بلينكن يبحث مع تبّون الخلاف الجزائري ـ المغربي حول الصحراء

الرئيس الجزائري خلال استقباله وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في «قصر المرادية» أمس (رويترز)
الرئيس الجزائري خلال استقباله وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في «قصر المرادية» أمس (رويترز)
TT

بلينكن يبحث مع تبّون الخلاف الجزائري ـ المغربي حول الصحراء

الرئيس الجزائري خلال استقباله وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في «قصر المرادية» أمس (رويترز)
الرئيس الجزائري خلال استقباله وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في «قصر المرادية» أمس (رويترز)

أشاد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في الجزائر أمس، عقب محادثات جمعته بالرئيس عبد المجيد تبون، بـ«متانة العلاقات الجزائرية - الأميركية». وأكدت مصادر قريبة من الحكومة أن المباحثات تركزت أساساً على الخلاف الجزائري - المغربي حول الصحراء، والحرب في أوكرانيا، ومحاربة الإرهاب في الساحل.
وقال بلينكن في تصريحات مقتضبة لصحافيين؛ بمقر السفارة الأميركية في الجزائر العاصمة قبيل استقباله من طرف تبون، إن «العلاقات بين بلدينا قوية جداً»، مشيراً إلى أن المبادلات التجارية «كانت تقدر بـ1.2 مليار دولار في بداية أزمة (كوفيد19)، وقدرت بنحو 2.2 مليار دولار بنهاية 2021، لكننا نصبو إلى بلوغ 6 مليارات دولار، كما نسعى أيضاً إلى تبادل الخبرات في مجالات أخرى»، معلناً أن الولايات المتحدة ستكون ضيف شرف «معرض الجزائر الدولي» المرتقب في يونيو (حزيران) المقبل، والذي ينظم كل سنة.
وبحسب المصادر ذاتها، التي تابعت لقاء وزير الخارجية الأميركي بالرئيس تبون، فقد جرت الإشارة في المحادثات إلى «تطابق وجهات النظر بخصوص قضايا عدة، منها ضرورة البحث عن حل سلمي للأزمة في ليبيا، والتصدي للإرهاب في الساحل، ومواصلة دعم الحكومات المحلية في مسعى مراقبة الحدود وتنمية المناطق الفقيرة». كما أشاد المسؤول الأميركي، الذي رافقه صحافيون من 12 مؤسسة إعلامية أميركية، بالتعاون مع الجزائر في مجال محاربة المتطرفين المرتبطين بتنظيم «داعش»، وعناصر «القاعدة» الذين ينشطون في منطقة الساحل.
كما جرى الحديث عن الحرب في أكرانيا؛ «إذ حرص بلينكن على التأكيد أن روسيا هي الطرف المعتدي، وعليها أن توقف عدوانها على أوكرانيا». ونقل عن بلينكن أيضاً أن الحكومات الغربية «ستتخذ مزيداً من العقوبات لثني موسكو عن مواصلة احتلال أوكرانيا». والتزمت الجزائر الحياد في هذه الأزمة، وهي حليف تاريخي كبير لروسيا؛ اعتمدت النهج الاشتراكي منذ استقلالها عام 1962. كما نقل بلينكن للجزائريين، حسب المصادر نفسها، «رغبة الولايات المتحدة في إنهاء التوتر بين المغرب والجزائر بشأن الصحراء». وأبدى مخاوف من «تأثير هذا التوتر على إمدادات الطاقة من المنطقة إلى أوروبا في ظل الغزو الروسي لأوكرانيا»؛ لأن الجزائر أحد المزودين الأساسيين لأوروبا بالطاقة.
ومعروف أن الجزائر قررت، بعدما قطعت علاقاتها مع المغرب في أغسطس (آب) الماضي، عدم تجديد عقد استغلال خط أنابيب الغاز المغاربي - الأوروبي، الذي كانت تستخدمه لتصدير الغاز إلى إسبانيا عبر المغرب.
من جهته، غرد وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، عبر حسابه على «تويتر» قائلاً: «سعدت بجلسة العمل المثمرة التي جمعتني اليوم مع وزير الخارجية السيد أنتوني بلينكن. وقد تركزت محادثاتنا حول الفرص الواعدة لتوطيد الشراكة الثنائية بين البلدين، وتعزيز التزامنا بترقية السلم والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي، تماشياً مع قيمنا ومصالحنا المشتركة».
واستغرقت زيارة بلينكن إلى الجزائر 6 ساعات، وقدم إليها من الرباط.
وكانت نائبة وزير الخارجية الأميركي، ويندي شيرمان، زارت الجزائر في 10 مارس (آذار) الحالي، حيث التقت الرئيس تبون ولعمامرة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.