الحوثيون يقايضون سجناء: الإفراج مقابل القتال في الجبهات

TT

الحوثيون يقايضون سجناء: الإفراج مقابل القتال في الجبهات

على وقع ما تعانيه الميليشيات الحوثية من نقص حاد بأعداد مقاتليها كشفت مصادر محلية في محافظة إب (190 كلم جنوب صنعاء) عن قيام الميليشيات بشن عمليات تجنيد جديدة في أوساط المعتقلين والسجناء بمناطق متفرقة من المحافظة، بالتزامن مع تكريس معمميها لحملات تحريض وتعبئة في أوساطهم وكذا إنفاقها الملايين بمبرر توسعة سجون واستحداث أخرى جديدة.
وكشفت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، عن تحركات ميدانية قامت بها مؤخراً قيادات حوثية بارزة من صنعاء إلى عشرات السجون في إب وعدد من مديرياتها وباشرت خلال ذلك الإفراج عن أكثر من 230 سجيناً بعضهم على ذمة قضايا جنائية من أجل إلحاقهم بجبهات القتال.
وأوضحت المصادر أن معظم السجناء المفرج عنهم أخيراً كدفعة أولى كانوا ممن أبدوا موافقتهم مجبرين على الانضمام لصفوف الجماعة والخضوع قسراً لتلقي دوراتها الفكرية والعسكرية وأنهم كانوا قابعين في السجن المركزي الواقع في عاصمة المحافظة (مدينة إب).
وتوقعت المصادر أن تواصل الجماعة خلال الأسابيع المقبلة عملية استقطاب المزيد من السجناء والمعتقلين فيما تبقى من السجون بتلك المحافظة من أجل غسل عقولهم بأفكارها وتجنيدهم في الجبهات لتعويض النقص في أعداد مقاتليها.
وأوضحت أن جريمة الاستهداف الحالية للسجناء في إب وغيرها تمت وفق توجيهات وصفت بـ«العاجلة» صدرت من زعيم الميليشيات، وباشر بتنفيذها والإشراف المباشر عليها القيادي في الجماعة المدعو محمد الديلمي المنتحل صفة النائب العام في العاصمة المحتلة صنعاء.
واتهمت المصادر في سياق حديثها مع «الشرق الأوسط»، القيادي الحوثي الديلمي بأنه كرس على مدى أسبوعين منصرمين زيارته السرية للمحافظة لعقد اجتماعاته ولقاءاته بقيادات أمنية ومحلية ومشرفين ومسؤولي سجون تابعين للجماعة من أجل إبرام اتفاقات مع سجناء بالإفراج عنهم مقابل الدفع بهم إلى جبهات القتال.
وبينت أن المدة التي قضاها الديلمي متجولاً برفقة فريقه الخاص القادم من صنعاء بين عشرات السجون والأقبية بالمحافظة ذات الكثافة السكانية المرتفعة، رافقها أيضاً تكثيف الانقلابيين عبر معممين ومشرفين ثقافيين تابعين لهم إقامة محاضرات وخطب تحريضية وتعبوية للسجناء قبيل بدء عمليات المقايضة.
وفي السياق ذاته، أرجع حقوقيون في إب لـ«الشرق الأوسط»، أسباب رضوخ بعض سجناء إب لجرائم المقايضة الحوثية المتمثلة بالإفراج عنهم مقابل الالتحاق بالجبهات بأنه ناتج عما يتعرضون له بشكل يومي من سلسلة انتهاكات وتعسفات بعضها نفسية وجسدية على أيدي الميليشيات في كافة السجون.
وكان نشطاء وحقوقيون في إب قد نددوا قبل أيام بوفاة سجين قاصر يدعى بكيل المعبري في السجن الاحتياطي الواقع تحت سيطرة الجماعة وسط مدينة إب.
وذكروا أن الحادثة جاءت بعد أسابيع قليلة من وفاة شاب آخر يدعى محمد المحطبي جراء تعرضه للتعذيب النفسي والجسدي بأحد السجون الحوثية التابعة لقسم الشرطة بمنطقة النجد الأحمر بمديرية السياني جنوب المدينة.
وتحدث الحقوقيون عن أن الميليشيات لم تصعد حالياً من عملية استقطابها للسجناء في إب بعد خداعها لهم وإقناعهم بالانضمام إلى الصفوف الحوثية فحسب، لكنها سعت بالمقابل ومنذ مطلع مارس (آذار) إلى استحداث عشرات السجون والأقبية الجديدة في المحافظة بغية استيعاب أعداد أخرى من المعتقلين والمختطفين الجدد بعضهم تم اعتقالهم على خلفية معارضة الجماعة ورفضهم لفسادها وأجنداتها الدخيلة على مجتمعهم.
وفي ظل ما تعانيه إب من انفلات أمني وارتفاع بمعدلات الجريمة وانعدام لأبسط الخدمات وتوقف شبه كامل للتنمية وإقامة المشاريع منذ الانقلاب، تحدث الحقوقيون في إب لـ«الشرق الأوسط»، عن قيام القيادي الحوثي عبد الله الطاووس المعين مديراً لأمن إب مؤخراً بإنفاق الملايين تحت مبرر افتتاح ما سمي بمشروع توسعة جديدة للسجون بالسجن الاحتياطي بعاصمة المحافظة.
وبحسب الحقوقيين، يعد ذلك الأمر ضمن الخطوات التي ستواصل الجماعة حالياً التوسع فيها لتشمل في قادم الأيام بقية السجون بكافة مديريات المحافظة، وتوقعوا أن تتكرر تلك الإجراءات الحوثية أيضاً لتطال بقية المعتقلات والسجون في بقية المدن والمناطق الخاضعة تحت سيطرتها.
وأشاروا إلى استمرار الجماعة الانقلابية منذ أشهر في تحويل العديد من المواقع التعليمية والعسكرية ومباني مؤسسات ومكاتب حكومية ومدنية في إب إلى سجون ومعتقلات سرية تابعة لها.
وسبق للجماعة، أن أطلقت حملات تجنيد بحق مئات السجناء والمعتقلين في إب بذريعة العفو عنهم وحل قضاياهم شريطة مشاركتهم في القتال معها، وكان آخرها إبرام إدارة سجن مركزي إب التابعة للجماعة خلال شهري يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) من العام الماضي صفقتين مع نحو 85 سجيناً بعضهم على ذمة قضايا قتل وسرقات وجرائم أخرى؛ حيث أفرج عنهم مقابل الالتحاق بجبهات القتال.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.