعمال، بالإضافة إلى وزيرة التشغيل والتكوين المهني، لاليا كمرا، وهي صاحبة شركة ناشئة تعمل في غرب أفريقيا.
في المقابل، غادر الحكومة الجديدة 15 وزيراً من أصل 26 وزيرا، من أبرزهم وزير الصحة سيدي ولد الزحاف، وذلك بعد أسابيع من نشر تقرير أعدته محكمة الحسابات تحدث عن فساد بعض صفقات وزارته. كما غادر الحكومة وزير التجهيز والنقل محمدو ولد امحيميد، بسبب تأخر مشاريع البنية التحتية المسندة إلى وزارته.
في غضون ذلك، أعلن الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية، يحيى ولد أحمد الوقف، أن الحكومة الجديدة «تأتي في ظرفية استثنائية يمر بها العالم»، وبالتالي فإن ولد الغزواني كان حريصاً على «الرفع من فعالية الأداء الحكومي عموماً، وخاصة فيما يتعلق منه بتحسين ظروف المواطنين، وإصلاح الإدارة وتحسين جودة الخدمات، وخاصة مستوى شموليتها وتقريبها من المواطن، حتى يتمكن من إجراء كافة معاملاته، واستيفاء كل حقوقه بيسر وسلامة وكرامة، تكريسا لأولوية وتقدم المواطنة على سائر ما سواها من الاعتبارات الأخرى».
لكن ولد أحمد الوقف، الذي كان يتحدث أمام الصحافيين في القصر الرئاسي، قبيل إعلان أسماء الفريق الحكومي الجديد، قال إن الرئيس عمل على «ضخ نفس جديد في الجهاز الحكومي بهدف الرفع من ديناميكيته، من حيث السرعة والجودة في تنفيذ ما ترجم إليه برنامج تعهداتي من سياسات عمومية وبرامج تنموية، ومن أجل تعزيز مشاركة الشباب في صنع القرار وتدبير الشأن العام».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.