مع دخول المشاورات اليمنية - اليمنية، التي يستضيفها مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الرياض، يومها الثاني في غياب الحوثيين، عمّ الهدوء النسبي مختلف جبهات القتال، بالتزامن مع إعلان الجيش اليمني وقف عملياته العسكرية وإبداء مخاوفه من ألا تفي الميليشيات بالتزام التهدئة.
وإذ يأمل المشاركون في المشاورات أن تكلل الجهود بالخروج برؤية شاملة لتوحيد الصف اليمني المؤيد للشرعية، يشهد هامش المشاورات زخماً دبلوماسياً أممياً وأميركياً وأوروبياً، وسط تطلع الحكومة الشرعية إلى استعادة الدولة وإحلال السلام وإنهاء الحرب.
وفي حين أصدر مجلس حكم الانقلاب الحوثي في صنعاء بياناً فهم منه أن الميليشيات لا ترغب في التهدئة، فإن وتيرة الأعمال القتالية انخفضت إلى أدنى مستوياتها، مع التزام تحالف دعم الشرعية والقوات الحكومية بالتهدئة التي دعا إليها مجلس التعاون لدول الخليج العربي، وهي التهدئة التي تأمل الأمم المتحدة أن تتحول إلى وقف شامل لإطلاق النار، خلال شهر رمضان المبارك، مع التركيز على التدخلات الإنسانية لوقف معاناة اليمنيين.
وفي تصريح لرئيس أركان الجيش اليمني وقائد العمليات المشتركة الفريق صغير بن عزيز، أكد أن القوات ملتزمة بدعوة مجلس التعاون الخليجي بوقف العمليات القتالية، إلا أنه عاد لإبداء المخاوف من عدم التزام الميليشيات بالتهدئة، وقال: «التزامنا يأتي رغم أن التجربة مع ميليشيات الحوثي لا تبشر بأنها ستلتزم بأي عهد أو دعوة سلام لأن ذلك يؤثر على وجودها وبقائها».
وفي خضم المشاورات التي أنجزت أمس (الخميس) يومها الثاني على أمل استكمال النقاشات الأحد المقبل، شهدت العاصمة السعودية الرياض تحركات مكثفة للمبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبيرغ، والمبعوث الأميركي تيم ليندركينغ، ومسؤولين وسفراء أوروبيين، كما شهدت حراكاً لقيادة الشرعية ومؤسساتها.
وإلى جانب عقد النواب اليمنيين لقاء على هامش المشاورات، ذكرت المصادر الرسمية أن رئيس الحكومة معين عبد الملك استعرض مع المبعوث الأممي هانس غروندبيرغ، مقترح الأمم المتحدة لتخفيف المعاناة الإنسانية والدفع بجهود استئناف العملية السياسية لإحلال السلام.
ونقلت وكالة «سبأ» أن المبعوث أطلع رئيس الحكومة «على الإطار الجاري إعداده وفق عملية متعددة المسارات لرسم ملامح طريق الوصول إلى تسوية سياسية جامعة، ونتائج المشاورات التي عقدها مع الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية والخبراء وممثلي المجتمع المدني لتحديد الأولويات على المدى القريب والبعيد».
وتناول اللقاء - بحسب المصادر - مشاورات الرياض المنعقدة تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربي، في إطار تكامل الجهود الإقليمية والدولية للدفع قدماً بالحل السياسي، والدور الأممي المطلوب للضغط على ميليشيا الحوثي للاستجابة لدعوات الحوار ووقف تصعيدها المهدد لأمن واستقرار اليمن والمنطقة والعالم، إضافة إلى إيجاد إجراءات عاجلة لدعم الاقتصاد اليمني، وجهود الحكومة لتخفيف حدة الأوضاع الإنسانية.
وجدّد عبد الملك «دعم الحكومة للمبعوث الأممي وما يبذله من جهود للتهدئة على طريق استئناف العملية السياسية، رغم استمرار التعنت والرفض الحوثي بإيعاز من داعمي الميليشيات في طهران». مؤكداً أن حكومته «لم تكن يوماً عائقاً أمام أي مبادرات أو جهود لتحقيق السلام وإنهاء معاناة الشعب اليمني»، وأنها «تتعاطي بإيجابية مع كل الدعوات تحت سقف المرجعيات الثلاث المتوافق عليها محلياً والمؤيدة دولياً».
وأشار رئيس الحكومة اليمنية إلى رفض الميليشيات الحوثية لدعوات الحوار، وآخرها دعوة مجلس التعاون الخليجي، وإلى رفضها استقبال المبعوث الأممي في صنعاء، واستهداف مصادر الطاقة والمنشآت الحيوية في السعودية للإضرار بالاقتصاد العالمي، وقال: «تظهر الميليشيات عداوتها للسلام والاستخفاف بمعاناة اليمنيين، كونها تتحرك وفق أجندات ومصالح النظام الإيراني الداعم لها».
وشدد رئيس الحكومة اليمنية على أهمية استمرار الموقف الدولي الموحد تجاه مواجهة التدخل الإيراني في اليمن، واتخاذ مزيد من الإجراءات الرادعة لميليشيا الحوثي، التي تجسدت في القرار الصادر مؤخراً عن مجلس الأمن.
وتطرق رئيس الوزراء اليمني إلى التحديات المركبة التي أفرزتها المتغيرات العالمية الراهنة على الاقتصاد في بلاده، التي تشكل تهديداً للأمن الغذائي، كما تطرق إلى خطط حكومته للتعامل معها والدعم الدولي المطلوب، وقال: «إن ضعف التعهدات لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية لليمن 2022 تتطلب التفكير بمقاربات مختلفة طالما أكدت عليها الحكومة، والمتمثلة في دعم الاقتصاد الوطني، باعتبار ذلك أفضل الوسائل المستدامة لتخفيف المعاناة الإنسانية».
ونسبت المصادر اليمنية إلى المبعوث الأممي أنه أكد الحاجة «للوصول بشكل عاجل إلى هدنة مع بداية شهر رمضان، وضمان تيسير حرية الحركة والتنقل»، وأنه «شدد على ضرورة استئناف العملية السياسية وأهمية مشاورات الرياض في الوصول إلى حلول للتحديات الاقتصادية الصعبة التي يواجهها اليمنيون وتعزيز فاعلية مؤسسات الدولة».
وعلى صعيد التحركات الدبلوماسية نفسها، التقى وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك السفراء اليمنيين المشاركين في مشاورات الرياض، كما التقى مبعوث الولايات المتحدة الأميركية الخاص تيم ليندركينغ.
وبحسب المصادر الرسمية، تطرق وزير الخارجية اليمني إلى «المشاورات اليمنية - اليمنية المنعقدة حالياً في الرياض»، وأكد أنها «تعد خطوة هامة ستعمل على تقريب وتوحيد الصف اليمني بمكوناته وأطيافه كافة للعمل بما يحقق إنهاء الحرب التي شنّتها الميليشيات الحوثية ضد أبناء الشعب كافة»، وأشاد «بالأجواء الإيجابية والتفاعل المسؤول من قبل جميع المشاركين في المشاورات، معرباً عن أمله بالخروج بنتائج إيجابية من هذه المشاورات وبما يخدم إحلال السلام وتحقيق الاستقرار».
واستعرض وزير الخارجية اليمني الجهود التي تبذلها الحكومة في سبيل مواجهة التحديات الاقتصادية، خاصة في ظل المتغيرات على الصعيد العالمي وما أضافته من أعباء جديدة على أسعار الغذاء والطاقة، مؤكداً على استمرار الحكومة في تنفيذ الإصلاحات المالية والنقدية الهادفة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
وشدّد بن مبارك على أهمية استمرار الدعم الإقليمي والدولي للحكومة في هذا الجانب، باعتباره أهم العوامل التي ستساهم في التخفيف من المعاناة الإنسانية التي تسببت بها حرب الميليشيات الحوثية في اليمن، وفق ما نقلته عنه وكالة «سبأ» الحكومية.
إلى ذلك، نسبت المصادر اليمنية إلى المبعوث الأميركي أنه «أعرب عن سعادته بانطلاق المشاورات اليمنية في الرياض ودعم بلاده للجهود الرامية إلى الوصول لحلّ سياسي في اليمن، كما شدد على أهمية دعم الاقتصاد اليمني وجهود الحكومة في تحقيق الإصلاحات الاقتصادية والمالية»، مؤكداً على «الاستمرار بتقديم المساعدات الإنسانية ودعم بلاده للحكومة الشرعية ولوحدة واستقرار وأمن اليمن».
وكانت الميليشيات الحوثية رفضت المشاركة في مشاورات الرياض المرعية خليجياً، وجدد زعيمها اشتراط أن يتم التسليم بانقلاب جماعته، وأن يتوقف تحالف دعم الشرعية عن مساندة الحكومة المعترف بها دولياً، وأن ترفع القيود المفروضة على المنافذ الخاضعة لميليشياته، بما فيها مطار صنعاء وموانئ الحديدة.
ومع المساعي المبذولة من قبل المبعوث الأممي لتشكيل إطار شامل للبدء في مسارات السلام، جددت الميليشيات رسمياً رفضها استقباله في صنعاء، بحسب ما صرح به رئيس مجلس حكمها الانقلابي مهدي المشاط في أحدث ظهور له، وذلك بذريعة عدم رفع القيود عن موانئ الحديدة، التي تقول الحكومة الشرعية إن الميليشيات المدعومة من إيران تستغلها لتهريب السلاح وتستخدمها منطلقاً لشنّ الهجمات الإرهابية، إلى جانب نهبها لعائدات هذه الموانئ وتسخيرها للمجهود الحربي.
زخم دبلوماسي على هامش «مشاورات الرياض» وتطلع حكومي لإحلال السلام
هدوء نسبي يعم الجبهات والجيش اليمني يلتزم وقف عملياته
زخم دبلوماسي على هامش «مشاورات الرياض» وتطلع حكومي لإحلال السلام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة